حسن نافع
الحوار المتمدن-العدد: 1253 - 2005 / 7 / 9 - 09:11
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
قبل أن يطرد جنرال التوريث بهجت سليمان من جنّة نعيم الماريشال بشار الأسد ، لم يكن ينتظر هذه النهاية التي يستحقها . وتناسى أنه اشتغل محاميا للشيطان منذ الثمانينات ، ونصّب نفسه عرّاباً وراثياً ، أو كُلّف بممارسة هذا الدور والقيام بهذه المهمة القذرة ( والأمر سيّان ) ، ولم يتوقف الجنرال الذي يطيب له سماع الحديث عن ثقافته الواسعة ويطرب لذلك ، لم يتوقف هذا الجنرال المثقف أو المتثاقف ( لافرق) عند آثار الجريمة الكبرى التي يرتكبها ، وضرب بعرض الحائط ، جميع الآراء والنصائح والمقترحات والدراسات التي كان من المفترض أن يكون قد قرأها أو اطّلع عليها أو سمعها ، بضرورة ترك العملية السياسية في سوريا تأخذ مداها الطبيعي والدستوري والقانوني . وأخذ يجوب المحافظات السورية للتبشير ببشّار الأسد على أنه المنقذ الأوحد وصاحب الفكر الثاقب و ( القائد الضرورة ) الذي لابدّ منه للحفاظ على ( المدرسة الأسديّة ) . وملأ الصحف والمجلاّت السورية واللبنانية والمصرية ، بتُرّهاته تلك ، متمادياً في ضلاله بأن بشّار الأسد فلتة الشوط وعبقري زمانه والقائد الأوحد الفذّ الذي سوف ينتشل سورية من الحضيض ليجعل منها سويسرا الشرق .
إنّ الله يمهل ولايهمل ، يا جنرال الأمن ، يا جنرال الثقافة ، يا جنرال التوريث ، وإن الشعب يمهل ولايهمل . لقد عاقبك الله وعاقبك الشعب بيد من جعلت من نفسك مطيةً له ، فركلك عند أول منعطف . وكم نحن فرحون لك بهذا المصير الذي تستّحقه ، وبانتظار المزيد . ألا تخاف الله يارجل ، فأنت تستحّق مصيراً أكثر سواداً ، عندما ناديت بطالب طبّ ، بنقيب طبيب ، ميزته الوحيدة أنه ابن رئيس جمهورية ، وكل طموحه وقدرته ونزوعه ومستقبله ، ما كان ليكون ، في الحدّ الأعظمي ، ليتجاوز تعيينه رئيساً لقسم العيون في مشفى المجنهد أو مشفى المواساة ، بل ورئيس قسم فاشل لأنه لايفهم من الطبّ إلاّ ما فهمه من السياسة الخارجية .وكم كان سيّء الحظ من سيعالج على يديه في ذلك الزمن ، الذي سيتحوّل فيه المصاب بالرمد إلى أعمى . تذكّر يا جنرال التوريث الحكمة القائلة ( يداك أوكتا ، وفوك نَفخ ) .
وفي ومضة عين يصبح النقيب الطبيب ماريشالاً ورئيساً للجمهورية وقائداً عاماً للجيش ورئيساً للجبهة الوطنية (غير ) التقدمية وأميناً عاماً للحزب الحاكم ورئيساً لمجلس القضاء الأعلى . وهو يعيّن رئيس مجلس الشعب ( الذي لاعلاقة له بالشعب ) باعتراف الأبرش في جريدة لبنانية بأن الرئيس هو الذي اختاره وليس الشعب أو مجلس الشعب . وهو الذي يعيّن رئيس الوزراء وجميع الوزراء والمحافظين والمدراء العامّين ومعاوني الوزراء وامناء فروع الحزب واعضاء الفروع وأعضاء مجلس الشعب . وهو الذي عيّن أعضاء اللجنة المركزية والقيادة القطرية . هل نسيتم أيها الناس ، أنّ السلطة المطلقة مفسدة مطلقة . هل تستغربون بعد ذلك ، إلى أين وصلت سورية الآن ، التي ليس لها صديق واحد في العالم ، لا في أمريكا ولا في أوروبا ن ولامع دولة عربية واحدة .
ألم تسمعوا ، أيها الناس ، بالمؤتمر القطري العاشر وبـ ( انتخابات ) اللجنة المركزية والقيادة القطرية . إنّ أعضاء المؤتمر الذين يزيدون عن الألف مندوب ، لم يكونوا أكثر من ألف فأر ، ومارسوا ديمقرطيتهم فقط بالتصفيق وقوفاً للقائد الضرورة . ولم يسألهم أحد رأيهم ، لم يصّوتوا ولم ينتخبوا أحداً ولم يضعوا ورقةً واحدةً في صناديق الاقتراع ، ولم توضع صناديق اقتراع أو انتخاب ، من أساسه ، بل أرسلوا إلى كل لجنة ، سمساراً من سماسرة الماريشال كي يقترح تفويض القائد الضرورة بتعيين اللجنة المركزية والقيادة القطرية ، ولم ينتظر هؤلاء السماسرة حتى جواب الاقتراح ، والويل لمن يجرؤ على الإعتراض . ثم قام الفيلد مارشال بتعيين مئة عضو للّجنة المركزية واثنا عشر عضواً للقيادة القطرية ، دون أن يعلم أو يسمع أو يؤخذ رأي شخص واحد من أعضاء المؤتمر الألف ، باسم واحد من هذه القيادات الجيدة . وتنتظرون بعد ذلك إصلاحاً . إنّ فاقد الشيء لايعطيه .
يقول المناطقة : إنّ المقدّمات الخاطئة تقود إلى نتائج خاطئة . فهل عرفت الآن ، أيها الجنرال المتثاقف ، حجم الجريمة التي اقترفتها يداك ، أو على الأقلّ ، ساهمت في ارتكابها ، مع أنّ العارفين ببواطن الأمور يقولون أنه كانت لك اليد الطولى في اقترافها . أم ما زلت تكابر حتى الآن ؟ ألم ترى أيها الجنرال المنظّر ، ألم تسمع إذا لم تكن قد رأيت ، جنون العظمة الذي أصيب به ماريشالك القائد الضرورة في مؤتمر الحزب ، عندما كان متشاوفاً على جميع أعضاء القيادة الجالسين على يمينه ويساره ، وكأنهم أصفار على يمين حساباته ، عفواً على يسار حساباته ، لأن أصفار اليمين تعنيه كثيراً ، أمّا أصفار الشمال منهم أولئك الفئران القابعين في المؤتمر . إنّ البارانويا تولّد المزاجية والارتجالية والعشوائية والكيديّة ، وهذه وصفة طبية ناجعة للوصول إلى الخراب الأكبر . وصدق من قال ( إذا جنّ عدوّك ، افرح له ) .
ننتظر لك أيّها الجنرال المطرود من فردوس السلطة ، مستقبلاً أسود قاتماً جزاء مافعلت يداك . وعلى نفسها جنت براقش ، لابل إنك تستحقّ فعلاً ( جزاء سنّمار ) .
#حسن_نافع (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟