|
التناقض بين ثقافة المكونات وبين ثقافة المواطنة.
مالوم ابو رغيف
الحوار المتمدن-العدد: 4406 - 2014 / 3 / 27 - 13:31
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
عندما ينقسم الشعب الى مكونات طائفية او اثنية( العراق وسوريا) فعلى الاعم الاغلب، سيختلف (الافراد- المواطنون) بشكل او بآخر في فهم ووصف حقيقة الاحداث والوقائع، سيتحدث كل طرف عن جزء من الحقيقة، عن ذلك الجزء الذي ينسجم ويتماهى مع ثقافة المكون المحسوب عليه وان كان متناقضا مع انسجامات اختياره، ويتجاهل الوجه الاخر لصورة الحدث الذي قد يجد فيه كل صفات القبح حتى وان كان متفقا مع انسجامات اختياره. فكيف لنا ان نفهم وان نحكم على صحة رواية الحدث، هل نحكم عليها من خلال رؤيتنا وفهمنا الشخصي ام من خلال الفهم العام المعتمد على روايات الآخرين الاقرب او الذين يدعون معاشيتهم لها، خاصة وان الصورة في( شعب المكونات) هي مثل تلك التي تعكسها المرآة المقعره، صورة مقلوبة ومشوهه، لا تحاكي الواقع وان كانت تعكس كل تفاصيله؟ والسؤال الاهم هو:ـ هل تحتكم كل المكونات، او حتى الافراد الى نفس المعايير الاخلاقية او الدينية او السياسية؟ وبعبارة اخرى: هل هناك معيار قيَمي او ديني او فلسفي او سياسي تلتزم فيه المكونات وتجعله الحد الفاصل في صدقية رواياتها وصحة مواقفها؟ بل هل ان الدول في العالم تحتكم الى نفس القيم- بما فيها القيم الانسانية؟ ومع ان القانون يعتبر المعيار العام الذي تلتجأ اليه الدول للتحكيم، لكنها قد تضرب به عرض الحائط وتنفذ السياسة التي تضمن مصالحها حتى لو كانت متناقضة مع مبادئها وشعاراتها ولنا في السياسة الامريكية نموذج من العسير دحضه او تنفيده. في دولة الطوائف والمكونات لا توجد معايير ولا موازين ولا التزامات عامة. فعادة ما تكون القيم والمعايير ليست ذات قيمة خارج المكون، ولهذا دائما ما تكون الاراء الشخصية المغايرة لثقافة المكون استثنائات لا ينظر لها باهمية، فهي لا تفيد الا في اوقات نقض اراء الاخر المخالف، لكن هذه الاهمية تنتهي وتتلاشى ولا يبقى لها اثرا عند انتهاء الفائدة. لكن لماذا يميل الافراد الى ان تكون آراءهم، حتى لو فقدت ملامحها الشخصية، منسجمة مع الرأي العام للمكون الذي قد يكون على تجاف مع الحق وليس معبرا عنه.؟ يمكن لنا ادراج عاملين لتفسير ذلك اذا صحت الفرضية: الاول هو ان اصحاب الاراء الشخصية المخالفة للمكون الطائفي او القومي، يعرفون حقيقة ان المحصلة الاخيرة على المستوى الطائفي سيكون الازدراء، وعلى المستوى القومي ستكون العمالة، فالاراء السائدة تصنعها الاكثرية حتى وان كانت مغفلة وليس الاقلية وان كانت واعية. والثاني هو الافتراض الذي لا يبتعد كثيرا عن الصواب القائل بان الافراد يتعرضون الى غسل دماغ ديني وسياسي واجتماعي يومي من خلال ما ينشأون ويتربون عليه ومن خلال ما يسمعونه ويقرأونه فيصبح جزء من الألفة الشخصية في دواخلهم . ان اتجاهات تثقيف المكونات تقود دائما الى انعزالية ثقافية وليس الى ثقافة الواقع الذي هو نتاج التمازج الوطني الشعبي، انها، اي ثقافة المكونات، تضع نظاره على العينين لا تسمح برؤية المشهد الا من زاوية واحدة فلا يحلل الواقع والاحداث الا من خلال هذه الصورة المجتزأة. فالواقع العام الحقيقي هو ثقافات وتجارب فردية مجموعها يكون المحصلة والنتيجة لثقافة المواطنة، بينما الواقع الطائفي او القومي الافتراضي هو نتاج للثقافة الانعزالية المحصورة في قلعة وهمية تحتم على افرادها عدم خطورة المغامرة والخروج الا من ابواب الشرعية التي يمنحها المكون، كما ان الطائفي او القومي سيشعر باغتراب بيئوي اي ضياع الألفة، عندما يجد نفسه خارج هذه القلعة الوهمية. ولأن ثقافة المكون لا تنظر الى ثقافة وتجارب الافراد الا من خلال شروطها الثقافية -الدينية - الطائفية -الطقوسية او القومية الخاصة، وليس من خلال حرية الاختيار (الفردي- الشخصي) ولا من خلال بيئة الاختلاط الاجتماعي، ستكون مواقف المكونات ازدواجية او ما يسمى بـ ( ازدواجية المعايير او الكيل بمكيالين) تثير الاستغراب عند الاخر، مع ان الاخر لا يعير وزنا الى مواقفه المتناقضة ودائما ما يلجأ الى تبريرها سياسيا وحتى انسانيا. نستطيع ان نعد سلسلة طويلة من متناقضات المواقف مثل الموقف من الصراع في البحرين والموقف من الصراع في سوريا والموقف من الصراع في العراق والموقف من الصراع في اليمن اي من الحوثيين والموقف من الاقلية الشيعية المضطهدة في السعودية والموقف من الشعوب الكوردية اينما وجدت وكذلك من شعوب الامازيغ ومن المسيحيين وغيرهم. سنقول ان التحريض على العنف في المجتمعات تجد مبرراتها من خلال هذه الشروط التي لا يشعر بها المواطن في المكون المعين، لانه يعيش فيها، لكنه سيكون في غاية الانتباه لشذوذها وهمجيتها لو ان المكون الاخر قد استخدمها في التحريض المضاد. انه العار الذي يحرض جميع الطائفيين على ارتداء اسماله فالشاعر يقول لا تنه عن خلق وتأتي مثله..... عار عليك اذا فعلت عظيم لنكن اكثر وضوحا ما يسمى بـ (ثوار) سوريا، يودون، والود امنية تحبذ الفعل ويقعدها عنه عدم الاستطاعة، القضاء على العلويين بشكل خاص وعلى الشيعة بشكل عام بما فيهم الدروز لانهم يعتقدون بان الشيعة اقلية كافرة وان فاقت الـ 200 مليون، فانها وان افنيت عن بكرة ابيها لا تعني شيئا. انها (اقلوية) على حد تعبير احد حثالات الماركسية المترأسملين الذي اسبغ عليه ماركسي مدعي لقب المناضل، انظر الى حثالة التعبير وخسة الامنية ووضاعة الامتداح. على ان امنية (الثوار) السوريين لا تتوقف عندهم فهي تمثل رأيا غالبا للمؤمنين، ونقصد بالمؤمن هو المؤدلج داخل تنظيم وليس المسلم البسيط وان كان مؤمنا. والشيعة المؤمنون يودون لو ان كل العراق اصبح حسينية يلطم فيها الشعب طول ايام السنة حزنا على الحسين ويُلعن فيها الاضداد ويُعاد التاريخ ليرجع فدك الى فاطمة الزهراء ويُقلب التسلسل في معادلة الافضلية فيكون علي بن بي طالب الخليفة الاول.!! على ان المؤمنين الشيعة لا يثقفون بقتل الاخر، لكنهم يتاملون ظهور المهدي لقتل الجميع بما فيهم الشيعة العصاة.! ورغم انها امنية مؤجلة لكنها تنتج الحقد ولا تنتج التسامح، بحيث ان الانتظار السريالي لظهور المهدي، اصبح عند الشيعة تشفيا مستقبليا. لنا ان نسأل ماذا يحدث في سوريا وفي العراق غير مجازر تُقتل فيها المواطنة ! ان ثقافة المكونات هي ثقافة حقد وبغض وضغينة اذ لولا الكراهية ضد الاخر لأضمحلت هذه المكونات وغابت ثقافتها البائسة ولحلت ثقافة المواطنة ولانتهى الصراع السخيف بين القديم وبين القديم ولاصبح الصراع بين القديم وبين الجديد الذي يفرض نفسه دائما بأتجاه الرقي.
#مالوم_ابو_رغيف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
قانون الاحوال الشخصية الجعفري اهانة للاسرة الشيعية
-
لا تكذبوا فان للارهاب دين
-
المرأة الشيعية
-
اللا معقول في قانون الاحوال الشخصية الجعفري.
-
ترويض الدواب
-
النفعية في مناشدة الصدر عدم الاعتزال.
-
الكرة في ملعب النجيفي.
-
مهمة شيعية.
-
المسلمون وهيرو اونودا
-
هل الشيطان شريك الله؟
-
التناقض الديني المعيب في الفكر الاسلامي؟
-
ثقافة الموت وثقافة الحياة والديمقراطية!!
-
هل زواج المتعة مدرج في قانون وزير العدل؟
-
انظمة الفوضى الدينية
-
علاوة سمعة
-
كيف تشخص مازوخيا يساريا؟
-
سوريا عروس عروبتكم فلماذا ادخلتم كل زناة الليل.
-
سوريا: من يملك رخصة استخدام غاز السارين
-
التطرف في لغة العنف عند الاخوان المسلمين
-
ثوار احرار حنكًمل المشوار
المزيد.....
-
دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه
...
-
في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا
...
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
-
نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله
...
-
الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|