|
كركوك بموقعها الجغرافي وتطبيع الاوضاع فيها
مصطفى محمد غريب
شاعر وكاتب
(Moustafa M. Gharib)
الحوار المتمدن-العدد: 1250 - 2005 / 7 / 6 - 12:09
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
منذ ان تم اكتشاف النفط وثم استخراجه تغيرت النظرة الجغرافية الاستعمارية والحكومات المتعاقبة على العراق لمنطقة كركوك وبدأت شبه مؤامرة عليها لفصلها عن موقعها الجغرافي تحت حجج غير قليلة هدفها السيطرة على مواردها النفطية والحساب للمستقبل حتى لاتكون حجة بيد الشعب الكردي فيما يخص عائدات النفط الهائلة ومنها اعمار المنطقة وعملية تهجير الكرد وتحجيمهم بجلب العرب من مناطق عديدة للسكن والعمل من اجل التغيير السكاني وهذه العملية لم تضر الكرد فحسب بل انها اضرت باقي القوميات الاخرى كالتركمان والكلدواشوريين والسريان والارمن وغيرهم ولقد باشرت شركات النفط الانكليزية الاستعمارية منذ البداية بدعم من الحكومة العراقية على خلق حالة من عدم الثقة بين القوميات وفق مبدأ " فرق تسد " السيء الصيت مما جرّ الاوضاع الى الكثير من المصادمات الفردية والجماعية الا ان الروح الاخوية الاممية والوطنية التي كانت تنتهجها بعض الاحزاب الوطنية الديمقراطية أبقت على هذه الروح الاخوية كحجر صلد لم تستطع كل ضروب المؤامرات التي حكيت على خلق عداء مستفحل بينهم أو ان تنال من وحدتهم الوطنية وحبهم للعراق كبلد حر ومستقل، اما عائدات النفط الهائلة فلم تستفد منها كركوك بالذات لا ارضاً ولا شعباً وكذلك العراق بشكل عام الا النزر القليل جداً، فقد سرقت أكثرية اموال الشعب من قبل الشركات الاستعمارية بطرق ملتوية وبقى العراق بلداً متخلفاً حتى زاد تخلفه باستلام مقاليد السلطة فيه من قبل النظام الشمولي السابق واصبح الآن خراباً لا تكفي كل عائدات النفط ان تعيد بناؤه بشكل جيد ليلتحق بركب الامم المتقدمة. ان قضية اقصاء كركوك هذه المحافظة الشمالية من جغرافيتها وسلخ مناطق واقضية ونواحي وقرى منها وضمها الى محافظات اخرى ليس ضمن منطقة كردستان العراق وتغيير اسمها الى محافظة التأميم مثال تكريت التي حولها أحمد حسن البكر ــ صدام حسين بقدرة قادر من قضاء متخلف الى محافظة مزدهرة ببناياتها ومرافقها وخلق طيقة جديدة من الاغنياء الكبار باموال النفط وبهذا الاتساع يعتبر حقداً شوفينياً متطرفاً واكبر اعتداء على حقوق الغير ويعتبر غير قانوني مارسته سابقاً الحكومات المتعاقبة على العراق" ما عدا ثورة 14 تموز" وفي مقدمتها النظام الشمولي الذي حاول طوال تواجده تغيير السمات الاساسية السكانية والطبوغرافية لكي يثبت ان كركوك عالم خاص منفصل عن الجميع على الرغم من وجود الوثائق والخرائط القديمة وبالرغم من التقسيمات الادارية للدولة العثمانية حول الولايات فأن الكثير من الوثائق العثمانية تشير ان كركوك تقع شاء من شاء ضمن منطقة كردستان العراق جغرافياً وتسكنها اكثرية كردية بغض النظر عن من سكنها ويسكنها لحد هذه اللحظة من كرد وعرب وتركمان وكلدو اشوريين وغيرهم. لا شيء يثني المرء في قناعته الا المنطق في الحكمة والمنطق في الحكمة وفي قضية كركوك وتشويه الواقع منطق فقد حكمته ويحاول البعض من يتشدق بالحكمة ان يغلف منطقه بما يتنافى في الواقع مع كل الحقائق الموجودة وكأنه يقول ان البشر يتمتعون بمزايا واحدة لا تختلف وهم متشابهون في كل شيء ولا فرق بينهم طبقياً او قومياً او دينياً اوثراء. المنطق والحكمة والواقع تؤكد ان كركوك تقع جغرافياً في شمال العراق اي منطقة كردستان وليس الوسط او الجنوب او الشرق او الغرب ومن هذا الواقع يستشف المرء ان اية دعوى لنكران الحقيقة هو تشويه للمنطق وللحقيقية فلماذا يصر البعض على تغيب الحقائق ويبقى يدور في فلك البيضة من الدجاجة ام الدجاجة من البيضة وهو يعرف جيداً ان جوابه عسير وصعب ولا يستطيع احداً مساعدته اذا لم يكن هو مقتنع بجوابه بحيث لا يمليه عليه احد.. لو كانت على سبيل المثال كركوك ليست غنية بالنفط حالها حال اية محافظة أخرى فهل كان احداً قد اعارها اهمية مثلما تُعَار الآن بهذه الدرجة من الحمية والاصرار غير المنطقي ؟ اقول جازما لا ثم لا لأن عند ذلك سيجري الحديث عن الاخوة الوطنية الحميمة بين القوميات والاديان والطوائف في كركوك وتقر بكل طيبة خاطر انها تقع في شمال العراق وضمن منطقة كردستان، وهل كانت تركيا مثلاً تدعي الخوف على الاخوة التركمان من التصهير او الاعتداء على حقوقهم ؟ الم تكن تركيا اول الداعين لضم الموصل وكركوك ليس سابقاً فحسب انما قبل الحرب الاخيرة او بعد احتلال العراق بحجة انها اراضي تركية يجب ان تعود لتركيا الام ؟ هناك كثير من الاستفسارات والاسئلة تقبع في فكر الانسان حول تضارب المصالح وتلاقيها في بعض الاحيان ومنها عندما وجدوا ان العراق احتل ظنّوا انه سيكون كالدولة العثمانية التي لقبوها بالرجل المريض أو مثل يوغسلافيا السابقة ترى كل قسم اصبح يغني على ليلاه، لكن العراق على الرغم من الدمار والخراب والارهاب والقتل والاحتلال ومأسي الماضي المأساوي المؤلم ليس بالرجل المريض ولا يشبه يوغسلافيا واكثرية الشعب العراقي والقوى الوطنية الديمقراطية المخلصة مدركة بنوع المخاطر على استقلال بلدهم وهم يصارعون من اجل الانقاذ، بناء الدولة وخروج القوات متعددة الجنسيات ولا يمكن المساوة على هذه القضية لأنها بحق قمة الوطنية والاخلاص للوطن لكن ليس عن طريق حمامات الدم والتفجيرات والتفخيخات العشوائية ضد الابرياء والقتل والاغتيالات والخطف وعصابات المافيا المنظمة التي تدعي انها سياسية او بعض الاحزاب الاسلامية التي تريد نقل تجارب بلدان اخرى لتطبقها على واقع العراق وفي كل الاحوال هذه نجد ان الخاسر الاكبر هم الفقراء من الناس.. والشعب الكردي يصرخ ليل نهار انه لا يريد الانفصال بل يطالب ان يكون العراق فدرالياً، حراً، ديمقراطياً، تعددياً وهناك اصوات تطالب فدرالية للجنوب وهذا لن يضر الوحدة العراقية بقدر ما يعززها في نظام ديمقراطي لاديني على الطريقة القديمة. لن نعود للحديث مطولاً حول الحكومة الجديدة والاتفاقية بين قائمة الائتلاف الموحد وقائمة التحالف الكردستاني التي قامت على اساس المحاصصة الطائفية والقومية لكننا قلنا ونقول انها حملت تناقضاتها الكثيرة معها لأنها لم تتوصل الى الى الحد الادنى في التفاهم على برنامج العشرة اشهر المحكومة بها ففي كل مرة يتم خرق بنود الاتفاق ويخرقها السيد رئيس الوزراء الجعفري او احد مسؤولي الائتلاف الوطني وقد ظهر هذا الخرق في اداء القسم امام الجمعية الوطنية وقامت الاعتراضات وهبت الدنيا حتى تراجع عنها واعيد القسم وما انتهت هذه الازمة حتى تلتها ازمات كانت تذلل في كل مرة بعد جهد جهيد وتهديدات التحالف الكردي بالانسحاب من الحكومة ومثلما يقال ما تختفي ازمة الا وتخلق اخرى وهكذا دواليك.. واليوم اطل علينا السيد الجعفري مرة اخرى من خلال تصريحاته لصحيفة الشرق الاسوط اللندنية فيما يخصوص قضية كركوك متجاوزاً الفقرة 58 من قانون ادارة الدولة التي تنص على تطبيع الاوضاع في كركوك باعادة المهجرين من الكرد والتركمان والكلدواشورين وغيرهم وكأنه لايريد لهذه الحكومة الاستقرار في ظروف اشتداد الهجوم المعاكس من قبل الارهاب وبقايا النظام والعصابات وجميع الذين ارتعبوا من سقوط النظام ولا اعرف لماذا هذا التخبط في المواقف هل لعدم القناعة بحقوق الكرد والتركمان والكلدواشورين والسريان والارمن والصابئة والازيدين وبقية الطوائف على اساس الاسلام يجمع ويحكم الجميع او التشابه في المواقف بين نظرية ولاية الفقيه ومواقفهم ام عدم القناعة اساساً بالتحالف مع القائمة الكردية والخلل في الاتفاق المرحلي الذي تم معها ولهذا نجده ومن بعض الذين معه لا يلون على موقف ثابت الا اللهم قضايا يتفق عليها الجميع ليس التحالف الحكومي الحالي حتى الذين هم معارضين له، كان على قائمة الائتلاف الموحد المدعوة من قبل المرجعية الشعية وفي مقدمتهم السيد السيستاني ان تدرك منذ البداية وهذه ليسن بمجاملة للقوى الكردية ان الكرد اصابهم الاضطهاد القومي الشوفيني من قَبْلَ ومن قِبَلْ الحكومات العراقية المتعاقبة ما عدا بداية ثورة 14 تموز 1958 بقيادة المرحوم عبد الكريم قاسم وغمطت حقوقهم على امتداد سنوات طويلة ولهذا حملوا السلاح ليس فقط ضد الدولة العراقية بل حتى ضد الاستعمار البريطاني وان معاهدة لوزان 1923 هي التي قسمت كردستان ودمرت القضية الكردية وعليهم ان يقروا مبدأ تقرير المصير لجميع الشعوب والقوميات المضطهدة كي يثبتوا انهم تخلصوا من عقدة السائل والمسؤول والحاكم والمحكوم. ولا نجد هنا الا القول على ضرورة تفعيل عمل لجنة تطبيع الاوضاع في كركوك التي صادقت عليها مؤخراً الجمعية الوطنية وجعلها اداة دينمامكية فعالة وعدم التدخل في شؤونها ودعمها مادياً.. كما اننا نؤكد ان قضايا تاريخية غيبت او شوهت او مازال التشويه مستمراً لها وبها مثل جغرافية محافظة كركوك ومهما طال الزمن فسوف تحق حقوقها وترجع الى واقعها الحقيقي وكل فرع يرجع لاصله كما في قصة القطط والشموع.
#مصطفى_محمد_غريب (هاشتاغ)
Moustafa_M._Gharib#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مخططان مختلفان شكلاً حققا الهدف المرسوم
-
هل المليشيات الشيعية العراقية ومليشيات الباسيج شكلان لهدف وا
...
-
الإنتخابات الإيرانية وغروب رفسنجاني البراغماتي بفوز محمود أح
...
-
لو كنت في مكـــان صدام حسين والعياذ بالله ماذ كنت ستفعل؟
-
لأنـــهُ كان العراق.. لأنـــهُ كل العراق
-
الانتخابات البرلمانية القادمة وضرورة انجاز الدستور الاتحادي
...
-
الاصلاحات حسب مفهوم التيار الوطني الديمقراطي
-
صرح النصوص في طريق العلامـــة
-
دعوة الشيخ الجليل عبد المحسن التويجري لكن..! ما حك جلدك مثل
...
-
العملية الأمنية ودول الجوار ودبلوماسية الحوار الهادئ
-
العلاقـــة ما بين الحكومة العراقية والقوات متعددة الجنسيات
-
القــرار الفردي والالتزام بالقوانين
-
انعكـــاس لرؤى قادمــــة
-
لمـــاذا الآن ؟ صور لصدام حسين نجومية على طريقة الاعلام الدع
...
-
ماذا يريد السيد الامين العام عمرو موسى من العراق ؟
-
الشهداء أسماء خالدة في سماء العراق وضمير الشعب
-
الارهاب بوجهيه القديم والجديد بقيادة المنظمة السرية
-
الجامعة العراقية المفتوحة ومسؤولية الدولة والحكومة العراقية
...
-
ثقافـــة الفكــر الشمولي ومنهج الديمقراطية المصنّع
-
ما يكتبه البعض من الكتاب والحسابات حول واقع التيار الوطني ال
...
المزيد.....
-
الحوثيون يزعمون استهداف قاعدة جوية إسرائيلية بصاروخ باليستي
...
-
إسرائيل.. تصعيد بلبنان عقب قرار الجنايات
-
طهران تشغل المزيد من أجهزة الطرد المركزي
-
صاروخ -أوريشنيك-: من الإنذار إلى الردع
-
هولندا.. قضية قانونية ضد دعم إسرائيل
-
وزيرة الخارجية الألمانية وزوجها ينفصلان بعد زواج دام 17 عاما
...
-
حزب الله وإسرائيل.. تصعيد يؤجل الهدنة
-
مراسلتنا: اشتباكات عنيفة بين مقاتلي -حزب الله- والقوات الإسر
...
-
صافرات الانذار تدوي بشكل متواصل في نهاريا وعكا وحيفا ومناطق
...
-
يديعوت أحرونوت: انتحار 6 جنود إسرائيليين والجيش يرفض إعلان ا
...
المزيد.....
-
الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات
/ صباح كنجي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت
...
/ ثامر عباس
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|