أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - عبدالله خليفة - كيفَ كتبتُ؟














المزيد.....

كيفَ كتبتُ؟


عبدالله خليفة

الحوار المتمدن-العدد: 4402 - 2014 / 3 / 23 - 09:17
المحور: سيرة ذاتية
    


1 – الوقت المناسب
كنتُ أكتب منذ كنتُ طالباً ثم مدرساً، في أواخر الستينيات من القرن العشرين، وحينئذ لم يكن للكتابة وقت وطقوس، لأن الوقت الأصلي للكتابة كما تكرس لدي لم يكن موجوداً، فأن تكونَ مدرساً فإن الصباح يتم اختطافه منك، وتلعب ضجة الطلبة دورها في القضاء على أي مناخ إبداعي.
لكنني مع هذا كنت أكتب قصصاً قصيرة وبعض المقالات في الليل، في أجواء مشتتة.
كانت سنوات السبعينيات تجري بهذا المناخ، وقد دخلت الاعتقال السياسي منذ 1975 أغسطس، وخرجت في بداية الثمانينيات، وبالتأكيد فإن طقوسَ الكتابةِ في السجن صعبة، لكنها كرستْ كتابةً صباحية، حيث الفراغ الطويل والمزاج المفتوح، لكن الأمرَ يعتمدُ على وجودِ القراطيس من ورقِ السجائر ومن قلمٍ رصاص قصير صعب المنال، ولم يوجد الشاي وكان هذا عاملاً مُحبِطاً للكتابة.
كتبتُ في هذا المناخ مجموعةً قصصية واحدة (الرمل والياسمين)، وعدة روايات قصيرة: اللآلئ، الهيرات، القرصان والمدينة، والعديد من المقالات والتعليقات على ما يُكتب في السجن والعالم الخارجي، إضافة إلى مشروعات روائية وقصصية كثيرة ذهبتْ في ظروف حملات التفتتيش وعدم القبول من المؤلف نفسه!
لا بد لك في هذه الأحوال من قدرةٍ على الاحتفاظ بما تكتب، ولهذا فإن أمكنةً سريةً لا بد أن تكون موجودةً جاهزةً بعد إنجاز المسودة كقعرِ حقيبةٍ، أو داخل معاجين الحلاقة!
بعد الخروج من السجن لم يكن ثمة عمل، وعدتُ إلى بيتِ أبي القديم، ولم يكن ثمة مكان هادئ، وتغير الجو كثيراً، لكن تحولت غرفتي القديمة إلى ساحة قتال لإخراج المسودات الغائرة في المعاجين، لتبدأ عمليات التنقيح والتبييض.
أخذ الصباحُ مكانتَهُ مجدداً، وتوافر الشاي والورق والأقلام، لكن لم يتوافر الهدوء، فلا بد من البحث عن عمل، وتغير البيت، وتغير الحي، لكنني تمكنتُ من نشرِ ما كتبتهُ في مرحلة السجن بمساعدة أصدقاء سواءً في التنظيم السياسي أم من قبل اتحاد الكتاب العرب بدمشق.
وقد تعودت أن أحول ساعات الصباح الأولى إلى ساعات كتابة للأدب أو الفكر عامة، وبشكل مستمر ومنضبط على مر السنوات، ولكن هذا يتوقف على الفكرة الموجودة والمزاج، وبضرورة الوحدة والعزلة في المكان الذي يوفر الهدوء والتركيز، ولكنني لا أكتب كثيراً كل يوم، فربما فصلاً أو صفحة، أو حتى فقرة صغيرة، لكن الكم الكتابي يتراكم على مدى الأيام، وهذا يجعل الذات في جدل يومي مع المادة ومعالجتها.
2– كما قلت لك سابقاً إن ثمة علاقة مفروضة على المكان، أحياناً تكون لديك زنزانة في سجون متعددة، بعضها شرح وبعضها مقبض جداً، لكن المكان الذي تواجد عبر الاختيار هو جو الغرفة المغلقة، أو الصالة حين تكون في شقة زواج، ونفس الصباح حيث تذهب الزوجة إلى العمل، وتبقى وحدك، لكن مع تواجد الآخرين والضجيج تستحيل الكتابة، إلا في حالة السجن، حين يصمت رفاق الزنزانة نهاراً وينشغلون بأعمالهم من تشكيل حرف أو كتابة أو قراءة، لكنك لا تنتج بنفس مستوى العزلة الحرة.
3– علمتني الظروف أن أكتب بكل شيء، بأي مادة تنهمر على الورق الأبيض أو على الشاشة، كان الحزن يتملكني وأنا أبحث عن قلم لدى المسجونين بأحكام الذين تعلمهم العربية فيهدونك قلماً طويلاً أشبه بمعجزة. ثم كتبت كثيراً بالأقلام المتعددة بعد ذلك، وكنت قبل السجن قد اشتريتُ آلةَ طباعة كتبت عليها، فاشتريتُ أخرى بعد أن تم إلقاء تلك الآلة في البحر خوفاً!
الآلة الكاتبة الجديدة أخذت معي سنوات، تنقلت بها من الشقة الصغيرة حتى غرفة فوق السطوح على بناية، وقد تحملت عدة مجلدات من الروايات وعدة مجلات من الأبحاث فتصدعت، فكانت نهايتها هناك، أصبحت رثة، ضعيفة الطبع، وهنا بدأت العلاقة مع الكمبيوتر، كانت هذه الآلة تحفة وثراء وحفظاً جباراً، لكن البدايات كانت مروعة!
أخطاء في الحفظ فضاعت فصول وقصص، وأخذت سنوات عدة وأنا أتعلم وأتغلغل في السيطرة على هذه الآلة، وعشت مع عدة أجهزة ثابتة أصيبت بالإجهاد وتغلغلت فيها الفيروسات بسبب جمعي للكثير من المعلومات من مختلف المواقع، فأنا كاتب عمود يومي في جريدة أخبار الخليج وعبر عدة سنوات لا بد لي من الاطلاع المستمر ونقل المعلومات والدخول في مختلف المواقع، حتى أصبح المحمول رفيق الدرب!
4-لا أعترف بالإلهام الكتابي أو بأشياء مميزة للكتابة، لكن الآن أصبح المحمول أفضل صفحة بيضاء أخطُ عليها، وأصبحتْ العودةُ إلى القلم الناشف والحبر أو حتى قلم الرصاص الصديق الوفي لسنواتِ غيرَ ممكنةٍ بسبب هذه الآلة الجميلة الفذّة!



#عبدالله_خليفة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إعادةُ إنتاجِ العنف الموسع
- الرئيسُ أوباما بين المكرِ والهدر
- تاريخٌ مذهلٌ
- تكوّنُ الفردِ الحر
- الراوي وعلمُ الاجتماعِ الوطني (2)
- الراوي وعلمُ الاجتماعِ الوطني (1)
- أهمية العودة إلى الحداثة
- المساراتُ العربيةُ إلى أين؟
- نحو إصلاح اقتصادي
- قوى سياسية غيرُ متعادلة
- منع الكتب مستمرٌ
- ثقافةٌ غيرُ ديمقراطيةِ
- إعلامٌ مضللٌ
- تجمدٌ سياسي
- فهمٌ غربيٌّ للحركاتِ الدينية
- أهميةُ القراءةِ الموضوعية للتاريخ
- الروايةُ وبناءُ الوطن (2)
- الروايةُ وبناءُ وطن (1)
- الحدثُ الأوكراني ودلالاتُهُ الديمقراطية
- الفكرُ المصري ودورُهُ التاريخي (12- 12)


المزيد.....




- فوضى في كوريا الجنوبية بعد فرض الأحكام العرفية.. ومراسل CNN ...
- فرض الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية.. من هو يون سوك يول صا ...
- لقطات مثيرة لاطلاق صاروخ -أونيكس- من ساحل البحر الأبيض المتو ...
- المينا الهندي: الطائر الرومنسي الشرير، يهدد الجزائر ولبنان و ...
- الشرطة تشتبك مع المحتجين عقب الإعلان عن فرض الأحكام العرفية ...
- أمريكا تدعم بحثا يكشف عن ترحيل روسيا للأطفال الأوكرانيين قسر ...
- -هي الدنيا سايبة-؟.. مسلسل تلفزيوني يتناول قصة نيرة أشرف الت ...
- رئيس كوريا الجنوبية يفرض الأحكام العرفية: -سأقضي على القوى ا ...
- يوتيوبر عربي ينهي حياته -شنقا- في الأردن 
- نائب أمين عام الجامعة العربية يلتقي بمسؤولين رفيعي المستوى ف ...


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - عبدالله خليفة - كيفَ كتبتُ؟