أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - وديع السرغيني - في ذكرى الكمونة وانتفاضة العمال الباريسيين















المزيد.....

في ذكرى الكمونة وانتفاضة العمال الباريسيين


وديع السرغيني

الحوار المتمدن-العدد: 4400 - 2014 / 3 / 21 - 07:47
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    


في ذكرى الكمونة وانتفاضة العمال الباريسيين

1. توطئة تاريخية
على بعد أيام قليلة من ذكرى الكمونة التي وجب ويجب على جميع التيارات العمالية المناضلة، في المغرب وخارجه أن تستحضرها، وأن تضع نصب أعينها، ليس تضحياتها الجسيمة وحسب، بل خلاصاتها القيّمة وعبرها المهمة بدرجة أساسية، باعتبارها شكـّلت أول تجربة للبناء الاشتراكي في التاريخ، وأول ثورة ديمقراطية شعبية حقيقية خلال الفترة الرأسمالية التي نعيش مرحلة تعفنها واحتضارها، وأول حكم جسّد بالفعل دكتاتزرية الكادحين خلال الفترة نفسها.
وبالرغم من أن حكم الكمونة واعتلاء قادتها الثوريين لسُدّة السلطة لم يدم سوى شهرين ونيف ـ اثنين وسبعون يوما بالتمام والكمال ـ فقد كانت الدروس كبيرة وذات أهمية بالغة، تركت أثرها وبصماتها البيّنة على مسار الحركة العمالية الثورية، وخطها الماركسي اللينيني خاصة، حيث وجد هذا الأثر تعبيره الصارخ في تصريحات البلاشفة ـ قادة الثورة الروسية فيما بعد، أي خلال سنة 1917 ـ بأنهم استندوا فعلا على أكتاف الكمونة في نجاحاتهم الباهرة والظافرة لاستلام السلطة للمرة الثانية من طرف البروليتاريا وجيش الكادحين في المدن والأرياف، وإعلان الاشتراكية كتجربة ثانية مظفرة بعد تجربة كمونة باريس التاريخية.
لم يكن البلاشفة ـ الماركسيون الثوريون الروس ـ وحدهم مّمن استلهموا أفكارهم وخططهم، ووجهوا ممارستهم بناءا على التقاييم المهمة التي أجراها ماركس وإنجلز قيد حياتهما ومعايشتهما لأحداث وتفاصيل مسلسل الكمونة الثوري.. وخلال سعيها لافتكاك السلطة بغية تحقيق الثورة الاشتراكية على أرض الواقع ببلدانهم، اعتمدت التيارات والأحزاب العمالية الثورية على خبرة الكمونة وعلى دروسها، متجنبة في نفس الوقت أخطاءها القاتلة، أصبحت الحركة الماركسية الثورية بقيادة لينين والبلاشفة نصيرة لخط الكمونة ولتجربة الكمونة بما شكلته من صفعة وصدمة قوية لجميع الأفكار والنظريات المشككة حينها في قدرات الطبقة العاملة وحلفاءها من عموم الكادحين الفقراء وغير المالكين.
بنفس القناعة واستمرارا على نفس الالتزام المعلن باسم الخط البروليتاري، خط البلاشفة الماركسي اللينيني، الذي لم تغريه في شيء شتى المنوعات البطولية، الشعبوية والتعويضية، التي تراجعت بما لا يدع الشك عن الدور التاريخي للطبقة العاملة في النضال من أجل التغير الثوري الاشتراكي، وبالتالي عن رسالتها التاريخية، التي نعتبرها جوهر التصور الماركسي التي تأسس عليه بيان الشيوعيين التاريخي، في كون البروليتاريا، الطبقة العاملة المنتجة لفائض القيمة، هي الطبقة الشعبية الوحيدة المؤهلة لقيادة جيش الكادحين في نضاله ضد النظام الرأسمالي البرجوازي القائم على النهب والاستبداد والاستغلال.. خلال هذه المرحلة التاريخية التي نعيش أطوارها الآن، مرحلة الإمبريالية، مرحلة الاستعمار الجديد، مرحلة تعفن الرأسمالية واحتضارها.
"في الحركة المعاصرة نقف جميعا على أكتاف الكمونة" هكذا عبّر لينين ذات يوم عن رأيه في دور الكمونة وتأثيرها على فكر وممارسة الماركسيين الثوريين، باعتبارها جزء لا يتجزء من تراث النضال التحرري للطبقة العاملة من أجل الحرية والديمقراطية والاشتراكية، ومن اجل القضاء على جميع أشكال التميز والاستغلال الطبقيين.

2. علاقة الماركسيين المغاربة بالكمونة
فهل مازال للكمونة ودروسها تأثيرا يذكر في فكر وممارسة الحركة العمالية المغربية؟ هل مازالت دماء وجثث عمال باريس الأبطال، تجد لنفسها حيّزا في مذكرات التيارات والمجموعات الثورية المغربية المنتسبة للحركة الماركسية اللينينية؟
أعتقد جازما، بان تجربة الكمونة وتجربة الثورات الروسية الثلاثة 1905 و1917 الأولى والثانية، وُضعت كلها على الرف ليلحقها النسيان والتهميش، على حساب ولمصلحة ثورات شعبية أخرى تحتل الصدارة منها ثورات الصين وكوبا وفيتنام، وماي 68 بفرنسا..الخ إذ يكفي الرجوع بالذاكرة ثلاثة سنوات إلى الخلف ارتباطا بالانتفاضات الشعبية التي عرفتها المنطقة العربية والمغاربية بداية، قبل أن تنتشر لأقطار أوربية وأسيوية أخرى، بل لأمريكا نفسها، القلب النابض للمنظومة الرأسمالية الإمبريالية، التي لم تسلم هي كذلك من انتفاضات واحتجاجات الجياع والمعطلين والفقراء المهمشين والبدون سكن..الخ خلال هذا الحراك الشعبي الرافض لأنظمة وحكام الاستبداد والعمالة للإمبريالية، خرجت الجماهير الشعبية عن بكرة أبيها مطالبة بالحرية والديمقراطية، وبجميع المطالب الاجتماعية التي ستضمن لها كرامتها حقيقية في بلدها كالحق في الشغل والسكن والتعليم والتطبيب المجانيين، والحق في الاحتجاج والتعبير والإضراب..الخ ساهم المغاربة في هذا الحراك، وأدلوا بدلوهم في هذه الانتفاضة الشعبية التي تجاوزت الإقليم والمحيط والقارة.. لتصبح أممية بالفعل، مناهضة حقيقة للرأسمال والرأسمالية في صيغتها الحالية المعروفة بالعولمة، ولم تتأخر في هذا السياق أي من الفرق والمجموعات العمالية والاشتراكية عن تعزيز صفوف المنتفضين والمنظمين والمخططين، بعضها تحت راية حركة عشرين فبراير، والبعض الآخر اختار لنفسه النضال في نفس الحركة والحراك لكن بأساليب مغايرة وشعارات مخالفة وبعيدة عمّا رسمته "تحالفات" ومجالس الدعم لحركة العشرين التي سقطت في أبشع أنواع التوظيف السياسي الانتهازي من طرف أحزاب اليسار الإصلاحي والقوى الظلامية المتحالفة معه، على أرضية محدودة ومسقـّفة بشعار "الملك يسود ولا يحكم" أو "الملكية البرلمانية"، دون أدنى إشارة للموقف من الرأسمالية أو للمشروع المجتمعي البديل الذي من المفروض أن تستحضره جميع القوى العمالية الاشتراكية في شعاراتها وبرامجها، سواء كانت إصلاحية أو ثورية أو مرحلية..الخ حيث اكتفى اليساريون بشعار "الشعب يريد إسقاط النظام" دون أن يوضحوا لهذا الشعب أي نظام يعنون وأي بديل يطرحون.! فكانت أقصى مظاهر الجذرية هي مسايرة الشعب في شعاراته وممارساته وطقوسه حتى، ليتحقق منتهى الانسجام بين "القادة" و"جماهير الشعب"! ولم يتقدم النقاش قيد أنملة حول برنامج الثورة وحول ما يجب مناقشته مع الجماهير المنتفضة فيما تريده هي وفيما يريده الثوار اليساريون.. وانحصر الثوار بالتالي بين العفوية السلبية وبين التعالي والنظرة الأبوية لمسار انتفاضة الجماهير، وكلاهما نظريتين برجوازيتين صغيرتين للعمل الثوري وسط الجماهير الشعبية الكادحة.

3. بعض من دروس الكمونة
وأول درس من دروس الكمونة التي قدّمته لنا هذه التجربة العمالية الثورية منذ حوالي القرن ونصف، ارتبط بمفهوم الوطنية والدفاع عن الوطن كمبدأ وكموقف طبقي، حيث أثبتت الطبقة العاملة خلال هاته التجربة الثورية بأنها قائدة بدون منازع لهذا النضال على المستوى الشعبي، وبيّنت بالملموس صحة موقف وتحليل "البيان الشيوعي" السديد، والذي مفاده بأنه رغم أن العمال أمميين بطبعهم خلال صراعهم الطبقي الضاري ضد الرأسمالية المعولمة بطبيعتها هي الأخرى، ورغم شعار الماركسيين الخالد "يا عمال العالم اتحدوا" وبأن "العمال لا وطن لهم".. فقد بيّنت الطبقة العاملة مع ذلك بأن بإمكانها أن تلعب دور القائد والمناضل العنيد حماية ودفاعا عن الوطن، وهو ما جسّده عمال وعاملات باريس بعد انهزام جيوشهم وبعد انصياع برجوازيتهم وخنوعها للجيوش البروسية المحتلة.
وردّا على هذه الهزيمة النكراء، انتفض عمال باريس وشعبها الكادح ضد بقايا البونابرتية، وأقاموا الجمهورية وشكلوا "حكومة الدفاع الوطني" على أساس مقاومة الاحتلال، واتجهت جماهير باريس الكادحة لتنظيم صفوفها وتسليح الشعب عن بكرة أبيه، الشيء الذي أصاب البرجوازية بالهلع والخوف على مصالحها ومستقبلها ففضـّلت الارتماء في حضن المحتل، أي في حضن حليفتها البرجوازية البروسية. فلم يكن من الممكن الدفاع عن باريس إلا بتسليح عمالها وتنظيمهم في قوة عسكرية فعالة وتدريبهم على الفن العسكري في الحرب ذاتها، ولكن تسليح باريس كان معناه تسليح الثورة، وانتصار باريس على المعتدي البروسي كان يعني انتصار العامل وعلى طفيليي دولته.." هو ذا التقييم الماركسي لهذا الحدث المهم في سياق التهييئ للتربة وتخصيبها للاستيلاء فعليا وطبقيا على السلطة يوم 18 مارس 1871 وإعلان الكمونة.
درس الكمونة الثاني يرتبط بموقف ماركس وإنجلز من الكمونة والكيفية التي تعاملا بها مع أحداث الكمونة المتسارعة دون التفريط في الموقف الطبقي الثوري المساند والمدعم للطبقة العاملة.. والحال أننا نعتبر أفكارهما ومواقفهما ومقاربتهما للأحداث الثورية العظيمة، بالإضافة لمنهجيتهما العلمية السديدة، مرجعية لنا ومنارة لممارستنا السياسية والتزاماتنا النضالية في الميدان. لقد وقفا بكل ما لديهما من قوة إلى جانب الثورة، وأيداها كل التأييد، وأشارا على رفاقهم الشيوعيين أعضاء الأممية، بالانتظام في الكمونة وبتحمل المسؤولية في قيادتها ولجنتها المركزية، مطالبين في الوقت نفسه العمال المنتفضين بأن يوحدوا صفوفهم، وبأن يتضامنوا في عملهم وفي مقاومتهم للقوى المضادة للثورة.
تأتي هذه الإشارات وهذه التوجيهات، بالرغم من تحذيرات ماركس السابقة على الكمونة، تحذيرات من أي اندفاع نحو الانتفاضة المسلحة التي كانت في تقديره بمثابة انتحار بالنظر لانعدام الشروط الذاتية والموضوعية لذلك، الشيء الذي دفع بماركس لتقديرات متشائمة "دك الأسوار برؤوس العمال المتحمسين للثورة" وفقط. هذا الموقف الذي أشاد به لينين في أكثر من مناسبة لحظة جلده للمتأملين والمنبهرين بمؤخرة الثورات والجماهير المحرومة المنتفضة، وبشكل خاص حين قصف أستاذه الماركسي سابقا ـ بليخانوف ـ متهكما على صيحته الشهيرة "ما كان ينبغي حمل السلاح" في حين كان بليخانوف يدعو الجماهير لحمل السلاح قبل اندلاع ثورة 1905 العمالية الشعبية.
فعسى أن يتم الأخذ بهذا الدرس التوجيهي الثمين وأن يراجع بعض الرفاق مواقفهم مما يجري وما يبذل من مجهود من طرف مجموع القوى والفرق والتيارات الماركسية اللينينية المغربية. والكلام موجه هنا لعض "رفاق الطريق"، أعضاء الخلايا الثورية "النائمة"، التي لا يستيقظ روّادها إلا نقدا وتشويشا عن جميع المبادرات، وتحطيما لكل الاتفاقات، وتشنيعا بكل المساهمات التي تقدمها بعض التيارات والمجموعات الماركسية اللينينية التي بدأت تململ صفوفها في اتجاه التجميع والانسجام التنظيمي والسياسي والنظري، ضدا على حالة الشتات والارتجال ثم التيهان السياسي والفكري، المستشري بشكل فظيع وسط الرفاق والرفيقات، المناصرين لمشروع الطبقة العاملة الثوري الاشتراكي.
الدرس الثالث يجرّنا لنقاش شعارات البارحة التي راجت بشكل كبير في صيغة "إسقاط النظام" في أقصى الحالات.. وهي شعارات لازمت العديد من التظاهرات والوقفات والمسيرات، التي أنتجتها انتفاضة العشرين من فبراير 2011، حين تبيّن بالملموس بالنسبة للجماهير المنتفضة وبالنسبة لقواعد اليسار بشقيه، الإصلاحي والراديكالي.. الافتقاد للبرنامج الذي يفترض أن يكون نبراسا ومنارة لحشود المنتفضين، سواء تعلق الأمر ببرنامج تدبير الانتفاضة أو ببرنامج ما بعد نجاح الانتفاضة وتسلم الجماهير الكادحة للسلطة، دون استفادة تاريخية لا من هزيمة الكمونة ولا من هزائم الثورات الشعبية في تونس ومصر وليبيا واليمن..الخ
فعدم استناد الكومونيين للاشتراكية العلمية وللفكر الطبقي الثوري الذي يرفض التطبيع بين الجماهير الشعبية الكادحة ومن تكالب عليها وتآمر ضد مصالحها في أكثر من مناسبة، حيث سادت البلانكية والفوضوية بأفكارها وسياساتها وخططها بما فيها الخطأ القاتل بعدم الاستيلاء على البنك المركزي ووضعه تحت تصر الكمونة وخدمته للثورة.. ولم يكن ذلك بالصدفة إذ كان المسؤول عن اللجنة الاقتصادية في الكمونة برودونيا رفض بشكل قاطع وضع اليد على البنك.. يفسّر بجلاء أسباب هزيمة الكمونة، حيث أجمع الماركسيون منذ تلك اللحظة على ضرورة التوفر على شروط محددة ذاتية وموضوعية لقيام الثورات العمالية الناجحة، فمن يحضـّر للثورة بدون وجود حزب مسلح بالنظرية الثورية الاشتراكية العلمية ليس بماركسي ولا لينيني، كذلك الشأن بالنسبة لمن يخاف ويتوجس من الكلام عن البرنامج الذي يفترض فيه أن يتضمن مصالح جميع العمال والكادحين والمحرومين الفقراء والمهمشين.. في صيغته الاشتراكية التي ستصادر الأموال والممتلكات والمعامل والشركات والضيعات الكبرى والأراضي الشاسعة، لتأميمها ووضع اليد عليها من طرف سلطة الكادحين الغير مالكين من عمال وحلفائهم.. فلا علاقة له هو كذلك بالماركسية واللينينية.
ويمكن اعتبار هذه النقطة من أهم النقط الحاسمة التي أوقعت الكمونيين الأبطال، في التردد وعدم الحسم في أمور عدة ساهمت فيما بعد في انهزام الكمونة، كالانخراط مثلا في الإعداد للانتخابات، واقتصار الكمونة على تحصين دفاعاتها دون اللجوء للهجوم على القوات الموالية للبرجوازية التي هربت لفرساي دون تعقب وترك بنك فرنسا على حالته دون الاستيلاء عليه..الخ
هي ذي أخطاء الكمونة التي، كانت بمثابة دروس مهمة أخذت بها الحركات العمالية والأحزاب الماركسية التي وضعت نصب أعينها مهمة التغيير الثوري الاشتراكي بكل وضوح، وفق برنامج واضح ومفهوم للجماهير المعنية بالتغيير، وبالتالي الإعداد للثورة التي لن تخلو من عنف وتضحيات..الخ
فمن إنجازات الكمونة التي لا يمكن تبخيسها بأي شكل من الأشكال، إنصافا للكمونة وللكمونيين ولسائر الجماهير العمالية والشعبية التي وثقت في هذه الثورة وشعاراتها وطموحاتها الكبيرة.. يكفي أنها أصبحت بمثابة منارة للحركة العمالية العالمية منذ ذلك الحين، حين بيّنت الطبقة العاملة ولأول مرة في التاريخ عن قدراتها الحقيقية وعن إمكانياتها الواعدة للاستيلاء على السلطة وتدبير وممارسة الحكم بعيدا وضدا على الطبقات المالكة البرجوازية.
من خلال هذه التجربة بيّنت الطبقة العاملة لجميع الطبقات والفئات الشعبية حقيقة البرجوازية.. إذ يكفي أن تتعرض مصالحها ومصالح الرأسمال للخطر حتى تتبخـّر "وطنيتها" وتتحول لعمالة وخيانة خدمة لمصالح الرأسمال. فمن خلال تجربة الكمونة تبيّن أن ليس هناك من وطنية سوى وطنية الطبقة العاملة وعموم الكادحين غير المالكين، أما البرجوازية الفرنسية فقد سارعت لمد الأيادي بسرعة للجيش البروسي المحتل لتتوحد مصالح الرأسمالية في البلدين المتحاربين بروسيا وفرنسا، في مواجهة الطبقة العاملة الباريسية الثائرة.
بالإضافة لهذا حققت الكمونة الكثير من المكتسبات في مجال تمتيع العمال والعاملات بالحق في السكن والشغل والتعليم وتوفير الخبز للجميع.. كما حددت الأجور بما لا يميز بين الأجراء والموظفين بمن فيهم أعضاء الكمونة وقادتها أنفسهم. كما أقرّت نظام العزل في حق جميع الموظفين بمن فيهم القضاة، وألغت جميع مظاهر ورموز القمع والدموية، فأحرقت المقصلة وهدّمت عامود "فاندوم" رمز التعصب والعداوة ضد الشعوب الأخرى..الخ
هي ذي بعض من إنجازات الكمونة الرائعة التي حققتها خلال فترة وجيزة أي منذ 18 مارس إلى غاية 28 ماي من سنة 1871، حيث لم يتسنى لها تحقيق جميع ما كنت تصبو إليه ومصممة على إنجازه، بفعل الهجوم المستمر من طرف القوى المضادة للثورة، والمدعومة من طرف الجيوش الغازية المحتلة، في تحالف مفضوح بين البرجوازية الفرنسية المنهزمة مع البرجوازية البروسية المنتصرة في الحرب والعدوان على الشعب الفرنسي.
وبالرغم من أن الكمونة ارتبطت بقوة بعمال وعاملات باريس، فلا بد من التذكير بأن العمال والعاملات في العديد من المدن الفرنسية، حاولوا هم كذلك وقدر الإمكان فك العزلة عن كمونة باريس عبر تشكيل كمونات أخرى في مدن أخرى مثل ليون ومارسيليا وتولوز وسانت إيتيان وناربون ولكريزو..الخ أغرقت هي الأخرى في بحر من الدم بسبب القمع والمذابح التي أقدمت عليها قوى الثورة المضادة، وبسبب من الاعتقالات والسجن والنفي الذي لحق الكمونيين الأبطال في باريس وغيرها من المدن المنتفضة.



#وديع_السرغيني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دفاعا عن مهمة الصراع الإيديولوجي وأولويتها
- 26 يناير حركة شبابية تستحق المشاركة والدعم..
- ضد الهجوم الرأسمالي ومؤسساته المالية الإمبريالية..
- من أجل تعميق الوعي في صفوف الماركسيين.. بمهامهم
- في سياق التخليد لذكرى استشهاد سعيدة
- تضامنا مع الجماهير الطلابية بمرتيل
- في ذكرى المعطي الذي لم يساوم ولم يستسلم حتى الشهادة
- على خطى البلاشفة..في ذكرى ثورة أكتوبر العظيمة
- تضامنا مع الذين اعتدوا على -الموظفين- المساكين!
- فتاوي -ماركسية- ضد الشيوعية والإلحاد..
- في ذكرى الشهيدين الدريدي وبلهواري
- في ذكرى استشهاد الرفيق شباضة
- من أجل تمرد شعبي خارج الحسابات الانتخابية الضيقة..
- مرسي يُعزل من الكرسي.. والبقية تأتي
- أحداث وقضايا راهنة
- عودة لنقاش مهامنا داخل الشبيبة التعليمية
- على هامش الفاتح من ماي بالمدينة العمالية طنجة.
- دفاعا عن الحريات الديمقراطية.. ومن أجل إطلاق سراح المعتقلين ...
- نصرة للعمل الوحدوي داخل الصف اليساري التقدمي المكافح
- دفاعا عن حرمة الجامعة دفاعا عن حرمة الجامعة


المزيد.....




- الجمهوريون يحذرون.. جلسات استماع مات غيتز قد تكون أسوأ من -ج ...
- روسيا تطلق أول صاروخ باليستي عابر للقارات على أوكرانيا منذ ب ...
- للمرة السابعة في عام.. ثوران بركان في شبه جزيرة ريكيانيس بآي ...
- ميقاتي: مصرّون رغم الظروف على إحياء ذكرى الاستقلال
- الدفاع الروسية تعلن القضاء على 150 عسكريا أوكرانيا في كورسك ...
- السيسي يوجه رسالة من مقر القيادة الاستراتجية للجيش
- موسكو تعلن انتهاء موسم الملاحة النهرية لهذا العام
- هنغاريا تنشر نظام دفاع جوي على الحدود مع أوكرانيا بعد قرار ب ...
- سوريا .. علماء الآثار يكتشفون أقدم أبجدية في مقبرة قديمة (صو ...
- إسرائيل.. إصدار لائحة اتهام ضد المتحدث باسم مكتب نتنياهو بتس ...


المزيد.....

- عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية / مصطفى بن صالح
- بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها / وديع السرغيني
- غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب / المناضل-ة
- دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية / احمد المغربي
- الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا ... / كاظم حبيب
- ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1) / حمه الهمامي
- برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب / النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
- المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة / سعاد الولي
- حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب / عبدالله الحريف
- قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس / حمة الهمامي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - وديع السرغيني - في ذكرى الكمونة وانتفاضة العمال الباريسيين