|
سكان حلالة يفسدون المخطط الاستعماري
إدريس ولد القابلة
(Driss Ould El Kabla)
الحوار المتمدن-العدد: 1253 - 2005 / 7 / 9 - 09:04
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
سكان حلالة يفسدون المخطط الاستعماري "بعض مظاهر المدّ الكفاحي لأبناء حلاّلة" نستغل فرصة حلول الذكرى 51 لانتفاضة حلاّلة ( القنيطرة) لإعادة استقراء المصادر والمراجع ونُقلِّب صفحات التاريخ-ولوفي عجالة- لحث جيل اليوم على الإطلاع وفهم تاريخ مدينتهم والتعرف عن كتب على ملامح بعض الذين صنعوا هذا التاريخ، لاسيما وأن القليل منهم هم الذين لازالوا على قيد الحياة الآن.
فمدينة القنيطرة -حلاّلة- قبل ارتباطها بمينائها النهري ارتبطت بالقصبة التي شيدّت بأمر من السلطان عبد العزيز وانتهت الأشغال بها سنة 1895. وكان أول مسؤول مخزني عُيِّن على رأسها أحد القوّاد البارزين منذ عهد السلطان الحسن الأول، وهو الملقب بالمعطي المدني. وقد أقام السلطان عبد العزيز القصبة لإستتباب الأمن بالمنطقة وتأمين الطريق إلى العاصمة فاس. وفي غضون سنة 1911 نزلت القوات الفرنسية بالمهدية تنفيذا للحملة التي استهدفت الاستيلاء على العاصمة فاس وإجبار السلطان على توقيع معاهدة الحماية. وبعد النزول اتخدت القوات الفرنسية قصبة المهدية كمركز لها. وكانت المهدية نقطة نزول اعتبارا لقربها من مدينة فاس. وكان آنذاك على رأس تلك القوّات الجنرال موانيي. لكن سرعان ما ضاق ميناء المهد ية بقوات وعتاد الاستعمار الفرنسي، لذلك تم التفكير في إقامة ميناء آخر. وبعد دراسة مستفيضة وقع الاختيار على مكان بضفة نهر سبو قريبا جدّا من القصبة (القنيطرة حاليا) التي شيدها السلطان عبد العزيز. وهذا إن كان يدل على شيء فإنّه يدل على أن القنيطرة ذات عمق تاريخي خلافا لطالما ادعته الأبواق الاستعمارية الفرنسية منها وغير الفرنسية. وفي البداية (1912 ) لم يكن الميناء النهري مفتوحا إلاّ في وجه الملاحة العسكرية. وبعد سنة تم فتحه للملاحة التجارية عندما اتخذ الجنرال ليوطي القرارات الثلاث الحاسمة في تاريخ البلاد: -نقل عاصمة البلاد من مدينة فاس إلى مدينة الرباط -إنشاء قطب اقتصادي بالدار البيضاء -إحداث قطبين مكملين لقطب الدار البيضاء وهما المحمدية والقنيطرة.
وفي إطار إعادة الهيكلة هاته أولى الجنرال ليوطي أهمية بالغة لميناء القنيطرة باعتباره بوابة لفاس ومكناس ونواحيهما وباعتباره ضرورة اقتصادية وجيوسياسية لمنطقة الغرب وكآلية جوهرية لنهب الخيرات وترسيخ التبعية للمُستعمر.وفي سنة 1915 صادقت الاقامة العامة على تصميم التهيئة الحضرية لمدينة القنيطرة وهوالتصميم الذي استهدف تنظيم المجال بعاصمة الغرب. وبحلول سنة 1926 تم تكوين أول مجلس بلدي. وكان هذا المجلس، إضافة للأغلبية الأوربية، مكوّن من 7 مغاربة من ضمنهم 6 مسلمين ويهودي، إلاّ أن عمله كان صوريا باعتبار أن زمام كل الأمور ودواليب اتخاذ القرار كانت بيد المراقب وأعوانه وبيادقه من المغاربة وغير المغاربة. وفي يوم 10 يوليوز 1932 قررت السلطات الاستعمارية إطلاق إسم ميناء ليوطي على مدينة القنيطرة. وشُرِع في استعماله في الوثائق الرسمية وطوابع البريد والبطائق. إلاّ أن ساكنة حلاّلة رفضوا هذه التسمية الاستعمارية وظلوا يحرصون على تداول إسم القنيطرة. وعرفت منطقة الغرب أبرز تجليات الاستعمار الفلاحي، حيث عمل المعمرون على الاستيلاء على الاراضي الفلاحية بسهل الغرب بمختلف الوسائل، بدءا بشرائها من المغاربة بأثمنة بخسة واستعمال القمع والتهديد والترهيب ونزع الأراضي بالحديد والنار واعتماد تفعيل قانون نزع الملكية. وقد بلغ هذا السطو ذروته في بداية ثلاثينات القرن الماضي، علما أنّه منذ 31 غشت 1914 عملت السلطات الاستعمارية على إصدار ظهير يسهل نزع ملكية الاراضي الفلاحية من المغاربة لأجل المصلحة العامة (مصلحة الاستعمار والمعمرين آنذاك). وتلى ذلك صدور مراسيم في سنة 1927 لخدمة نفس الغاية. كما عمدت السلطات الفرنسية وبدهاء إلى إغراق الفلاح المغربي بالديون وتوريطه قصد جعله يعجز عن تسديدها، وبذلك تتأتى كل الشروط المواتية لتجريده من أرضه غصبا عنه. واعتبارا للنمو السريع الذي عرفته مدينة القنيطرة منذ فجر ثلاثينات القرن الماضي وتناسل إحداث جملة من الوحدات الانتاجية موازاة مع تطور الميناء، كان من الضروري جلب يد عاملة إلى المدينة، وهكذا عاينت القنيطرة نشأة طبقتها العاملة. ولقد سجل التاريخ الدور الطلائعي لعمال حلاّلة من أجل تطبيق قانون الشغل آنذاك وتحسين أوضاع الشغيلة، كما شكل عمال المدينة ركيزة أساسية للحركة الفدائية فيما بين 1953 و1956. علما أنه قبل الاستقلال لم تكن هناك نقابة مغربية، بل كانت نقابات تابعة للنظام الاستعماري تضم الفرنسيين والاجانب بما فيهم الجزائريين وقلّة قليلة من المغاربة، باعتبار أن الانخراط فيها كان محظورا عليهم إلى حدود سنة 1943 إذ بعدها غضت السلطات الاستعمارية الطرف. ولم تتأسس بورصة الشغل بمدينة القنيطرة إلاّ في أواخر سنة 1955. وحال إنشائها إلتحق بها العمال المغاربة أما الاتحاد العام للشغالين فلم يشرع في العمل إلا بعد الاستقلال في ستينات القرن الماضي. إذن قد تأكدت أهمية القنيطرة بالنسبة للاستعمار الفرنسي ونظام الحماية منذ 1915. آنذاك تم تقسيمها إلى ثلاث مجالات:
*مجال خاص بالأوربيين *مجال خاص بالمغاربة، الأهالي في عرف الاستعمار الذي كان يعتبرهم أقل شأنا ودرجة من الفرنسيين والأجانب. *وبين هاذين المجالين أُقيم الحي العسكري للعزل بينهما لحماية الأول ومراقبة الثاني.
وقد عمل نظام الحماية على جعل القنيطرة كواجهة لعرض أطروحته، الأكذوبة القائلة أنه جاء للمغرب ليس للنهب والسيطرة وإذلال الانسان واستغلال سكان البلاد ونهب خيراتها وإنما جاء لنشر الحضارة و إرساء التمدن وللقيام بالبناء والتشييد، أي لإقامة الصرح الحضاري كما كان يحلو لدهاقنة الاستعمار قوله. لذلك كان لزاما على الفرنسيين اعتبارا لدوافع ايديولوجية استعمارية-توسعية محضة أن يروجوا للأطروحة القائلة أن القنيطرة لم تكن موجودة وإنما هي من صنع فرنسا من العدم ومع الأسف هذا ما روّجه كذلك جملة من المغاربة إلى عهد قريب. كيف لا وأن دهاقنة الاستعمار رغِبوا في درّ الرماد على أعين الرأي العام الفرنسي المُندد باحتلال المغرب واستبعاد ساكنته. وبالضبط لهذا الغرض عمل هؤلاء الدهاقنة على استبدال إسم القنيطرة باسم ميناء ليوطي سنة 1932. ولم تكن مفاجأة ومدعاة للاستغراب أن يتأسس أول حزب يميني متطرف (صليب النار) بالقنيطرة التي كانت ركحا لمعارك بين المتطرفين والليبراليين أكثر من أي مدينة أخرى بالبلاد.
وكل هذا لم يقو على إخفاء الأهمية التاريخية الأكيدة للقنيطرة الأصلية، القنيطرة الوطنية والشعبية في تاريخ المغرب منذ السنوات الأولى للاستعمار بالبلاد. لقد ظل إسمها حاضرا وبامتياز في مختلف المحطات والأحداث والقرارات التي صهرت تاريخ المغرب الحديث رغم أن أغلب كتّاب هذا التاريخ حاولوا جاهدين تهميشها تاريخيا لغرض في نفس يعقوب. ففي واقع الأمر تفطنت الحركة الوطنية مبكّرا للمكيدة الاستعمارية الساعية لتحويل مدينة القنيطرة إلى وكر للايديولوجية الاستعمارية وللمعمرين المتطرفين، لذلك شجعت الهجرة المكثفة إليها. وللتصدي لهذا المخطط عملت على تحفيز المغاربة في مختلف مدن وجهات المغرب للهجرة إلى القنيطرة. وفعلا تم الامتثال لهذه الدعوة الوطنية، حيث توافد على المدينة مغاربة من كل أصقاع المغرب، وتآلفوا فيما بينهم عبر الزاوية والمسجد والمدرسة والجمعيات والنوادي الرياضية وغيرها. وكانت هذه الاستراتيجية بمثابة خطوة جوهرية على درب إفشال مخططات نظام الحماية ليس بمنطقة الغرب وعاصمته القنيطرة فحسب وإنما بالمغرب كافة. وهذا ما يفسر تجدر الحركة الوطنية مبكرا بالقنيطرة ومنذ رعيلها الأول. وبذلك ظلت القنيطرة حاضرة بامتياز في تاريخ المغرب الحديث حضورا وطنيا ونضاليا وكفاحيا منذ 1915، حيث استغل أبناء حلاّلة الانفتاح الليبرالي الظاهري لتوسيع قاعدة الحركة الوطنية بالمدينة. آنذاك عاينت القنيطرة حملة واسعة لأداء اليمين للتعهد على النضال المستميت، كما احتضنت حركية إنشاء جمعية الكشفية والجمعية الخيرية والجمعيات والفرق الرياضية وجمعية منكوبي الحريق وغيرها... وقد شكلت هذه الحركية الارضية الصلبة لإنطلاق النضالات وتفجير المظاهرات الشعبية إلى أن اضطر أبناء حلاّلة، لاسيما شباب ديور ضياك والمدينة القديمة والدوار والبوشتيين ديور المخزن وغيرها من الأحياء الشعبية إلى الشروع في الكفاح المسلح والمواجهة المباشرة والعلنية للاستعمار رغم قوّة عتاده وجيوشه وعملائه.
لقد كانت فترة الاستعمار بالنسبة لسكان حلاّلة فترة مضنية لكثرة الأحداث والحوادث التي انتابت القنيطرة وضاحيتها منذ أن وطأت أرجل جنود الفيلق الأول أرض المنطقة. ولقد حاول الاستعمار ونظام الحماية تحطيم كيّان الروح الوطنية كخطة لتثبيت أقدام الفرنسيين بالمدينة ومنطقة الغرب عبر التسرب في مختلف مرافق الحياة وبث روح الفتنة بين فئات الساكنة، إلاّ أن الوطنيين انتبهوا لهذه الخطة فاستقبلت القنيطرة علماء أجلاّء اضطلعوا بتثقيف الناشئة تثقيفا إسلاميا ووطنيا، ووفّروا لهم أغنياء المدينة الوسائل والمحلات لإقامة الكتاتيب القرآنية والمدارس الوطنية. وكان المسار هو تجميع ثلة من الوطنيين بالمدينة شكلوا الرعيل الأول للحركة الوطنية وكانوا بحق بناة القنيطرة الشعبية الوطنية وبذلك أرسوا الأساس الصلب والمشتل الملائم لاستنبات الوطنيين والمقاومين والفدائيين، لاسيما في الأحياء الشعبية وعلى رأسها حي ديور صنياك والدوار والمدينة القديمة وديور المخزن. ورغم أن الاستعمار الفرنسي توغّل في المنطقة وسيطر على مختلف مصادر خيراتها وتحكّم في مختلف دواليب وآليات اقتصادها، تمكّن ثلة من المغاربة ذوي الثروات من إرساء آليات اقتصادية وتجارية ساهمت في تطوير المدنية الشعبية ووضع الأساس لبناء القنيطرة الشعبية الوطنية لتقابل المدينة الاستعمارية التي رغبت السلطات الاستعمارية في عرضها كواجهة على الصعيد العالمي. وبذلك يكون هؤلاء المغاربة المخلصين، هم بحق بناة حلاّلة، وليس الجنرال ليوطي وأتباعه. لقد ظل سكان القنيطرة متشبتين بالبيعة، وكان أعيان منطقة الغرب من ضمن الذين مثلوا الأمة المغربية في مبايعة محمد بن يوسف سلطانا، حين كان جلالته إذ ذاك في عنفوان الشباب. وكانت مبايعة جلالته على أن يسير بمقتضى كتاب الله وسنة رسوله (ص) والدفاع عن البلاد والعباد. وكان عقدا واضحا بين طرفين: السلطان يقوم بواجبه الديني والوطني والأمة تلتف حوله في كل ماهو في صالح الدين والوطن. هذا هو فحوى العقد بين السلطان والأمة. وبعد مبايعة جلالته سلطانا قام بتطهير القصر الملكي من مختلف ضروب الفساد الذي استشرى فيه. وكانت أوّل خطوة قام بها جلالته التخلص من العناصر المبتوتة من طرف الاستعمار قصد التجسس وبث النزاع. وقد خاض جلالته نضالا مريرا في هذا الصدد للتصدي لمجابهة الاستعمار وأذنابه لهذه الخطوات الملكية الجريئة آنذاك. ثم عمل جلالته على توجيه الأمة المغربية نحو العروبة والأمة الإسلامية. ولم يكن ليتأتى هذا لجلالته دون الإنطلاق المسبق من ضرورة العمل على إلغاء الحماية لاسترجاع السيادة والاستقلال والحرية. لذا تأجج حقد الإستعمار على جلالته وهذا ما دفع دهاقنة المُستعمرين إلى اعتماد مؤامرة دنيئة لإبعاده عن العرش. وهي المؤامرة التي بدأت بشائرها الأولى تطفوا على السطح منذ منتصف أربعينات القرن الماضي، وبالضبط سنة 1944 عندما عبّر جلالته بجلاء عن تأييده المطلق لوثيقة المطالبة بالاستقلال. ومنذئد بدأ الاستعمار الغاشم في التخطيط الفعلي لمؤامرته الشنيعة، وشرعت أبواقه في الخارج في البحث عن تأييد دول استعمارية أخرى. وبموازاة مع ذلك حاولت السلطات الاستعمارية الظهور بأنها تعمل على الإصلاح لكنه إصلاح لتوطيد أقدام الاستعمار بالبلاد، الشيء الذي دفع السلطان إلى رفضه جملة وتفصيلا باعتبار أن تلك الإصلاحات لا تتماشى وفحوى عقد البيعة. وظل جلالته يواجه المخطط الاستعماري بقوّة وفضّل في نهاية المطاف أن يعيش في المنفى على أن يتخلى على أداء الأمانة التي على عاتقه. وهذه صورة من أبهى صور التضحية. وهذا ما يفسر، إن كانت هناك فعلا حاجة لتفسير، تعلق سكان حلاّلة بجلالته والرغبة الأكيدة في الحفاظ على بيعته وهو في منفاه. لذلك اعتبر سكان حلاّلة من واجبهم الأكيد واللازم الإخلاص للبيعة كما أخلص لها جلالته، والعمل بكل الوسائل لإرجاع جلالته إلى عرشه والمساهمة في تحرير الوطن. لهذا استرخص أبناء حلالة حياتهم وسقوا بدمائهم مختلف مواقع مواجهة الاستعمار بالقنيطرة وضواحيها. لقد هبّت حلاّلة هاتفة باسم جلالة الملك معلنة عن الوفاء له. ولم يثنيها عن ذلك العدد الكبير للشهداء والجرحى والمنفيين والمعتقلين. لقد انتفضت مدينة حلاّلة بكبيرها وصغيرها. حتى التلاميذ والأطفال تركوا مدارسهم وكتاتيبهم القرآنية للمساهمة الفعلية في الانتفاضة وللنظر إلى القمر قصد رؤية وجه الملك المنفي. كيف لا، وسكان القنيطرة ظلوا على الدوام يعاينون، وبالملموس انعكاس علاقة القصر بالمدينة سواء عبر عطف جلالته على رجالات الحركة الوطنية بها وعلى نقابييها وأبنائها في الكشفية والنوادي الرياضية وعلى صناعها التقليديين وعلى نسائها العاملين بالحركة النسائية القائمة عليها الأميرة لالة عائشة،وعلى تجارها وفلاحيها. لهذا كله انتفضت حلاّلة في وجه الاستعمار الذي عمل كلما في وسعه لتثبيت أقدامه بالمنطقة والمدينة. وكانت المواجهة ضارية باعتبار أن القنيطرة كانت معقلا للمعمرين المتطرفين ولتنظيم "الوجود الفرنسي".
وهناك أحداث عديدة وأماكن كثيرة لازالت شاهدة على مواجهة سكان حلاّلة، بمختلف الاساليب الباطنية منها والظاهرة، أنوية "الوجود الفرنسي" الساعية إلى تثبيت دعائم السلطة الاستعمارية بالمنطقة. ومنذ الوهلة الأولى تصدى أبناء حلاّلة للمحاولات الدنيئة للكلاوي وأتباعه.
لقد قامت النخبة الوطنية بالمدينة وكافة الوطنيين بالتصدي المسؤول والواعي لتصريحات ذنب الاستعمار الكلاوي الذي بدأ خطته الدنيئة بالطعن في حزب الاستقلال وقيادييه ثم في جلالة الملك الذي وصفة بخاضع لهذا الحزب وللحركة الوطنية. وزاد تحرك الوطنيين بالقنيطرة بعد تصريح الجنرال فرانكو الذي أعلن عن مساندته لفرنسا قصد القضاء على الحركة الوطنية. علما أن السلطات الاستعمارية حاولت في غضون سنة 1951 خلع السلطان لكنها لم تتمكن من ذلك. وأعادت الكرّة في سنة 1953، وهي النقطة التي أفاضت الكأس حيث انتفضت ساكنة حلاّلة وظلت تغلي إلى أن تم الاعلان عن الاسقلال بعد رجوع محمد الخامس إلى عرشه منتصرا بفضل التزامه بروح الكفاح وبفضل تضحيات أبناء المغرب البررة. ومن بين القرائن التي تبيّن الارتباط الدائم والمستدام بين مدينة القنيطرة والقصر الملكي أن ثلة من نخبة المدينة أخذوا يذكرون في خطبهم وأحاديثهم مع الناس أن جلالة الملك كان عالي الهمّة عندما اقتحم الجنود الفرنسيون قصره بالرباط تحت قيادة الجنرال غيوم، وواجههم بابتسامة الاستهزاء قائلا:"...الموت أهون عليّ من خيانة بلادي". وقد علم سكان حلاّلة هذه الكلمة البليغة والنبيلة منذ الصباح الموالي لنفي الملك إلى كورسيكا. ومنذ ذلك الصباح أعلن أبناء حلاّلة الأحرار الكفاح المستميت والدائم إلى حين رجوع الملك وتحرير البلاد. آنذاك عمّ الخوف في الجالية الفرنسية التي شرعت في التمترس في حي المستعجلات لأن المعمرين عاينوا بأم أعينهم غضب وغليان أبناء حلاّلة الأوفياء. ولأنهم يقنوا أن سكان حلاّلة أشهروا الحرب العلانية على الاستعمار وأذنابه، ولن تسطيع القوّة ولا أساليب التقتيل والقمع والتعذيب والتنكيل والنفي أن تنقض عزمهم. لأنهم وعوا حق الوعي أن السياسة وأساليب الحركة الوطنية لم تعد مجدية آنذاك، ولاسبيل من ذلك الوقت فصاعدا إلاّ المقاومة المسلحة والتضحية والاستبسال في سبيل الحرية والكرامة. وبذلك تكون فرنسا قد حفرت قبرها بالمغرب بمجرد التفكير في مدّ يدها على رمز البلاد، ولم يعد يرضى أبناء حلاّلة والشعب المغربي قاطبة بأقل من جلاء الأجنبي والاعلان عن الاستقلال مادام أن الأمر كان مجرد تحيين مطلب الاستقلال المقدم منذ 11 يناير 1944 . إذ أن السلطان محمد الخامس والشعب المغربي قاطبة أعلنوا منذئذ أن المسار الأكيد هو في اتجاه واحد لاثاني له وهو الاستقلال. وهذا ماكان فعلا بالرغم من سياسة النار والحديد التي اعتمدها الاستعمار ووصلت أوجها بالقدوم على إبعاد الملك وحل حزب الاستقلال واعتقال قاداته ونفيهم. فبالرغم من ذلك توطد المسار نحو المطالبة بالاستقلال بطريقة أشد وأقوى من السابق. ولعل خير دليل هو انبعاث حركة الفدائيين من بين الشعب لاسيما فئاته الشعبية على امتداد المغرب من أقصاه إلى أقصاه، وانبعاثها من حي ديور صنياك بالنسبة لمدينة القنيطرة. لقد كان لحدث نفي الملك محمد الخامس أثرا عميقا في نفوس المغاربة قاطبة. وقد كان الحدث الذي غيّر مسار تاريخ البلاد وساهم في إعادة كل الحسابات وإعلان الحرب الشاملة على الُستعمر. فعلى إثر نفي السلطان محمد الخامس انتفضت حلاّلة.
فمنذ أن علمت ساكنة القنيطرة بإبعاد الملك بدأ الغليان واستمر بمختلف الاشكال إلى أن عاد الملك إلى عرشه. ولم يفتر هذا الغليان الشعبي إلا بعد الإعلان عن الإستقلال. لقد عبّر سكان حلاّلة وعلى رأسهم شبابها عن درجة عالية من الاستبسال من أجل الدفاع عن الملك وعن الحرية وعن الكرامة. إن سكان حلاّلة ساهموا منذ البداية في التصدي للاستعمار بدءا بالنضال الاقتصادي والمعماري والثقافي في بداية عشرينات القرن الماضي وبالنضال السياسي منذ نشأة أول خلية لحزب الاستقلال وبالتظاهر والعصيان في الثلاثينات ووصولا إلى الانتفاضة والعمليات الفدائية والمقاومة المسلحة. فبمجرد إبعاد الملك عن العرش هاج سكان حلاّلة وانتفضوا وبدأ الفدائيون ينفذون العمليات الجريئة ويقتلون الخونة والعملاء. ولم يتقهقروا عن موقفهم ولم يحيدوا عن دربهم إلا بعد رجوع الملك وتحقيق الاستقلال.
بعد نفي الملك قامت بعض الجهات الفرنسية بحملة لتهدئة الغليان بالمغرب، وقد ساندتها أمريكا في هذه الحملة. وفي هذا الإطار قام وفد من الجمعية اليهودية الأمريكية بالقيام بزيارة المغرب. وقد وصفت الصحف الفرنسية هذه الزيارة بأنها زيارة استخبار واستطلاع بالمغرب. وفي آخر الزيارة أعلن الوفد أن رأي الطائفة اليهودية المغربية هو تكوين حكومة منفصلة عن الدين (لائكية) وإقرار التمثيل الطائفي في مختلف الأنظمة السياسة التي تقرر فرنسا تطبيقها بشمال افريقيا.
وفي ذات الوقت كانت فرنسا -في عهد منديس فرانس- تعتبر مساندة مصر والشعب المصري لحركة المقاومة والكفاح بالمغرب بمثابة تدخل في الشؤون الداخلية لفرنسا. لكن لماذا كان غليان أبناء حلاّلة دفعة واحدة؟
لقد كان سكان حلاّلة يعتقدون أن الطغيان الاستعماري سيتوقف في يوم من الأيام، لاسيما بعد المطالبة بالاستقلال وتبني هذا المطلب من طرف السلطان محمد الخامس. لكن حينما قدم الاستعمار على مسّ رمز الأمة كان لابد من الاندفاع مادام أنه لم يبق آنذاك مكانا إلا لصوت السلاح واعتماد التضحية بالغالي والنفيس، لذلك صدق من قال أن كل إنسان بحلاّلة مقاوم و أن ساكنتها قاطبة مقاومون رغم عدم توفر أغلبهم على بطاقة المقاومة. لذلك كان الغليان عاماّ وشاملا بالقنيطرة ولم يتوقف إلا بعد رجوع الملك والاعلان عن الاستقلال.
فمِن 20 غشت 1953 إلى 20 غشت 1954 كان الغليان وظل يتصاعد لأن المسألة أصبحت مسألة حياة أو موت وأضحى النضال من أجل الاستقلال عوض الحماية، ومن أجل العلم عوض الجهل، ومن أجل الصحة عوض المرض، ومن أجل الغنى عوض الفقر، ومن أجل الحرية عوض الاستعباد. لذلك كانت الانتفاضة عارمة ولم تتوقف إلا بتنحية مسبباتها. لقد اعتمد رجالات حلالة كل أساليب النضال المسلح والنضال الاقتصادي والاجتماعي والثقافي. وعلاوة على استعمال السلاح وتصفية الخونة العملاء وترهيب المتعاملين والمتواطئين، سلكوا أساليب النضال الإقتصادي حيث دعى المقاومون إلى مقاطعة البضائع الفرنسية وحرصوا على تطبيق المقاطعة، الشيء الذي ألحق أضرارا بالغة بالمصالح الفرنسية. وقد بلغت هذه المقاطعة أوجها في مدّة قصيرة بالنسبة للسجائر. وابتكر فدائيو حلاّلة أساليب للمزيد من تفعيل المقاطعة وادخال الرعب في نفوس الخونة والمتعاملين مع الاستعمار، وقد ساعدهم على ذلك التضامن الضمني للسكان معهم، إذ كانوا يتحركون وسطهم كما يتحرك السمك في الماء . هؤلاء المقاومون كانوا يتناوبون على السلاح الواحد للقيام بالعمليات الفدائية اعتبارا لكثرتهم ولقلة السلاح المتوفر. وللتصدي للانتفاضة اعتمدت السلطات الاستعمارية منطق الحديد والنار، وأطلقت الجنود والبوليس للتقتيل والاعتقالات وتقديم الآلاف للمحاكمات العسكرية. لكن أبناء حلاّلة كانوا قد صمّموا على مواصلة الكفاح وعلى طرد المستعمرين مهما كلّفهم ذلك من بذل ومن تضحيات لاسيما وأن السلطان ضرب المثل الأعلى في التضحية وبذل النفس.
لقد تأكد آنذاك أن الكفاح والفداء هوالسبيل للخلاص، باعتبار أن أبناء حلالة عرفوا غايتهم وهي الحرية والاستقلال، وعلموا السبيل إلى ذلك، وهو التضحية والاستبسال. وعندما تأكدت السلطات الاستعمارية أن الانتفاضة الشعبية انطلقت وزاد اتساعها واشتدت حدّتها رغم القمع والتقتيل والنفي والاعتقالات حاولت اعتماد المراوغة السياسية. وهكذا أقدمت على اتخاذ أمرين سياسيين، لكن بدون جدوى.
لقد أمر "جولي" وزير الشؤون المغربية والتونسية الجنرال "دولاتور" المقيم العام والقائد الأعلى لجيشها بالمغرب بتأسيس مجلس استشاري من المعمرين الفرنسيين المقيمين بالمغرب مع تمثيل هيأة استشارية للمقيم العام. وهذا أمر يتناقض مع فحوى معاهدة الحماية المفروضة سنة 1912. علما أن المارشال ليوطي نفسه سبق وأن أعلن أكثر من مرّة بعدم أحقية الفرنسيين في أي تمثيل سياسي أو تشريعي أو محلي في أي شبر من أرض المغرب. وقد لعب هذا القرار دورا كبيرا في تصعيد وثيرة الغليان الشعبي.
أمّا الأمر الثاني، فهو الاعلان عن إحداث مجلس الوصاية كحارس لعرش السلطان المزور، ابن عرفة. آنذاك وبطريقة موازية تحادث الجنرال "كاترو" مع السلطان محمد الخامس بمنفاه في "انتسيرابي" حول سياسة جديدة أعلنت فرنسا اعتمادها، وهي التي ترتكز على تأسيس مجلس للعرش يصبغ عليه السلطان صفة الشرعية ليقوم مؤقتا بالنيابة على جلالته ريثما تتأسس حكومة مغربية تقوم بالإشراف على انتخاب مجلس وطني والشروع في مفاوضات مع فرنسا للاعتراف بالمغرب كدولة حرّة ذات سيادة. إلاّ أنه سرعان ما تبيّن تراجع فرنسا في هذا الصدد. ولابد من الإشارة أنه بعد يوم واحد عن الاعلان عن هاذين الأمرين أصدرت القيادة العامة لجيش التحرير في المغرب بلاغا أعلنت فيه عن توحيد الكفاح المسلح الذي لن يتوقف إلاّ بعد تحقيق استقلال أقطار المغرب العربي الكبير وعودة السلطان إلى عرشه. وهذا ما ساهم في تحفيز الشعب المغربي للمزيد من التضحيات الشيء الذي لم يفهمه الاستعمار. وفعلا لوحظ تصاعد وتيرة الكفاح في مدينة القنيطرة في هذه الفترة بالذات.
ومن المعروف أن الحركة الوطنية قضت مدّة طويلة جدا في المطالبة السلمية بتحقيق إصلاحات تسير تدريجيا نحو إعادة السيادة للبلاد وتحرير الشعب المغربي لكن الظروف، واندفاع الفئات الشعبية فرضت عليها فرضا الإقرار بوجوب الكفاح المسلح، بعد انتظار طويل وطويل جدّا.
وبالنسبة لمدينة القنيطرة انطلقت العمليات الفدائية غداة ابعاد السلطان محمد الخامس، وكان حريق مستودع الفلين أول عملية فدائية أعطت الضوء الأخضر لفدائيي حلاّلة، فرادى وجماعات. ثم تلتها عملية نسف القطار وتناسلت عمليات تصفية الخونة وإلقاء القنابل اليدوية في أوكار تنظيم الوجود الفرنسي ومحلات رؤوس الفكر الاستعماري بالمدينة وحرق المحاصيل في ضيعات المعمرين.
هكذا، بعد حل حزب الاستقلال واعتقال قاداته ونفي الملك، قام أبناء حلاّلة يذودون عن الملك وعن حرية البلاد. وبطريقة تلقائية انتظمت أعمال الفداء وانطلقت المقاومة. الشيء الذي أربك السلطات الاستعمارية وزاد ارتباكها بعد معاينة عدم جدوى مختلف أساليب القمع والتنكيل التي اعتمدتها. آنذاك برز شباب من حي ديور صنياك والدوار والبوشتيين والمدينة القديمة، لايجيدون الخطابة ولا الدعاية السياسية وإنما انطلقوا من ايمانهم وحبّهم للوطن واعتقادهم الراسخ أن السبيل الأجدى هو التصدي المباشر للمستعمر الغاشم. وهذا ما زعزع كيان الفرنسيين وأدخل الرعب في نفوسهم. ومن ثمة تأكدوا أن حلمهم الاستعماري بدأ في الاندثار. ومثل هؤلاء الشباب كانوا متواجدين في كل شبر من أرض المغرب، وهم الذين أناط بهم -فِعلا وفعليا- استقلال المغرب، لكن مع الأسف الشديد ظل عدد كبير منهم مهمشين ومازال العديد منهم ينتظرون رد الاعتبار ولو على وجه الاعتراف بالجميل.
لقد شكل ثلة من شباب حلاّلة آنذاك من ديور صنياك وديور المخزن والمدينة القديمة والبوشتيين والدوّار أحد أقطاب جيل التضحية والقنطرة التي اجتازتها قضية الشعب المغربي للالتحاق بضفة النصر. وبذلك كان لزاما على هذه الثلة اعتماد الفداء وما يتطلبه من بذل الذات ونكران النفس والانضباط والامتثال للتعليمات مهما كان الأمر. هؤلاء كانوا بمثابة الخميرة التي أججت الفوران وسط سكان حلاّلة. وهكذا وجدت السلطات الاستعمارية نفسها -بقوّتها وجبروتها- أمام جماهير صعبة المراس يقودها شبان اغترفوا من معين الوطنية الصادقة على يد أساتذة أجلاء حملوا أمانة إعداد جيل الكفاح المستميث والتضحيات الجسام.
وقد حاولت القوات الفرنسية اجهاض الانتفاضة في ساحة ديور صنياك فاندلعت في مختلف أرجاء المدينة كالهشيم. ورغم السلاح والعتاد وجد الجنود ورجال الأمن أمامهم قوّة تتجدد كلما سقط شهداء هنا وهناك. عمدت القوات الاستعمارية إلى القتل والتنكيل والاعتقال والتعذيب والنفي والابعاد، لكن كل جهودها باءت بالفشل بفعل صمود أبناء حلاّلة، الذين ساهموا بمعية أبناء المغرب في ارغام فرنسا للخضوع لمطلبهم الجوهري، عودة ملك البلاد والاعلان عن الاستقلال. وحسب أرشيف مندوبية قدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير بالقنيطرة، هناك مايناهز 260 مقاوم حاملي البطاقة أبلوا بجانب الذين لايحملون بطائق، البلاء الحسن بإقليمي القنيطرة وسيدي قاسم. 23 في المائة منهم من القنيطرة و17 في المائة من سيدي قاسم و15 في المائة من وزان و 7 في المائة من سيدي سليمان و5 في المائة من سوق الأربعاء الغرب والباقي من مختلف مناطق الجهة. علما أن هناك الكثيرين الذين ساهموا في المقاومة وأعمالها لم يطلبوا بطائق رغم أنهم ربما ساهموا أكثر مما ساهم به من يتوفر على بطاقة. وهناك منهم من توفى رحمه الله وهناك منهم من لايزال حيا يرزق، ويعتبرون أنهم قاموا بواجبهم الوطني لم يسعوا من وراءه لا نحو جزاء ولا شكور. ولقد حان الوقت للاقرار بالجميل لهؤلاء. لاسيما وأن هناك فترة تاريخية محددة كانت فيها إدارة المقاومة ركحا لبعض الملابسات، وهذه حقيقة قائمة لايمكن نكرانها، أراد من أراد وكره من كره.
وبتمحيص المعطيات الواردة في ملفات المندوبية بالقنيطرة يتبيّن أن 47% من المقاومين الحاصلين على البطاقة ينتمون إلى حزب الاستقلال و0.4% إلى حزب الشورى والاستقلال و0.8% كان لهم انتماء نقابي، في حين أن 51 في المائة لا وضوح ولا إشارة لانتمائهم. لكن إذا اعتمدنا على الشهادات والروايات الشفوية يتبيّن أن 90% من المقاومين بمدينة القنيطرة وضواحيها كانوا منخرطين في حزب الاستقلال والباقي موزع بين حزب الشورى والاستقلال ولامنتمون، وبذلك يبدو أن جل رجال ونساء المقاومة انبثقوا من الاحزاب السياسية وضمنها وفي احضانها اكتسبوا الاستعداد للكفاح والمقاومة عندما دعت الضرورة لذلك.علما أن عمل هذه الأحزاب استمر من سنة 1944 إلى 20 غشت 1953، ومنذ نهاية 1952 كان جل الأطر الحزبية القيادية إما رهن الاعتقال أو بالمنفى، كما أن بعضهم تنكر بوضوح للعمل المسلح بضغط أو باشتراط من السلطات الاستعمارية وبذلك تعهدوا على الاقتصار على الاهتمام بمصالحهم . وهذا في وقت تحدّت فيه الجماهير الشعبية الاستعمار وواصلت نضالها لبلوغ الغاية.
وبخصوص الأوساط المهنية، يتبين من أرشيف المندوبية أن 10% من المقاومين كانوا يزاولون حرفا يدوية و8.50% عمال بالقاعدة الأمريكية و8% تجار و7% عمال مياومون و4% جنود و4% عاطلون و2% فلاحون و 2% تلاميذ. وقد عترنا على ونساء، وهن دامية بنت أحمد وعطوش أمديود وعائشة بنت محمد وزينب ابراهيم وخديجة سعودي وعائشة المجول وزهراء زويته وفاطنة بنت قدور وعائشة لمغاري، وأكيد أن هناك الكثيرات غيرهن من بنات حلالة شاركن الرجال في المقاومة.
وبخصوص الاعمال الفدائية والكفاحية الواردة في ملفات أرشيف المندوبية، فيمكن إجمالها في تخريب المصالح الاستعمارية ورمي القنابل على الحانات ودور السينما وأحياء البغاء وتنظيم والمشاركة في المظاهرات وتوزيع المناشير ورسائل التهديد ومقاطعة البضائع الفرنسية واحراق ممتلكات المعمرين والخونة والعملاء والبحث عن الأسلحة ونقلها وتهريبها وإخفائها وتقديم المساعدات للمعتقلين وعائلاتهم وتهريب الجنود الجزائريين إلى وجدة ومنها إلى الجزائر للالتحاق بجبهة التحرير واقتناء الأسلحة من القاعدة الأمريكية ونسف أنابيب المياه وتهريب السجناء واخفاء الفارين منهم ونسف السكة الحديدية والاستيلاء على سلاح الحراس وصنع القنابل اليدوية المحلية وتوفير البارود وتحطيم أعمدة الهاتف واضرام النار في السيارات والمعدات.....
وتعتبر عملية اضرام النار في مستودع الفلين أوّل عملية فدائية تم انجازها بعد أقل من 24 ساعة من نفي محمد الخامس، وبعد ها كانت عملية نسف القطار التي كان لها صدى دوليا، وهي العملية التي اضطلعت بتنفيذها حلية الصفروي. وقد أجابت السلطات الاستعمارية على الغليان القنيطرة بأسلوب واحد هو التقتيل والاعتقال والنفي. إذ أمعن الجهاز الأمني الاستعماري في اضطهاد الوطنيين والفدائيين بالاعتقال والتعذيب والتنكيل. فمنذ الساعات الأولى للانتفاضة اكتض السجن المركزي والسجن المدني ومخافر الشرطة بالمعتقلين من أبناء حلالة الذين بلغ عددهم الآلاف. ونشطت آليات المحاكمات العسكرية وتواصل إصدار أحكامها القاسية، وتعرض الرجال والنساء والأطفال للتعذيب في دهاليز البوليس الاستعماري في عدّة أماكن، سرية وعلنية، بالمدينة وضواحيها. ورغم كل هذا أعلن سكان حلالة عن استعدادهم لمواصلة التضحية في سبيل الوطن في كل وقت وحين. وقد برهنوا على ذلك برهانا بعدد الشهداء والجرحى والمعتقلين والمنفيين.
#إدريس_ولد_القابلة (هاشتاغ)
Driss_Ould_El_Kabla#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
جريمة اغتيال الفضاء والتلاعب بتدبير المجال بمدينة القنيطرة
-
جامعة ابن طفيل ومحيطها علاقة أم انفصام؟
-
خلفيات الميزانية
-
حدث للذكرى
-
الشباب والممارسة الديمقراطية بالعالم القروي
-
مأساة مطرودي و مطرودات شركة لامونيكاسك المغرب محنة القرن
-
مفهوم الاعتقال السياسي بالمغرب
-
مقالع الرمال : نهب و أضرار بامتياز
-
هل تدني الأجور ميزة مغربية أم مصيبة؟
-
ماذا حدث يوم 23 مارس 1965؟
-
إشكالية النفايات الطبية أو الاستشفائية
-
حديث حول جحيم تازمامارت
-
شهادات بدون قيود من أجل الحقيقة
-
تازمامارت آكل البشر
-
ذلك الشباب
-
أداب مهنة الطب و حقوق الإنسان
-
الخط الأحمر الفعلي
-
مغرب ـ جزيرة ومغرب ـ محيط
-
ملف الشهيد عمر بنجلون لازال مفتوحا
-
مشروع قانون الأحزاب السياسية خطوة إيجابية وجب إغناؤها
المزيد.....
-
مدفيديف: الناتو منخرط بشكل كامل في الصراع الأوكراني
-
السعودية.. إحباط 5 محاولات لتهريب مئات آلاف حبوب -الكبتاغون-
...
-
مصر.. الداخلية تكشف تفاصيل واقعة مصرع عامل دليفري بعد تداوله
...
-
اليونيفيل: إصابة 4 جنود إيطاليين من قوات حفظ السلام في جنوب
...
-
محمود الهباش: وجود إسرائيل في غزة لن يكتسب شرعية مهما طال
-
مشاركة عزاء للرفيق رؤوف الحباشنة بوفاة جدته
-
من هو الكاتب بوعلام صنصال وما مصيره منذ وصوله للجزائر؟
-
خبير عسكري: الاحتلال يستهدف مربعات سكنية بسبب تعثر عمليته ال
...
-
هل اكتشفت أم محمد هوية الواشي بنصر الله؟
-
قوات الاحتلال تقتحم جنين ونابلس واعتداءات للمستوطنين في الخل
...
المزيد.....
-
عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية
/ مصطفى بن صالح
-
بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها
/ وديع السرغيني
-
غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب
/ المناضل-ة
-
دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية
/ احمد المغربي
-
الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا
...
/ كاظم حبيب
-
ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1)
/ حمه الهمامي
-
برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب
/ النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
-
المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة
/ سعاد الولي
-
حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب
/ عبدالله الحريف
-
قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس
/ حمة الهمامي
المزيد.....
|