|
الدعاة وقيم الأديان
فريدة النقاش
الحوار المتمدن-العدد: 4398 - 2014 / 3 / 19 - 08:56
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
تناقش كل الدوائر المرتبطة بالأزهر والأوقاف والافتاء هذه الأيام دور الدعاة في المرحلة الراهنة بعد تفاقم الإرهاب باسم الدين الذي اصبح يشكل هما سياسيا واجتماعيا رئيسيا في البلاد. وتستهدف المناقشات طريقة تكوين الدعاة ليلعبوا أدوارا إيجابية في مواجهة التطرف الذي يبدأ في الأفكار وينتهي إلي حمل السلاح ضد المجتمع.
ومايزال أمام الأساتذة والعلماء الذين يعلمون الدعاة الجدد طريق طويل للتخلص من القراءات الحرفية والنصية المحدودة للدين وصولا إلي عصرنة الفكر الديني حتي يتلاءم ويتوافق مع احتياجات العصر والتطورات العاصفة التي في مناهج المعرفة والأديان المقارنة والبحث العلمي عامة وما يعانيه الدعاة المنتشرون من آلاف المساجد والزوايا من بؤس معرفي هو حصاد تراكم طويل جري صنعه علي مدار مئات السنين بعد أن قامت القوي الرجعية دفاعا عن مصالحها وحرصها علي قيادة الجماهير كقطيع يسمع ويطيع بتهميش الفكر النقدي المنفتح في الثقافة العربية الإسلامية، والتعتيم علي رموزه وصولا إلي مصادرة أعمالهم وحرق كتبهم وحتي التعذيب والقتل. وفي المقابل جري تسليط الأضواء علي الفكر الجبري الذي روج له الأمويون تبريرا لاستبدادهم ولعمليات الاستغلال الواسعة التي قاموا بها للشعوب التي فتح الإسلام بلادها وإدخالهم مفهوم وراثة الملك في حكم الامبراطورية.
وهكذا غاب الفكر النقدي والرؤية العلمية المستنيرة للعالم وأخذ التطرف وضيق الافق والقراءة النصية تتوالد جميعها ذاتيا علي امتداد العصور، وتغذيها نظم التسلط والاستبداد والانقسام الاجتماعي الوحش. وأخذ هذا التوالد يفعل فعله في صفوف الجماهير العريضة التي سحقها البؤس المادي بالفقر والأمية، والبؤس الروحي الذي أشاعه تجار الدين بألاعيبهم.
وفي هذا السياق لعبت مؤسسات التنشئة الاجتماعية أدوارا سلبية خاصة حين انهار تعليم الفقراء انهيارا شاملا. بينما انتشرت الرؤي المتخلفة من وسائل الإعلام المختلفة سواء خاصة أو مملوكة للدولة، وبخاصة تلك التي سيطرت عليها جماعات اليمين الديني التي اعتقلت أذهان البشر في رؤيتها لانقسام العالم بين فسطاطين دار الإسلام ودار الحرب مدعية أنها هي الممثل الشرعي للإسلام حيث تنظر إلي كل من عداها باعتبارهم كفارا لابد من دعوتهم إلي الدخول في الإسلام عن طريق الدعوة أحيانا وعبر العمل المسلح في أغلب الأحيان والتقطت الدوائر الامبريالية هذه التوجهات التي وجدت أنها ملائمة تماما لمشروعها للهيمنة علي العالم في ظل الأزمة العميقة للرأسمالية التي فقدت منذ أن تحولت إلي الاحتكار دورها التقدمي وأخذت تبحث في ذاكرة الثقافات الإنسانية كافة عن كل ما هو رجعي وقمعي ليخدم مشروعها في كبح تقدم الشعوب.
ولعبت المؤسستان الدينيتان الأساسيتان في مصر أي الأزهر والكنيسة الدور الأساسى الداعم لكبح النقد والإبقاء علي مناهج التلقين التي استعار منها اليمين الديني مفاهيم السمع والطاعة، ولم تتعاملا مع التطورات العالمية في ميدان الفكر الإنساني تعاملا جديا وشاملا خاصة علم الأديان المقارن.
وتأتي الأسرة كمكون رابع وأساسي في منظومة مؤسسات التنشئة الاجتماعية وهي تتشكل من حصاد تفاعل أعمال هذه المؤسسات سالفة الذكر وتقوم بدورها غالبا علي التسلط الأبوي.
ورغم أن حصة الدين في المدارس تشكل عبئا نفسيا كبيرا جدا علي الأطفال المسيحيين الذين يجدون أنفسهم كالمنبوذين بعيدا عن الجسد الرئيسي لفصولهم ساعة هذه الحصة، وهو ما عبر عنه الفيلم البديع «لامؤاخذة» لعمرو سلامة كاشفا عن هذه المحنة في تعبير فني بليغ.
وكانت هذه الصفحة قد طرحت فكرة توحيد حصة الدين في المدارس لتتضمن القيم المشتركة والعليا للديانات كافة، وتتجنب كل ما هو خلافى وشائك شأن قضية صلب المسيح، ولكن أحدا لم يستجب، وتبقي هذه الفكرة مطروحة إلي أن يقضي الله أمرا.
كانت الهيئة القبطية الانجيلية سباقة قبل ما يزيد علي عشر سنوات حين دعت رجال دين مسيحيين ومسلمين في ورشات عمل مشتركة تبادلوا فيها الأفكار والمقترحات والهموم، ومازال هذا العمل قائما وقد راكم تراثا كبيرا بوسعنا أن نستفيد منه في تكوين الدعاة الجدد حتي يواكبوا مناخ الثورة الذي احدث تغييرا هائلا في ذهنية المصريين ورؤيتهم للعالم، إذ أصبح النقاش والجدل ماذة يومية في حياتهم خاصة بعد الموجة الثانية من الثورة في 30 يونيو 2014 التي رفضوا فيها الدولة الدينية رفضا قاطعا وصريحا وأطاحوا بحكم اليمين الديني. ولابد أن يتطور عمل الدعاة ليتواءم مع هذا الواقع الجديد.
#فريدة_النقاش (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
القضاء ينتصر للحرية
-
الكاتب والسلطان
-
الدولة الدينية تقتل الشعراء
-
الثورة.. إبداع متواصل
-
إسرائيل دولة يهودية!
-
المواطن الإيجابي
-
إجرام فى حق التنوير
-
دعم لإنقاذ السينما
-
إسقاط الفوضي
-
قيم إنسانية عليا
-
الثقافة في الثورة
-
ولا أحزاب علي أساس ديني أو مرجعية دينية
-
لا مصالحة مع الإرهاب
-
يا بركان الغضب
-
لو خرج الفلاحون
-
هشاشة المعرفة
-
علمانية تركيا المتجذرة
-
خوف الفاشية من الثقافة
-
حتي ولو مسيحيا واحدا
-
خريطة للأمل
المزيد.....
-
1 من كل 5 شبان فرنسيين يودون لو يغادر اليهود فرنسا
-
أول رد من الإمارات على اختفاء رجل دين يهودي على أراضيها
-
غزة.. مستعمرون يقتحمون المقبرة الاسلامية والبلدة القديمة في
...
-
بيان للخارجية الإماراتية بشأن الحاخام اليهودي المختفي
-
بيان إماراتي بشأن اختفاء الحاخام اليهودي
-
قائد الثورة الاسلامية آية اللهخامنئي يصدر منشورا بالعبرية ع
...
-
اختفاء حاخام يهودي في الإمارات.. وإسرائيل تتحرك بعد معلومة ع
...
-
إعلام العدو: اختفاء رجل دين اسرائيلي في الامارات والموساد يش
...
-
مستوطنون يقتحمون مقبرة إسلامية في الضفة الغربية
-
سفير إسرائيل ببرلين: اليهود لا يشعرون بالأمان في ألمانيا
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|