أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - ناجي عقراوي - هل تستطيع الحكومة التركية تجاوز مواريث عنصرية متراكمة ؟















المزيد.....


هل تستطيع الحكومة التركية تجاوز مواريث عنصرية متراكمة ؟


ناجي عقراوي

الحوار المتمدن-العدد: 319 - 2002 / 11 / 26 - 04:18
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


نشرت في جريدة الزمان الغراء عدد 1373 في 25/11/2002 
   
                       
                                                                       

                                                                                                  
يشترك المتطرفون في الشرق و الغرب في نقطة واحدة وهي انهم جميعا ينظرون إلى النصف الفارغ من الكأس ، لذا نجد الكثيرين منهم في الغرب يضعون الإسلام في خانة التطرف و الجهل و التخلف ، وبعد أحداث 11 سبتمبر في أمريكا  ترسخت هذه القناعة اكثر لدى أوساط مختلفة من المجتمع الغربي ، في حين  لم يهتم هذا الغرب خلال عقود إلى ما يتعرض له الإنسان المسلم من ظلم و قمع على يد حكامه الذين صنعهم الغرب  أو ساهم في استمرار هذا الحاكم أو ذاك في سدة الحكم .
التطرف يؤرق الحكومات و لكنها في نفس الوقت يؤلم المجتمعات ، و الأصولية مثيرة للرعب  بين الشعوب لأنها تلغي الآخر مع الثقافات الأخرى  . قام الغرب و بمساندة من بعض الدول العربية و الإسلامية ،  في خلق و صنع جماعات دينية و أصولية لأسباب مختلفة ، وواكب نمو هذه الجماعات الكثير من القهر و الحرمان ، ولما ترسخت جذورها انقلب السحر على الساحر و انفجر اللغم الذي أعدوه في وجوههم . لم يعمل الغرب ولا الحكومات دراسة هذا التحول ومعرفة الأسباب  بل حكموا على نتائجه .
الدين الإسلامي يدعو إلى الاعتدال والى التسامح وهو دين الحياة لذا يدعو إلى الأخلاق والى التعاون بقوله تعالى :
        (  وتعاونوا على البر و التقوى و لا تعاونوا على الإثم و العدوان ) 

البعض في الغرب يخطئ حينما يحاول أن يباعد بين المسلمين و إسلامهم ، أو العمل على تفريغ الدين الإسلامي من محتواه ، أو صنع و خلق علماء دين يصدرون فتاوى شرعية حسب ما يهدف إليه الغرب و بعض السلطات ، ليس من السهل القضاء على الثقافة الإسلامية بهذه السهولة ، هذه الثقافة التي تر سخت في ضمير ووجدان شعوب كثيرة خلال اكثر من 14 قرن ، لذا لا يمكن تعديل الأديان  لأنه يتعلق بروح و فكر الإنسان ، و الأديان ليست ببدعة أو سلعة تصنع ، والاعتدال الإسلامي  ليست بضاعة تركية أو صناعة أمريكية .
الفكر الإسلامي الصحيح هو فكر وسطي معتدل من الأساس ، ما يحتاجه الغرب هو قراءة متأنية للإسلام ، و خلق أجواء وبيئة صالحة لبروز هذا الفكر حينئذ يجدوه بأنه دين الاعتدال ، و لا يمكن أن يصبح الاعتدال ظاهرة في المجتمعات ، والصفعات والركلات والإلغاء نازلة على رأس الإنسان ، والمعروف لدى الجميع بان الأنظمة العربية و الإسلامية هي أنظمة قمعية و استبدادية وغير ديمقراطية وان أتت بدرجات متفاوتة ، عليه يجب أن يبدأ  الإصلاح انطلاقا من الأنظمة ومن  المؤسسات الرسمية ، وعدم مساندة ظلم الأنظمة لشعوبها أفرادا وجماعات مهما كانت المبررات ، وتشجيع محاربة الفساد وإشاعة العدالة الاجتماعية والحريات و حقوق الإنسان .
هناك أنباء متواردة من بعض مؤسسات الفكرية في الغرب ومن بعض أصحاب صنع القرار ، بأن النية تتجه نحو تشجيع المعتدلين من الجماعات الإسلامية ، ويتحدثون عن الحاجة لفتح حوار معهم ، وكان مثل هذا التوجه في السابق غير مقبول و غير متوقع ،  لكن  نتيجة الأحداث أصبحت مسايرة الإسلام المعتدل ممكنة وان كانت تبحث في المجالس المغلقة ، وهناك مطبات كثيرة سوف تعرقل هذا التوجه ، منها أن إسرائيل سوف تبرز كعامل قلق و كذلك الحكام العرب و المسلمين لعرقلة هذا التوجه .
لكننا نستطيع القول بان قبول جنرالات الجيش التركي لنتائج الانتخابات التركية الأخيرة ، بضغط غربي و أمريكي ( مكره أخاك لا بطل ) هو تعزيز لهذا الاتجاه ، ولما استطاع الجيش التركي هضم ما حدث  ، لأن  الدستور التركي يمنع قيام أحزاب على أسس دينية أو اثنية ، ومن المعلوم بان حزب العدالة والتنمية التركي الذي فاز فوزا ساحقا له توجهات  إسلامية ، بحكم كونه حزب قد خرج من خيمة حزب الرفاه ومن حزب الفضيلة و من ثم حزب السعادة  وتتلمذ قادته على يد اربكان ،  وان لبس هذا الحزب العباءة العلمانية  لا يلغي كون الذين وصلوا إلى سدة الحكم ليست لهم توجهات إسلامية  ،  لذا نجدهم يفتخرون  بأصولهم  الفقيرة الكادحة وبنظافة اليد  ،  لما سأل أحد الصحفيين  رجب طيب اوردغان زعيم الحزب  ،  عن مدى مشاركة زوجته معه في الحفلات الرسمية ، فأجاب بدون تردد بأنه بالأساس لا يتقبل فكرة حضور زوجته الحفلات ، وزوجة نائبه رئيس الوزراء عبدالله غول ( والأصح كول الذي يعني الوردة ) سيدة محجبة ، مما يتعارض مع قانون السرامليك  وحرمليك التركي الذي يدعو إلى الاختلاط الجنسين في الزيارات العائلية .
المتتبع للشأن التركي يجد توجه الجيل التركي الصاعد نحو الانفتاح ، ولديهم أفكار نابعة من محيطهم الشرقي إزاء الطريقة التي ينبغي أن تحكم بها بلادهم ، انهم يعرفون مدى حاجتهم إلى الغرب ، و يقدرون محدودية ساحة مناوراتهم  لنزع قوة العسكر وتدخلاته في السياسة  للتخلص من سيف الاتاتوركية .
الحكومة الجديدة واقعة بين نارين حيث يتذكرون المطبات التي أوقعه الجيش فيها اربكان وحزب الرفاه ، وفي نفس الوقت يأخذون بعين الاعتبار رغبة الشارع التركي ، الذي يريد بأن يكون  للإسلام السياسي أهداف وغايات مختلفة عن ممارسة الساسة السابقين ، حيث تريد الفسيفساء التركية نظاما مستقرا داخليا  و منفتحا على محيطه الإقليمي ، وفي رأينا المتواضع لا تحدث التحولات بسرعة ، أو أن يحصل شئ درامي للإسراع بعملية الانفتاح بدرجة التغيير الذي حصل في البرلمان التركي ، ولكن نتائج التغيير آتية لا ريب فيه .
الحرس القديم و القوميون الطورانيون فقدوا القوة والسلطة ، الذين كانوا يسيرون وهم نائمون  تغذيهم النزعة العنصرية ، ولم يستوعبوا ما يجري من تحولات داخلية  و إقليمية ودولية ، واستمروا في قمع الداخل وتهديد الخارج ، الحكومات التركية المتعاقبة السابقة حاولت خلق الاستعداد لدى المجتمع لعداء و كراهية الآخرين ، والأداء الاقتصادي و الأمني و المعيشي المتهالك ، ولدت قناعة لدى الأكثرية الصامتة وجوب التخلص من سياسة  تلك النخبة التي أوصلت أوضاع بلادهم إلى هذه الدرجة المتدهورة .
هناك استحقاقات عديدة داخلية و إقليمية و دولية تنتظر الحكومة التركية الجديدة تحقيقها ، لمواكبة العصر و للخروج من الأزمات التي تخنق حياة المجتمعات الدولة التركية في جميع المجالات ، تلك الأزمات التي تحولت إلى أخطار حقيقية عانت منها الشعوب التركية ، لذا بادرت الحريات المخنوقة وحاولت أن تتنفس الحياة ، وأوصلت حزب العدالة والتنمية إلى سدة الحكم لتجد من يحس بآلامها ، خلال تاريخ الدولة التركية لم يحصل حزب على هذا الكم الهائل  من الأصوات إلا في حالات نادرة ( مثلا  عدنان مندريس الحزب الديمقراطي شكل الوزارة 3 مرات في بداية الخمسينات وخرج حزب الشعب الجمهوري من عباءته )  ، أو أن يصار إلى تشكيل حكومة ذات لون واحد ، منسجمة مع البرلمان الذي يهيمن على ثلثيه نفس الحزب ، لذا سوف تصادف هذه الحكومة الجديدة مخاطر منها :
معروف عن اتاتورك بأنه كان معجبا بالنزعة القومية الجرمانية ، و في نفس الوقت كان يهادن الماسونية العالمية ، لم يستطيع التكيف مع الاتجاهين ، مما ولدت عنده فكرة أن يكون لجيشه دولة وليس العكس ، فوضع قانون بحيث يكون الجيش هو راعي دستور دولته ، ولا زال بعض الساسة وكذلك جنرالات الجيش ، يعيشون في نفس الأحلام و الهواجس التي ورثوها من معلمهم ، مما خلقت عندهم حالة التعلق الزائد بالإرث التاريخي لأتاتورك ، وبالتالي اغرقوا بلدهم خلال عقود في مشاكل داخلية وخارجية منها حقيقية ومنها مفتعلة ، فسوف يحاربون أية صيغة خارجة عن تلك السياسة العقيمة ، ولا ننسى بان الحكومات التي تشكلت منذ عهد اتاتورك إلى الثمانينات من القرن الماضي كان رئيس الوزراء من العسكر و كان اخرهم كنعان افريم ،  المطلوب  من الجيل الصاعد للحكم الحذر والعمل بحكمة   ، مع إيجاد حلول ممكنة و معقولة للمشاكل والأزمات والسلبيات المتراكمة ، و الاعتماد كثيرا على الزخم الانتخابي الذي حصلوا عليه لتمرير تلك الحلول ، أما في حالة الاستمرار في السياسات السابقة فأنهم في هذه الحالة سوف يخسرون التأييد الجماهيري ،  وتفاقم الأزمات والمشاكل تعرض كيان دولتهم إلى هزات عنيفة ، لا سيما والعالم يشهد تطورات متسارعة ، ويشهد تزايدا في الدور الدولي وتأثيره في مجريات الأحداث بفعل تراجع مبدأ السيادة الوطنية لحساب حقوق الإنسان ولحساب فض المنازعات من اجل الاستقرار والسلام ، والسياسة الدولية الراهنة أفقدت من دول كثيرة صفة التجريد و العمومية  ، وبعد انهيار الاتحاد السوفيتي السابق بات المجتمع الدولي قادرا إلى حد ما على توجيه وردع السياسات الخاطئة ( يوغسلافيا و كوسوفو العراق وتحرير الكويت مثلا )  ، وان كنا نجد في حالات معينة نوع من الكيل بمكيالين  ( فلسطين و إسرائيل مثلا ) وبعد أحداث 11 سبتمبر من السنة الماضية  التي حصلت  في أمريكا ، شكلت تلك الأحداث معطيات جديدة للبيئة الدولية في زمن القطب الواحد .
سياسات  الحكومات التركية السابقة وسجلها في مجال حقوق الإنسان ، كانت وراء عدم قبول تركيا في النادي الأوربي ، الحكومات السابقة أوصلت أوضاع البلد إلى درجة من التدهور ، حتى أصبحت متخاصمة مع نفسها و جيرانها ومحيطها العربي و الإسلامي ، إن لم تكن أداء الحكومة الجديدة منسجمة مع معايير معطيات كوبنهاكن ، فسوف يضاف البعد الإسلامي  كحجة إضافية لعرقلة دخول تركيا إلى الاتحاد الأوربي ، و نتيجة لسياسيات الحكومات السابقة و أطماعها في خيرات أراض الآخرين ، كانت هناك أصوات لإستراتيجيين عالميين  تدعوا إلى تقليص الدور التركي و تهميش مساهماتها في أحداث المنطقة ، وكانوا ينصحون  الحكومات التركية السابقة عدم الاندفاع ، وان يختصر دورها في النظام الإقليمي وفق رؤى غربية بحتة .
كانت الحكومات السابقة تراهن على لعب دور إقليمي لها في مجال المياه ، الأجدر بالحكومة الجديدة عدم لعب هذه الورقة  أو جعلها ورقة استنزاف ، عليها فتح صفحة جديدة وإيجاد صيغة توافقية لحل مشكلة المياه مع العراق و سوريا بما يرضي كافة الفرقاء ، وعدم الانجرار وراء تحريض بعض القوى الإقليمية ( إسرائيل ) ضد مصالح شعوب المنطقة .
زرعت الكمالية خلال عقود في أوساط المجتمع التركي ، بان العنصر التركي هو السعيد والسيد ، وأفرزت هذه الأفكار العقيمة طبقة من العنصريين الطورانيين ، يدعون العلمانية والحضارة و ينكرون ثقافات الآخرين ، في حين يقول التاريخ بأن الترك كانوا قبل الإسلام عبء عليه ، من هذه العقدة قام و يقوم بعض الساسة الأتراك بتحريف الحقائق ، و يبدلون مواقفهم وتحالفاتهم كتبديلهم لثيابهم ، مما قد يضعون عراقيل أمام مسيرة الحكومة في حالة إجرائها للإصلاحات ، ولا سيما أن الرشوة و المحسوبية والفساد متفشية في البلد  ، هنا يكون من المنطق مصالحة الذات و ترتيب بيت مجتمعات الدولة التركية وفق متطلبات العصر.
إقرار البرلمان التركي السابق وبضغط أوربي الحقوق الثقافية للشعوب غير التركية ، اعتراف ضمني بوجود شعوب و قوميات واثنيات أخرى ضمن الكيان التركي ، هذه الحقيقة التي حاولت الحكومات المتعاقبة السابقة جاهدة  تجاهلها لعقود طويلة ، لأنها كانت تعيش في الماضي بدلا من أن تحيا في الحاضر ، و كانت تعتمد على أمجادها الخالية بدلا من العيش في الواقع ، لكن الجيل التركي الصاعد تبلور لديه فكرة التخلص من القبضة الحديدية ومن القوانين الاستثنائية ، على الحكومة الجديدة ترجمة إرادة الناخبين والبحث عن حلول لمشاكلها الأساسية ومنها القضية الكردية الملتهبة ، وبعكسه سوف تبقى الدولة التركية في حالة التعبئة العسكرية و النفسية على حساب استقرار البلد وعلى حساب اقتصاده ، وكلنا نعلم كيف جعل بضعة آلاف من المقاتلين الأكراد ، أداءها العسكري مترديا وكبدو هم الخسائر الفادحة ، مما أشاعت جوا من الإرباك و التشاؤم في صفوف الجيش التركي ، وخلق أيضا في حينه لغطا كبيرا وشكوكا بين صفوف شعوب الكيان التركي ، حول النظام الكمالي و النخبة السياسية فيه .
ما تحتاجه الشعوب التركية هو الانفتاح والتخلص من القوانين المزاجية ، وقبل الانتخابات البرلمانية الأخيرة كانت المجتمعات التركية تغلي كالمرجل وان لم تكن ظاهرة للعيان بصورة واضحة ، و كان كثير من المراقبين يصورون تلك المرحلة بمرحلة مشابهة لمرحلة إيران الشاه ما قبل الثورة الشعبية الإيرانية ، صحوة الشعوب الإيرانية و العودة إلى جذورها ، هي نتيجة عدم انسجام سياسة حكوماتها السابقة مع البيئة الدولية والمستجدات الداخلية ، وما قيام الحكومات السابقة بترقيع سياساتها  هنا و هناك بقوانين فوقية وصورية دلالة أكيدة على تخبطها ، مما حدي ببعض الأوساط الأوربية الإعراب عن قلقها من وصول التيار الإسلامي للحكم ، إن استمرت أوضاعها على حالها من التردي وصدق ضنهم ، وبعض دوائر القرار تراقب الوضع التركي بقلق وتنتظر أداء الحكومة الجديدة ،  وتخوفهم هو  من التدخل الجيش لعرقلة الإصلاحات في هذه الحالة من الممكن أن تؤدي أوضاعها إلى حالة مشابه للمعضلة  الجزائرية  ،  وكذلك يعبرون عن قلقهم في حالة  عجز الحكومة لأسباب مختلفة عدم الوفاء ببرنامجها الانتخابي ، قد تؤدي إلى بروز تيارات أصولية تلجأ إلى العنف للتعبير ، إن لم يتم وضع  حد لممارسات الأجهزة الأمنية والبوليسية التركية ، فإذا كان الغرب اقتنع متأخرا من أن الأنظمة القمعية هي التي تفرغ الإرهابيين ، عندئذ يصار إلى اخذ الحالة التركية بعين الاعتبار ، و الضوء الأخضر الذي أعطي لصوت الاعتدال الإسلامي يفقد مبرراته .
الحكومات السابقة كانت تتدخل في الشأن العراقي ، ووصلت الوقاحة ببعض المسؤولين الأتراك في حكومة أجاويد المطالبة بشمال العراق ، كأننا نعيش في زمن الوصاية وعهد الدولة العثمانية ، تلك الادعاءات كانت نابعة من سوء تقدير و قصور في فهم الواقع العراقي بصورة عامة و للواقع الكردي بصورة خاصة ، أما محاولاتها السابقة  للعب دور إقليمي و التشبث ببعض الأوهام بذريعة أمنها القومي ، كانت لغرض تمرير إرهاصات مشاريعها المشوهة و المشبوهة ، أدينت في حينه عراقيا ودوليا ، حتى أن الاتحاد الأوربي عنف حكومة أجاويد عن طريق القنوات الدبلوماسية ، وقالوا بان دخول شمال العراق ليس نزهة عابرة ،  بعض المسؤولين الأتراك يرتبطون مع النظام العراقي بواسطة شركات وهمية ويحصلون على أموال طائلة من هذا النظام ، تلك العلاقة   المصلحية  المتميزة  كانت لها بريق و جاذبية خاصة لعناصر الغموض و الإثارة فيها ، وتتنافس جهات تركية عديدة للحصول على حصة الأسد من أموال العراقيين ، التي يبذرها النظام العراقي يمنة و يسرة على كل من هب و دب ، وفي نفس الوقت يحرم الشعب العراقي من أمواله ، أما عنتريات الدونكشية للجيش التركي ، أثرت كثيرا في العلاقات بين الشعبين ، على الحكومة الجديدة العمل الكثير  لتصحيح تلك الأخطاء  وعدم وضع كل أوراقها في سلة النظام  العراقي .
الحكومات السابقة كانت تتشبث ببعض الأوهام لتهويل و تضخيم مطالبة الأكراد بحقوقهم القومية ، وكانت حكومة أجاويد تفسر أية خطوة يخطوها أكراد العراق نحو الاتفاق و التوافق  ، على أنها خطوة مشبوهة الغاية منها إقامة الدولة الكردية ، الدولة الكردية المزعومة لم نسمع بها ولم نراها ، بل هي شبح تطارد بعض العقول المريضة ، هذه الأوهام و المزاعم التركية عن الدولة الكردية ، رد فعل بائس نتيجة ترتيب البيت الكردي ، تمهيدا للدخول إلى الخيمة العراقية الكبيرة المنشودة في عراق الغد ، كانت مواقف السلطات التركية نحو أكراد العراق حالة غريبة و شاذة ، دولة تتصرف وتقول بأنها لا توافق على الحقوق القومية لشعب آخر يسكن ضمن دولة أخرى ، بحجة وجود أقلية من ذلك الشعب ضمن الدولة التركية ، يسكن على ارض آبائه منذ آلاف السنين وقبل مجيء الأتراك إلى المنطقة ، والأعجب في بعض سياساتهم انهم كانوا حينما يجدون شخص ينطق بإحدى اللغات أو اللهجات التركية في أية دولة في العالم ، فأنهم يطالبون برفع مظلة على رأس هذا الشخص ليتميز عن الآخرين ، و هذا ما حصل في قبرص و كسوفو وبلغاريا ، هذه التصرفات وضعت الدولة التركية في صورة مخالفة لما تحاول أن تغرسها في عقول العالم عن علمانيتها و حضارتها ، الحكومة الجديدة مدعوة إلى الانفتاح على الشعوب الأخرى إقليميا  وعلى القوميات غير التركية داخل الكيان التركي ، مع إيجاد صيغ وآلية  لإقرار حقوق هذه القوميات وفق روح العصر .
الحكومات التركية المتعاقبة ضربت بعرض الحائط 23 قرارا و توصية صادرة من مجالس الأمن حول المشكلة القبرصية ، عليها استغلال الفرصة التي منحتها الأمم المتحدة لحل المشكلة القبرصية وعدم وضع العراقيل أمام الحل ، بذلك سوف تتخلص من عبء كبير ، ويكون الحل هو المفتاح لحل مشاكلها مع جارتها اليونان ومنها مشكلة المياه الإقليمية في بحر ايجة .
هناك مهمات واستحقاقات كبيرة تنتظر الحكومة التركية الجديدة ، عليها أن تخطو خطوات جدية لتجاوز مشاكلها غير العادية ، إن حصول حزب العدالة و التنمية على نسبة 3 / 34 %  و حزب الشعب الجمهوري على نسبة 4/ 19 % ، وعدد المقاعد التي حصل عليها 363 والحزب المعارض الذي حصل على 178 مقعد و المستقلين على 9 مقعد ، هذه المقاعد اكثر من النسبة التي حصلوا عليها ، وهي نتيجة غياب أصوات الأحزاب التي لم تحصل على نسبة 10 %   ، والتي تذهب حسب الدستور التركي إلى الأحزاب الفائزة بالنسبة المذكورة ، معناه هناك أصوات غائبة لها ثقلها في الحياة السياسية التركية ، فحزب HDP   الذي يمثل الأكراد لم يحصل على نسبة 10% على مستوى الجمهورية ولكنه كان الأول في 12 محافظة و الثاني في 4محافظة والثالث في 2 محافظة ، بالإضافة إلى  أصوات الأكراد في استنبول الذين يعدون بالملايين   وهي في نفس الوقت  معقل حزب اردوغان ، لذا على الحكومة أن تحسب حسابا للأصوات الغائبة ، وان تتعامل معها بحذر و تروي لتحصل على الإجماع الجماهيري المطلوب ، في هذه المرحلة الحرجة التي تمر بها الدولة التركية  ، لعل الأيام القادمة تكون حبلى بالتطورات و الأحداث .
 



#ناجي_عقراوي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إذا أتتك مذمتي من ناقص فهي الشهادة بأني كامل
- لنحافظ جميعا و معا على أمن الوطن والمواطن وعلى وحدتنا الوطني ...
- تفعيل اتفاق الحزبين الكرديين تعزيز لوحدة العراقيين
- عراق الغد و علاقاته الإقليمية
- سياسة الدولة الطورانية العنصرية هي من عقلية الطربوش
- تركيا وسياستها الغبية
- تركيا الطورانية و طابورها الخامس
- كيف يشعر الإنسان بالراحة وذراعه في قبضة الآخرين
- الطورانية شكل من أشكال العنصرية
- هناك فرق شاسع بين قوة الحضارة وحضارة القوة
- ماركة مسجلة .... أحذروا التقليد
- شئ من التأريخ
- السياسة التركية تتعارض مع تطورات ومستجدات العصر
- رسالة وشكر ومحبة من كردي لشقيقه العربي من سني لأخيه الشيعي
- الديمقراطية بين الواقع والتطبيق.... كلنا في الهم شرق


المزيد.....




- شاهد.. ركاب يقفون على جناح طائرة بعد اشتعال النيران بمحركها ...
- سوريا.. القلم الأخضر بيد أحمد الشرع عند توقيع الإعلان الدستو ...
- كالاس: وشنطن وعدتنا بعدم قبول أي شروط روسية حول أوكرانيا إلا ...
- الاتفاق بين دمشق والأكراد.. ماذا عن التفاصل والآثار المحتملة ...
- سوريا.. محافظ اللاذقية يعزي سيدة من الساحل في مقتل نجليها وح ...
- شيخ الموحدين الدروز الحناوي: لم نطلب الحماية من أحد ويجب إعط ...
- طهران: العقوبات الأمريكية الجديدة دليل على الخداع وخرق القا ...
- حريق ضخم في أحد مباني المعامل المركزية لوزارة الصحة المصرية ...
- محامو الطالب الفلسطيني محمود خليل يطالبون بالإفراج الفوري عن ...
- اكتشاف قد يحدث ثورة في علاج داء الثعلبة


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - ناجي عقراوي - هل تستطيع الحكومة التركية تجاوز مواريث عنصرية متراكمة ؟