|
الكورد .. حق تقرير المصير و معادلات النظم العالمية
رزكار نوري شاويس
كاتب
(Rizgar Nuri Shawais)
الحوار المتمدن-العدد: 4394 - 2014 / 3 / 15 - 01:17
المحور:
القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
بماذا يوحي المشهد الذي تشكل ابعاده اوضاع عالم اليوم ؟ أأضطراب وانحدار نحو الاسوأ ، أم تفاعل ساخن بأتجاه تفاهم و استقرار دولي في اطار نظام دولي متفق عليه نحو تاسيس أمن و سلام عالمي عناصره العدل و احترام حقيقي للانسان و حقوقه و منها حق تقرير المصير للامم و الشعوب التي لاتزال هي الضحية في صراعات الكبار و تعاني اشد المعاتاة من اجحاف و ظلم هيمنة الاخرين على مقدراتها و تطلعاتها المشروعة في حياة حرة كريمة . و قصة ( النظام العالمي الجديد) قديمة قدم الحضارات و نشوء الدول و ارتقائها ، قصة تشوبها الكثير من الغموض و التفاسير بين المتشائمة و المتفائلة ، و هكذا فان هذا الاضطراب في الفهم و الحذر من نتائج التجارب الانسانية السابقة تفقد عنصر الثقة بالدعاوي المتعاقبة لقيام نظام عالمي جديد و قدرة هذا النظام على تغيير الواقع الحالي الى واقع اكثر امانا و عدلا تنعم فيه مختلف الاجناس و الاعراق المنتمية للمجتمع الانساني بفرص متكافئة لتاكيد وجودها الايجابي على مسارات تقدم الحضارة الانسانية . نعم، ان دعاوي اقامة نظم عالمية جديدة قديمة و ظهرت على مر الزمان بصيغ و سيناريوهات منوعة ( معلنة وغير معلنة ) خصوصا عقب كل التحولات الفكرية والدينية و الغزوات و الحروب العظمى و الثورات الكبرى ، وتنوعت مفاهيم هذه الدعاوي بين الخيرة الباحثة عن سعادة الانسان و الشريرة الداعية لاستعباده ، هذه المفاهيم كانت خاضعة على الدوام لمسببات و مبررات تلك الحروب و الثورات ، و كان ابرز تطور ظهر في حكاية النظام العالمي الجديد دخول عنصر ( حق تقرير المصير كحق اساسي من حقوق الانسان )ضمن مقوماته ، هذه المسالة برزت متأخرة و ان كانت واحدة من افكار و نتائج الفلسفة المرافقة لمباديء الثورة الفرنسية (1789 م) .. كما ورد حق تقرير المصير في بيان الاستقلال الامريكي و كان مطلبا من مطاليب الثورة الامريكية ، و جاءت ايضا ضمن البنود الشهيرة بالاربعة عشر التي اعلن عنها الرئيس الامريكي ( ولسن ) كاسس بناء عالم مابعد الحرب العالمية التي انتهت بسقوط ثلاث امبراطوريات عظيمة مستبدة هي الامبراطورية الروسية و العثمانية و النمساوية .. أما ثورة اوكتوبر الروسية ( 1917م) التي انهت حكم القياصرة الروس على بلاد مترامية الاطراف تسكنها العديد من الاعراق و الاجناس البشرية ؛ فقد تبنت كبند و كهدف اساس لها مبدأ ( حق تقرير المصير ) للشعوب المحرومة من كيانات حكم خاصة بها و وصفت هذا الحق بالحق الطبيعي الذي يجب ان تتمتع به الشعوب و الامم قاطبة دون تدخل واعتراض من أي كان . لكن النظام الدولي الجديد الذي روجت له الفاشية في ايطاليا و العسكرتارية اليابانية و النازية في المانيا ؛ كان نظاما رافضا و عدوا شرسا لمبدأ حق تقرير المصير و يهدف علانية الى استعباد الجنس البشري عبيدا و عمال سخرة في خدمة سادة العالم الجديد فيما لو كانت دول المحور هي المنتصرة في الحرب العالمية الثانية .. و هكذا فالدعوات الى قيام نظم عالمية جديدة ترتبط ارتباطا وثيقا بالمناهج و الاهداف الخاصة بالقوى العظمى و مصالحها في مشارق الارض و مغاربها ، و برغم ان مبدأ حق تقرير المصير ثبت كبند أساسي في ميثاق عصبة الامم ( 1919م ) و في ميثاق منظمة الامم المتحدة ( 1945م) و مقرر كبند اساس من بنود الشرعة الدولية لحقوق الانسان ، و برغم التاييد الذي يحظي به هذا الحق من لدن الراي العام المتحضر و تطلعها الى ( اقرار نظام دولي بشرعة موحدة ) تؤمن العدالة و المساوات في الحقوق لكل مجتمعات الجنس البشري ، تقتنع بها و تباركها كل القوى المؤثرة في مقدرات العالم و مصائر مجتمعاتها ، لكن جانب كبير من قدرات هذا ( الرأي العام العالمي ) خاضع بدوره لأرادة تلك القوى و لا تزال تفتقر الى الصرامة و القوة الضاغطة التي تجبر اصحاب القرار على الانعطاف انعطافة تاريخية بالشكل الذي يحدث انقلابا جذريا في سياساتها باتجاه اكثر انسانية و عدلا و انصافا يدعم و يسند مطاليب الامم و الشعوب في تقرير مصائرها بنفسها . ان ملامح الصورة لا تزال ضبابية غامضة في العديد من جغرافيات العالم جراء استمرار المنافسات الحامية و الباردة بين ( شلة ) القوى الكبرى للاستحواذ على المزيد من مقومات الهيمنة و النفوذ و عليه فان كل الدعاوي و المشاريع الجديدة لقيام نظم عالمية جديدة لاتمثل سوى مصالح دعاتها الاقوياء و لاتغير من واقع حال الشعوب المحرومة او تحقق الجوهر المفيد من تطلعاتها الشيء الكثير ، فمصالح الاقوياء في عالم اليوم هي التي تعيق تقدم الانسانية نحو تحقيق العدل و السلم العالمي .. و نقول ، صحيح ان صورة العالم ليست تلك التي كانت بالامس و ان دواليب التغيير تدور فعلا (و ان كانت تدور ببطء ) نحو الافضل ، و مثلما هبت على غيره من شعوب العالم المحرومة فأن نسائم هذا التغيير هبت على الشعب الكوردي منذ تسعينات القرن الماضي و بدايات القرن الحالي و ان اهداف النضال التحرري للكورد في كافة انحاء الوطن الكوردي التحم في النهاية بالمفاهيم و القيم و الثقافة الانسانية التي تسود العالم المتحضر و حضي الكورد بأشكال من من التعاطف و الدعم الانساني وتفهم الى حد ما سياسي لم يالفوه من قبل ، الا ان المخاطر لا تزال تتربص بتطلعات هذا الشعب و مستقبل امنه و استقراره ، منها الواقع الجغرافي الكوردستاني و استمرار تشابك و تصادم مصالح كل الدول العظمى في المنطقة ( التي وصفها كبار خبراء الجغرافيا السياسية اواسط القرن الماضي بقلب العالم) و مساومات الدول الاقليمية معها ، ناهيك عن تباين الظروف و الخصوصيات المحيطة بالمسألة الكوردية في الدول التي يشكل فيها الكورد القومية الثانية ، يضاف عليها العقلية الشوقينية العنصرية و المذهبية الطائفية لنظم حكم المنطقة الرافضة بالاساس للوجود التاريخي و الجغرافي الاصيل للشعب الكوردي و حق وحقوق هذا الوجود ، و هي في افضل حالاتها فيما اضطرت تحت ضغوط محلية أو خارجية للتعامل مع المسالة الكوردية ، فانها تسعى لفرض حلول استبدادية توائمها هي و لا تتوائم مع ابسط الحقوق الكوردية ..و لا يمكن تجاهل نقاط الضعف الكوردية و منها وحدة الصف الكوردي الذي لا يزال ينقصه ميثاق او خطاب سياسي موحد يلم شمل النضال التحرري الكوردي حول الاهداف التحررية الاساسية و اعتبار اي تقدم في الجهد النضالي الكوردي في جزء من الوطن الكوردي مكسبا للجميع و هذا لا يمكن الا ضمن اطار علاقة ديمقراطية مبدئية راسخة بين كافة القوى السياسية الكوردية الكوردستانية و تحريم و تجريم كل اشكال التناحر و التصادم الكوردي - الكوردي بسبب المصالح الحزبية الضيقة و شهوات امتلاك النفوذ و استحواذ السلطة ، و لابد من تجنب اخطاء الماضي بكل الوانها و مسبباتها و اثارها بروح من المسؤولية الحرص على المصلحة النضالية الوطنية العليا و تكريس كل الجهود و الولائات لخدمة الهدف الاسمى .. ختاما نقول .. ان الوقت قد حان لمراجعة دقيقة للفرص و القدرات الكوردية المتاحة و الاستعداد للتقدم بخطى مدروسة و واثقة نحو الهدف الكوردي المشرع وحق هذا الشعب الكادح المظلوم في اقرار مصيره ..
#رزكار_نوري_شاويس (هاشتاغ)
Rizgar_Nuri_Shawais#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
قصة قصيرة جدا
-
حكاية من زمن الدكتاتورية و الحرب
-
ألشباك ..
-
من يوميات محارب مفقود
-
هلوسات نرجسية
-
دايناصوريات
-
- ذكرى .. - قصة قصيرة
-
قصة قصيرة - اعدام قصيدة
-
يوتيبيا
-
الثورة و الثروة
-
عربة ( البوعزيزي ) لا تزال تتدحرج - بأي حق و بارادة من يحكمو
...
-
عربة البوعزيزي المتدحرجة -مصر ام الدنيا-
-
عربة البوعزيزي .. مزار الياسمين
-
عودة الى .. قيمة الانجاز على سلم الحضارة
-
قيمة الانجاز على سلم الحضارة
المزيد.....
-
ماذا يعني إصدار مذكرات توقيف من الجنائية الدولية بحق نتانياه
...
-
هولندا: سنعتقل نتنياهو وغالانت
-
مصدر: مرتزقة فرنسيون أطلقوا النار على المدنيين في مدينة سيلي
...
-
مكتب نتنياهو يعلق على مذكرتي اعتقاله وغالانت
-
متى يكون الصداع علامة على مشكلة صحية خطيرة؟
-
الأسباب الأكثر شيوعا لعقم الرجال
-
-القسام- تعلن الإجهاز على 15 جنديا إسرائيليا في بيت لاهيا من
...
-
كأس -بيلي جين كينغ- للتنس: سيدات إيطاليا يحرزن اللقب
-
شاهد.. متهم يحطم جدار غرفة التحقيق ويحاول الهرب من الشرطة
-
-أصبح من التاريخ-.. مغردون يتفاعلون مع مقتل مؤرخ إسرائيلي بج
...
المزيد.....
-
الرغبة القومية ومطلب الأوليكارشية
/ نجم الدين فارس
-
ايزيدية شنكال-سنجار
/ ممتاز حسين سليمان خلو
-
في المسألة القومية: قراءة جديدة ورؤى نقدية
/ عبد الحسين شعبان
-
موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من قضية القومية العربية
/ سعيد العليمى
-
كراس كوارث ومآسي أتباع الديانات والمذاهب الأخرى في العراق
/ كاظم حبيب
-
التطبيع يسري في دمك
/ د. عادل سمارة
-
كتاب كيف نفذ النظام الإسلاموي فصل جنوب السودان؟
/ تاج السر عثمان
-
كتاب الجذور التاريخية للتهميش في السودان
/ تاج السر عثمان
-
تأثيل في تنمية الماركسية-اللينينية لمسائل القومية والوطنية و
...
/ المنصور جعفر
-
محن وكوارث المكونات الدينية والمذهبية في ظل النظم الاستبدادي
...
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|