أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حسين صالح - لماذا العرب متخلفون بالعلم والمعرفة -الجزء 2/2















المزيد.....

لماذا العرب متخلفون بالعلم والمعرفة -الجزء 2/2


حسين صالح

الحوار المتمدن-العدد: 4399 - 2014 / 3 / 20 - 19:02
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


في الجزء الاول تطرق هذا البحث المتواضع الى عدة اسباب جعلت من العرب امة متأخرة في العلوم والتكنولوجيا وهنا نمر سريعا على بعض الاسباب الاخرى التي اوصلتنا الى ما نحن عليه من تخلف علمي
3- مفهوم العلم عند المسلمين الاوائل :
يقول الله تعالى ( انما يخشى اللهَ من عباده العلماء), فاطر28 .
يقول ابن عباس (أي الذين يعلمون ان الله على كل شيء قدير) , ويقول ابن كثير (انما يخشاه حق خشيته العلماء العارفون به) ويقول الحسن البصري ( العالم هو من خشي الرحمن بالغيب ورغب فيما رغب الله فيه وزهد فيما سخط الله فيه)ويقول الطبري ( انما يخاف الله ويتقي عقابه بطاعته العلماء بقدرته) .
فالعلماء في المنظور الاسلامي هم العارفون بالله وبدينه وبكتابه وسنة نبيه والعارفون باسماءه وصفاته , فما يهمنا هو فهم الاولون والمفسرون السابقون لكلمة العلم والعلماء ,وليس المقصد الالهي, ففهمهم هو من أسس للفقه ورسم ملامح الثقافة الاجتماعية والفكر الاسلامي, فربما كان المقصد الالهي مختلف ولكن هذا لايهمنا فهو لم يؤثر في الواقع. فالعلم في الثقافة الاسلامية هو العلم بالله والقران وتفسيره وكيف يتطور هذا العلم الى بقية العلوم الشرعية المشتقة من فهم القران والسنة , وعليه فان كلمة العلم لاتمت بأدنى صلة بالعلوم العقلية او الطبيعية او الطب او الرياضيات فهي مجرد تشابه بالاسماء ليس إلا.
وفي اية ( وقل ربي زدني علما) والتي نزلت بحق رجل لطم زوجته وجاءت تشكوه للنبي فجعل لها القصاص , وما ان ذهبت حتى نزلت الايه (وَلَا تَعْجَل بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْل أَنْ يُقْضَى إِلَيْك وَحْيه وقل ربي زدني علما) ثم نزلت ( الرجال قوامون على النساء) , فكان المقصود هو زدني من العلم القراني بالاحكام الشرعية والمعاملات وهكذا فهموه الاولون وهكذا تصرفوا ازاءه وبنوا فقههم .
وفي الصحيحين, الحديث( خيركم من تعلم القرآن وعلمه) وبالتأكيد سيتسابق المتسابقون لخيرتعلم القرآن دون غيره, وقال العلماء ان افضل المشتغلين بالعلم هم المشتغلون بالقرآن ولأن القران كلام الله فكل متصل به هو اشرف شيء بالوجود. وفي الاية الكريمة( فيه تبيان كل شيء ) وكل شيء هي عبارة شاملة لامجال لتجزئتها فلاحاجة لاي علم بعد العلم بالقران , وهذا مافهمه الخليفة عمر, ففي مختصر الدول ,ابي الفرج الملطي( طلب يحيى الغراماطيقي من عمرو بن العاص ان يعطيه كتب الحكمة في الخزائن الملوكية بالاسكندرية فكتب عمرو بذلك الى الخليفة عمر فاجابه(وأما الكتب التى ذكرتها فإن كان فيها ماوافق كتاب الله، ففى كتاب الله عنه غنى، وإن كان فيها مايخالف كتاب الله، فلاحاجة إليه فتقدم بإعدامها)، فشرع عمرو بن العاص فى تفريقها على حمامات الأسكندرية وإحراقها فى مواقدها، فاستنفدت فى مدة ستة أشهر). ولأن هذه الكتب العلمية بنظر العرب لاتساوي شيء فأنهم فضلوا احراقها على ارجاعها لاصحابها.
ان العالم هو الذي يعبد الله على بصيرة بخلاف الجاهل فأنه لا يعبد الله على بصيرة , لذلك نجد الاسلام يأمرنا بطلب العلم حتى نعمل بالاسلام واحكامه على بصيرة . وروي عن ابن مسعود انه قال (ليس العلم بكثرة الحديث ولكن العلم بالخشية ) .
وفي الحديث ( ان هذا القرآن مأدبة الله فأقبلوا على مأدبته ماإستطعتم) فهذه المادبة لايحتاج بعدها المسلم الى مأدبة اخرى فما الحكمة بعد ذلك من أقباله على مأدبة العلوم العقلية والطبيعية ! .
وفي الاية 11 من سورة المجادلة ( يرفع الله الذين امنوا منكم والذين اوتوا العلم درجات) . يقول ابن مسعود مدح الله في هذه الاية العلماء والمعنى انه يرفع الله الذين امنوا واوتوا العلم على الذين امنوا ولم يؤتوا العلم , درجات في دينهم اذا فعلوا ما امروا به .
وفي الحديث ( من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين ) فالجميع بالتاكيد سيطلب هذا الخير وسيكتفون به عن اي خير ياتي من العلوم الاخرى .
. في ترجمة ابراهيم بن الجراح لمحي الدين الحنفي ( أتيته اعوده فوجدته مغمى عليه فلما افاق قال لي : يا ابراهيم ايهما افضل في رمي الجمار , ان يرميها الرجل راجلا او راكبا ؟ .. وبعد الاجابة قمت من عنده فما بلغت الباب حتى سمعت الصراخ عليه, اي انه توفى) من هذه القصة الطريفة نعرف تماما معنى مفهوم العلم عند المسلمين , فهذا العالم على فراش الموت وقد افنى عمره وهو يفكر ايهما افضل في رمي الجمار, راجلا ام راكبا !! فهذا اقصى مدى ممكن ان يصله عقل "العالم" المسلم . ان الموضوع لايتعدى كونه تشابه بالمفردات فعلماء الاسلام بالحقيقة هم مشايخ المسلمين او رجال الدين ولكن عندما نستعمل كلمة عالم يقع الالتباس بين رجل دين وعالم فضاء , لاننا نستعمل نفس المفردة لوصف شخص يعلم بالاحكام الشرعية وشخص يعلم بالفيزياء الكونية , المضحك ان الشخصين مقتنعان ان الاخر لاقيمة لعلمه .
4- اغلب علماء المسلمين ليسوا عربا :
وهذا بالتأكيد له اسبابه , يقول ابن خلدون ان العلم من الصنائع التي يختص بها الحضر وان العرب ابعد مايكونوا عن التحضر فهم اهل بداوة , فصارت العلوم لذلك حضرية وبعُد العرب عنها وعن سوقها , والحضر في ذلك العهد هم العجم واهل الحواضر الذين هم تبع للعجم في الحضارة وكانت الصنائع والحرف وبالتالي العلوم التي هي من الصنائع من احوال تلك الحواضر , واما العرب الذين ادركوا هذه الحضارة بعد ان خرجوا من البداوة فقد شغلتهم الرياسة والقيام بالملك بدلاً عن القيام بالعلم وكانوا اهل الدولة وسياستها اضافة الى ان الانفة العالية للفارس العربي تجعله يأبى ان ينتحل الصنائع والحرف, والعلوم واحدة من هذه الصنائع فتركوها للموالي بمعنى ادق اختص العرب بالرياسة والغزو والسبي والجواري وهذه صفاتهم البدوية التي نشأوا عليها اصلا , وتركوا العلوم لأهل الحواضر وهم الموالي.
وهناك سبب اخر وهو ان العجم واهالي الحضر كانوا اصحاب ملك ورياسة قبل الغزو العربي لهم الذي تسبب في ضياع ملكهم , وبعد ان فقدوا الرياسة صار حري بهم ان يبحثوا عن الرياسة في ميدان اخر فكان ميدان العلم الذي ركبوا صهوته للتعويض عن جزء من الخسارة , وهذا بالحقيقة احد مباديء عالم النفس كارل غوستاف يونغ في نظريته في التحليل النفسي وهو مبدأ التعويض حيث يقول يونغ عندما تشعر الشخصية بأنها في حالة صراع نتيجة عجزها عن تحقيق هدف مرغوب فيه فأنها تبحث لنفسها عن اهداف اخرى لها نفس الجاذبية ويترتب على تحقيقها ازالة هذا الصراع .
كما ان هناك سبب اخر يرتبط بالبيولوجي , ففي انظمة الكائنات الحية يوجد مبدأ الضمور وهو مبدأ معروف والذي يقول ان كل عضو لايستعمل لفترة طويلة يصيبه الضمور وبالتالي من الصعب الرجوع الى هيئته الاولى , وهذا ما اصاب العقل العربي بعد ان تركناه قرون طويلة وهو في حالة سبات وعدم استعمال , حتى صار من الصعب اليوم ردم الفجوة المعرفية الهائلة بيننا وبين المجتمعات المتطورة .
5- المناهج التعليمية والاعلام الممنهج :
يقول فرنسيس بيكون "المعرفة هي القوة".
إن مناهجنا التعليمية هي بالحقيقة انعكاس لما اسلفنا له سابقا من فساد الخبرة في ميدان العلم والمعرفة, فاغلب مناهجنا الدراسية اليوم تعتمد على الاسلوب التحفيظي وبذلك نحن ننتج اجيالا مثل الببغاوات تحفظ دون تدبر ولاتمحيص انها مناهج لاتعتمد على الاسلوب العلمي البحثي والذي يدعو الى إعمال العقل , فعندما نخضع التاريخ مثلا للمنهاج البحثي والتحليلي اوندرس علم الاديان المقارن ,فإن هذا الاسلوب قد يوصلنا الى نتائج قد تمس الكثير من الثوابت !وعندما نعرف ان كل تراثنا بكل شخوصه واحداثه هو تراث مقدس برذائله وفضائله نفهم لماذا مناهجنا تبتعد عن الاسلوب البحثي الاستقرائي لأن البحث والتدقيق يتعارضان مع التقديس, و بهذا تعطلت ادمغتنا لقرون عن اداء مهامها في البحث والاستكشاف , إن التفكير العلمي يبدأ من الشك لا من الإيمان وبذلك يخضع كل المعلومات المتوارثة من السلف الى مبدأ التدقيق للتأكد من صدقها وصلاحيتها بالدراسات المقارنة والتحليل والاستقراء , المؤسف ان كل هذه الطرق والاساليب والتي دعا اليها فرنسيس بيكون في منتصف القرن السادس عشر لازالت بعيدة عن مناهجنا التعليمية .
اضافة الى الاعلام المعاصر والمشبع بالقنوات الدينية التي تبث الفرقة والكراهية والتي تدعو الى التقهقر الى الوراء حيث ثقافة القرون الوسطى بكل فضائلها ورذائلها وبهذا تنتج اجيالا ممسوخة تعيش الماضي لتعيد انتاجه مرة ثانية وثالثة الى يوم يبعثون .
في دراسة احصائية غير رسمية تشير الى ان عدد القنوات الفضائية الدينية تجاوز 150 قناة الكثير منها تحمل صبغة طائفية لتسميم العقول الناشئة بدل بث العلوم والمعارف والتكنولوجيا , فنحن لانرى قنوات علمية عربية متخصصة, وقنوات غربية علمية مثل ديسكوفري او ناشيونال جيوغرافيك لا يتابعها من الشباب العربي الا الفئة القليلة على عكس القنوات الدينية التي تجذب فئات كبيرة من المجتمعات العربية .
اخيرا يقول العالم الانثروبولوجي البريطاني جيمس فريزر في كتابه الغصن الذهبي (ان البشرية مرت بثلاثة اطوار رئيسية هي السحر والدين والعلم) ولكن للاسف العرب لازالوا يعيشون في فترة ما بين السحر والدين اذ انهم حتى لم يصلوا بعد الى طور الدين النقي الخالي من السحر والشعوذة فمابالنا بطور العلم !.

ثانيا -الدولة العثمانية :العثمانيون لهم دور كبير في تأخر العرب وسنترك هذا الباب لبحث مستقبلي ان شاء الله.



#حسين_صالح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا العرب متخافون بالعلم والمعرفة
- الصراع الدموي بين المذاهب الاسلامية
- امتهان العربان لكرامة الشعوب في احتلال البلدان
- احتلال العراق ومثلث النار
- هل الاسراء والمعراج حقيقة ام خيال
- منجز العرب في الحضارة الاسلامية


المزيد.....




- أول رد من الإمارات على اختفاء رجل دين يهودي على أراضيها
- غزة.. مستعمرون يقتحمون المقبرة الاسلامية والبلدة القديمة في ...
- بيان للخارجية الإماراتية بشأن الحاخام اليهودي المختفي
- بيان إماراتي بشأن اختفاء الحاخام اليهودي
- قائد الثورة الاسلامية آية الله‌خامنئي يصدر منشورا بالعبرية ع ...
- اختفاء حاخام يهودي في الإمارات.. وإسرائيل تتحرك بعد معلومة ع ...
- إعلام العدو: اختفاء رجل دين اسرائيلي في الامارات والموساد يش ...
- مستوطنون يقتحمون مقبرة إسلامية في الضفة الغربية
- سفير إسرائيل ببرلين: اليهود لا يشعرون بالأمان في ألمانيا
- المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف مستوطنة -أفيفيم- بصلية صا ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حسين صالح - لماذا العرب متخلفون بالعلم والمعرفة -الجزء 2/2