أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - معندناش كتب خيالية














المزيد.....

معندناش كتب خيالية


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 4406 - 2014 / 3 / 27 - 00:53
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


ذهب رجلٌ إلى مكتبة يبحث عن كتاب. قرّاءٌ هنا وهناك جالسون إلى طاولات القراءة منكبّون على كتبهم، وسيماءُ الجِدّ مرتسمةٌ على وجوههم. لوحة معلّقة على الحائط: “ممنوع الكلام". تجوّل الرجلُ في هدوء وراح يتصفح عناوين الكتب فوق رفوف المكتبة بحثًا عن كتابه. عناوينُ كثيرةٌ وحاسمة: “الصراع"، "أستاذية العالم"، الثأر"، "القتال"، "الكافرون"، أهل النار"، "الغزوات"، "الجهاد"، “البغض في الله”، "الجزية"، "الحرابة"، “النكاح”، "الشمولية"، "الجحيم والسعير"، "الزلزلة"، "الثعبان الأقرع". وبعدما أعياه البحثُ عن كتابه المنشود، مضى إلى أمين المكتبة الجالس في الركن البعيد الهادئ، وسأله: “من فضلك، أبحثُ عن كتاب: ’قبول الآخر عند العرب‘.” نظر إليه صاحبُ المكتبة نظرة اندهاش، وريبة، ثم قال في سخرية واضحة: “ما عندناش الكتب الخيالية دي يا حضرة المحترم!!”.
جاء هذا السيناريو في لوحة كاريكاتور رسمها الفنان "ميلاد ثابت"، ونشرها على فيس بوك. وبقدر ما يحمل الكاريكاتور من مرارة، حتى وإن امتزجت بابتسامة مارقة تمسح الوجهَ برهةً، قبل أن تحلَّ غيمةٌ أبديةٌ من الحزن العميق، والإطراق بالرأس، لتدخل في دوامة التأمل، بقدر ما تحملُ من واقعية علينا ألا نمررها دون تدبّر. بل وجب التوقف، لمحاسبة النفس.
هل بالفعل تُعدُّ قيمة "قبول الآخر" لدينا من أدبيات الفولكلور التي نتغنّى بها في مقالاتنا، وفي أغانينا، وعلى الشاشات، لمجرد الاستهلاك و"الشو" والمزايدة والتباهي، بينما لا نمارسها في حياتنا؟ هل هي بالفعل ضربٌ من الخيال مثل قصص الجنيّات والغابة المسحورة مما كانت جدّاتنا يحكين لنا قبل النوم، لكي نحلُم بعالم جميل ممتاز، أنيق وعادل لن نراه في صحونا؟
هل علّمنا آباؤنا في طفولتنا أن مَن يُخالفنا الرأيَ أو العقيدة ليس شيطانًا بالضرورة؟ وهل علّمنا نحن هذا بدورنا لأطفالنا؟ كم واحدًا منّا يؤمن بـ ويطبق مبدأ الإمام الشافعي: “رأيي صوابٌ يحتملُ الخطأ، ورأيكَ خطأٌ يحتملُ الصواب"؟
في كل مجالسنا ومقالاتنا وحوارتنا نطالب بالديمقراطية والليبرالية والتعددية، حتى ابتذلنا الكلمات ولاكتها الألسنُ والأفئدةُ والمقاهي وصفحاتُ الانترنت، لكن هل نتبناها بالفعل في حياتنا كمنهج يومي، وفلسفة حياة؟ جرّب أن تقولَ رأيَك في موضوع. أيّ رأي في أيّ موضوع. ستجد مَن يسبّك ويلعنك ويطعنك في شرفك وفي عرضك ويجعل منك شيطانًا رجيمًا وعميلا مُموّلا. وفي المقابل ستجد مَن يُطوّبك ويمجّدك ويرفعك إلى عنان السماء ويُنصّبكَ قديسًا نبيًّا. كلاهما مخطئ، وكلاهما غير ديمقراطي وغير عادل. فلا أنت شيطانٌ ولا أنت ملاك. أنت إنسانٌ عادي رأى رأيًا؛ قد يصيبُ وقد يخطئ. لكن مَن لعنوك ومن طوبوك أخطأوا تقديرك، لأنهم لا يرونك أنتَ، وإنما يبحثون عن "أنفسهم" داخلك.
ذاك أحد أمراض العقلية "الثنائية". كن معي، أو تصبح عدوي اللدود الذي يجب أن يختفي. ولا شيء بينهما! "العقلية النقدية" غائبةٌ عن المنظومة العربية. لهذا نتأخر، وسوف نتأخر، ولن تكفينا ألفُ ثورة. ولو جئنا برسول من السماء يحكمنا، لن نعلوَ، مادام الداءُ يسكنُ خلايانا، ولا نعرف فنَّ الاختلاف، دون خلاف ومُلاعنة ونحر رقاب وتمزيق أعراض. فعلا، معندناش كتب خيالية. وأكاد أسمعُ الديمقراطية والليبرالية تضحكان قائلتين: “آدي دقني لو فهمتونا يا ولاد.... العرب!”



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مليون إنسان في بيتي
- رسالة إلى حابي
- الشاعرة اللبنانية زينب عساف تكتب عن ديوان الشاعرة المصرية فا ...
- وجدى الحكيم أيام زمان
- 13 مارس 1950
- أغلى سيارة في العالم
- أمي، و-أحمد رشدي-
- هنا كردستان
- القتل على العقيدة
- تُرى كيف يقرأ هؤلاء؟!
- متى يطمئن مرسي؟
- صولجان -نادر عباسي- المستبد
- الديكتاتور محمد صبحي
- المرأة بين عقيلة وفرحات
- حوار قديم مع فاطمة ناعوت 2006 | ناعوت: الشاعر راء لأنه لا يق ...
- الحبُّ قد أمر
- وجوه أجدادي
- هنا أجدادي الحزانَى
- المستشار النبيل، وامرأة الكفيف
- الغراب والفراشة على بوابة جهنم


المزيد.....




- آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - معندناش كتب خيالية