|
الوحدة.. الوحدة
سعود قبيلات
الحوار المتمدن-العدد: 4404 - 2014 / 3 / 25 - 08:22
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
عقدتْ عدَّة أحزاب ناصريَّة مصريَّة، قبل أيَّام، مؤتمراً صحفيّاً بجوار ضريح الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، أعلنت فيه اتِّفاقها على تشكيل حزبٍ موحَّد باسم «الحزب الناصريّ». حدث ذلك في الذكرى الثانية والأربعين لرحيل الرئيس عبد الناصر. ولعلَّ هذه هي الطريقة الأفضل لاحتفاء الناصريين بذكرى هذا القائد العربيّ التاريخيّ الكبير الذي كان ملهماً للكثير من الثوّار في مختلف أنحاء العالم؛ يكفي أنْ نشير، في هذا المجال، إلى ما قاله الثائر الأمميّ الشهير، آرنستو تشي غيفارا عن أنَّ عبد الناصر كان ملهماً له ولرفاقه وهم يقاتلون في جبال السيرا مايسترا ضدّ قوَّات عميل الأميركان الديكتاتور باتيستا. وبعد ذلك بزمنٍ طويل، قال الرئيس الثوريّ الفنزويليّ، هوغو شافيز، فخوراً: أنا ناصريّ! وأنظرُ، الآن، إلى توحّد الأحزاب الناصريَّة، مِنْ موقعي كيساريّ ماركسيّ لينينيّ، آملاً أنْ تجد فيه الأحزاب اليساريَّة والديمقراطيَّة المصريَّة قدوةً طيِّبةً لها لتتوحَّد، هي الأخرى، وتشكِّل مع الناصريين والقوميين مِنْ ذوي التوجّه الاشتراكيّ، جبهة وطنيَّة ديمقراطيَّة عريضة. فقد ثبت، في الانتخابات الرئاسيَّة الأخيرة، أنَّ القوميين واليساريين في مصر ما زالوا يحظون بقاعدة اجتماعيَّة كبيرة، رغم الحرب الإعلاميَّة الظالمة التي شُنَّت عليهم منذ رحيل عبد الناصر، ورغم الاضطهاد المتواصل والملاحقات التي تعرَّضوا لها طوال العقود الماضية، ورغم ضيق ذات يدهم وعدم وجود مموِّلٍ لحملاتهم الانتخابيَّة، ورغم انقسامهم وتشرذمهم؛ حيث خاضوا الانتخابات بعدَّة مرشَّحين أساسيين متنافسين؛ في حين أنَّ منافسيهم امتلكوا دعماً ماليّاً هائلاً مِنْ بعض الدول النفطيَّة ومِنْ بعض رجال الأعمال الأثرياء، وخاضوا الانتخابات موحَّدين، وسلَّط الإعلام المحليّ والعربيّ والأجنبيّ الأضواء عليهم. الظروف التي تمرّ بها مصر والمنطقة، الآن، ظروف مصيريَّة وشديدة الخطورة؛ الأمر الذي يتطلَّب مِنْ كلّ القوى والشخصيَّات الوطنيَّة والقوميَّة المخلصة أنْ تتصرَّف بمسؤوليَّة عالية وأنْ ترتقي في فعلها (وردّ فعلها) إلى مستوى التحدّيات، التي تتطلَّب منها، قبل كلّ شيء، أنْ تبني الأداة السياسيَّة الوطنيَّة والقوميَّة الملائمة للتعامل مع الظروف الحاليَّة ومع التطوّرات الخطيرة المتوقّعة. فمصر تعيش، الآن، طوراً جديداً وخطيراً من النهج الساداتيّ المتواصل منذ أن انقلب أنور السادات على نهج عبد الناصر ومنجزاته (في 15 أيَّار – مايو 1971) وحتَّى الآن؛ حيث مثَّلت انتفاضة 25 كانون الثاني (يناير) 2011 تهديداً خطيراً للساداتيَّة، بمجملها؛ ما جعل الأميركيين، يعيدون حساباتهم الخاصَّة بمصر (والمنطقة العربيَّة عموماً)، ويغيِّرون ترتيب تحالفاتهم وركائزهم فيها، لتتبدَّل الوجوه والأسماء وشكل الخطاب السياسيّ، فقط، وليبقى على حاله كلّ ما هو جوهريّ في النظام؛ أي النهج الاقتصاديّ الاجتماعيّ للرأسماليَّة التابعة، الذي يكرِّس التفاوت الطبقيّ الهائل، والظلم الاجتماعيّ الفادح، والتخلّف، والتبعيَّة، وهدر طاقات مصر العظيمة وإمكاناتها الكبيرة، وتقزيم دورها الذي كان يتجاوز حدود العالم العربيّ في عهد عبد الناصر.. لتسير في ذيل السياسات الأميركيَّة والخليجيَّة، وتستمرّ في الخضوع لاشتراطات كامب ديفيد الإذلاليَّة. مع فارق أنَّ كلّ ذلك سيكون في هذه المرحلة بقناع إسلامويّ*. وهو ما يمكن (إذا لم يتمّ التصدّي له) أنْ يخدع البسطاء، وأنْ ينجح، بالتالي، في تجديد الساداتيَّة ومدِّ عمرها إلى أمدٍ غير منظور. ومحاولة تجديد نهج التبعيَّة وإطالة عمره، التي يشرف عليها الأميركيون الآن، هي عمليَّة جارية على قدم وساق في أنحاء مختلفة من العالم العربيّ وليس في مصر وحدها. لذلك، مطلوب من القوى الناصريَّة واليساريَّة المصريَّة أنْ تتَّحِد، جميعاً، لتدافع عن مطالب انتفاضة 25 كانون الثاني (يناير)، وتحول دون الالتفاف عليها وتجديد النظام القائم لنفسه وتغلّبه على عوامل ضعفه. ومطلوب، كذلك، من القوى اليساريَّة والقوميَّة، في جميع أنحاء العالم العربيّ (ومِنْ ضمنه، بلادنا) أنْ تتَّحد، هي الأخرى، على شكل جبهات وطنيَّة شعبيَّة، في كلّ بلدٍ على حدة، وفي إطار جبهة عربيَّة واحدة، في الوقت نفسه. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ *كُتِبَ هذا المقال أثناء حُكم محمَّد مرسي و«الإخوان المسلمين» لمصر.
#سعود_قبيلات (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
شيء عن تجربة اتّحاد الشيوعيين الأردنيين..
-
الماغوط .. الشاعر الجميل الأكثر جنوناً
-
تلك الغيمة في بنطال تيسير سبول وماياكوفسكي
-
الرحلة الروسيَّة
-
أفضل مِنْ أن أكون على حق
-
مثل كتلة من الرخام العاري
-
رسائل حبّ عاملة النحل
-
نهايات -رغبويَّة- وبدايات موضوعيَّة
-
مهدي عامل ونقد الفكر اليومي
-
ماركس والمسألة اليهوديَّة
المزيد.....
-
عمال أجانب من مختلف دول العالم شاركوا في إعادة بناء كاتدرائي
...
-
مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى بحماية شرطة الاحتلال الإسرائي
...
-
أجراس كاتدرائية نوتردام بباريس ستقرع من جديد بحضور نحو 60 زع
...
-
الأوقاف الفلسطينية: الاحتلال الإسرائيلي اقتحم المسجد الأقصى
...
-
الاحتلال اقتحم الأقصى 20 مرة ومنع رفع الأذان في -الإبراهيمي-
...
-
استطلاع رأي إسرائيلي: 32% من الشباب اليهود في الخارج متعاطفو
...
-
في أولى رحلاته الدولية.. ترامب في باريس السبت للمشاركة في حف
...
-
ترامب يعلن حضوره حفل افتتاح كاتدرائية نوتردام -الرائعة والتا
...
-
فرح اولادك مع طيور الجنة.. استقبل تردد قناة طيور الجنة بيبي
...
-
استطلاع: ثلث شباب اليهود بالخارج يتعاطفون مع حماس
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|