أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - نعيم عبد مهلهل - قضاءالجبايش العراقي وبطة شنغهاي














المزيد.....

قضاءالجبايش العراقي وبطة شنغهاي


نعيم عبد مهلهل

الحوار المتمدن-العدد: 1253 - 2005 / 7 / 9 - 09:08
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


قضاءالجبايش العراقي و
نعيم عبد مهلهل

أمس < هالأمس > كنت في مدينة الجبايش < كان يطلق عليها فنيسيا العراق > و رجوعاً الى الوراء هي بطائح لسلالات سومرية كانت تصدر القصب الى أور ولارسا وسنكرة وأوروك < ويقولون أن قصب الجبايش وصل الى آرانجيا التي هي مدينة كركوك اليوم > وأن لم تصدقوا سأضيف اليكم معلومة جديدة : أن أرمينيا كانت تصدر لأور الأحجار الكريمة والطيب ، وأور تصدر لها قصب الجبايش كي يصنع منها رعاة الجبال الأرمينية ناياتهم .
منذ أن أطلق المدفع العراقي أو الأيراني قذيفة المخافر في هيلة وفريال وزرباطية وزين القوس والى دخول المارنيز بكامل عدتهم < بغداد الشعراء والصور > تحول حلم القصب والماء والشلب ومواويل السمك وأبوذية مجيد جاسم الخيون الى خراب يدخل السعادة في قلب أليوت .. تحولت المدينة الى بقرة من دون ضرع ..لم تعد تمنح الوطن الشبوط والخريط وسباقات المشاحيف وتنانير الخبز والبواري والسوابيط وربما الزئبق الأحمر ..بل بقيت تمنح الوطن < الشهداء فقط > وأكثر مابتلى من هذه المصيبة < بني أسد بأفخاذهم الكثيرة > ومعهم عشائر المنطقة كلها .. شهداء من حجابات نهر جاسم وشهداء من سجن رقم 4 وشهداء من قواويش الأمن العامة ، وآخرين جاءوا بسيارات أجرة ولكن بنعوش ملفوفة بعلم < وعدة دنانير > هي تكلفة أقامة الفاتحة ، قادمين من كرد مند وميمك وبحيرة الأسماك .حد الذي جعل أم تقول لولدها القادم نعشاً من بحيرة الأسماك : كيف ينتصر السمك عليك وأنت ما أخطأته يوماً بفالتك ؟
ردعليها الشهيد من خلال حركة جفنيه : أمي كان السمك حينها يمسك قاذفة آر بي جي7 .
تحيط الأهوار بمدينة الجبايش كحزام يلف خاصرة الجسد بقوة . كان هذا قبل التجفيف ، أما اليوم فرغم أن بعض السداد قد دمرت وبدأ اتلماء يمشي صوب المدينة لكنه مشيئاً بطيئاً ، صانعاً بعض الأشكالات الأجتماعية قد يتضرر منها البعض ، لأن الأراضي المجففة في بعض من أجزاءها زرعت بالحنطة والشعير لهذا لايتمنى أصحاب هذه الحقول بعودة الماء الى أماكنه الأزلية كي لاتتلف حقولهم ، ولكن في حسابات الربح والخسارة فأن موت حقل أفضل بكثير من موت مدينة ، فالمدينة تكاد تكون شبه فارغة ، من يعيش فيها الان أولئك الذين أرتضوا البقاء رغم صعوبة الحياة ، كان الماء الحلو مفقوداً والكهرباء لاتأتي إلا في ساعات قليلة من الليل فقط ، وأتذكر أن أحد الحزبيين رفق تقريراً لمنظمته بان أحد البيوتات في المدينة جلب مولداً من أيران لتشغيل التلفزيون حتى يتجمع الشباب عنده كي يروا مبارات كأس العالم الأخيرة في اليابان ، وعد التقرير فعل هذا المواطن : أن أيران تريد أن تكسب شبابنا ، ولاأدري اليوم ماهو مصير مولد الكهرباء وصاحبه ؟ غير أن الكثير من أهلها أرتضوا الهجرة ، وقال أحد أبناؤها : مدينة دون شبوط لاتسمى مدينة . وكأن هذا الحيوان المائي الذي يقدسه اليابانيون صار سراً من أسرار المدينة ، لهذا بدأت القوافل تنزح الى المدن الأخرى حاملةً معها حزن المنفى ودموع ان تفارق بيت الطفولة والقصب وطيور الخضيري والبط الصيني القادم في مواسم الشتاء من شنعهاي . فيما ترتبط الجبايش بمدينة أستوكهولم إرتباطاً لايعرفه الجميع لكنني أكتشفته ذان مرة عندما وجدت ختم معدني لمعهد يعتني بهجرات الطيور مثبتاً بقدم طائر السنونو الذي نسميه في الجنوب < العلوية > بسبب لونه الأسود ، وقتها عرفت أن هذا الطائر الجميل جاء الى مشتاه في الهور من مدن البلطيق ، وقتها قلت لمعلمي المدرسة التي عينت بها : أنظروا توحد الخليقة . هاهو السنونو جاء من القطب ليعيش هنا .
هاجر أهل المدينة هجرات جماعية ، وحدهم الموظفون بقوا ، والجنود المطوعين ووكلاء المواد الغذائية وأناس ربما كانت الهجرة بالنسبة لهم عودة ثانية لتغربية بني هلال لهذا كان الموت في مدينتهم أرحم وأجمل من جنة المنفى ، لاسيما ان هذا المنفى لم يكن سوى نسخة أكبر من حزن الجبايش ، فالمدن الذاهبين اليها هي أيضاً مدن مغيبة ، كالديوانية والناصرية والأحياء الفقيرة في بغداد والنجف وكربلاء حيث الكثير منهم سكن < ناحية الحر > .
البهجة في مقالتي التي لخصت فيها وعي المدينة عبر تواريخ سريعة ، أنني وجدت في السوق قبل أيام من يبيع البط الصيني ، فرحت كمن يعثر على لقية ضائعة : البط الصيني في بيتنا ..يامرحبا يامرحبا ..
أذن لقد بدأ الماء ينشر بسيطته السومرية على الجبايش ، وبدأ القصب يعيد وقفته الشامخة بين رقصات السمك ، وعاد الطير يأتينا ألينا ولكني ليس بزي أرهابي ودون تأشيرة سفر ، وتكريماً لهذه الصورة ، قررت أن أشتري واحدة ، وأطلق سراحها من أسرها الحزين لتعود الى مشتاها بين القصب والماء ، وكان ثمن الواحدة 3 الآف دينار ، وقبل أن أطلقها في من السوق بأتجاه الهور ، أنتبهت الى قرص معدني ربط في ساق البطة الدامعة وحين قرأته كان ختم معهد شنغهاي للطيور موجوداً وتأريخه قبل شهر من الآن .
ـ ياألهي بين الجبايش وشنغهاي ، مسافة شهر بطيران البط .
فرحت .. وربما دمعت عيناي ، لم أفعل شيئاً قبل أن أطلق بطتي للفضاء الفسيح سوى أن همست لها : أهلا ..أهلا ..ببطة شنغهاي .!



#نعيم_عبد_مهلهل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أنت تشبه دالي ..وأنا أشبه صدر الدين حمه
- يازمان الوصل في الأندلس ..نحيب عبد الله الصغير بين مدريد وكا ...
- رؤى في تأسيس الديمقراطيات القادمة ..مقالة النائب البرلماني ع ...
- الذاكرة الصينية والقمر الياباني
- الملائكة المندائية وتوأمت الروح بالمهد والضوء والتعميد
- أوغاريت تقطر ورداً..وكلاديس تقطر شهداً..وأمي تقطر خبزاً وفرا ...
- حوار مع الروائية والكاتبة العراقية لطفية الدليمي
- كيف تحولت خديجة الى أولتيكا برودسكي..؟
- رسالة من القاص العراقي محسن الخفاجي الى الرئيس الأمريكي جورج ...
- عشق وحرب وطفولة
- حوار مع الشاعر البحريني قاسم حداد ..دلمون القصيدة بمعطف القر ...
- خريف المدن الجنوبية
- خريف المدن الشمالية
- واقع وليس خيال ...طشت الخردة
- اسبوع التضامن من أجل أطلاق سراح القاص العراقي محسن الخفاجي
- ليل وطني أغنية للعشق وإناءاً للبن الرائب
- قرب ضريح سيد أحمد الرفاعي ..تصوف السيف والنجمة وذرة الرمل
- الميثولوجيا من نارام سين حتى بول بريمر
- بهجة الورد ثوباً ازرقاً لمراة
- رسالة انترنيت الى دراويش تكية 11 سبتمبر


المزيد.....




- مسؤول عسكري بريطاني: جاهزون لقتال روسيا -الليلة- في هذه الحا ...
- مسؤول إماراتي ينفي لـCNN أنباء عن إمكانية -تمويل مشروع تجريب ...
- الدفاع الروسية تعلن نجاح اختبار صاروخ -أوريشنيك- وتدميره مصن ...
- بوريسوف: الرحلات المأهولة إلى المريخ قد تبدأ خلال الـ50 عاما ...
- على خطى ترامب.. فضائح تلاحق بعض المرشحين لعضوية الإدارة الأم ...
- فوضى في برلمان بوليفيا: رفاق الحزب الواحد يشتبكون بالأيدي
- بعد الهجوم الصاروخي على دنيبرو.. الكرملين يؤكد: واشنطن -فهمت ...
- المجر تتحدى -الجنائية الدولية- والمحكمة تواجه عاصفة غضب أمري ...
- سيارتو يتهم الولايات المتحدة بمحاولة تعريض إمدادات الطاقة في ...
- خبراء مصريون يقرأون -رسائل صاروخ أوريشنيك-


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - نعيم عبد مهلهل - قضاءالجبايش العراقي وبطة شنغهاي