عبد الحق لشهب
الحوار المتمدن-العدد: 1253 - 2005 / 7 / 9 - 09:05
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
أصبح المغرب يعاني من مشكلتين تجعله في الأمد القريب أو المتوسط دولة...خاوية ..لا أساس لها :بدون أطر و بدون أدمغة.
فلقد كثر الحديث منذ بداية 2005 عن عملية المغادرة الطوعية والتي تستهدف إحالة حوالي 30 ألف موظف عمومي على التقاعد المبكر. والمبرر أن هذه العملية ستقلص من نسبة نفقات التسيير مما يخفف من الأعباء المالية للميزانية، وكذا دفع الأطر المحالون على التقاعد إلى العمل في القطاع الخاص عبر إنشاء مقاولات الشيء الذي سيؤدي إلى حركية اقتصادية تمتص نسبة من الأيدي العاملة المعطلة خصوصا حملة الشهادات العليا.
إن العملية تبدو من الناحية الموضوعية مدمرة للاقتصاد الوطني ككل نظرا لأن تمويل العملية تتم بواسطة الاستدانة الخارجية مما يرفع من حجم المديونية الخارجية، وأن الإدارة العمومية ستفتقد لأطرها المؤهلة التي بوسعها قيادة قاطرة التنمية ، كما ستؤدي إلى إهدار مزدوج للطاقات البشرية وللمال العام وبالتالي تكريس تدهور الخدمات العمومية وإنتاج تفاوت طبقي لا مثيل له سواء من الناحية المادية أو المعيشية أو الخدماتية.
الغريب في الأمر أن المغادرة الطوعية شملت الأساتذة الجامعيين، مما سيخلف نزيفا كبيرا في عدد الأساتذة ، الذين تشكو الجامعات أصلا من قلتهم و ستخلق أزمة داخل المؤسسات الجامعية، إن تطبيق الإصلاح الجامعي رهين بتوفير الإمكانات المادية والبشرية. و لاشك أن عدد الأطر والأساتذة بقطاع التعليم العالي لا يكفي لإنجاح الإصلاح الجامعي من أجل أن يكون في مستوى التحديات التي يعرفها قطاع التعليم عموما، في الوقت الذي يبلغ عدد الأطر التي ستغادر القطاع حوالي 1686 منهم ثلاثون ملحقا إداريا و1131 إداريا و525 إطارا تربويا (أساتذة باحثون وغير باحثين). قامت العديد من المؤسسات إحالة أطرها على التقاعد المبكر.إضافة الى معاهد البحث( معهد البحث الزراعي،معهد باستور.... )التي قامت بالاستغناء عن خدمات باحثيها بكل سهولة .مما يجعل الدولة في حالة المريض الذي يوجد في وضعية إكلينيكية(الله يرحمها ).
و أصبح موضوع الهجرة منذ ما يربو على عدة عقود من بين أكثر الانشغالات حضورا لدى الفعاليات ببلادنا, خصوصا وأنه يلامس مختلف المستويات والأبعاد سواء كانت اقتصادية, اجتماعية, ثقافية أو سياسية. وإذا كان الحديث عن الهجرة يثير قضايا كاستعمالها عملة صعبة ومحاولة الحد من نشاطها الثقافي والسياسي وحصرها في دور اقتصادي, فإن حقل الهجرة المغربية ملغوم بعناصر مركبة ويصعب فيه أمر زرع أو حصاد ثمار نافعة للوطن والمهجر بسبب ما يريد البعض أن يضيف على هذا الملف من قداسة تحرم على المواطن مكمن خباياه وما يبث فيه البعض من بذور الشقاء وضياع بين مغامرات الاحتواء والتأثير والاستغلال وغياب الفاعلية الحقة.فظاهرة الهجرة نفسها عرفت عدة تطورات من مرحلة لأخرى ومن حقبة تاريخية لأخرى, ويمكننا في هذا الإطار أن نجزم بأننا نعيش اليوم أخطر وأدق مرحلة على مر التاريخ.
فظاهرة العولمة, وأحادية النظام العالمي الجديد وما أفرزه من هيمنة للمؤسسات المالية, التي أخضعت الكون لمنطق المعاملات المالية الصرفة, والتي لا تولي أي اعتبار للإنسان, مما زاد من تفاقم الأزمات الاقتصادية في العالم وأحدث انعكاسات كارثية على الشعوب الفقيرة التي أصبحت تعاني من ويلات المجاعات والحروب وانعدام لا بسط شروط العيش الكريم وهو ما أدى بدوره إلى تسارع وتيرة الهجرة, نحو المناطق الأكثر استقرار ورخاء, وما يسجل يوميا من حوادث الهجرة السرية لأفواج من الشباب والأطفال عبر حدود هذه الدول. والصور التي تتناقلها وسائل الإعلام تبقى خير شاهد على ذلك عن انعكاسات “النظام العالمي الجديد” التي لا تقتصر فقط على الدول الفقيرة, وإنما شملت البلدان الغنية أيضا, حيث تزايد عدد المؤسسات الإنتاجية التي تغلق أبوابها أمام القوة التنافسية للشركات الكبرى, مما ضاعف من وثيرة تسريح العمال, وكذا تراجع هذه الدول نفسها عن العديد من الامتيازات التي كانت تعد مكتسبات لشعوبنا, الشيء الذي أدى إلى تزايد أعداد المعطلين وتراجع مستوى العيش داخل هذه البلدان وهو ما وفر لشعوبها, أرضية خصبة لتصاعد التطرف واللاتسامح وتنامي تأثير الأطراف السياسية اليمينية المتطرقة خاصة, والتي عملت على استغلال هذا الوضع لتصعيد النزعة العدائية نحو الأجانب ومن تم تفشي ظاهرة العنصرية وهو ما يلاحظ بكثرة في العديد من البلدان كألمانيا, فرنسا و إسبانيا من خلال أحداث اليخيدو. إن الوضعية السوسيو- اقتصادية بالمغرب, وما تعرفه من انسداد الآفاق أمام مختلف الشرائح الاجتماعية وأمام الشباب بصفة خاصة, جعلت منه أحد البلدان الأكثر تصديرا للمهاجرين, والأرقام المسجلة خلال السنوات الأخيرة توضح هول الكارثة التي يعيشها بلدنا يوميا عبر ما تشهده المياه الفاصلة بين الضفتين.
إن الأحزاب تقف موقف المتفرج ،يجعلها تتحمل مسؤولية ما تؤول إليه وضعية البلاد .أما الحكومة مطالبة من الخروج من دائرة الخطب والبرامج لأنها مجرد عناوين وذلك كله أصبح عاجزا أن يطرب الناس ، ناهيك عن أنه لن يشبع أو يقنع إلا إذا اقترن بعمل صادق دؤوب و لأن الكلام لم يعد معيارا جيدا للحكم.لقد تسلل اليأس و القنوط إلى غالبية الشعب و لم يعد أحد يرغب في البقاء .والدليل على صحة الكلام :الإعلان عن فتح الحدود اتجه أوروبا عبر الأبواق الرسمية مدة أسبوع .وسترى الحكومة النتيجة.
#عبد_الحق_لشهب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟