أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - ضباط يوليو 1952 والسفارة الأمريكية















المزيد.....


ضباط يوليو 1952 والسفارة الأمريكية


طلعت رضوان

الحوار المتمدن-العدد: 4405 - 2014 / 3 / 26 - 23:13
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


ضباط يوليو1952والسفارة الأمريكية
طلعت رضوان
يُصر العروبيون على إنكار علاقة ضباط يوليو بالمخابرات الأمريكية من خلال السفارة الأمريكية فى مصر، رغم أنّ كثيرين من الضباط أشاروا إلى تلك العلاقة وأكدوها فى مذكراتهم أمثال محمد نجيب وخالد محيى الدين وأحمد حمروش وغيرهم . وبينما جاءتْ إشاراتهم فى بعض الفقرات ، فإنّ أ. محمد جلال كشك خصّص كتابًا عن تلك العلاقة بعنوان (ثورة يوليو الأمريكية) صادر عن دار (الزهراء للإعلام العربى – ط 2- عام 88)
فى عام 85 أصدر كشك كتابه (كلمتى للمغفلين) وفيه بعض الوثائق عن علاقة ضباط يوليو بالمخابرات الأمريكية. تجاهله محمد حسنين هيكل ولم يرد ليُفنـّد واقعة واحدة فى الكتاب. ولذلك وصفه كشك بأنه ((بيّاع الناصرية الذى تقلــّبَ ناعمًا ما بين صحافة الإنجليز والمخابرات الأمريكية وحصل على جائزة الملك فاروق ثم ثقة عبد الناصر. وعمل على إضعاف الروح المعنوية فى مواجهة إسرائيل)) (9، 10) وعن جريمة عبد الناصر فى قتل أولادنا فى سيناء نقل ما كتبته جولدا مائير ((ومن بين الثلاثين ألف عسكرى مصرى الذين انطلقوا هائمين كالمجانين فى الرمال ، التقطنا خمسة آلاف أسير فقط كى نـُبادلهم جميعًا بالأسير الإسرائيلى الوحيد الذى أسره المصريون)) ومن الأسئلة المسكوت عنها : لماذا كان عبد الحكيم عامر فى طائرة خاصة فوق سيناء أثناء الهجوم الإسرائيلى صباح 5 يونيو67 فيصدر الأمر بعدم إطلاق النار على أية طائرة حماية للمشير؟ وهل تحليقه بالطائرة كان صدفة أم مجرد ذريعة لعدم إطلاق النار؟ يتولد عن ذلك السؤال الثانى : لماذا تم تغيير الشفرة صباح يوم الهجوم الإسرائيلى كى لا يتلقوا إخطار محطة الإنذار المُبكر الموجودة فى الأردن ومهمتها الوحيدة الإخطار عن تحرك الطيران الإسرائيلى ؟ ورغم أنّ عبد الناصر مهّد للحرب بسحب قوات الأمم المتحدة ومهّد إعلامه بشرب القهوة فى تل أبيب إلخ فإنه قرّر أنّ مصر ستتلقى الضربة الأولى . وفى تبرير كاتب الوحى الناصرى (هيكل) عن هذا القرار الكارثى كتب إننا ((حتى لو ضربنا إسرائيل أولا كنا سنخسر الحرب)) وهنا يبرز السؤال الثالث : إذا كانت المعركة محسومة لصالح إسرائيل باعتراف كاتب الوحى الناصرى ، فلماذا كان الإصرار على دخولها ؟ ومع فرض حـُسن النية فهل النزعة العروبية أهم من تدمير الجيش المصرى ؟ وبعد الهزيمة وسحب قواتنا من اليمن أظهر عبد الرحمن البيضانى (نائب رئيس الجمهورية اليمنى) حسرته على توقف الدعم المصرى بناء على اتفاق سابق مع عبد الناصر على تخصيص دخل قناة السويس لدعم عبد الله السلال (16)
يعترف كشك بعدم وجود أى عداء شخصى بينه وبين هيكل بل يعترف بفضل هيكل عليه وأنه مدين له بإخراجه من السجن عندما اعتقله أمين شاكر. وهيكل هو الذى عيّنه فى أخبار اليوم . إذن فإنّ نقده لهيكل من أجل مصر، لأنّ هيكل أحد ((الحلقات الرئيسية فى العلاقات الأمريكية الناصرية كما جاء فى كتاب (حبال من رمال) تأليف الأمريكى إيفلاند ولم يعترض ولم يتخذ أى إجراء ضد المؤلف الذى ذكر أنّ المخابرات الأمريكية جنـّدتْ هيكل كعميل لها فى أوائل الخمسينات وأصبح المتحدث الرسمى باسم (القومية العربية) ونقل كشك عن ضابط المخابرات الأمريكى (إيفلاند) أنّ ((المؤرخين والدارسين الذين لا تـُتاح لهم معرفة التاريخ السرى للأحداث لا يمكنهم أنْ يُفسّروا لماذا تجنـّب عبد الناصر الحرب مع إسرائيل فى ظروف كان النصر فيها مُحتملا، بينما قاد بلاده إلى حرب محتومة الخسارة)) (20) ولتأكيد العلاقة بين الضباط والأمريكان فإنّ على صبرى اعترف بأنه لم يكن من بين الضباط وأنّ سبب ضمه لهم علاقته بالأمريكان . وقال إنه قابل عبد الناصر أول مرة فى حياته ليلة (الثورة) فطلب منه فى أول مقابلة أنْ ((يخطف رجله للسفارة الأمريكية ويطلب منهم منع بريطانيا من التدخل ضد (الثورة) وأضاف ((أعتقد أنّ الأمريكان وجدوا فى (الثورة) فرصة لهم . فهم بمساندتهم لها يستطيعون أنْ يُقلصوا نفوذ الإنجليز. وتحل أمريكا مكان الإنجليز. وكان هذا هدفـًا استراتيجيًا لأمريكا بعد الحرب العالمية الثانية. وكانت هذه هى الأرضية المشتركة بين عبد الناصر والأمريكان)) وجاء على غلاف كتاب هيكل عن حرب السويس بالإنجليزية ما ترجمته ((الناصرية ليست إلاّ فصل من قصة إحلال أمريكا سيطرتها أو هيمنتها محل الاستعمار القديم)) فكان تعليق كشك ((هل قلنا أكثر من هذا؟)) وفى عام 64كتب هيكل ((إنّ سياسة مصر الخارجية استثمارات لأنها تعود بفوائد عملية وسياسية فى شكل مساعدات اقتصادية من أمريكا وعسكرية من روسيا)) وحتى عام 65كانت أمريكا تـُقدم 80% من الخبز لمصر. وذكر ضابط المخابرات الأمريكى مايلز كوبلاند أنّ دعم مصر كان ضروريًا ، يعنى لابد أنْ تتدخل مصر فى الكونغو لتحصل على دعم من أمريكا وروسيا . وهكذا من الكونغو للعراق لسوريا للمغرب لغانا لليمن)) وخدم عبد الناصر أمريكا بأنْ ((صفى الحركة الشيوعية فى العالم العربى على نحو فاق أحلام أشد الأمريكيين عداوة للشيوعية. وورد فى تقرير للمخابرات الأمريكية أنّ واحدًا من زعماء بيروت المسلمين الأربعة حصل على 7مليون ليرة لبنانية من مصر خلال أحداث عام 58.
وضباط يوليو الذين قدّموا الشرفاء من قيادات وأعضاء حزب الوفد للمحكمة العسكرية ، التقوا مع الإنجليز فى عدائهم للوفد وهو ما عبّر عنه السفير البريطانى يوم 27يناير52 بقوله ((مهما تكن سياسة الحكومة الجديدة فالمهم أننا تخلصنا من الوفد)) وفى شهادة فتحى رضوان فى كتابه (72 شهرًا مع عبد الناصر) كتب أنّ ((إلغاء الملكية وإعلان الجمهورية كان قرارًا أمريكيا)) مع ملاحظة أنّ رضوان اختاره عبد الناصر وزيرًا لمدة ست سنين. وبينما عبدالناصر اعتقل الشيوعيين وقتل بعضهم فى معتقلاته. واعتقل الإخوان المسلمين وأعدم بعضهم ، فإنّ د. مصدّق رئيس الوزراء الإيرانى اعتمد على حزب (توده) الشيوعى وعلى آيات الله فى مواجهة الإنجليز ومساومة الأمريكان ، وهو ما أفزع أمريكا ولذلك دبّروا التخلص منه. وبعد يوليو52 اشترتْ الحكومة المصرية بما قيمته 47مليون جنيه ذهبًا وسندات على الخزانة الأمريكية لتغطية الجنيه المصرى الذى ((عرّاه عسكر عبد الناصر. كذلك كانت بريطانيا مدينة لمصر- فى تقدير وزارة الخارجية الأمريكية بتاريخ 24 فبراير عام50 بألف مليون دولار، تـُعادل بحساب هيكل مائة بليون أو مليار أو مائة ألف مليون دولار ضاعتْ كلها وأصبحنا مدينين بما يقرب من خمسين بليونـًا (وقت تأليف الكتاب عام 88) بينما فى العهد الذى أطلق عليه عبد الناصر(العهد البائد) فإنّ النحاس باشا عرض إقراض سوريا 3مليون جنيه. لأنّ القروض فى ذاك الوقت كانت تـُعقد بالجنيه المصرى . كما أنّ حزب الوفد تحدى أمريكا عندما طلبتْ تأييد وقوفها مع كوريا الجنوبية ضد كوريا الشمالية عام 50 وذكر إبراهيم باشا فرج أنّ محمود عزمى ممثل مصر الدائم فى الأمم المتحدة اتصل بالنحاس باشا الذى طلب منه التصويت ضد المشروع الأمريكى ولما حذره البعض من هذا الموقف ضد الأمريكان قال ((يتفلقوا)) وعندما طلب الصليب الأحمر معونة من الأرز وافق النحاس باشا بشرط أنْ يُوزع الأرز المصرى على شعب الكوريتيْن على خط النار، أى للكوريين الشماليين (الشيوعيين) والجنوبيين . وعَرَضَ التليفزيون فى ولاية (يوتاه) الأمريكية مساء الخميس 2يوليو87 برنامجًا عن مصر. فقال المذيع حرفيًا ((ولما كانت ال CIA قد تغلغلتْ فى تنظيم الضباط (الأحرار) لذا تخلتْ أميركا عن الملك فاروق)) وأنّ محمد نجيب الذى هاجم الضباط وعبد الناصر فى مذكراته لم يكن يقل ((عنهم تراميًا على أعتاب السفير الأمريكى)) (133) واستشهد كشك بأحد كبار الناصريين (جمال سليم) الذى كتب أنّ المد الشعبى فى مصر تزايد بعد الحرب العالمية الثانية. فأدركتْ أمريكا أنه لابد من كسر فرص نجاح السوفييت . ووجد الغرب والولايات المتحدة أنّ الوجوه المطلوبة للتغيير بين صفوف ضباط الجيش فى شكل تنظيم الضباط (الأحرار) وعلى ((هذا أطلقتْ واشنطن الضوء الأخضر ليقوم الجيش بحركة 23 يوليو52)) فكان تعليق كشك أى ((ردة أسوأ من تلقى الدروس على يد المخابرات الأمريكية. كما اعترف إبراهيم بغدادى أنه وحسن التهامى وحسن بلبل وفريد طولان وعبد المجيد فريد كانوا يتلقون محاضرات من رجال المخابرات الأمريكية فى مدرسة المخابرات بقصر الأميرة فايزة بمدينة الزهرية (135) ورغم كل ذلك فإنّ هيكل فى كتابه (قصة السويس) ينفى أية علاقة بين الأمريكان وضباط يوليو وأنها مجرد ((خرافة تقول بأنّ الولايات المتحدة كانت على اتصال بقيادة (الثورة) قبل قيامها)) لذا كانت شهادة أحمد حمروش (الناصرى) لها أهميتها عندما كتب ((إنّ أحدًا من المثقفين أو السياسيين المصريين الوطنيين لم ينظر إلى أمريكا بنظرة هيكل)) أما محمد نجيب فقد اتهم هيكل علنـًا بأنه عميل للسفارة الأمريكية بناءً على تقرير من المخابرات المصرية قدمته لنجيب وعبد الناصر. ولم يتقدم هيكل بإقامة دعوى قضائية ضد نجيب . وكتب مايلز كوبلاد ((أصبح ليكلاند (مندوب المخابرات الأمريكية) صديقــًا للضباط (الأحرار) من جماعة ناصر من خلال محمد حسنين هيكل)) وفى عام 65 تم اعتقال مصطفى أمين ، رغم أنه كان محل ثقة عبد الناصر والصحفى الأول فى مصر إلى أنْ نازعه مكانته تلميذه (هيكل) فلماذا اختاره ومدرسة أخبار اليوم من دون الصحافة المصرية لتـُعبر عن (الثورة) خاصة أنّ عمالة مصطفى أمين بالقوى الأجنبية معروفة وشائعة منذ ظهور أخبار اليوم . وكان باعة الصحف يُنادون على صحيفة أخبار اليوم ((اقرا جريدة السفارة البريطانيه)) أو((اقرا جريدة السفاره الأمريكيه)) وأنّ ضباط يوليو اعتقلوا فى الساعات الأولى من انقلابهم مصطفى وعلى أمين ثم تم الافراج عنهما بسرعة. فلماذا أعطى عبد الناصر ثقته لمدة 13سنة لجاسوس معروف للأمريكان ؟ وهذا السؤال لم يطرحه أحد من الناصريين الذين فرحوا باعتقال أمين (279)
وفى تقرير الخارجية الأمريكية المؤرخ 28يوليو52 (مكتب الشرق الأدنى) جاء به ((لا يوجد نفوذ شيوعى بالجيش . ولا دليل على وجود عناصر شيوعية فى التحرك الأخير. ولكن الشيوعيين يُحاولون استغلال أى تغيير. أما الإخوان المسلمون فلهم قوة داخل القوات المسلحة. ولابد أنْ يكون لهم نفوذ فى الانقلاب الأخير، لأنّ أهداف الانقلاب تتفق مع أهداف الإخوان فى محاربة (الفساد) ولأنّ عددًا من قادة الانقلاب هم أعضاء فى جماعة الإخوان)) (303) وفى يوم 15/7/ 54 قال عبد الناصر فى حديث مع السفير الأمريكى إنه ((يُقدّم لأول مرة لبريطانيا قاعدة عسكرية فى مصر لمدة 7سنوات لأنّ معاهدة 36 لا تـُعطيهم قاعدة)) (306، 318) وبعد تدخل الأمريكان فى شئون مصر الداخلية والخارجية أصبحتْ ((واشنطن دار الخلافة والباب العالى . ومستر (كافرى) الباشا التركى ومن يريد حماية مصالحه فى مصر عليه دفع (الجزية) لواشنطن . بل إنّ إقامة علاقة بين حكومة (الثورة) والسفارة البريطانية تحتاج لإذن من السفارة الأمريكية. لدرجة لجوء الوزير البريطانى للسفارة الأمريكية لتمكنه من مقابلة رئيس مصر، فتولى رجال المخابرات الأمريكية فى السفارة إقناع أو إجبارالرئيس المتمنع عن مقابلته (314) وكذا واقعة عالم آثار بريطانى لجأ للسفارة الأمريكية أثناء العدوان الثلاثى وتدخلتْ السفارة الأمريكية لحمايته وحماية ما سرقه من آثار مصرية. وهيكل الذى ذكر هذه الواقعة فى كتابه (ملفات السويس) كتب فى الطبعة الإنجليزية (( أنّ الأمريكان أخذوا مجموعة الأثار لأنفسهم . وهكذا كانت أمريكا تلبس الحذاء الذى خلعته بريطانيا)) فكان تعليق كشك ((أخزاك الله. جعلتَ مصر حذاءً تتبادله أقدام المستعمرين)) (318، 319) ونقل كشك ما كتبه هيكل أنّ عبد الناصر قال له أنه غير منشغل بإسرائيل ((وإنما يُركز على التنمية الداخلية لمصر، لذلك خفـّض ميزانية القوات المسلحة بخمسة ملايين جنيه ، لاعتقاده أنّ إسرائيل ليست خطرًا على مصر. وأنّ مصر ضعيفة اقتصاديًا واجتماعيًا)) (ص375) ونظرًا لأنّ أمريكا قرّرتْ (بعد الحرب العالمية الثانية) الزعامة الاستعمارية دون منافس (مع ترك بعض الفتات للاستعمار القديم) لذلك عندما حدث العدوان الثلاثى على مصر (بعد قرارتأميم القناة) فإنّ ((الغزو البريطانى على مصر تأخر يومًا كاملا بسبب مضايقات الأسطول السادس الأمريكى)) واعترف بذلك وزير الخارجية البريطانى (سلوين لويد) فى كتابه (الانحدار للسويس) وأضاف ((الذين يقولون إنّ السويس كانت مزلقــًا فى تاريخنا ، وأنّ بريطانيا تصوّرتْ أنها تستطيع أنْ تتصرف عالميًا بإرادتها المنفرة يُخطئون ، فنحن لم نكن نجهل حقيقة وضعنا. أما الخطأ الوحيد الذى وقعنا فيه فهو أننا لم نتوقع أبدًا الإجراءات التى يمكن أنْ تتخذها الولايات المتحدة الأمريكية ضدنا)) (كشك - ص 510) ومن بين تناقضات هيكل أنه فى كتابه (قصة السويس) الصادرعام 81 كتب ((كانت الولايات المتحدة الأمريكية شريكـًا رابعًا فى العدوان الثلاثى)) أما فى الطبعة الإنجليزية الصادرة عام 87 فإنّ أمريكا شريكة فى النصر مع عبد الناصر، ووفق نص كلامه ((كثيرون خسروا حرب السويس ولكن هناك منتصريْن لاشك فى انتصارهما : الرئيس عبد الناصر والأمريكان . فمحاولة بريطانيا العودة إلى المنطقة انتهت بكارثة وكذا محاولة فرنسا للتسلل من الباب الخلفى . وهكذا أصبح الأمريكيون لا يرون منافسًا)) (هيكل الطبعة الإنجليزية- ص 201 وكشك - ص542) أى أنّ مصر- وفق هيكل- باب خلفى للمنطقة. وعن الانتصارات الوهمية التى حققها الإعلام الناصرى كتب سلوين لويد إنّ ((عبد الناصر كان لديه جهاز إعلام يحسده عليه (جوبلز) (562) مع مراعاة أنّ جوبلز هو وزير الدعاية للحكومة الألمانية النازية من عام 1933- 45 وأسّس دعايته على تبرير القوة وتلقين الكذب بتنوع التكرار. وانتحر بعد غزو برلين .
دأب الإعلام العروبى/ الناصرى على الترويج لأكذوبة أنّ إسقاط عبد الناصر هو(هدف أمريكا وإسرائيل) فإذا بموشى ديان يُفنـّد تلك الأكذوبة عندما كتب ((دخلتْ القوات الإسرائيلية شرم الشيخ وهى الهدف النهائى للعملية بعد وقف إطلاق النار، بعد أنْ أتمّتْ القيادة المصرية انسحاب قواتها من شبه جزيرة سيناء)) أى لم يكن الهدف هو (إسقاط زعيم العروبة) وإنما احتلال شرم الشيخ (580) وبينما عبد الناصر هاجم حزب الوفد واعتقل قياداته ، فإنّ وزير الحربية (مصطفى نصرت) فى حكومة الوفد صرّح فى يناير50 بأنّ ((تزايد نشاط إسرائيل على ساحل إيلات اضطرنا لتدعيم قواتنا المصرية فى منطقة خليج العقبة. فتم إرسال قوات مناسبة إلى رأس نصرانى لتتحكم تحكمًا تامًا فى هذا المدخل)) وفى يوم 12ديسمبر51 أغلقتْ حكومة الوفد المضيق فى وجه الملاحة الإسرايلية. وفى 15يناير51 حدّدتْ مصر مياهها الإقليمية بستة أميال واعتبرتْ كل المياه ما بين الجزيرتيْن المصريتيْن مياهًا إقليمية. وفى أول يوليو51 أطلقتْ البحرية المصرية النار على سفينة بريطانية حاولت اختراق الحصار واعتقلتها لمدة 24ساعة. ذاك ما فعلته حكومة الوفد التى أطلق عليها الزعيم العروبى أنها ((من بقايا العهد البائد)) (ص585، 586) ولكن بعد كارثة حرب السويس عام 56 بشهادة ناصرى كبير(أحمد حمروش) الذى كتب ((ضغطتْ أمريكا على إسرائيل للانسحاب وضغطتْ على مصر لتبقى قوات طوارىء دولية فى شرم الشيخ حتى لا تـُتاح للقوات المصرية مستقبلا فرصة قفل خليج العقبة ومنع الملاحة فيه)) وافق الزعيم العروبى على ذلك ولكن حمروش يُصر على ترديد الأكاذيب الناصرية لتجميل وجه عبد الناصر فأضاف ((ولم يشأ عبد الناصر أنْ يُعاند ويُواصل تحدى أمريكا (هكذا خريج السفارة الأمريكية يتحدى أمريكا) لأنه وجد فى ذلك موقفـًا غير سياسى فقبل هذا الشرط مرغمًا)) وهكذا لا يتخلى الناصريون عن أدوات التجميل التى تسيح مع أول شمس تـصوّب عليها. أما هيكل فهو يتجاوز كل الناصريين ويتفوق عليهم فكتب عن ((أكمل نصر فى تاريخ العرب)) (589) وهكذا وقع شعبنا فى مصيدة الأكاذيب الناصرية وفجاجة هيكل فى تخاريفه. وللتأكيد على أنّ أمريكا هى السبب فى انسحاب إسرائيل بعد حرب 56 لتدعيم موقف عبد الناصر، فإنّ أيزنهاور أرسل برقية عنيفة اللهجة إلى بن جوريون من ثلاث صفحات يحثه فيها على الانسحاب من غزة وجاء فى تحذيره بالنص ((إذا لم تفعل إسرائيل فإنّ الأمم المتحدة تـواجه ضغطـًا لفرض عقوبات على إسرائيل . وخلال بحث الإجراءات سيتم منع المساعدات الأمريكية لإسرائيل)) ولذلك اتهمه اليهود المتعصبون للديانة العبرية والمعادون للشعب الفلسطينى بالعداء للسامية (592) وبفضل الإنذار الأمريكى تم انسحاب جيوش الدول الثلاث فكتب فتحى رضوان (الذى استوزره عبدالناصر) : ((زال الخطر بتدخل الولايات المتحدة الأمريكية فاطمأنّ عبد الناصر على مكانه رئيسًا لمصر وزعيمًا لشعبها)) (598) ورغم الهزيمة الكارثية فى عام 56 فإنّ النظام الناصرى لم يكتف بتلك الجريمة وإنما أضاف إليها جريمة أخرى وهى (سَكْ) ميدالية عليها الكلمات التالية ((سيناء أرض النصر)) ولم يعرف شعبنا بتلك الجريمة إلاّ بعد أنْ عثر عليها الحاكم العسكرى الإسرائيلى بعد الكارثة الثانية فى بؤونة/ يونيو67، إذْ وجدها فى مكتب محافظ سيناء فأعطى واحدة منها إلى (يائيل ديان) ابنة موشى ديان والمجندة فى الجيش الإسرائيلى وقال لها ((أظن أنّ هذه الميدالية من حقنا نحن)) لذلك ليس بمستغرب ما اقترحه غلاة الصهيونية من ضرورة إقامة تمثال لعبد الناصر فى تل أبيب (593، 594) وبعد أنْ قال عبد الناصر ((أنه لا يشغل نفسه بإسرائيل وإنما يُركز على التنمية الداخلية لمصر، وخفض ميزانية القوات المسلحة بخمسة ملايين جنيه)) فلما سمع بن جوريون ذلك التصريح قال ((هذه أنباء سيئة.. سيئة جدًا)) (604)
وإذا كان الناصريون يدّعون عداء عبدالناصر لإسرائيل لصالح فلسطين ، فلماذا سمح للسفن الإسرائيلية من المرور عبر قناة السويس، وهو ما صرّح به د. محمود عزمى فى مجلس الأمن يوم 14 أكتوبر54 فقال إنّ ((مصر منذ مارس 54 امتنعتْ عن أى تدخل فى حركة السفن التى تحمل البضائع إلى إسرائيل أو القادمة من موانى إسرائيل عبر قناة السويس)) (623) ومن بين الوثائق المهمة التى نشرها كشك وثيقة متضمنة أنّ الملحق العسكرى الإسرائيلى قابل الملحق المصرى وقال له ((هل تعرف أنّ حكومة (الثورة) وافقتْ على توطين اللاجئين الفلسطينيين فى سيناء. ورغم أنّ هذا من المطامع الإسرائيلية الأزلية- فإنّ إسرائيل لم تقبل بهذا الحل فعجّلتْ بتأزيم الموقف بغارة فبراير55)) (624) وأكد محمود رياض أنّ حوادث الحدود فى إبريل54 فى غزة من فعل الفلسطينيين وأنّ السلطات المصرية سحبتْ السلاح من المدنيين فى القطاع (625) واختتم كشك كتابه بفصل مهم عن كارثة بؤونة/ يونيو67 التى أطلق عليها هيكل اسم الدلع (نكسة) فقال كشك أنّ مصر تم بيعها ((والخونة يرتعون ويُحاولون العودة باسم الناصرية)) (641) ورغم أنّ كشك أكد فى معظم صفحات كتابه على أنّ عبد الناصر وبعض ضباط يوليو من خريجى السفارة الأمريكية. وأكد على علاقاتهم بالمخابرات الأمريكية. بل إنه أعطى لكتابه عنوانـًا دالا (ثورة يوليو الأمريكية) وعنوان فرعى (علاقة عبدالناصر بالمخابرات الأمريكية) رغم كل ذلك كتب ((عبد الناصر وطنى لاشك فى وطنيته ، ولكنه دكتاتور خبيث الطوية. مريض النفس. مغرور ظنّ أنه يمكن أنْ يلعب بالمخابرات الأمريكية فعقد معهم صفقة، فلعبوا به وبالأمة العربية التى استودعته آمالها وثقتها)) (597، 598) كتب كشك ذلك رغم أنه كتب فى نفس الكتاب ((لو كان الذى يحكم مصر يهوديًا.. لما خدم إسرائيل بأكثر مما فعل عبد الناصر)) (ص 345) وأنّ غلاة الصهاينة اقترحوا إقامة تمثال لعبد الناصر فى تل أبيب .
***



#طلعت_رضوان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة فى كتاب شامل أباظة (حلف الأفاعى)
- قراءة فى مذكرات إبراهيم طلعت
- الأزهر فى سباق الارتداد للخلف
- غياب الدولة المصرية عن تاريخها الحضارى
- الإعلام المصرى البائس والنخبة الأشد بؤسًا
- الصراع المصرى / العبرى : الجذور والحاضر
- قراءة فى مذكرات أحمد حمروش
- قراءة فى مذكرات عبداللطيف البغدادى (3)
- قراءة فى مذكرات عبد اللطيف البغدادى (2)
- قراءة فى مذكرات عبد اللطيف البغدادى (1)
- طغيان اللغة الدينية وأثرها على الشعوب
- قراءة فى مذكرات اللواء محمد نجيب
- رد على الأستاذ أحمد عليان
- قراءة فى مقدمة ابن خلدون
- كارثة العروبة على مصر
- العلاقة التاريخية بين الدين والقومية
- القرن التاسع عشر وتحديث المدن المصرية
- الخيال والإبداع الروائى
- تحايل إيزيس على (رع)
- الأنثروبولوجيا والفولكلور والثقافة القومية


المزيد.....




- قوات جيش الاحتلال تقتحم مدينة سلفيت في الضفة الغربية
- وجهتكم الأولى للترفيه والتعليم للأطفال.. استقبلوا قناة طيور ...
- بابا الفاتيكان: تعرضت لمحاولة اغتيال في العراق
- ” فرح واغاني طول اليوم ” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 اس ...
- قائد الثورة الإسلامية: توهم العدو بانتهاء المقاومة خطأ كامل ...
- نائب امين عام حركة الجهاد الاسلامي محمد الهندي: هناك تفاؤل ب ...
- اتصالات أوروبية مع -حكام سوريا الإسلاميين- وقسد تحذر من -هجو ...
- الرئيس التركي ينعى صاحب -روح الروح- (فيديوهات)
- صدمة بمواقع التواصل بعد استشهاد صاحب مقولة -روح الروح-
- بابا الفاتيكان يكشف: تعرضت لمحاولة اغتيال في العراق عام 2021 ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - ضباط يوليو 1952 والسفارة الأمريكية