|
المواطنة والدولة المدنية
حكمت مهدي جبار
الحوار المتمدن-العدد: 4400 - 2014 / 3 / 21 - 02:05
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
المواطنة والدولة المدنية حكمت مهدي جبار يبدو أن هناك شعورا ينتاب البعض بأن الكثير من الكتل والأئتلافات والتحالفات والتحزبات السياسية التي تتهيأ لخوض المعركة الانتخابية المقبلة للبرلمان العراقي القادم, يبدو أنها بدأت تتجه نحو أعادة النظر في شكل الدولة العراقية الجديدة.وهي خطوة جيدة لاسيما اذا ما أعتبرنا أن تلك التكتلات السياسية قد شعرت بتراكم اخطاء التجربة السياسية السابقة على يد الحكومة التي لم يبقى على نهاية ولايتها الا ايام قلائل. ونرى أن الغالب الأعم منهم راح يدعو الى ضرورة انشاء مؤسسات مجتمع عراقي مدني بما ينسجم مع الواقع العراقي الجديد. وهنا يبرز سؤال يطرح نفسه امام مجتمع مثل المجتمع العراقي الذي صار حقل تجارب سياسية وتنازعته الرغبات والنزعات وتيارات الجهل والمراهقة السياسية الطائشة.حتى كاد أن يتمزق أربا .لاسيما امام نخبه المثقفة ,هو هل أن مفهوم المجتمع المدني يمكن تطبيقه في العراق الذي هو مجتمع أسلامي بشكل عام مع وجود أديان أخرى.؟؟ ثم ماهو موقف اولئك الذين ينشدون دولة دينية تنسجم مع فلسفة الاسلام والحضارة الاسلامية؟ ثم كيف يتمكن من يبغي قيام مجتمع مدني أن يوائم بين مفهوم المدنية والمواطنة والحرية الجديدة والديمقراطية المعاصرة والتي يطلق البعض عليها انها ليبرالية التي هي شقيقة العلمانية مع مفهوم الدين لاسيما ألأسلمة؟ يقول البعض لاسيما الدينيين منهم, أن مفهوم المجتمع المدني جاءنا من الغرب.وهو يتوافق مع نظرة الأنسان الغربي للحرية وليس الأنسان العربي المسلم.وكذلك جاء ردا على ما ارتكبته النظم الدينية خاصة رجال الكنيسة ألأوربية.وذلك مجتمع غير مجتمعنا على حد قول الدينيين الذين مازالو يوعزون مفهوم المجتمع المدني للفكر القومي الأوربي ويعتبرونه فكرا أسس للديمقراطية ومبدأ فصل السلطات وحلقة وصل بين اجهزة الدولة ومؤسساتها المختلفة في ذلك المجتمع. ويوعز الدينييون اصحاب الأسلام السياسي أن مصطلح المجتمع المدني انما هو قرين التكون السياسي المعتمد في الفلسفة اللبرالية الرأسمالية المستند على عقد اجتماعي .كذلك يعتبرونه مرتبطا الى حد ما بالدكتاتورية والفاشية منطلقين من تجربة النازية في المانيا والفاشية في ايطالية وحتى بالشيوعية.ويعتبر اصحاب الاسلام السياسي ان ازاء تلك المفاهيم وقعت احداث مرة ادت الى نشوب حروب دمرت المجتمع الأوربي. هكذا يعتبرون هؤلاء الدينيين أن مفهوم المجتمع المدني انما هو افراز لكل تلك التحولات منذ عصر النهضة الى القرن العشرين ليشمل المجالات الفكرية والاجتماعية والسياسية وغيرها.ومعظم الدينيين المسلمين يعتبرون أن المجتمع الاسلامي هو مجتمع قائم على اساس التوحيد.وبظهور الاسلام ولدت امة جديدة ارتبطت بذلك الدين. أما فيما يخص مفهوم المجتمع في الاسلام فيقولون: أن المجتمع الذي دعا اليه محمد في المدينة المنورة ,هو الذي تكون في ظل النبي محمد (ص) والتي جاءت منه الأمة. أن الاسلاميين يرون أن الواقع العراقي واقع اسلامي.وتطوره يختلف عما هو عليه في المجتمعات الغربية.فرجل الدين السياسي يستند في منهجه السياسي على الحق الألهي الذي أعطاه الله تعالى لولاة الامور وليس على أساس العقد الاجتماعي كما هو في الغرب.وهذا مايؤكد عليه المسلمون الشيعة ومعهم اهل السنة. خلاصة الأمر أن مفهوم المجتمع المدني في نظر هؤلاء هو غربي الأصل والنشأة والتطور.وهو جاء ليحل محل المفاهيم الاسلامية فيما يتعلق بالعلاقات الاجتماعية والقيم الاخرى على حد قولهم. وتلك هي المشكلة بحد ذاتها.. أن دعاة المدنية اذ يدعون الى تأسيس دولة مدنية لايقصدون رفض أن يكون الدين الاسلامي هو الدين الرسمي لها.كما يتهمهم البعض من الدينيين بذلك.ودعاة المدنية عندنا في العراق هم ليس كؤلاءك الذين ينظرون الى الدين على أنه شأن أرضي لاسماوي وأن نصوصه المقدسة تتساوى مع النصوص الوضعية. فلماذا لم يتفق السياسيون بمختلف توجهاتهم والدينيون بمختلف مذاهبهم ألى اعادة صياغة برنامج جديد للسياسة والحكم والسلطة والدولة في العراق؟ لماذا الخوف من طرح حل يتلخص بقراءة الدين من جديد ؟.طرح يستند على مبدأ التعددية الفكرية والعقلية التي تتوافق مع طبيعة المجتمع العراقي ذو الاديان والمعتقدات والمذاهب المتعددة؟طرح يحترم كل العقائد ولكنه ينشد سلطة سياسية فيها وحدة التنوع والاختلاف.لكنها في النهاية تنتهي الى وحدة الوطن والمواطن.ثم لماذا لم ندعوا الى التخلص من عقدة (التعارض) بين المجتمع المدني الغربي والمجتمع المدني المسلم. نحن وبعد تراكم الاخطاء وأضطراب العملية السياسية في العراق وبعد معرفة الكثير منا اسباب ذلك التدهور سياسيين ودينيين ومثقفين أن من المتعذر أقامة دولة دينية في العراق.وحتى لو اقيمت دولة دينية اسلامية باعتبار ان الدين الرسمي في العراق هو الاسلام فأنها سوف لن تتمكن من تحقيق العدالة ليس بينها كدولة اسلامية وبين الأديان الأخرى انما حتى بين اطيافها ومذاهبها الاسلامية المتمثلة في السنة والشيعة. لذا يجب أن نحتكم الى الواقع.وأن نقر بتعددية وتنوع واختلاف وتباين طبيعة المجتمع العراقي متجهين نحو تأسيس (دولة مدنية). اننا ندعو المثقفين من رجال الدين والسياسيين ومن مختلف المرجعيات ان يراعوا ظروف هذه المرحلة الخطيرة في تاريخ العراق.وندعوهم ايضا من عدم التخوف من المفاهيم المعاصرة والتعامل معها باعتبارها صورة الحضارة الانسانية الجديدة.فلماذا الخوف من اللبرالية ؟ولماذا تكفير العلمانية؟ولماذا الخشية من الحداثة.فمن الممكن أن نستثمر كمسلمين أي مفهوم غربي بما يحوي من ايجابيات في خدمة الهدف الوطني الاسمى مع احترام الشريعة والفقه وكل الفرائض والعبادات والشعائر بمختلف اطيافها. أن النية المخلصة في اعادة صناعة حياة سياسية جديدة في العراق هي التي تدعو الى ضرورة ان يتجاوز الدينيون أشياء كثيرة لامبرر لها.شريطة أن تبقى العقيدة الدينية في مناى عن الاساءة .وأن الحل الأمثل لمشكلة تفاقم أسباب اضطراب العملية السياسية والوصول الى منظومة الدولة يتمثل في العمل على تأسيس مجتمع مدني تحترم فيه كل الحقوق الانسانية,بعيدا عن الولاءات والانتماءات الصغيرة التي لاتخدم الا اصحابها وأتباعها خارج حدود الهوية الوطنية ع
#حكمت_مهدي_جبار (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مشكلة العلاقة بين الله والبشر
-
مقال..
-
رؤية
-
مقالة
-
نص
-
العلاقة التناسبية الجمالية بين الأنسان والأشياء.
-
العنصر الصوري (التخلي) في الإبداع الادبي و الفني
-
التناص في الفنون التشكيلية (نصب الحرية أنموذجا)
-
الفن التشكيلي المعاصر في العراق .تعدد المصادر وأختلاف الأسال
...
-
ألأنسان والتجربة الجمالية.
-
شخصية كلكامش ..
المزيد.....
-
استبعاد الدوافع الإسلامية للسعودي مرتكب عملية الدهس في ألمان
...
-
حماس والجهاد الاسلامي تشيدان بالقصف الصاروخي اليمني ضد كيان
...
-
المرجعية الدينية العليا تقوم بمساعدة النازحين السوريين
-
حرس الثورة الاسلامية يفكك خلية تكفيرية بمحافظة كرمانشاه غرب
...
-
ماما جابت بيبي ياولاد تردد قناة طيور الجنة الجديد على القمر
...
-
ماما جابت بيبي..سلي أطفالك استقبل تردد قناة طيور الجنة بيبي
...
-
سلطات غواتيمالا تقتحم مجمع طائفة يهودية متطرفة وتحرر محتجزين
...
-
قد تعيد كتابة التاريخ المسيحي بأوروبا.. اكتشاف تميمة فضية وم
...
-
مصر.. مفتي الجمهورية يحذر من أزمة أخلاقية عميقة بسبب اختلاط
...
-
وسط التحديات والحرب على غزة.. مسيحيو بيت لحم يضيئون شجرة الم
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|