مالك بارودي
الحوار المتمدن-العدد: 4406 - 2014 / 3 / 27 - 22:32
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
خرافات إسلامية: كتب المسلمين تفضح تفاهة القرآن ولغوه وتناقضاته وأخطاءه - ج3
-----------------
(يمكنكم الإطلاع على بقيّة مقالاتي على المدوّنة: http://utopia-666.over-blog.com )
-----------------
في تفسير "الدّرّ المنثور" لجلال الدين السّيوطي ، بخصوص الآية 162 من سورة النّساء والتي يقول فيها كاتب القرآن: "لَكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَالْمُقِيمِينَ الصَّلَاةَ وَالْمُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالْمُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أُولَئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أَجْرًا عَظِيمًا"، نجد ما يلي: "وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي دَاوُد فِي الْمَصَاحِف وَابْن الْمُنْذر عَن الزبير بن خَالِد قَالَ: قلت لأَبَان بن عُثْمَان بن عَفَّان: مَا شَأْنهَا كتبت »لَكِن الراسخون فِي الْعلم مِنْهُم والمؤمنون يُؤمنُونَ بِمَا أنزل إِلَيْك وَمَا أنزل من قبلك والمقيمين الصَّلَاة والمؤتون الزَّكَاة« مَا بَين يَديهَا وَمَا خلفهَا رفع وَهِي نصب قَالَ: إِن الْكَاتِب لما كتب »لَكِن الراسخون« حَتَّى إِذا بلغ قَالَ: مَا أكتب قيل لَهُ: اكْتُبْ »والمقيمين الصَّلَاة« فَكتب مَا قيل لَهُ. وَأخرج أَبُو عبيد فِي فضائله وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن أبي دَاوُد وَابْن الْمُنْذر عَن عُرْوَة قَالَ: سَأَلت عَائِشَة عَن لحن الْقُرْآن »إِن الَّذين آمنُوا وَالَّذين هادوا والصائبون« (الْمَائِدَة الْآيَة 69) »والمقيمين الصَّلَاة والمؤتون الزَّكَاة« و»إِن هَذَانِ لساحران« (طه الْآيَة 63) فَقَالَت: يَا ابْن أُخْتِي هَذَا عمل الْكتاب أخطأوا فِي الْكتاب. وَأخرج ابْن أبي دَاوُد عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: فِي الْقُرْآن أَرْبَعَة أحرف: »الصائبون«، »والمقيمين« و»فأصَّدَّق وأكن من الصَّالِحين« و»إِن هَذَانِ لساحران«. وَأخرج ابْن أبي دَاوُد عَن عبد الْأَعْلَى بن عبد الله بن عَامر الْقرشِي قَالَ: لما فرغ من الْمُصحف أَتَى بِهِ عُثْمَان فَنظر فِيهِ فَقَالَ: قد أَحْسَنْتُم وَأَجْمَلْتُمْ أرى شَيْئا من لحن ستقيمه الْعَرَب بألسنتها. قَالَ ابْن أبي دَاوُد: هَذَا عِنْدِي يَعْنِي بلغتهَا فِينَا وَإِلَّا فَلَو كَانَ فِيهِ لحن لَا يجوز فِي كَلَام الْعَرَب جَمِيعًا لما استجاز أَن يبْعَث إِلَى قوم يقرأونه. وَأخرج ابْن أبي دَاوُد عَن عِكْرِمَة قَالَ: لما أَتَى عُثْمَان بالمصحف رأى فِيهِ شَيْئا من لحن فَقَالَ: لَو كَانَ المملي من هُذَيْل وَالْكَاتِب من ثَقِيف لم يُوجد فِيهِ هَذَا. وَأخرج ابْن أبي دَاوُد عَن قَتَادَة أَن عُثْمَان لمّا رفع إِلَيْهِ الْمُصحف قَالَ: إِنّ فِيهِ لحناً وستقيمه الْعَرَب بألسنتها. وَأخرج ابْن أبي دَاوُد عَن يحيى بن يعمر قَالَ: قَالَ عُثْمَان: إِن فِي الْقُرْآن لحناً وستقيمه الْعَرَب بألسنتها".
وفي نفس الكتاب، في تفسير الآية 27 من سورة النّور والتي نصّها: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ"، يقول: "وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَسَعِيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان والضياء فِي المختارة من طرق عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله »لَا تدْخلُوا بُيُوتًا غير بُيُوتكُمْ حَتَّى تستأنسوا وتسلموا على أَهلهَا« قَالَ: أَخطَأ الْكَاتِب إِنَّمَا هِيَ حَتَّى تستأذنوا. وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن إِبْرَاهِيم قَالَ: فِي مصحف عبد الله »حَتَّى تسلموا على أَهلهَا وتستأذنوا«. وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة قَالَ: هِيَ فِي قِرَاءَة أبي »حَتَّى تسلموا وتستأذنوا«. وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله »حَتَّى تستأنسوا« قَالَ: حَتَّى تستأذنوا".
في "الجامع لأحكام القرآن" لشمس الدّين القرطبي، وبخصوص تفسير الآية 63 من سورة طه التي تقول: "قَالُوا إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ يُرِيدَانِ أَنْ يُخْرِجَاكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِمَا وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلَى"، نقرأ: "قوله تعالى: »إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ« قرأ أبو عمرو »إِنْ هَذَيْنِ لَسَاحِرَانِ«. ورويت عن عثمان وعائشة رضي الله عنهما وغيرهما من الصحابة؛ وكذلك قرأ الحسن وسعيد بن جُبير وإبراهيم النخعي وغيرهم من التابعين؛ ومن القراء عيسى بن عمر وعاصم الجحدري؛ فيما ذكر النحاس. وهذه القراءة موافقة للإعراب مخالفة للمصحف. وقرأ الزهري والخليل بن أحمد والمفضل وأبان وابن محيصن وابن كثير وعاصم في رواية حفص عنه »إِنْ هَذَانِ« بتخفيف »إِن« »لَسَاحِرَانِ« وابن كثير يشدد نون »هذانّ«. وهذه القراءة سلمت من مخالفة المصحف ومن فساد الإعراب، ويكون معناها ما هذان إلا ساحران. وقرأ المدنيون والكوفيون »إِنَّ هَذَانِ« بتشديد »إنَّ« »لساحران« فوافقوا المصحف وخالفوا الإعراب. قال النحاس فهذه ثلاث قراءات قد رواها الجماعة عن الأئمة، وروي عن عبد الله بن مسعود أنه قرأ »إِنْ هَذَانِ إِلاَّ سَاحِرَانِ« وقال الكسائي في قراءة عبد الله: »إِنْ هَذَانِ سَاحِرَانِ« بغير لام؛ وقال الفراء في حرف أبي »إِنْ ذَانِ إِلاَّ سَاحِرَانِ« فهذه ثلاث قراءات أخرى تحمل على التفسير لا أنها جائز أن يقرأ بها لمخالفتها المصحف.
قلت: وللعلماء في قراءة أهل المدينة والكوفة ستة أقوال ذكرها ابن الأنباري في آخر كتاب الرد له، والنحاس في إعرابه، والمهدوي في تفسيره، وغيرهم أدخل كلام بعضهم في بعض. وقد خطأها قوم حتى قال أبو عمرو: إني لأستحي من الله أن اقرأ »إنَّ هَذَان« وروى عروة عن عائشة رضي الله عنها أنها سئلت عن قوله تعالى: »لَكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ« ثم قال: »وَالْمُقِيمِينَ« وفي المائدة »إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ« [المائدة: 69] و»إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ« فقالت: يا ابن أختي! هذا خطأ من الكاتب. وقال عثمان بن عفان رضي الله عنه: في المصحف لحن وستُقيمه العرب بألسنتهم. وقال أبان بن عثمان: قرأت هذه الآية عند أبي عثمان بن عفان، فقال لحن وخطأ؛ فقال له قائل: ألا تغيّروه؟ فقال: دعوه فإنه لا يحرّم حلالا ولا يحلّل حرما."
وفي نفس الكتاب للقرطبي، في تفسيره للآية 31 من سورة الرّعد والتي تقول "ولو أن قرآنا سيرت به الجبال أو قطعت به الأرض أو كلم به الموتى بل لله الأمر جميعا أفلم ييأس الذين آمنوا أن لو يشاء الله لهدى الناس جميعا ولا يزال الذين كفروا تصيبهم بما صنعوا قارعة أو تحل قريبا من دارهم حتى يأتي وعد الله إن الله لا يخلف الميعاد"، نقرأ: "وقرأ علي وابن عباس: »أفلم يتبيّن الذين آمنوا« من البيان. قال القشيري: وقيل لابن عباس المكتوب »أفلم ييئس« قال: أظن الكاتب كتبها وهو ناعس؛ أي زاد بعض الحروف حتى صار »ييئس«."
وفي "جامع البيان في تأويل القرآن" لأبي جعفر الطبري، في تفسيره لنفس الآية (الرّعد، 31) نقرأ: "حدثني يعقوب قال: حدثنا هشيم، عن أبي إسحاق الكوفي، عن [مولى مولى بحير] أن عليًّا رضي الله عنه كان يقرأ: »أَفَلَمْ يَتَبيَّنِ الَّذِينَ آمنُوا«. حدثنا الحسن بن محمد قال: حدثنا عبد الوهاب، عن هارون، عن حنظلة، عن شهر بن حوشب، عن ابن عباس: »أفلم ييأس« يقول: أفلم يتبيّن. حدثنا أحمد بن يوسف قال: حدثنا القاسم قال: حدثنا يزيد، عن جرير بن حازم، عن الزبير بن الخِرِّيت أو يعلى بن حكيم، عن عكرمة، عن ابن عباس، أنه كان يقرؤها: »أَفَلَمْ يَتَبيَّنِ الَّذِينَ آمنُوا«؛ قال: كتب الكاتب الأخرى وهو ناعسٌ."
هذا غيض من فيض الإعترافات الكثيرة التي نقلتها لنا امّهات كتب التّفسير والأحاديث عن وجود أخطاء لغويّة في القرآن. ثمّ يأتي المسلم الغارق في أساطير دينه الذي غيّب عقله وعطّل تفكيره ليتلو آيات مثل: »إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ« (الحجر، 9) أو »لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ« (فصّلت، 42) أو »لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ. إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ« (القيامة، 16-17). فكيف تكون في القرآن أخطاء إعترف بها الصّحابة والمفسّرون وفي نفس الوقت يكون محفوظا ولا يأتيه الباطل؟ ألا يصبح القرآن كلّه باطلا، بما أنّ فيه كلّ هذه الأخطاء اللغوية التي لم يستطع المفسّرون تبريرها رغم إختراعهم لتعلاّت من قبيل القول بأنّ هذا اللّفظ في "لغة القبيلة كذا أو كذا" أو نظم أبيات شعر كاذبة تتضمّن الخطأ لإيهام النّاس بأنّه صواب (وهو ما فضحه طه حسين في كتابه "في الشّعر الجاهلي")؟ وهل تسقُط كلّ ملاحظاتنا المبنيّة على قواعد اللّغة العربيّة وكلّ أدلّتنا عن جهل الصّحابة لبعض مفردات القرآن وكلّ الإعترافات الواضحة التي نقلها لنا المفسّرون ورواة الأحاديث عن وجود عيوب كثيرة في القرآن (سواء كانت من الحفظة أو من النّسّاخ أو من كتبة الوحي أو من محمّد بن آمنة نفسه الذي كان ينسى قرآنه) لمجرّد أنّ هناك آيات في نفس الكتاب تزعم أنّه "محفوظ" ولا تبديل له؟ فهل تسقط التّهم بالإدّعاءات أم بالبراهين والحجج؟ هذه بعض حججنا وبراهيننا (ومن كتب المسلمين) على أنّ القرآن به أخطاء وأنّه محرّف وغير مبين، إلخ، فهاتوا حججكم وبراهينكم إن كنتم صادقين؟
---------------------
أنظر المقالات السابقة لمزيد التعرف على الحجج :
1- خرافات إسلامية: كتب المسلمين تفضح تفاهة القرآن ولغوه وتناقضاته وأخطاءه - ج1
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=407170
2- خرافات إسلامية: كتب المسلمين تفضح تفاهة القرآن ولغوه وتناقضاته وأخطاءه - ج2
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=407327
#مالك_بارودي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟