|
شيء عن تجربة اتّحاد الشيوعيين الأردنيين..
سعود قبيلات
الحوار المتمدن-العدد: 4403 - 2014 / 3 / 24 - 10:33
المحور:
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
عُقِدَ في عمَّان، في 29 آذار 2013، اجتماعٌ حاشد للشيوعيين الأردنيين، دعتْ له لجنة تحضيريَّة مصغَّرة كانت قد انبثقتْ من اجتماعٍ سابق محدود العدد عُقِدَ قبل سنة مِنْ ذلك التاريخ في مقرّ حركة اليسار الاجتماعيّ الأردنيّ. قبل الموعد المحدَّد لبدء الاجتماع (الساعة الخامسة مساءً) بنصف ساعة على الأقلّ، كان المشاركون قد بدأوا بالتوافد، وما لبثتْ قاعة الرشيد (كبرى قاعات مجمَّع النقابات المهنيَّة في عمَّان) أن اكتظَّتْ بهم وفاضت إلى الممرَّات المحاذية لها وخارج المجمَّع. الأمر الذي فاجأ جميع الحاضرين بَمَنْ فيهم أعضاء اللجنة التحضيريَّة التي أعدَّت طوال سنة للاجتماع. وسرعان ما تجاوزت المفاجأة حدود الشيوعيين لتصل إلى القوى السياسيَّة والحزبيَّة الأخرى في البلاد. كان ذلك الاجتماع مخصَّصاً لإشهار «اتِّحاد الشيوعيين الأردنيين»، الذي يضمّ في صفوفه جميع التنظيمات الشيوعيَّة الأردنيَّة (الحزب الشيوعيّ الأردنيّ، وحركة اليسار الاجتماعيّ الأردنيّ، وتجمّع الشيوعيين الأردنيين)؛ ويضم، كذلك، قسماً كبيراً من الشيوعيين الأردنيين غير الحزبيين – إذا جاز التعبير – بمن فيهم العديد من النشطاء السياسيين والمثقَّفين الذين لم تكن لهم علاقة سابقة بأيٍّ من التنظيمات الشيوعيَّة العاملة في البلاد ولكنَّهم توصَّلوا بتجربتهم الخاصَّة إلى اعتبار أنفسهم شيوعيين. ومعظم هؤلاء مِنْ أوساط الشباب. ومن الأسباب التي جذبت كلّ هذا الحشد، الصيغة التنظيميَّة المرنة التي تنطلق من الواقع الفعليّ للشيوعيين الأردنيين وليس من التوجّهات الرغبويَّة المقحمة عليه؛ وبالنتيجة كان الشكل التنظيميّ للاتِّحاد خاصّاً وغير مسبوق في تاريخ الحركة الشيوعيَّة. إذ أنَّ المشاركين فيه انطلقوا من التسليم، سلفاً، بوجود العديد من الاتّجاهات الفكريَّة والسياسيَّة المختلفة في صفوف الحركة الشيوعيَّة الأردنيَّة، وأنَّه لا بدَّ مِنْ تهيئة الأجواء الملائمة لهذه الاتِّجاهات لتتعامل مع بعضها البعض باحترام وإيجابيَّة، ولتعمل مِنْ أجل تحويل الاختلافات (والخلافات) القائمة بينها إلى عامل جذب لأوساط اجتماعيَّة واسعة نحو فكرة الشيوعيَّة، وليكون الإطار الجديد أرضيَّةً خصبة لإدارة حوارٍ فكريّ وسياسيّ خلّاق ودائم وممأسس بين التيَّارات الشيوعيَّة المختلفة. وما مِنْ شكّ، فإنَّ الموقف الإيجابيّ المسؤول للتنظيمات الشيوعيَّة الأردنيَّة – وخصوصاً، الحزب الشيوعيّ الأردنيّ – كان له الدور الأكبر في إنجاح هذا الحدث التاريخيّ المهمّ. ويضاف إلى هذا، انتباه اللجنة التحضيريَّة إلى ضرورة بناء هذا الإطار السياسيّ الجماهيريّ الجديد على آليَّات التجميع والتحشيد، بدلاً مِنْ آليَّات الفرز والإقصاء وهيمنة طرف على سواه التي أثبتت التجارب، في جميع البلدان، أنَّها وصفه مؤكَّدة للفشل ولمزيد من التشرذم والإحباط. وحدَّد الشيوعيون الهدف من بناء اتّحادهم، هذا، بأنَّه الوصول إلى وحدة عملهم في المسائل المتَّفق عليها (وهي أكبر بكثير من المسائل التي يختلفون فيها)، مع ترك الحقّ لكلّ طرفٍ (أو شخص) منهم في أنْ يعبِّر عن آرائه الأخرى المختلفة بحريَّة، ويبشِّر بها ويعمل مِنْ أجلها مِنْ دون أيّ عوائق أو عقبات. ولقد كان للظروف السياسيَّة المحتدمة في البلاد وفي المنطقة، دورٌ كبير في حفز الشيوعيين الأردنيين على السير بهذا الاتّجاه؛ ففي بلادنا، كانت فعاليَّات الحراك الشعبيّ، الذي انطلق منذ أكثر مِنْ ثلاث سنوات، تعتمد، بشكلٍ أساسيٍّ، على جمهورهم وجمهور القوى القوميَّة واليساريَّة الأخرى. وفي العادة، كان بضعة أشخاص مِنْ قادة «الإخوان المسلمين» يأتون للمشاركة في تلك الفعاليَّات، فيقفون في واجهاتها، ويقدِّمون أنفسهم كقادة لها، ويسعون لتوظيفها مِنْ أجل أغراضهم السياسيَّة الخاصَّة ثمَّ يقطفون ثمارها. وذلك لأنَّهم ينتمون إلى حزبٍ جيّد التنظيم في حين أنَّ الآخرين مشرذمين ومشتَّتين. وفي تونس ومصر، قامت انتفاضتا الشعبين الشقيقين على أكتاف جمهور اليسار والقوميين، أيضاً؛ لكنّ «الإخوان» قفزوا على ظهور الجميع لقطف الثمار وحرف المسار الثوريّ عن أهدافه الموضوعيَّة. وهذا إضافة إلى دور «الإخوان» وتفريخاتهم المختلفة في ما يجري في سوريَّة منذ ثلاث سنوات. ومِنْ هنا، قرَّر الشيوعيون الأردنيون أنْ يتوقَّفوا عن المساهمة في تغييب دورهم، فتداعوا لتجميع صفوفهم وحشد طاقاتهم، مؤكِّدين أنَّ هذا لن يكون نهاية المطاف بالنسبة لهم، بل خطوة أساسيَّة على طريق حشد أوسع نطاق مِنْ رفاقهم اليساريين والقوميين التقدّميين والديمقراطيين (المنخرط منهم في أحزاب والمستقلّ) في إطار جبهة وطنيَّة شعبيَّة أردنيَّة واسعة، تعمل مِنْ أجل بناء أردن وطنيّ ديمقراطيّ، يتحقَّق فيه الشعار الرئيس للحراك الشعبيّ الأردنيّ (خبز، حريَّة، عدالة اجتماعيَّة). بعد اجتماع 29 آذار، عاد الشيوعيون الأردنيون ليبرزوا كقوّة سياسيَّة أساسيَّة في بلادهم. وقد نظَّموا العديد من التحرّكات السياسيَّة اللافتة (وحدهم أو مع القوى القوميَّة واليساريَّة الأخرى، لكن بعيداً عن «الإخوان المسلمين»). وكان مِنْ أبرز تلك التحرّكات، المظاهرة الحاشدة التي نظَّمها اتّحاد الشيوعيين الأردنيين في عمَّان بمناسبة عيد العمّال؛ حيث رفرفت الأعلام الحمراء، المزيَّنة بالمنجل والشاكوش، بكثافة ملحوظة، لم تشهدها عمَّان منذ خمسينيَّات القرن الماضي. والآن، يتواصل العمل بصيغة اتّحاد الشيوعيين الأردنيين هذه، ويزداد المشاركون فيها اقتراباً مِنْ بعضهم البعض، واقتناعاً بأهميَّتها وبضرورة إنجاحها وبأنَّه لا سبيل للعودة عنها؛ بل لا بدّ من التقدّم بها إلى الأمام نحو إقامة الجبهة الوطنيَّة الشعبيَّة مع حلفائنا الطبيعيين من القوى السياسيَّة والاجتماعيَّة الوطنيَّة والتقدّميَّة. ومن المنتظر أنْ يُعقد، في 28 أذار 2014، المؤتمر التأسيسيّ لاتِّحاد الشيوعيين الأردنيين، لإقرار ورقة الخطوط العريضة للمهامّ السياسيَّة، وورقة اللائحة التنظيميَّة، اللتين كان الاجتماع الموسَّع السابق قد أوكل للجنة التحضيريَّة المصغَّرة وللجنة المتابعة الموسَّعة مهمَّة إنجازهما. وينتظر، أيضاً، أنْ ينتخب الشيوعيون، في المؤتمر المرتَقَب، الهيئات القياديَّة الجديدة لاتّحادهم. لقد كتب العديد من الكتّاب والسياسيين عن تجربة اتّحاد الشيوعيين الأردنيين، وتنوَّعتْ آراؤهم وتباينتْ رؤاهم بشأن مدى أهميَّة هذا الحدث البارز وأبعاده وآفاقه ومكامن ضعفه وقوّته. وأودُّ أنْ أقدِّم، هنا، لقرّاء موقع «الحوار المتمدّن»، فكرةً مختصرة عن هذه التجربة مِنْ داخلها، عن طريق عرض بعض المقالات التي كتبتُها، في سياق العمل مِنْ أجل فكرة «الاتِّحاد» والدعوة لها. وقد نُشِرَتْ هذه المقالات في زاويتي اليوميَّة السابقة في جريدة «العرب اليوم»، قبل اشهار الاتّحاد وبعده؛ كما أعرض، هنا أيضاً، الكلمة الافتتاحيَّة التي شرَّفني رفاقي في اللجنة التحضيريَّة بإعدادها وإلقائها أمام اجتماع 29 آذار؛ وأعرض، كذلك، الورقتين التنظيميَّة والسياسيَّة المعروضتين على المؤتمر ليناقشهما ويقرّهما.
#سعود_قبيلات (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الماغوط .. الشاعر الجميل الأكثر جنوناً
-
تلك الغيمة في بنطال تيسير سبول وماياكوفسكي
-
الرحلة الروسيَّة
-
أفضل مِنْ أن أكون على حق
-
مثل كتلة من الرخام العاري
-
رسائل حبّ عاملة النحل
-
نهايات -رغبويَّة- وبدايات موضوعيَّة
-
مهدي عامل ونقد الفكر اليومي
-
ماركس والمسألة اليهوديَّة
المزيد.....
-
الوزير يفتتح «المونوريل» بدماء «عمال المطرية»
-
متضامنون مع هدى عبد المنعم.. لا للتدوير
-
نيابة المنصورة تحبس «طفل» و5 من أهالي المطرية
-
اليوم الـ 50 من إضراب ليلى سويف.. و«القومي للمرأة» مغلق بأوا
...
-
الحبس للوزير مش لأهالي الضحايا
-
اشتباكات في جزيرة الوراق.. «لا للتهجير»
-
مؤتمر«أسر الصحفيين المحبوسين» الحبس الاحتياطي عقوبة.. أشرف ع
...
-
رسالة ليلى سويف إلى «أسر الصحفيين المحبوسين» في يومها الـ 51
...
-
العمال يترقبون نتائج جلسة “المفاوضة الجماعية” في وزارة العمل
...
-
أعضاء يساريون في مجلس الشيوخ الأمريكي يفشلون في وقف صفقة بيع
...
المزيد.....
-
مَشْرُوع تَلْفَزِة يَسَارِيَة مُشْتَرَكَة
/ عبد الرحمان النوضة
-
الحوكمة بين الفساد والاصلاح الاداري في الشركات الدولية رؤية
...
/ وليد محمد عبدالحليم محمد عاشور
-
عندما لا تعمل السلطات على محاصرة الفساد الانتخابي تساهم في إ
...
/ محمد الحنفي
-
الماركسية والتحالفات - قراءة تاريخية
/ مصطفى الدروبي
-
جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية ودور الحزب الشيوعي اللبناني
...
/ محمد الخويلدي
-
اليسار الجديد في تونس ومسألة الدولة بعد 1956
/ خميس بن محمد عرفاوي
-
من تجارب العمل الشيوعي في العراق 1963..........
/ كريم الزكي
-
مناقشة رفاقية للإعلان المشترك: -المقاومة العربية الشاملة-
/ حسان خالد شاتيلا
-
التحالفات الطائفية ومخاطرها على الوحدة الوطنية
/ فلاح علي
-
الانعطافة المفاجئة من “تحالف القوى الديمقراطية المدنية” الى
...
/ حسان عاكف
المزيد.....
|