|
تحديث السياسة الجنائية وتطوير العدالة الجنائية وتعزيز ضمانات المحاكمة العادلة.
امغار محمد
محام باحت في العلوم السياسية
(Amrhar Mohamed)
الحوار المتمدن-العدد: 4409 - 2014 / 3 / 30 - 00:57
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
في إطار مواكبة الحوار الوطني حول الإصلاح الشامل والعميق لمنظومة العدالة نظمت محكمة الاستئناف بالدارالبيضاء بشراكة مع محكمة الاستئناف التجارية بها الندوة الثالثة في برنامج الندوات الجهوية بتاريخ 18/01/2013 حول موضوع تحديث السياسة الجنائية وتطوير العدالة الجنائية وتعزيز ضمانات المحاكمة العادلة. وفي هذا الإطار رحب الاستاذ مولاي عبدالله العلوي البلغيثي الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالدارالبيضاء في كلمته الافتتاحية بالحضور وتطرق لمواكبة محكمة الاستئناف لاوراش الحوار الوطني حول الاصلاح الشامل والعميق لمنظومة العدالة واعتبر لقاء اليوم ضمن حلقة سلسلة لقاءات تعد مشاركة الجميع فيها ذو اثر عميق في مجال توحيد الرؤى للخروج بخلاصات تشخص واقع العدالة وترصد الاختلالات في محاولة للوصول الى صيغ مقترحات توقعية لتقويم هذه الاختلالات من اجل الوصول الى الاصلاح المنشود، واعتبر انه وبعد اللقاءين الجهويين الأولين يأتي هذا اللقاء لمناقشة موضوع تحديث السياسة الجنائية وتطوير العدالة الجنائية وتعزيز ضمانات المحاكمة العادلة. واعتبر ان هذا الموضوع قد أثار حفيظة المواكبين للحوار في مناظرتين فاس ومراكش على اعتبار انه في قلب الانتظارات التي يثوق اليها الجميع في افق تطوير العدالة الجنائية والخروج بتعاليم استراتيجية مبنية على اسس جديدة اقرب انسجاما من واقعنا الجنائي وعلى النحو الذي يؤدي الى بناء دولة الحق والقانون. بعد ذلك تطرق الاستاذ مصطفى التراب الرئيس الاول لمحكمة الاستئناف بالدارالبيضاء باعتباره رئيس الجلسة الاولى الذي قدم المتدخلين ومواضيع الجلسة الاولى المتمثلة في البحث التمهيدي والتحقيق والمحاكمة. واعطى تذكير بالسياسة الجنائية التي هي نتاج الفكر القانوني الحديث مشيرا الى ان الهدف من السياسة الجنائية هو توجيه القاضي لضمان التعايش والانسجام داخل المجتمع الشامل بعد ذلك أعطيت الكلمة للمتدخل الأول الأستاذ جمال الزنوري نائب الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالدارالبيضاء والذي تناول في موضوع بعنوان" تحديث السياسة الجنائية وتطوير العدالة الجنائية وتعزيز ضمانات المحاكمة العادلة خلال مرحلتي البحث التمهيدي والتحقيق الاعدادي, الاشكاليات المرتبطة بتحقيق التوازن بين حق المجتمع في أمنه وفي حماية مصالحه وحق الفرد في الحرية وفي الدفاع عن نفسه في مرحلة ما قبل المحاكمة أي مرحلة البحث التمهيدي ومرحلة التحقيق الاعدادي. وقد انطلق في هذا الاطار من الاصلاحات التي عرفتها الترسنة القانونية ومن ضمنها قانون المسطرة الجنائية استجابة لطموحات وتطلعات المجتمع المغربي في تشييد دولة الحق والقانون مشيرا في محور أول للضمانات الممنوحة للمشتبه فيهم خلال مرحلة البحث التمهيدي والتي تتجلى في احترام حقوق الدفاع في كل صورها وتجلياتها على اعتبار ان هذه المرحلة حاسمة في جمع الأدلة والعناصر الأولية لإثبات الجريمة فاذا التزم القائمون بالبحث الجدية اللازمة والاحتكام الى القانون فانهم سيساعدون لا محالة القضاء من اجل الوصول الى الحقيقة. بعد ذلك تطرق المتدخل للخاصيات الأساسية للبحث التمهيدي من خلال القراءة في النصوص القانونية للمسطرة الجنائية كالسرية، والسرعة في جمع المعلومات والمحافظة على الادلة، والوضع تحت الحراسة النظرية، وما يرتبط بها من اجراءات شكلية. تم تناول بعد دلك اهم الضمانات والحقوق الممنوحة للمشتبه فيهم خلال مرحلة البحث التمهيدي والقائمة على قاعدة ان البراءة هي الاصل مشيرا الى بعض الممارسات العملية المرتبطة بظروف الوضع تحت الحراسة النظرية سواء على مستوى الزمان والمكان، مشيرا كذلك الى مجموعة من الحقوق والضمانات التي منحها المشرع للمشتبه فيه خلال فترة الحراسة النظرية ومن بينها الحق في الاستفادة من المساعدة القانونية وامكانية الاتصال باحد اقربائه وحقه في مؤازرة محام وما يرتبط بهذا الحق من نقاش بين مؤيد ومعارض مبرزا حجج كل فريق في هذا الاطار. مشيرا بعد ذلك الى الاشكايات المرتبطة بتقنيات الاستجواب، والمواجهة، وحجية الاعتراف والضمانات المرتبطة به كالحق في الصمت، والحق في الفحص الطبي، والحق في اشعار المشتبه فيه الموضوع تحت الحراسة النظرية بطبيعة الجريمة، وبحقوقه باللغة التي يفهما وبدواعي اعتقاله، وتحرير محاضر الاستماع وفق الشكليات القانونية لضمان توفير المصداقية لها، وسلامة اجراءات التفتيش وغيرها من الاجراءات المرتبطة بالبحث التمهيدي كالتصنت على المكالمات الهاتفية والاطلاع على المراسلات الشخصية التي ينبغي ان تتم وفق القانون. بعد ذلك تطرق في محور ثاني لضمانات المتهم في مرحلة التحقيق الاعدادي مبرزا المبادئ العامة التي يقوم عليها التحقيق كالسرية والفصل بين وظيفة التحقيق، والمتابعة، وتدوين اجراءات التحقيق. وفي هذا الاطار تطرق الى اهمية الفصل بين وظيفة التحقيق والمتابعة وما يرتبط به من احترام قرينة البراءة، مبرزا الإشكاليات العملية المرتبطة بمدى إمكانية التحقيق في الوقائع التي تنكشف اثناء جريان مسطرة التحقيق ولو لم تقدم النيابة العامة ملتمسها في هذا الاطار.تم تناول مبدأ سرية التحقيق القائم على عنصرين اولهما منع حضور الجمهور لمجرياته وثانيهما حظر نشر إجراءاته وما يرتبط بهذا المبدأ من إشكاليات الاستجابة للتوفيق بين الحق في المعلومة والخبر وبين كفالة قرينة البراءة التي تعتبر سرية التحقيق ابرز ضمانة لها. مشيرا كذلك الى ضمانات المتهم من خلال تدوين إجراءات التحقيق والاستنطاق سواء خلال الاستنطاق الابتدائي او الاستنطاق التفصيلي وقد تناول المتدخل في هذا الاطار الاجراءات الاحتياطية التي تستهدف الحفاظ على الادلة وصحة اسناد التهمة او نفيها عنه، ومنها الاعتقال الاحتياطي وما يرتبط به من اشكاليات عملية. بعد ذلك تناول المتدخل ضمانات المتهم اثناء البحث عن الادلة وقبل الشروع في الاستنطاق التفصيلي، والاشكاليات المرتبطة به ومنها حالة عدم حضور المحامي بعد استدعائه، والاشكاليات المرتبطة بتمكين هذا الاخير من نسخ ملف القضية الذي يشمل كل المحاضر. لينتهي الى خلاصات قائمة على التساؤل بخصوص ضمانات المشتبه فيه خلال مرحلتي البحث التمهيدي والتحقيق الاعدادي وادوار المتدخلين فيها من ضابطة قضائية ونيابة عامة وقضاء التحقيق ودفاع مبرزا الخطوات المتقدمة التي جاءت بها التعديلات الاخيرة لقانون المسطرة الجنائية ودورها في توفير الضمانات في هذه المرحلة من المتابعة. وفي مداخلة ثانية تناول الاستاذ عبد الواحد جمالي الادريسي القاضي بالمحكمة الابتدائية الزجرية بالدارالبيضاء موضوع الاعتقال الاحتياطي مبرزا الاشكاليات المرتبطة به من خلال الانطلاق من الاطار القانوني المنظم لهذه المؤسسة والمقاربة التاريخية الاحصائية التي اعطى من خلالها لمحة عن وضعية المعتقلين الاحتياطيين بالسجون المغربية. متسائلا عن كيفية العبور بشكل سلس وسهل من البحث عن المشتبه فيه في حالة سراح الى اتخاذ تدابير المراقبة القضائية والانتقال الى تدابير الاعتقال الاحتياطي تم تمديد هذا الاعتقال, وللجواب على هذا السؤال انطلق من أحكام التشريع المغربي في مجال الاعتقال الاحتياطي وضرورة إعادة النظر في منظومة البناء المعرفي للنصوص الجنائية التي قام بقراءة في مضمونها واعطى مجموعة من الملاحظات بخصوصها منها ان المشرع لم يلزم السيد قاضي التحقيق بتعليل قرار الاعتقال الاحتياطي على الرغم من انه يعد ثاني اخطر قرارات هدا الأخير بعد قرار الاتهام. بعد ذلك تناول علاقة جهاز النيابة العامة بالاعتقال الاحتياطي من خلال القراءة في نصوص قانون المسطرة الجنائية والضمانات المخولة للموضوعين رهن الاعتقال الاحتياطي. ليتطرق بعد ذلك لقضاء الحكم والاعتقال الاحتياطي من خلال القراءة في النصوص كذلك والإجراءات الشكلية التي ينبغي احترامها من طرف المحكمة في هذا الإطار. بعد ذلك تناول دور قاضي الأحداث والمستشار المكلف بالأحداث من خلال المواد من 471 الى 481 من قانون المسطرة الجنائية. ليخلص إلى أن المشرع أحاط حرية الفرد بسياج منعا لأي مساس بها من خلال التنصيص على انه لا يجوز الاعتقال إلا إذا ظهر ان المتابع خطير على النظام العام او على سلامة الأشخاص او الأموال او ان ضرورة التحقيق او الحفاظ على امن الاشخاص او النظام العام تتطلب اعتقاله احتياطيا. مقترحا في هذا الاطار مجموعة من التدابير العملية لترشيد العمل بالاعتقال الاحتياطي سواء على مستوى المدة او طبيعة الجرم او شخصية المتابع. بعد ذلك تناول في مداخلة ثالثة الاستاذ لحسن طلفي رئيس غرفة الجنايات بمحكمة الاستئناف بالدارالبيضاء موضوع الضمانات في مرحلة المحاكمة منطلقا من المعايير الدولية التي كرستها الصكوك الدولية في مجال حقوق الانسان. وفي هذا الاطار تطرق في مقاربته للموضوع للضمانات المنصوص عليها في الدستور المغربي بحيث ابرز اهم القواعد الدستورية التي تناولت ضمانات المحاكمة العادلة كمبدأ المساواة امام القانون وقرينة البراءة وعدم رجعية القوانين وضمان حقوق الدفاع وإصدار الاحكام المعللة في اجل معقول وفي جلسة علنية واستقلال القضاء ,ومنع التدخل في القضايا المعروضة عليه إلى غير ذلك من القواعد والمبادئ الدستورية. بعد ذلك تناول الضمانات أثناء المحاكمة في التشريع الجنائي المغربي، الذي كرس نفس المبادئ الدولية والدستورية ومنها قرينة البراءة، ومبدأ الشك يفسر لصالح المتهم وعدم رجعية النص الجنائي وقاعدة تطبيق القانون الجنائي الأصلح للمتهم وتكريس مبدأ لا جريمة ولا عقوبة الا بنص، مع اشارته الى عدم الاعتداد بالاعتراف المنتزع بالعنف اوالاكراه وعدم محاكمة شخص على نفس الجريمة مرتين وان يحاكم المتهم في جلسات علنية، وضرورة إصدار الاحكام بجلسات علنية من طرف هيئة مشكلة تشكيلا قانونيا، مع ضرورة الاستعانة بمترجم اذا كان المتهم يتكلم لغة او لهجة او لسانا يصعب فهمه، مع ضرورة إشعار المتهم بالتهمة المنسوبة اليه وحقه في الصمت ومناقشة الشهود وحقه كذلك في اعداد دفاعه والدفاع عن نفسه واختيار محام للمرافعة عنه مع ضرورة اصدار الحكم في اجل معقول وتعليل الاحكام وحق المتهم في تجريح قضاة الحكم. وأشار المتدخل من جهة أخرى الى تمتع الأحداث المتهمين بارتكاب جريمة بجميع الضمانات والحقوق المكفولة للكبار إضافة الى الخصوصيات التي نص عليها التشريع المغربي للأحداث والتي تبنى فيها الاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الطفل والقواعد النموذجية الدنيا لإدارة شؤون قضاء الأحداث وتماشيا مع هذه الضمانات وتعزيزا لها، اقترح المتدخل، - اعادة النظر في تصنيف الجرائم والاقتصار في الجنايات على الجرائم الخطيرة مع وضع مقاييس لهذه الخطورة. - اقرار العدالة التصالحية اثناء المحاكمة. - التنصيص تشريعيا على عقلنة الاعتقال الاحتياطي. - ديمومة المحامي في اطار المساعدة القضائية بجلسة الجنايات. - اقرار حق المتهم في الادلاء بطلب استدعاء شهوده لاول مرة امام المحكمة. - اقرار حق المتهم في عرضه على خبرة عقلية ونفسية بناء على طلبه ولو لم يكن له ملف طبي. - وضع معايير وضوابط في تقدير العقوبة وتفريدها تفاديا لتضارب الاحكام. - تخصص القاضي في الميدان الجنائي. - الزامية مؤازرة المحامي في الجنح التي تتجاوز عقوبتها خمس سنوات حبسا. اما الجلسة الثانية فكانت برئاسة النقيب الاستاذ محمد شهبي محام بهيئة الدارالبيضاء وعضو الهيئة العليا للاصلاح. وفي مداخلة اولى بهده الجلسة تطرق الدكتور محمد جوهر استاذ التعليم العالي بكلية الحقوق بالدارالبيضاء ومنسق ماجستير علوم الإجرام لموضوع تحديث السياسة الجنائية في مجال العقوبة، منطلقا من ان المشرع المغربي اكتفى في التعامل مع العقوبة بالخطاب الغير المباشر من خلال اسلوبين، اسلوب قائم على افتراض معرفة المخاطب بهوية العقوبة. واسلوب يتعلق بالحديث عن نوع من انواع العقوبات. لذلك فانه خارج اطار الدوغمائية ومشارب المدارس العقابية يمكن بكل بساطة اعتبار العقوبة بمثابة دواء يقوم على الألم الذي يتحتم على الجاني تجرعه مقابل اللذة التي حصل عليها عندما انتهك قواعد المجتمع جراء مرضه بالجريمة. لكن هذه القاعدة المجردة التي تقوم على التناسب بين خطورة الجريمة وشدة العقوبة تصبح مستعصية على الفهم عند الاطلاع على بعض المقتضيات الزجرية التي تسير في الاتجاه المعاكس وأعطى في هدا الإطار مقارنة مقتضيات المادة 505 و507 من القانون الجنائي التي تؤدي الى الاعتراف بان العقوبة في النظام الجنائي المغربي تعاني من ازمة كبيرة، وقدم على هذا الاساس اربع ملاحظات اساسية للخروج من هذه الازمة، اولهما:ان المنظومة الجنائية المغربية في مجال العقوبة تتميز بجمودها الشيء الذي يتطلب مواكبة تطور القانون العقابي لتطور السلوك الاجرامي. ثانيهما: طرح سؤال حول مدى توفر المغرب فعلا على سياسة جنائية، أي تواجد سياسة جنائية رشيدة تستحق هذا الاسم من خلال معرفة علمية دقيقة بتمظهرات الاجرام وتطوره في الزمان والمكان. ثالثهما: تتمثل في ان ازمة العقاب في المغرب تتمحور بالاساس حول عقوبتين تثيران كثيرا من الاشكال، وهما عقوبة الاعدام والعقوبات السالبة للحرية. رابعهما: ملاحظة تنبع من فكرة جد بسيطة، وهي ان الجريمة شر بطبيعتها واذا لم تكن العقوبة نافعة تحولت الى شر ثان يضاف للأول. وانطلاقا من هذه الفكرة تطرق الاستاذ المتدخل لمجموعة من الافكار والتوصيات بهدف تحديث السياسة الجنائية وتطوير العدالة الجنائية وتعزيز ضمانات المحاكمة العادلة. وفي مداخلة اخيرة تناول الاستاذ محمد طيب عمر المحامي بهيئة الدارالبيضاء موضوع تصورات حول نجاعة العدالة الجنائية، بحيث انطلق من تساؤل مؤداه ان الاصلاح العميق والشامل يقتضي التطرق الى ما هو شمولي تم ماهو جزئي في الوقت نفسه مبرزا ان موضوع الورقة اعتمد في جزء كبير منها كل ما تم استخلاصه من العروض التي قدمت خلال الندوتين الخامسة والسابعة بمدينتي فاس ومراكش وكذا المواضيع التي ناقشتها المناظرة الوطنية التي انعقدت بمكناس دون اغفال الاشارات الواضحة التي تضمنها الخطاب الملكي السابق لاوراش الاصلاح. لذلك اعتبر انه وللرفع من نجاعة العدالة الجنائية ينبغي مناقشة الهشاشة والتعقيد والبطء من خلال محاور لها علاقة باثر السياستين الجنائية والعقابية على نجاعة العدالة.والتساؤل حول تعديل القانون الجنائي وقانون المسطرة الجنائية للمساهمة في نجاعة العدالة الجنائية، وعلاقة النجاعة بحسن تدبير وتسيير العدالة الجنائية، ودور تاهيل الهياكل المادية والعنصر البشري في نجاعة العدالة الجنائية. وفي مناقشة لهذه المحاور تطرق الى اهمية الوقاية من الجريمة باعتبارها عمادا لتأسيس عدالة جنائية صلبة وناجعة لذلك فلا بد من اعادة النظر في المقاربة الامنية للسياسات الجنائية بالمغرب ووضع مخطط استراتيجي تشاركي مندمج يعتمد دراسات معمقة وابحاث علمية لمعرفة اسباب الجريمة وطرق معالجتها. تم تطرق الى تاثير التشريع العقابي الحالي على نجاعة العدالة الجنائية نظرا للإفراط في وضع النصوص التجريمية من خلال تقرير العقاب على الإخلال بالتزامات لا تشكل انحرافات سلوكية . اما من حيث تاثير التشريع المسطري الحالي على نجاعة العدالة الجنائية فقد ذهب إلى عدم مسايرة القانون الحالي للمقتضيات الدستورية والذي يمكن رصده على مستوى البحث التمهيدي والنيابة العامة وقضاء التحقيق. بحيث عمد المتدخل الى مقاربة الخلل من خلال مقارنة النصوص المسطرية بالمقتضيات الدستورية والاتفاقيات الدولية في هذا الاطار ليبرز مكامن الخلل في هذا الجانب مقترحا مجموعة من الحلول لضمان النجاعة سواء على مستوى البحث التمهيدي او على مستوى النيابة العامة او على مستوى قضاء التحقيق. مشيرا الى عدم جدوى عقوبة الحبس قصيرة المدة والسلبيات الكبيرة التي تتركها للشخص على المستوى النفسي والاجتماعي والاقتصادي وامكانية الاستعاضة عنها ببدائل اخرى بدل الزج باصحابها في السجن. وتطرق المتدخل في هذا الاطار لبدائل الدعوى العمومية والاعتقال والعقوبة السالبة للحرية، بحيث اعتبر كبديل للدعوى العمومية عدم تجريم بعض الافعال والاقتصار على اعمال المسؤولية المدنية او المهنية او الادارية. اللجوء الى الوساطة والصلح التي تؤدي الى انقضاء الدعوى العمومية مشيرا الى مسطرة الغرامة التصالحية الجزافية في مدونة السير مثلا. مشيرا في الاخير الى اهمية التفكير في موضوع تدبير وقت العدالة الجنائية لما في ذلك من اقتصاد للمصاريف وعقلنة امد التقاضي واستخلاص وتحصيل الغرامات والادانات النقدية والصوائر. لذلك فان تحقيق جودة العدالة من منظور المتدخل يتطلب تكاثف الجهود والعمل على تسريع وثيرة التحديث وعصرنة قطاع العدل باستخدام تقنيات الاعلام والاتصال من اجل تكثيف نجاعة العدالة وتسهيل اللجوء للعدالة. بعد ذلك تناول الحضور الكلمة في اطار اغناء النقاش بالتساؤلات والملاحظات والاضافات والتعقيبات والتي كانت موضوع التوصيات النهائية للندوة. التوصيــــات
- اعادة النظر في مرحلة البحث التمهيدي من خلا ل الموازنة بين حق المجتمع في الامن وحق الفرد في محاكمة عادلة تقتضي عدم ترجيح السرعة والفعالية على حقوق الدفاع والحريات الفردية. - النظر الى دور الدفاع في مرحلة ما قبل المحاكمة كفاعل في المسطرة و كشريك ضروري. - ضرورة جعل اسباب الوضع تحت الحراسة النظرية مرتبطة بتوافر قرائن ضد المشتبه فيه او بخطورة الجريمة وربط هذا الاجراء بضرورة الحصول على اذن النيابة العامة لممارسة الرقابة القضائية الفعلية. - جعل قضاء التحقيق يجري الأبحاث ضد المتهم ولصالحه مع تخويل الدفاع حق الاطلاع على كافة وثائق الملف التي تهم موكله ووضعها رهن إشارته لتهيئ دفاعه مع فسح المجال له بإلقاء كافة الأسئلة التي يراها ضرورية لبسط اوجه دفاعه. - وضع معايير محددة للاعتقال في الحالات التي لاتتوفر فيها الخطورة الإجرامية مع تقليص مدة الاعتقال الاحتياطي سيما الفترة المخصصة للتمديد الى النصف. - ضرورة تعليل قرار الاعتقال وكذا قرار تمديده تعليلا خاصا لتكون الرقابة القضائية بشكل أوضح وفسح مجال أوسع للحق في الدفاع. - العمل على الوقاية من الجريمة من خلال مراقبة ورصد الظروف البيئية والاجتماعية المؤدية الى الجنوح. - اعادة النظر في المقاربات الأمنية للسياسات الجنائية ووضع مخطط استراتيجي يعتمد دراسات معمقة وأبحاث علمية لمعرفة اسباب الجريمة. - العمل على تنقية المنظومة القانونية الجنائية المتضخمة من الجرائم التي لم يعد المجتمع يعتبرها مكتسية لخطورة على نظامه العام. - ضرورة مراجعة نظام النيابة العامة بما يبرز استقلالها عن السلطات الإدارية و السياسية. - منح النيابة العامة صلاحية الإحالة على المحكمة في حالة سراح مباشر على غرفة الجنايات. - إعادة النظر في طريقة تعيين قضاة التحقيق ودلك باسناد مسطرة التعيين للجمعية العمومية على ان يناط ذلك بتوفر احد الشرطيين وهما توفر القاضي على تجربة في ميدان التحقيق او التوفر على تكوين متخصص في مجال التحقيق. - ايجاد آلية خاصة بقصد محاربة البطء في البت في القضايا الجنائية حتى تتمكن المحكمة من اصدار حكم داخل اجل معقول. - اقرار العدالة التصالحية اثناء المحاكمة في الجنايات والجنح التأديبية وذلك بتحديد تشريعيا عقوبة خاصة في حالة تنازل الضحية بصفة عامة او اولياء الضحية عن طواعية واختيار لصالح المتهم. - اقرار حق المتهم في الادلاء بطلب استدعاء شهوده لاول مرة امام المحكمة لدحض وسائل الإثبات التي قدمتها سلط الاتهام ضده. - اقرار حق المتهم في عرضه على خبرة عقلية ونفسية بناء على طلبه ولو لم يكن له ملف طبي يعزز طلبه للتأكد من مدى سلامة قواه العقلية وقت ارتكاب الفعل المنسوب اليه. - العمل على ملاءمة النصوص الجنائية للمقتضيات الجديدة في مجال المحاكمة العادلة. التوصيات في مجال العقوبة _ ان المحاربة الناجعة والفعالة للاجرام تقتضي معرفة علمية موضوعية بمظاهره وتطوره، وتمر بالضرورة عبر احداث مرصد وطني للاجرام والعدالة الجنائية. _ مراجعة النظام العقابي بشكل جبري بحيث يمكن تحقيق نوع من التناسب بين العقوبة وخطورة الفعل الجرمي. _ تنويع آليات النظام العقابي باللجوء الى بدائل العقوبة السالبة للحرية، ويمكن في هذا المجال الاستفادة من القانون المقارن. _ الأخذ بشكل اكبر بمبدأ تفريد الجزاء الجنائي بشكل يتناسب أكثر مع خطورة الجاني وأوضاعه الاجتماعية، وتفعيل ملف الشخصية الذي ينير القاضي حول الجوانب البيولوجية والنفسية والاجتماعية للمجرم. _ توسيع صلاحيات وسلطات قاضي تطبيق العقوبات حتى يتمكن من تكييف وتعديل العقوبة بحسب مصلحة الجاني ومصلحة المجتمع، ويشرف كقاض على تنفيذ العقوبة عوض تركها للادارة لكي تتصرف فيها مع جعل قراراته قابلة للطعن. _ مراجعة مقدار الغرامات فيما يخص الحد الادنى والحد الاقصى، وتبني نظام الغرامات التناسبية، وتفريد الغرامة حسب الوضعية المالية والاجتماعية للمعني بالامر. _تاهيل الموارد البشرية العاملة في القطاع الجنائي بمختلف تخصصاتها عن طريق تنظيم دورات تكوينية في علم الاجرام وعلم العقاب للممارسين، وعن طريق نهج التخصص بالنسبة لمن سيكرسون عملهم في قطاع العدالة الجنائية. _ العمل على مراجعة الشروط والاجراءات المتعلقة بالعفو بالاتجاه الذي يؤدي الى اعادة الادماج. _ العمل على عقلنة الآجالات المسطرية في الاتجاه الذي يخدم العدالة والمحافظة على الحريات.
#امغار_محمد (هاشتاغ)
Amrhar_Mohamed#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تأهيل الموارد البشرية وتخليق المنظومة القضائية.
-
ظاهرة تعدد الزوجات بين الواقع والقانون
-
الاستثمار الاجنبي بالبلدان المغاربية
-
مقاربة الاسثتمار الاجنبي بالبلدان المغاربية
-
قطاع العدل والاضراب
-
الاستغلال الجنسي للاطفال
-
مرسوم المساعدة القضائية او مرسوم اهانة مهنة المحاماة
-
حوار حول المهووسون بالجرائم
-
مشروع النظام الداخلي لحساب ودائع واداءات المحامين
-
المحاماة ,الحراك الاجتماعي ,اصلاح العدالة اي علاقة؟
-
تساؤلات حول مشروع اصلاح منظومة العدالة
-
الحلقة الثالثة :الامازيغية واصلاح العدالة اية علاقة؟
-
الحوار الوطني و إصلاح القضاء الإداري اية علاقة؟
-
مشروع النظام الداخلي لهيئة المحامين بالدارالبيضاء
-
زواج المعاق ذهنيا
-
جرائم الاختلاس بالبنوك
-
المحاميات ....وتدبير المحاماة.....اية علاقة؟
-
المساكنة الحرة في ظل المجتمع المركب
-
حوار حول قانون العملة
-
الامازيغية وحكومة حزب العدالة والتنمية
المزيد.....
-
أشرف عبدالباقي وابنته زينة من العرض الخاص لفيلمها -مين يصدق-
...
-
لبنان.. ما هو القرار 1701 ودوره بوقف إطلاق النار بين الجيش ا
...
-
ملابسات انتحار أسطول والملجأ الأخير إلى أكبر قاعدة بحرية عرب
...
-
شي: سنواصل العمل مع المجتمع الدولي لوقف القتال في غزة
-
لبنان.. بدء إزالة آثار القصف الإسرائيلي وعودة الأهالي إلى أم
...
-
السعودية تحذر مواطنيها من -أمطار وسيول- وتدعو للبقاء في -أما
...
-
الحكومة الألمانية توافق على مبيعات أسلحة لإسرائيل بـ131 مليو
...
-
بعد التهديدات الإسرائيلية.. مقتدى الصدر يصدر 4 أوامر لـ-سراي
...
-
ماسك يعلق على طلب بايدن تخصيص أموال إضافية لكييف
-
لافروف: التصعيد المستمر في الشرق الأوسط ناجم عن نهج إسرائيل
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|