|
ابو لهب عم النبي ( قراءة في اوراق محظورة )
داود السلمان
الحوار المتمدن-العدد: 4401 - 2014 / 3 / 22 - 11:10
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
تمهيد
هناك مقولة او حكمة تقول " ليس كل ما يعرف يقال " واعتقد ان هذه المقولة الى حد ما ، فان القضايا التي يعرفها العالم والمفكر والفيلسوف والثقف والباحث ليس من العقل والمنطق ان يوصل او يصرح بذلك الى الجاهل ، سيما القضايا التي تخص الدين ، لأن الجاهل لا يفهمها ولا يدرك مغزاها ، وبالتالي تكون مثلبة على من يفعل ذلك ، فهي ، ربما تكون سببا في تهديد حياته ، وربما يقتل او يسجن ، او ينفى من وطنه ، من قبل الجاهل ولنا في ذلك امثلة كثيرة ، قد نتطرق اليها في بحوث اخرى . ومن هذا المنطلق كان علي بن ابي طالب يرى انه لو حاور الف عالم لغلبهم ، ولو حاور جاهلا واحدا لغلبه ذلك الجاهل . والسبب ان الجاهل يعاند ويجادل في امور لا يفهمها ولا يدرك مغزاها الحقيقي ، بل الصحيح ان عقله لا يستوعبها فيعدها اوهاما وخرافات وهي مثل النور الساطع . ومن هذه الامور والقضايا التي لا يفترض ان يطرحها المفكر او الباحث ولا ان يصرح بها الى الملأ هو ما يتعلق بأمور الدين ، او ما يعرف بنقد الفكر الديني لان مثل هذه الامور تعد عند الكثير خطوط حمر ، ولا يمكن الخوض فيها والتعرض اليها ، لكن الوجدان والذوق السليم يحتم عليه ذلك . فمثلا اذا قلت لأي مسلم لماذا تقبلون الحجر الاسود في الحج ؟ ، وبتعبير الخليفة عمر بن الخطاب هو حجر لا يضر ولا ينفع !؟ لقال لك هذه امور تعبدية لا يمنك مناقشتها او الخوض فيها ، فهو بتعبير آخر يلقمك حجرا ، مع ان هذه الامور اذا اخضعتها الى العقل والمنطق لرفضها العقل جملة وتفصيلا ، وقد تعرضنا في كتابنا (الاسلام والطقوس الجاهلية ) الى ذلك تفصيلا ، وقلنا ان الاسلام اخذ من اهل (الجاهلية) امور وقضايا واضافها اليه وجعلها مقدسة ومن صميم الدين . وفي تاريخ الاسلام وغيره نماذج كثيرة لرجال علم وفلسفة ومنطق قالوا كلمة حق ، فكانت النتيجة ان زهقت ارواحهم وسالت دمائهم ثمنا لذلك . الم تحكم الكنيسة – يوم كانت اعلى سلطة في الدولة – بالإعدام على الفيلسوف العظيم سقراط ، وذلك بجرعه كأسا من السم ، بدعوة ان سقراط يفسد اخلاق الشباب بأفكاره وآراءه ! بينما كان يلقنهم الحكمة والمنطق . كذلك فعلوا بغاليليو عندما وضعوه تحت الاقامة الجبرية ، لأنه كان يقول : (ان الارض تدور حول الشمس ) . وقد قتل ابن السكيت صاحب المنطق شر قتلة ، وذلك بسل لسانه من قفاه حتى مات . واعدم الحلاج الصوفي على يد اصحاب الفكر التكفيري ، لانهم لم يفهموا منطقه وفلسفته ، واعتبروا ذلك اشراكا وزندقة ، حيث اصدر وعاظ السلاطين فتوة بقتله ، وذلك سنة 309 هجرية . ولم يكتفوا بذلك بل حرقوا جثته والقوها في نهر دجلة . وكان شيخا ابيض الشعر واللحية يقرب عمره الخامسة والستين ، بعد ان بالغوا في تعذيبه بضرب وجهه بالسيف وتهشيم انفه ، ثم قطعت يداه ورجلاه واحرقت جثته وصار رمادا . وهناك عشرات الشعراء الذين حكم عليهم بالإعدام بتهمة الزندقة والخروج عن الدين والملة ، ومنهم ابان بن عبد الحميد اللاحقي ، وصالح بن عبد القدوس الذي قتله الخليفة المهدي ، وبشار بن برد وحماد عجرد وابن المقفع ، وغير هؤلاء ممن يضيق المجال بذكرهم . لهذه الاسباب وغيرها ، ظلت كثير من الحقائق محبوسة في صدور الرجال وطيات الكتب . وبالمقابل ظل رجال الدين يتصرفون بأمور وقضايا هي دخيلة عن الدين الاسلامي ، وليست من مبادئه ، واذا انتقد احدهم هذه الافعال والامور اتهم بالزندقة والالحاد ، كما اتهم المعري وطعن في دينه واتهم بالزندقة ، وذلك حينما انشد :
هفت الحنيفة ، والنصارى ما اهتدت ويهود حارت ، والمجوس مضلله اثنان اهل الارض : ذو عقل بلا دين ، وآخر دّين لا عقل له
وقال ايضا :
وينشأ ناشئ الفتيان منّا .... على ما كان عوده ابوه وما دان الفتى بحمى ، ولكن .... يعلمه التدين اقربوه
هذا ، وان التاريخ يكتبه المنتصرون والاقوياء ، فالمسلمون عندما انتصروا على خصومهم من يهود ونصارى ووثنيون في كافة الاصعدة ، السياسية والاجتماعية والاقتصادية ، وهم انفسهم من كتب التاريخ ، وهو ما فعلوه بما يسمى بالفتوحات الاسلامية ، وايضا حتى في حروبهم الداخلية ، فان الخصم او الضعيف حتى وان كان على حق ، فان حقه مهضوما ودمه مستباح . وعلى سبيل المثال لا الحصر ، ما فعله خالد بن الوليد المسمى بسيف الاسلام ، ما فعله بمالك بن نويرة ، في حادثة مشهورة في التاريخ ذكرها الطبري وغيره ، فقد قتل خالد مالكا ودخل بزوجته بدون عدة ، مع ان مالك مسلما ولم يرتد عن الاسلام ، بشهادة عمر الذي طلب عزل خالد والقصاص منه ، وضاع حق هذا الرجل المظلوم . لكن القيادة السياسية ، مع علمها بحقيقة الامر ، لم تحاسبه ، بل اعتذرت عنه وقالت انه تأول فأخطأ ، ومن تأول فأصاب له اجران ومن اخطأ له اجر ! . والمنتصر بكتابته للتاريخ فلا احد يقف في وجه ، لانه الاقوى والاكثر شكيمة وباس . كذلك الخليفة لا يستطيع احد ان ينهاه او يحاول ان يثنيه عن عزمه ، بل ان الوعاظ والمستفيدون يشدون على يديه ويصفقون له ، وبالمقابل الخليفة يغدق عليهم بالهدايا والعطايا المجزية . وكان الشاعر يأتي الى الخليفة فينشد بين يديه قصيدة عصماء يمدحه فيها ويمجد افعاله ، فيحصل بذلك على هدية او جائزة . والصحيح ان الشعراء تحسب لمثل تلك المناسبات المعروفة الف حساب لتنال مبتغاها وامانيها . واكثر الاحايين ان الخليفة يتخذ بعض الشعراء ندماء له وخاصته يشربون معه كؤوس الطلا ، وهم خلال الجلسات مهما طلبوا من الخليفة فطلبهم مستجاب لا محالة . فكان احدهم يطلب من الخليفة اعفاءه من الصلاة فيحصل على ذلك ! ، وآخر يطلب اسقاط حد السكر عنه ، فيقول لك ذلك . لذلك نلاحظ المؤرخون يكتبون التاريخ من خلال الحكام مثل الطبري وهو من اقدم المؤرخين والذي اطلق على كتابه ( تاريخ الامم والرسل والملوك) بمعنى انهم يكتبون سيرة الخليفة او الوالي او الامير فيوصفون حركاته وسكناته ، ويوصفون حتى ملامحه وتقطيعات وجهه ، وماذا كان يحب من المأكل ومن المشرب ، وكيف ينام ، ومن هم خاصته . اما مظاهر ذلك المجتمع فلم يصلنا منها الا النزر اليسير ، فالصعاليك والمماليك والفقراء والمهمشون لم يجرؤ احد من المؤرخين القدماء ان يكتب عن حالهم ويوصف ظرفهم ، الا ما ندر . هذا بالإضافة الى كل ذلك فان المؤرخين والرواة والمحدثين قد اضافوا روايات واحاديث وقصص من عندياتهم لا تمت الى الواقع بصلة . بل انهم رووا احاديث عن النبي تخالف افعاله واقواله وهي بالآلاف . فوحده ابا هريرة روى عن النبي 5374 حديثا روى البخاري منها 446 مما جعل الصحابة ينكرون عليه ويكذبون كثير من هذه الاحاديث . (محمود ابو رية ، شيخ المضيرة – ابو هريرة ص 35 بيروت لبنان الطبعة الرابعة سنة الطبع 1993 ) ويضيف ابو رية " اجمع رجال الحديث على ان ابا هريرة كان اكثر الصحابة تحديثا عن رسول الله – على حين انه لم يصاحب النبي الا عاما واحدا وبضعة اشهر " . اضف الى ذلك ان هناك احاديث عند الشيعة لا تقبلها السنة ، وان هناك احاديث عند السنة لا تقبلها الشيعة . روي ان ابن ابي العوجاء حينما حوكم وامروا بقطع راسه قال انه قد وضع آلاف الاحاديث يحلل فيها الحرام ويحرم فيها الحلال ، وقيس على ذلك . اذن تاريخ المسلمين مشوه مزيف يحتاج الى غربلة ، ورفع الشوائب عنه ، واخراج الحقائق المدفونة في طيات الكتب ، ومحاكمة رجال التاريخ الذين سودوا التاريخ بالأكاذيب وضلوا الناس عن جادة الصواب . ومن اسبابها ما يجري الآن في العالم من عمليات ارهابية باسم الدين ، من باب تكفير الناس استنادا الى احاديث موضوعة باسم نبي الاسلام ، وتدفع الناس ثمن ذلك .
#داود_السلمان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ساجدة عبيد .. والموازنة
-
مفوضية الانتخابات .. فوك الحمل تعلاوه
-
اقبض من دبش
-
دايخ بالمعاملة
-
السياسة :شعيط ومعيط
-
عمتي حرية البرلمانية ..
-
صخرة بلال و صخرة عبعوب
-
شيل و ربط ..!
-
يا ربي بس مطرها
-
السياسي الفاشل يدّور ب ( ......) حب (ركي)
-
السلطة ام (السطلة) ؟!
-
بلد الشفط و اللفط و النفط
-
ايكد ابو كلاش ياكل ابو جزمة
-
هدوم العيد
-
العلس والعلاسة
-
لكل مواطن صبة كونكريتية
-
طالب القرة غولي:جذاب!!
-
المحافظ والصحفي والجنس
-
الاسلام والطقوس الجاهلية(الحلقة الثامنة)
-
البقرة ... في التراث والسياسة
المزيد.....
-
“نزلها وشاهد الـآن” تردد قناة طيور الجنة على النايل سات بخطو
...
-
غموض شديد يحيط بلقاء نادر جمع مبعوث ماكرون وفريق المترشح الر
...
-
الأردن.. جماعة الإخوان تتبنى -عملية البحر الميت-
-
أنا البندورة الحمرا ?? .. تردد قناة طيور الجنة 2024 على القم
...
-
قائد حرس الثورة الإسلامية ينعى الشهيد السنوار ويؤكد أن المقا
...
-
الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان ينعى الشهيد يحيى السنوار ويؤكد
...
-
الاحتلال يقيد وصول المصلين إلى المسجد الأقصى
-
مفهوم الحرية الإسلامية تحت المجهر.. جدل متزايد وتحديات معاصر
...
-
نزلها “من هنا” تردد قناة طيور الجنة بعد التحديث على القمر ال
...
-
وزير خارجية كيان الاحتلال: غوتيريش يقود أجندة معادية لاسرائي
...
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|