|
الحزب الشيوعي يخون الثورة مرة واحدة فقط
فؤاد النمري
الحوار المتمدن-العدد: 4402 - 2014 / 3 / 23 - 12:05
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
الحزب الشيوعي يخون الثورة لمرة واحدة
في 8 شباط 1963 كنت في إحدى زنازين السجن المركزي في عمان وإذ براديو السجن يعلن عن إنقلاب عسكري في بغداد والإطاحة بقاسم وأعوانه ؛ ثم بدأ الراديو ينقل المذابح التي تعرض لها الشيوعيون، وكان الملك حسين هو الوحيد في المنطقة الذي كان يلتقط إشارة محطة راديو أميركية في الكويت ترشد الإنقلابيين إلى منازل الشيوعيين وأماكن تواجدهم للقبض عليهم وقتلهم ؛ ونقلت الأخبار أن مياه نهر دجلة اصطبغت بلون الدم من دماء الشيوعيين . كانت تلك المذابح الهمجية موضع استنكار العالم لدرجة أن المخابرات الأميركية (C. I. A.) إضطرت إلى إصدار بيان يدين المذابح ويستنكر الأعمال الهمجية للإنقلابيين وينفي أي دور لها في تلك الجرائم . نحن الشيوعيين ورغم مرور نصف قرن على ذلك الإنقلاب الأسود ما زلنا نرجع الصدى (Woe to February 63) . كان ذلك أكبر هزيمة لحقت بالشيوعيين بل وبالبشرية جمعاء .. الويل من شباط 63 . بعد أن استقرت الأمور على هزيمة تاريخية كبرى للشيوعيين العراقيين وللحركة الشيوعية العالمية استقر لدي أن الحزب الشيوعي العراقي خان الثورة ولم يعد ولن يعود شيوعياً، وكان لينين قد أكد أن الحزب الشيوعي يخون الثورة لمرة واحدة فقط حيث بعدئذٍ لن يكون شيوعياً . كانت الأخبار ترد إلينا قبل انقلاب شباط الأسود على أن عدد الشيوعيين المنضوين للحزب تجاوز 300 ألفاً ما عدا النقابات واتحادات المهنيين والمرأة والطلاب المناصرين للحزب وتتجاوز أعدادها 700 ألفاً . كانت إزاحة قاسم المشغوف بالسلطة وبالوحدانية ( لا زعيم إلا كريم ) في المتناول السهل دون أدنى كلفة بالدماء والأرواح . كانت الثورة تدق بقوة باب الحزب الشيوعي لكن الحزب رفض أن يفتح الباب ويستقبلها كما يتوجب بناء على تعليمات من خروشتشوف الذي كان يبحث عن المصالحة مع الإمبريالية . حانت الثورة آنذاك ولن تحين مرة أخرى وهكذا خان الحزب الشيوعي الثورة ولم يعد ولن يعود شيوعياً .
لما تقدم لم تفاجئني تصريحات الأمين العام للحزب الشيوعي العراقي إلى جريدة الحزب "طريق الشعب" وقد لفت انتباهي إليها من أعتز بصداقتة الدكتور طلال الربيعي إذ يقول الأمين العام ما يلي .. " لكن وللأسف جرى خلال ممارسة بناء التجربة الاشتراكية، وخصوصاً في عهود الجمود العقائدي وعبادة الفرد وسيادة النزعة الاوامرية البيروقراطية، التضييق على الديمقراطية ومؤسساتها، بل وعلى حق حتى المعنيين ببناء الاشتراكية في أن يساهموا بصنع القرارات، وان يتخذوا الإجراءات المناسبة لحماية وبناء وتطوير الاشتراكية وكانت لهذا التوجه آثاره السيئة ونتائجه الوخيمة، ويمكننا ان نعتبره سبباً رئيسياً في انهيار المنظومة الاشتراكية في بعض بلدان أوروبا الشرقية والاتحاد السوفيتي. نعم، وكان للصراعات الفكرية الداخلية في إطار الأحزاب الشيوعية، وفي إطار الحركة الشيوعية عموماً، وفي البلدان الاشتراكية بوجه الخصوص، انعكاساتها وتأثيراتها السلبية على عموم الحركة " .
التدقيق في هذ الأفكار والأقوال والعبارات يعيدنا إلى العام 1956 والمؤتمر العشرين للحزب الشيوعي السوفياتي حيث أعلن خروشتشوف انحرافه وخيانته للنهج اللينيني الذي أرساه ستالين . يعيدنا إلى خيانة الحزب الشيوعي للثورة التي تمت بتوجيهات من خروشتشوف والتي أعلنها على الراديو في رسالة موجهة إلى عبد الناصر في العام 1959 أكد فيها أن الشيوعيين في العراق لن يستولوا على السلطة . من المدهش حقاً ألا يتعلم الشيوعيون العراقيون الدرس بعد أن فقدوا مستقبلهم والآلاف من رفاقهم نتيجة اصطفافهم وراء خروشتشوف ، وها هو الأمين العام يعيد ويكرر أفكار خروشتشوف في العام 1956 . خروشتشوف نفسه تعلم الدرس وأشاد في المؤتمر الحادي والعشرين للحزب في العام 1959 بمنجزات ستالين على طريق الاشتراكية في الاتحاد السوفياتي وكان يهم بالرجوع عن خط التحريفية وعن الأفكار التي يحملها حميد جيد موسى عن تطور المشروع اللينيني قبل انقلاب العسكر عليه وإسقاطه في العام 1964 إلا أن الشيوعيين العراقيين ما زالوا الخلصاء للتحريفية ومثالهم الأمين العام لحزبهم . تفوهات موسى تؤكد ثلاثة أمور في غاية الأهمية وهي أولاً أن الحزب الشيوعي العراقي بدءاً بأمينه العام لا يعرف ماهية الديموقراطية، وثانياً أنه لا يعرف الإشتراكية على حقيقتها، وثالثا أنه في جهل مطبق بنظام الحكم السوفياتي . وهنا يستحق التساؤل .. ماذا تبقى من الشيوعية لدى الحزب الشيوعي العراقي !!؟ الجواب الوحيد لهذا التساؤل هو " لاشيء " لا شيء على الإطلاق . الديموقراطية التي لا يفهمها الأمين العام للحزب الشيوعي العراقي إنما هي بنية سياسية ملازمة وضرورية للمجتمعات الطبقية . فالأسياد لا يعيشون بدون عبيد والإقطاعيون لا يعيشون بدون أقنان والرأسماليون لا يعيشون بدون بروليتاريا . الديموقراطية هي الطينة الوحيدة التي تمسك هذه المجتمعات الطبقية دون الإنهيار رغم كل الصراعات الطبقية العنيفة التي تعتورها وتتهدد بنيانها . لا يمكن للطبقة الرأسمالية أن تستغل الطبقة العاملة كل هذا الاستغلال بغير الاعتراف بحقوق سياسية للبروليتاريا . الديموقراطية الإنجليزية "العريقة" لم تتغير خلال القرون الأخيرة من عمر النظام الرأسمالي ومع ذلك كابد عمال انجلترا من انسداد سبل العيش خلال القرن الثامن عشر وهو ما لم يكابده عمال بلدان أخرى غير ديموقراطية . تيسر للرأسمالية الإنجليزية وجود منفى كبير لمعارضي النظام الرأسمالي في القرنين السابع عشر والثامن عشر وهو أميركا الشمالية حيث كان المعارضون ينفون إلى هناك دون أن تكون الدولة مسؤولة عن معاشهم، بخلاف الدولة الاشتراكية التي كانت تنفي معارضي الاشتراكية إلى سيبريا وتظل الدولة مسؤولة عن معاشهم . وحتى في نهاية القرن العشرين تمكنت إمرأة كانت قد خططت في رأسها المعطوب لإحياء النظام الرأسمالي في انجلترا، تمكنت من تلقين درس قاسٍ، كما أعلنت، للطبقة العاملة البريطانية وأغلقت مناجم الفحم حيث كان يعمل 600 ألف عامل وألقتهم وعائلاتهم في الشوارع يتضورون جوعاً ـ وقد ساعدها الاتحاد السوفياتي على ذلك . لمثل هذه الديموقراطية ينتصر الأمين العام للحزب الشيوعي العراقي !! الوظيفة العامة لدولة دكتاتورية البروليتاريا هي محو الطبقات وبعد أن تمّحي الطبقات لا يعود الناس بحاجة إلى طينة الديوقراطية اللزجة فهم في بنيان مرصوص دون أية طينة، ولما الطينة وهم حتى بدون دولة وبدون أية سلطة !؟
عرّاب السيد موسى، نيكيتا خروشتشوف، كان في العام 1959 قد ألغى سياسة الصراع الطبقي التي كانت أساس السياسات التي مارستها القيادة اللينينية الستالينية منذ أكتوبر 1917 وما قبل أكتوبر وهي محرك التاريخ كما في علوم الماركسية، بل إن لينين كان يصف الحزب الشيوعي بأنه قيادة أركان الطبقة العاملة وهو ما يعني أن وظيفة الحزب الشيوعي هي قيادة حرب الطبقة العاملة ضد الطبقات الأخرى . وهذه الحرب، حرب الصراع الطبقي، لن تنتهي إلا بانتصار البروليتاريا كما أكد ماركس . فهل يعتقد الأمين العام للحزب الشيوعي العراقي ورفاقه في القيادة أنه يتوجب على البروليتاريا بعد انتصارها الحاسم في الحرب الطبقية أن تُبقي على الطبقة الرأسمالية والطبقة البورجوازية الوضيعة كي يستمر الصراع معهما دون نهاية وهو ما يتطلب عندئذٍ إبتداع بنية ديموقراطية مهجنة ـ مثل هذه الأفكار الخنفشارية لا يعقلها عاقل، وبغيرها لا يستطيع موسى ورفاقه الزعم بأن جماعات سياسية مختلفة تتعاون لتحقيق الاشتراكية . من يقول بمثل هذا القول فهو يسفّه الماركسية . قال ماركس في "نقد برنامج غوتا" يتم عبور الاشتراكية تحت مظلة دولة دكتاتورية البروليتاريا حصراً . أما إذا كان موسى يبغي تصحيح ماركس حيث وجد اشتراكية أخرى غير اشتراكية ماركس فعليه أن يعلن ذلك دون تهيّب ودون مواربة ونحن لن نناقشه عندئذٍ .
الأمين العام للحزب الشيوعي العراقي يجهل جهلاً تاماً النظام السياسي في الاتحاد السوفياتي بقيادة ستالين . لقد بلغت الديموقراطية أبلغ معانيها حينذاك . السياسة المستوجبة التطبيق من قبل الدولة هي مقررة سلفاً من قبل مؤتمر الحزب العام المنعقد كل أربع سنوات وعدد أعضائه يتجاوز الآلاف منتخبين من قبل ملايين الشيوعيين في مختلف أنحاء الاتحاد السوفياتي . تتركز أهم مقررات المؤتمر في الخطة الإقتصادية التي تستغرق كل الفترة ما بين المؤتمرين وهي الخطة التي يقررها بالتفصيل الدقيق العمال في المصانع وعلى القيادة برئاسة ستالين تطبيق تلك الخطة بحذافيرها وبمستلزماتها السياسية . ومن هنا يمكن القول أن قاعدة الحزب هي التي كانت تحكم القيادة وليس العكس . ولتفنيد هرطقات موسى حول الدكتاتورية الأوامرية يذكر في هذا السياق اقتراح ستالين على المكتب السياسي بتجميع جميع اليهود في الاتحاد السوفياتي بجمهورية واحدة وقد سقط اقتراحه بالتصويت ولم يحصل على صوت واحد من أعضاء الكتب السياسي . كما لم ينجح ستالين في إقناع الروائي الشهير إيليا أهرنبورغ لاصدار بيان ينفي وجود اللاسامية في الاتحاد السوفياتي . وهكذا فإن من يزعم أن .. "عهود الجمود العقائدي وعبادة الفرد وسيادة النزعة الاوامرية البيروقراطية، التضييق على الديمقراطية ومؤسساتها، بل وعلى حق حتى المعنيين ببناء الاشتراكية في أن يساهموا بصنع القرارات، وان يتخذوا الإجراءات المناسبة لحماية وبناء وتطوير الاشتراكية وكانت لهذا التوجه آثاره السيئة ونتائجه الوخيمة، ويمكننا ان نعتبره سبباً رئيسياً في انهيار المنظومة الاشتراكية " إنما هو من أيتام المنحرف خروشتشوف، لا بل من مجندي جنرالات الجيش الذين اتهمهم خروشتشوف نفسه بأنهم استولوا على السلطة حال رحيل ستالين وأنه هو نفسه كان أحد بيادقتهم . هؤلاء هم الذين انقلبوا على الاشتراكية . ليقرأ حميد مجيد موسى مداخلة ستالين في الؤتمر العام التاسع عشر للحزب نوفمبر 1952 لدى انتخاب اللجنة المركزية والمكتب السياسي . توجه ستالين إلى أعضاء المؤتمر يحذرهم من انتخاب ذات القيادة الحالية بمن في ذلك هو نفسه ومؤكداً أن أعضاء المكتب السياسي لم يعودوا شيوعيين بسبب التقدم بالعمر على الأقل وأن الحزب بحاجة إلى قيادة من الشباب المتحمس للشيوعية . لكن الؤتمر خيّب أمل ستالين وانتخب ذات القيادة فردا فردا . إذ ذاك إقترح ستالين على المؤتمر انتخاب 12 عضوا آخرين للمكتب السياسي كيما يتشكل المكتب السياسي من 24 عضوا بدل 12 مما يؤمن مستقبل العمل الشيوعي وهو ما كان يؤرق ستالين . أين هذا من تخرصات حميد مجيد موسى عن الدكتاتورية والفردية والبيروقراطية والتضييق على الديموقراطية !؟ هل حميد مجيد موسى طالب أعضاء المؤتمر الأخير لحزبه ألا ينتخبوه كما كان ستالين قد طالب حزبه في العام 1952 !!؟
في آذار 1953 عند رحيل القائد اللينيني العريق والنجيب يوسف ستالين كانت الثورة الاشتراكية قد وصلت أعلى علاها . ففي الاتحاد السوفياتي وبعد أن قام وحيداً بتحرير العالم من غول الفاشية والنازية المدعم بكل الموارد البشرية والمادية لقارة أوروبا وبعد أن أعاد إعمار البلاد إلى أفضل مما كانت عليه قبل الحرب خلال فترة قياسية 1945 ـ 1950 عقد المؤتمر العام التاسع عشر للحزب الشيوعي أكتوبر 1952 ليقر الخطة الخمسية الخامسة . قبل أن يتفوه موسى بهذه الترهات كان يتوجب عليه أن يطالع الخطة الاقتصادية للمؤتمر وقد خطب مولوتوف في المؤتمر ليقول أن السنة الأولى للخطة قد تحقق ما فاق تقديرات الخطة . لو استمر تطبيق الخطة لوصل الاتحاد السوفياتي في العام 1956 إلى بناء جنة الله على الأرض، ولما تمكنت البورجوازية الوضيعة السوفياتية وعلى رأسها العسكر من تقويض المشروع اللينيني في الثورة الاشتراكية العالمية . يتحدث موسى ليقول أن الشيوعيين هم الذين دمروا المعسكر الاشتراكي (!!) ومثل هذا الحديث الغث يناقض مجرى التاريخ . فالتاريخ تحرك إلى الخلف بفعل القوى التقدمية كما يعتقد موسى وليس القوى الرجعية المتمثلة في الاتحاد السوفياتي بطبقة البورجوازية الوضيعة، وقد ساعدتها الحرب ضد النازية دون شك على قهر طبقة البروليتاريا . الغريب في حديث موسى هو تجاهله التام لمحرك التاريخ وهو الصراع الطبقي . الصراع الطبقي يبلغ أشدة في فترة الاشتراكية المتقدمة . السؤال الفيصل للأمين العام موسى هو هل كان للصراع الطبقي أي دور في انهيار المشروع اللينيني أو أن كل الدور كان للشيوعيين البيروقراطيين !!؟ لئن كان الشيوعيون البيروقراطيون هم الذين يدفعون بعجلة التاريخ إلى الخلف فأين هم الشيوعيون غير البيروقراطيين !؟ ليسمهم حميد مجيد موسى !!
أنا أعلم تماماً لماذا يتحدث الأمين العام مثل هذا الحديث الفج . فهو لم يعلم أن تقرير خروشتشوف السري كان تقريراً شخصياً من خارج أعمال المؤتمر العشرين، وقد وصف بالسري لأن المكتب السياسي للحزب لم يعلم به ولم يصادق عليه . ألسنة الإعلام الرأسمالي لاكت طويلاً أكاذيب خروشتشوف التي كانت صيداً ثميناً لها . الأحزاب الأطراف تبنت هذه الأكاذيت حفاظاً على وحدة الحركة الشيوعية وارتباطها بمركز الثورة، موسكو، ودون أن تعلم أن الحزب الشيوعي، حزب لينين وستالين، لم يكن يعلم شيئاً عن تقرير خروشتشوف . وهكذا تفتح الشاب الشيوعي حميد مجيد موسى على اسطوانة أكاذيب خروشتشوف وقد تغنى بالديموقراطية المفقودة تحت حكم ستالين وصور الاتحاد السوفياتي على أنه جمهورية الخوف . لكن لو كان هذا صحيحاً هل كانت الشعوب السوفياتية تقاتل حتى النفس الأخير دفاعاً عن جمهورية الخوف في حين أن الديموقراطيات الغربية سرعان ما استسلمت للغول النازي حتى أن ونستون تشيرتشل أبرق لستالين في العام 1943 يؤكد أن جيوش بريطانيا وأميركا لو تقدمت لمواجهة جيوش هتلر لسُحقت بالكامل بغير ثمن!؟ موسى هنا يدافع عن تاريخه مصطفاً وراء خروشتشوف، عن الأكاذيب وليس عن الحقائق . من ينتقد قيادة ستالين للحركة الشيوعية في العالم مثل الأمين العام للحزب الشيوعي العراقي يلزمه قبل ذلك أن يدرس تاريخ الاتحاد السوفياتي بكل دقائقه الصغيرة ويبدو أن حميد موسى لا يعلم من تاريخ الاتحاد السوفياتي أكثر من تقرير خروشتشوف السري المدبج بالأكاذيب . لذلك هو يعزو انهيار المعسكر الاشتراكي لستالين والستالينيين رغم أن الثورة الاشتراكية العالمية التي بدأها لينين في 6 مارس 1919 كانت قد وصلت أعلى أعاليها عند رحيل ستالين 1953 وقد بدأ تراجع الثورة بعدئذ كما يعرف العامة . الحقائق التالية أتلوها على حميد موسى عله يبدل موقفه الرجعي بموقف تقدمي شيوعي .. 1) في 28 شباط 1953 دعا ستالين أربعة أعضاء من المكتب السياسي لتناول العشاء معه في منزله وهم لافرنتي بيريا وجيورجي مالنكوف ونيكيتا خروشتشوف ونيقولاي بولغانين . وأعتقد أن تلك الدعوة كانت ملغومة حيث كان ستالين قد بدأ يشك في مشاركة بيريا في مؤامرة الأطباء اليهود في الكرملين ولاحظ لبعض القادة أن بيريا لا يقوم بدوره . وأعتقد أيضاً أن بيريا كان يعلم بشكوك ستالين فكان قراره أن يتغدى بستالين قبل أن يتعشى به . فكان أن نجح بيريا بدس السم (Warfarine) في شراب ستالين فكان القاضي . يقول مولوتوف في مذكراته أن بيريا ومالنكوف تآمرا على حياة ستالين وأن خروشتشوف كان على علم بذلك . وهناك لجنة أميركية روسية تشكلت حديثاً للتحقيق بموت ستالين فكان قرارها الأخير أن ستالين مات مسموماً . قبل أن ينقضي ثلاثة أسابيع على موت ستالين قام بيريا بإطلاق سراح جميع المتآمرين ومحاكمة الدكتورة التي أفشت بالمؤامرة وهو ما يؤكد أن تلك المؤامرة الخبيثة كانت من تدبير بيريا 2) توقف قلب ستالين في 5 مارس 1953 وفي صباح 6 مارس اجتمع أعضاء البريزيديوم القدامى وعددهم عشرة بعد موت ستالين وقرروا إلغاء عضوية 12 عضوا كان ستالين قد طلب ضمهم للمكتب السياسي وانتخبهم المؤتمر التاسع عشر للحزب . الذين اتخذوا ذلك القرار كانوا يعلمون تماماً أنه لا يحق لهم إلغاء قرار للمؤتمر العام للحزب وإلغاء عضوبة أعضاء مساوين لهم بالدرجة وبالسلطة . 3) في أيلول 1953 تم استدعاء اللجنة المركزية للحزب لتقرر إلغاء الخطة الخمسية الخامسة المخصصة لرفاه الشعوب السوفياتية وتحويل الأموال المخصصة لإنتاج الأسلحة ـ وكنت أنا الغر آنذاك أؤيد ذلك التوجه بسبب جهلي لمنطوق الخطة الخمسية الخامسة وأهدافها الإشتراكية، تماماً كما يجهلها اليوم الأمين العام للحزب الشيوعي العراقي . اللجنة المركزية ينتخبها المؤتمر العام لتنفيذ مقرراته وليس لإلغائها ؛ وإذاك استقال مالنكوف احتجاجاً على المخالفة الفظة والصريحة للقانون وللنظام في الحزب . 4) في حزيران 1957 سحب المكتب السياسي الثقة من خروشتشوف وكان عليه وفق القانون والنظام أن يتنحى من منصب الأمين العام للحزب ومنصب رئيس مجلس الوزراء ؛ لكن خروشتشوف الديموقراطي جداً عدو البيروقراطية الرائد راح يتظلم لصديقه المارشال جوكوف وزير الدفاع فكان أن تفتق ذهن هذا المحارب الخبير عن انقلاب شبه عسكري إذ استدعى جميع أعضاء اللجنة المركزية من أنحاء الاتحاد السوفياتي المترامية بالطائرات العسكرية السريعة خلال 24 ساعة بصرخة تقول أن هناك مؤامرة ضد الحزب يحوكها بعض أعضاء الكتب السياسي . اجتعت اللجنة المركزية في 23 حزيران وقررت فصل سبعة أعضاء من المكتب السياسي (البرزيديوم) والإبقاء على أربعة فقط !! الإنتهاك الفظ للقانون والنظام ليس هو طرد أكثر من نصف أعضاء المكتب السياسي (7 مقابل 4) وليس هو إعادة خروشتشوف إلى منصبه بعد أن فقد ثقة البرزيديوم، بل الانتهاك الفظ هو اجتماع اللجنة المركزية بحد ذاته حيث لا تجتمع اللجنة المركزية إلا بدعوة من المكتب السياسي والمكتب السياسي لم يدعها . والإنتهاك الثاني هو أن اللجنة المركزية لا تملك الحق بإسقاط عضوية عضو البريزيديوم خليك عن إسقاط الأكثرية . 5) الإنقلاب العسكري في العام 1964 وإسقاط خروشتشوف عن طريق تهديده بالقتل أو بالاستقالة ففضل الاستقالة على القتل وهو الشيوعي الذي أجًر نفسه للعسكر .
تلك هي الديموقراطية التي يدعو إليها الأمين العام للحزب الشيوعي العراقي لمواجهة الدكتاتورية والبيروقراطية الستالينية . من له أن يلبي مثل هذه الدعوة !!!؟؟؟
.
#فؤاد_النمري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تفاقم المديونية إنّما هو إنعكاس لانحطاط المجتمع حتى الإنهيار
-
إلى الرفيق عبد الرزاق عيد
-
ماذا وراء تهرؤ النقود حتى الإنهيار
-
الوطنية هي الملاذ الأخير للأوغاد
-
حصن الماركسية الحصين (4)
-
حصن الماركسية الحصين (3)
-
حصن الماركسية الحصين (2)
-
حصن الماركسية الحصين (1)
-
مانيفيستو القرن الحادي والعشرين (الأدلجة)
-
مانيفيستو القرن الحادي والعشرين )النقد - (Money
-
مانيفيستو القرن الحادي والعشرين ( عبور مختلف إلى الإشتراكية
...
-
رسالة إلى قيادة الحزب الشيوعي الفلسطيني
-
تخلّف الخطاب السياسي (الإقتصاد)
-
تخلّف الخطاب السياسي (الإشتراكية)
-
الرأسمالية انهارت لكن على أعينهم غشاوة
-
تخلّف الخطاب السياسي ( وحدة اليسار )
-
تخلّف الخطاب السياسي (سور برلين)
-
تخلف الخطاب السياسي
-
الإخلاص للثورة الإشتراكية لا يتحقق إلا بالوعي
-
الطبقة الوسطى تختطف السياسة وتذوِّتُها
المزيد.....
-
الوزير يفتتح «المونوريل» بدماء «عمال المطرية»
-
متضامنون مع هدى عبد المنعم.. لا للتدوير
-
نيابة المنصورة تحبس «طفل» و5 من أهالي المطرية
-
اليوم الـ 50 من إضراب ليلى سويف.. و«القومي للمرأة» مغلق بأوا
...
-
الحبس للوزير مش لأهالي الضحايا
-
اشتباكات في جزيرة الوراق.. «لا للتهجير»
-
مؤتمر«أسر الصحفيين المحبوسين» الحبس الاحتياطي عقوبة.. أشرف ع
...
-
رسالة ليلى سويف إلى «أسر الصحفيين المحبوسين» في يومها الـ 51
...
-
العمال يترقبون نتائج جلسة “المفاوضة الجماعية” في وزارة العمل
...
-
أعضاء يساريون في مجلس الشيوخ الأمريكي يفشلون في وقف صفقة بيع
...
المزيد.....
-
الثورة الماوية فى الهند و الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي )
/ شادي الشماوي
-
هل كان الاتحاد السوفييتي "رأسمالية دولة" و"إمبريالية اشتراكي
...
/ ثاناسيس سبانيديس
-
حركة المثليين: التحرر والثورة
/ أليسيو ماركوني
-
إستراتيجيا - العوالم الثلاثة - : إعتذار للإستسلام الفصل الخا
...
/ شادي الشماوي
-
كراسات شيوعية(أفغانستان وباكستان: منطقة بأكملها زعزعت الإمبر
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
رسالة مفتوحة من الحزب الشيوعي الثوري الشيلي إلى الحزب الشيوع
...
/ شادي الشماوي
-
كراسات شيوعية (الشيوعيين الثوريين والانتخابات) دائرة ليون تر
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
كرّاس - الديمقراطيّة شكل آخر من الدكتاتوريّة - سلسلة مقالات
...
/ شادي الشماوي
-
المعركة الكبرى الأخيرة لماو تسى تونغ الفصل الثالث من كتاب -
...
/ شادي الشماوي
-
ماركس الثورة واليسار
/ محمد الهلالي
المزيد.....
|