|
أردوغان و مسمار جحا العثمانيّ في سوريا
محمد بن زكري
الحوار المتمدن-العدد: 4409 - 2014 / 3 / 30 - 23:48
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
ليس سرا أن تركيا الاردوغانية (الإخوانية) تشارك فعليا في الحرب على سوريا ؛ ففضلا عن دعمها اللا محدود سياسيا و إعلاميا وعسكريا و لوجستيا لجماعات الإسلام السياسي الجهادية ضد الجيش الوطني (النظامي) السوري ، فإن القوات المسلحة - البرية والجوية - التركية ، قد شاركت مؤخرا في عمليات حربية (محدودة) الى جانب ارهابيي جبهة النصرة والجبهة الاسلامية .. بالقرب من الحدود السورية مع تركيا . أما الجديد فهو التهديد الرسمي التركي بالتدخل في الحرب ، التي دخلت عامها الرابع بسوريا ، حيث حذّر وزير الخارجية التركي بأن أي مساس بضريح (سليمان شاه) سوف : " يستتبع ردا تركياً باتخاذ كل الاجراءات اللازمة دون تردد للدفاع عن سيادة الاراضي التركية " . وهو ما يعني العزم على اعلان الحرب لاحتلال جزء من الأراضي السورية - التي يقع فيها الضريح - و ربما ضمها الى تركيا ، كما سبق لها ضم اراضي لواء الاسكندرون السوري . و سليمان شاه - الذي لم يسمع به العالم ولم يعرف عنه شيئا من قبل - هو جد عثمان الأول مؤسس الامبراطورية العثمانية (سنة 1299) ، كان قد مات و دفن في سوريا . و خلال فترة الاستعمار الفرنسي لسوريا ، تم ابرام اتفاقية بين كل من فرنسا و تركيا سنة 1938 ، نصت على اعتبار موقع ضريح سليمان شاه منطقة خاضعة للسيادة التركية . وهكذا تم الاتفاق التفخيخي ، بين دولة الاحتلال الفرنسي القائم آنذاك .. و دولة الاحتلال التركي السابق ، على غرس مسمار جحا (عثماني) في الأرض السورية ، ليجد فيه حلف الناتو اليوم ذريعة للتدخل العسكري المباشر في الحرب الغربية / العربية / الإسلامية ، على سوريا . و في علاقة واضحة بما يجري في أوكرانيا ، و مع اختلال ميزان القوى لصالح النظام في الحرب الدائرة بسوريا ؛ فإن تركيا (و هي عضو في حلف الناتو) جادة في تهديدها ، حتى إن حكومة اردوغان لم تتردد لحظة في حظر موقع يوتيوب ، جرّاء نشره مقطع فيديو (مسرّب) لاجتماع بالخارجية التركية ، خُصِّص لبحث سيناريوهات التوغل العسكري التركي داخل الاراضي السورية ، بذريعة حماية ضريح سليمان شاه . و يُظهر مقطع الفيديو المسرب - ومدته اثنتا عشرة دقيقة من أصل ساعتين - كلا من مدير المخابرات حقان فيدان و وزير الخارجية احمد داود اوغلو ونائب رئيس الاركان يسار جولر وعدد من كبار المسؤولين الأتراك الآخرين ، وهم يتباحثون بشأن عمليات عسكرية محتملة في سوريا ؛ حيث تدارس المجتمعون فكرة إرسال عناصر من الاستخبارات التركية في مهمة سريّة ، للقيام بإطلاق صواريخ من داخل الأراضي السورية ، لتقع على مناطق تركية متاخمة للحدود بين البلدين ، ليصار من ثم الى إلقاء مسؤولية الهجوم الصاروخي على الجيش السوري ، واتخاذ الحادث مبررا لرد عسكري تركي بالتوغل داخل سوريا مسافة ثلاثين كيلومترا الى موقع ضريح سليمان خان ، بحجة الدفاع عن سيادة الدولة التركية . و إذ يمكن القول بأن تسريب مقطع الفيديو - موضوع المعلومات الأمنية الخطيرة سالفة الذكر - قد تم بفعل فاعل من المعارضة التركية ، لجهة التأثير على مجريات الانتخابات البلدية في تركيا (يوم 30 مارس 2014) ؛ فإنه يمكن القول أيضا بأن افتضاح أمر العملية الاستخباراتية / العسكرية التركية .. لغزو واحتلال جزء من الأرض السورية ، قد باءت إلى الفشل ولم تعد في الإمكان ، وهو ما يفسر ردة الفعل المتشنجة و (الدكتاتورية) لحكومة حزب الحرية والعدالة - الإسلامي - بحجب موقع اليوتيوب ، تبريرا لحجب المعلومات و الحيلولة دون الحق في الوصول إليها ، بدعوى حماية الأمن القومي . و من المفهوم أن يكون أردوغان مطمئنا إلى تغاضي دول الاتحاد الأوربي و أميركا (العالم الحر) عن انتهاك حكومته لحقوق الانسان في تركيا ، و هو يعلم يقينا أن الغرب في أمس الحاجة - حاليا بالذات - الى تفعيل الدور التركي (الأطلنطي) في أهم قضيتين تستأثران باهتمام السياسات الخارجية لدول حلف الناتو ، بحكم موقع تركيا الجيوستراتيجي .. في منطقتي المواجهة السياسية الشرسة مع الاتحاد الروسي ، على خلفية تفاعلات الأزمة الداخلية بكل من أوكرانيا و سوريا . و في الأثناء ، بينما تخطط تركيا - ومن ورائها حلف الناتو - لغزو سوريا ، بغية تعديل ميزان القوى المختل لصالح النظام هناك ، متخذة من حماية (ضريح) سليمان شاه ذريعة للعدوان ؛ فإن ما يقارب ثلاثمائة وخمسين مليون ناطق بالعربية ، فضلا عمّا يقارب مليار مسلم ؛ لا يحركون ساكنا جرّاء ما تقوم به دولة الاحتلال الإسرائيلي من الانتهاكات الجسيمة - فوق الأرض وتحتها - لحرم (المسجد الأقصى) الذي يعتبرونه أولى القبلتين و ثالث الحرمين ! وتكتفي جامعة الدول العربية و منظمة التعاون الإسلامي ببيانات الشجب والاستنكار . وكفى الناتو العربَ و المسلمين شرَّ (الجهاد) و شرّ الكرامة .
#محمد_بن_زكري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ظاهرة السيسي
-
مات الملك .. عاش الملك !
-
فصول من تراجيديا الربيع العربي
المزيد.....
-
الجمهوريون يحذرون.. جلسات استماع مات غيتز قد تكون أسوأ من -ج
...
-
روسيا تطلق أول صاروخ باليستي عابر للقارات على أوكرانيا منذ ب
...
-
للمرة السابعة في عام.. ثوران بركان في شبه جزيرة ريكيانيس بآي
...
-
ميقاتي: مصرّون رغم الظروف على إحياء ذكرى الاستقلال
-
الدفاع الروسية تعلن القضاء على 150 عسكريا أوكرانيا في كورسك
...
-
السيسي يوجه رسالة من مقر القيادة الاستراتجية للجيش
-
موسكو تعلن انتهاء موسم الملاحة النهرية لهذا العام
-
هنغاريا تنشر نظام دفاع جوي على الحدود مع أوكرانيا بعد قرار ب
...
-
سوريا .. علماء الآثار يكتشفون أقدم أبجدية في مقبرة قديمة (صو
...
-
إسرائيل.. إصدار لائحة اتهام ضد المتحدث باسم مكتب نتنياهو بتس
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|