أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد الخميسي - نادين شمس والموت المتجول !














المزيد.....

نادين شمس والموت المتجول !


أحمد الخميسي

الحوار المتمدن-العدد: 4405 - 2014 / 3 / 26 - 00:37
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


هناك وجوه تبقى في الذاكرة أطول من وجوه كل الذين اكتشفوا أهم القوانين العلمية أو الفضاء الشاسع أوأعماق البحار. وجوه تبرز نوعا نادرا من بطولة تحاول بابتسامة عذبة أن تتخطى الأسى العميق. رحلت نادين شمس عن اثنين وأربعين عاما يوم السبت 22 مارس وتركت لنا صورتها بنظرة عينيها الواسعتين المشبعتين بحزن رقيق وأمل خافت. خطأ طبي في مستشفى خاص كبير بالقاهرة أودى بحياة الكاتبة والمؤلفة الشابة. خطأ طبي أيضا كاد منذ شهر أن يودي بحياة علاء خالد صاحب مجلة أمكنة في مستشفى خاص كبير في الإسكندرية. يتجول الموت حرا طليقا في بلادنا، ويختطف الزهور واحدة بعد الأخرى، من الشوارع والحقول ومن المستشفيات، ويموت الإنسان هناك حيث ينبغي أن ينجو! وليست حادثة نادين المفجعة استثناء، ففي الأول من مارس الحالي حطم الأهالي مستشفى إمبابة العام واعتدوا على الأطباء بعد وفاة مريض عن طريق الخطأ. شاعت هذه الحوادث متجاوزة "الخطأ" الفردي إلي خطيئة الدولة عامة فيما يخص وضع المصريين الصحي، فالدولة عمليا لا تمارس أي نوع من الرقابة على المستشفيات الخاصة، وذلك منذ العمل بسياسة خصخصة القطاع الصحي و طرح صحة المصريين سلعة في السوق. على المستوى العام فإن الانفاق الحكومي على الصحة لا يتجاوز أربعة بالمئة بينما يصل ذلك الانفاق في بلد مثل لبنان إلي 12.2% من اجمالي الناتج القومي! وفي ظل تلك الميزانية الهزيلة تتحول المادة الثامنة عشر من الدستور إلي عبارات إنشائية بنصها الموقر" لكل مواطن الحق في الصحة والرعاية الصحية المتكاملة". أدت تلك الميزانية الضئيلة إلي تدهور غير مسبوق في الخدمات بلغ حد خلو أقسام الطواريء في الصعيد من أبسط الأدوات الطبية كالترموتر والشاش والإبر! ولجوء المريض لشراء كل ما يلزمه بنفسه بحيث أصبح المواطن يتحمل أكثر من ستين بالمئة من تكاليف علاجه.
بسبب السياسة الحكومية يتجول الموت حرا في بلادنا حتى أصبحت مصر تشغل المرتبة الأولى بين دول العالم من حيث الإصابة بفيروس سي بنسبة 15% من المصريين، أما الربو الشعبي فإنه يلتهم صدور نحو عشرة بالمئة من السكان، غير نسبة الفشل الكلوي المرتفعة أعلى من أي دولة أخرى. أصبحت مصر في أمس الحاجة إلي سياسة جديدة بعين جديدة ترى واقع صحة المصريين. وعندما نتحدث عن الصحة فإن ذلك المفهوم حسب المواثيق الدولية لا يشمل حق المواطن في العلاج فحسب، بل يمتد إلي الحق في السكن الصحي والبيئة النظيفة والمياه النقية. وعندما تتذرع الحكومة والدولة بأن مصر بلد فقيرة غير قادرة على الإنفاق من عرق الشعب على صحة الشعب، فعلينا أن نذكرها بما أظهرته قائمة " فوريس" مؤخرا من أن ثروات رجال الأعمال في مصر زادت مؤخرا رغم كل الأوضاع السياسية المتقلبة، وبلغ مجموع ثروات ثماني من رجال الأعمال المصريين أكثر من اثنين وعشرين مليار دولار، أي ما يتجاوز مئة وستة وخمسين مليار جنيه! هذا في الوقت الذي تنفق فيه نحو 85 % من الأسر المصرية أقل من ألفي جنيه شهريا.
من دون سياسة جديدة في مجال الصحة تشتمل على رقابة صارمة على المستشفيات الخاصة سيظل الموت شابا تتجدد قواه في بلادنا، يختطف أجمل العيون وأجمل العقول من الشوارع والحقول ومن على أسرة المستشفيات، وستظل نظرة نادين شمس المشبعة بالحزن والأمل تطارد ضمائرنا بالعتاب واللوم.

**



#أحمد_الخميسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أما زلنا نسجن الأدباء ؟
- حرب باردة على القرم الدافيء
- خلطة حكومة - محلب - الجديدة
- سنة أولى إخوان لسعد القرش
- مصر وروسيا .. البحث عن الذهب !
- الرئيس المصري والصورة الجديدة
- الشتات لحظة الخطر
- أعلام الاحتفالات وألغام التفجيرات
- تفويض الجيش المصري للسيسي رئيسا
- قائمة للنسيان - قصة قصيرة
- مصر التي في خاطرك
- ثلاثون مليون زهرة
- ما يشغلني في موضوع الدستور ليس الدستور
- التمويل الأجنبي رصاصة في الضمير
- خبز أحلام لزمن قادم
- منى مينا .. انتصار الحقيقة
- لغتنا احتفاء عالمي واختفاء قومي
- صحوة ضمير لكن ليس في اتجاه الإخوان !
- رقصة شرقية بين العلم والدولة
- بيت جدي - قصة


المزيد.....




- جنرال أمريكي متقاعد يوضح لـCNN سبب استخدام روسيا لصاروخ -MIR ...
- تحليل: خطاب بوتين ومعنى إطلاق روسيا صاروخ MIRV لأول مرة
- جزيرة ميكونوس..ما سر جاذبية هذه الوجهة السياحية باليونان؟
- أكثر الدول العربية ابتعاثا لطلابها لتلقي التعليم بأمريكا.. إ ...
- -نيويورك بوست-: ألمانيا تستعد للحرب مع روسيا
- -غينيس- تجمع أطول وأقصر امرأتين في العالم
- لبنان- عشرات القتلى في قصف إسرائيلي على معاقل لحزب الله في ل ...
- ضابط أمريكي: -أوريشنيك- جزء من التهديد النووي وبوتين يريد به ...
- غيتس يشيد بجهود الإمارات في تحسين حياة الفئات الأكثر ضعفا حو ...
- مصر.. حادث دهس مروع بسبب شيف شهير


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد الخميسي - نادين شمس والموت المتجول !