أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حمودة إسماعيلي - تحويل الأطفال من كائنات ذكية إلى مرضى نفسيين














المزيد.....

تحويل الأطفال من كائنات ذكية إلى مرضى نفسيين


حمودة إسماعيلي

الحوار المتمدن-العدد: 4393 - 2014 / 3 / 14 - 15:15
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


الأطفال حب غير مشروط، لا يقيمون لحبهم أي حدود ولا يكرهون أحدا طالما أنه لم يتسبب لهم بالأذى، لكنهم على استعداد لتعلم الكره إذا اعتمدت تربيتهم على زرع الحقد والبغض فيهم لتوجيهه نحو المختلفين دينيا أو عرقيا أو طائفيا.

من الأطفال يبدأ كل شيء، الطفل مثل العجينة يمكن أن تشكله كيفما تريد لتأخد شخصيته الشكل الذي ترغبه : ورغم أننا لا ننفي نسبية التأثير، إلى أنه وكما يقول المثل "التعلم في الصغر كالنقش على الحجر". تندمج المفاهيم المعطاة (في الصغر) والتي ساهمت في تشكيل أنا الشخص مع المعطيات الحياتية، وغالبا ما يتجه الأفراد نحو التكيف مع "ما يجول بعقلهم" بدل محاولة تنقيحه ومسائلته أو حتى تدميره كإعادة بنية ذهنية للذات، دون الإشارة للصراع النفسي الذي يخوضه الشخص عند مساءلته وتشكيكه بتوابثه الفكرية : ما يخلق احساسا بخيانة دينية تتجلى كإعراض عن هويته وماضيه (اللذان يرسمان شخصيته) ـ بمعنى أن مفاهيمه تقولبت كمعطيات دينية مقدسة ـ فما هو الدين إن لم يكن مراجع اكتسبت قوتها نتيجة الأقدمية (كرمزية خلود) ؟ أما القداسة فتتغدى على النقص المعرفي.

إن رفض الآخر نتيجة اختلافه السطحي والمظهري، وتلقين ذلك للأطفال كتأطير اجتماعي أُسري قَبَلي للفكر : إنما يكشف عن شعور بالتهديد الناتج عن اضطهاد خيالي، تتم معالجته بالاستعانة بالرؤى الطوطمية التي تميز مجموعة قَبَلية "أعلى" عن مجموعة قبلية "أدنى" عبر الوشم أو القرط أو أي رمز سطحي. فيتم إعادة إحياء هذه الرؤى الما قبل تاريخية لتعزيز الإحساس بالتفوق الفكري والفيزيولوجي : عبر الإله المختار للجماعة المختارة ـ خرافتي أفضل من خرافتك، وعضلات جسدي أوضح من عضلات جسدك، وأرضي تعلو على أرضك ـ وكلما توسع الإيمان بهذه المقتطفات كلما تعزز الإحساس بالذات كنفي نسبي ومؤقت للشعور بالاضطهاد الكوني : ليحل محله "مركزية (أهمية) كونية" للجماعة.

إن وهم القضاء على العنصرية والطائفية باعتماد مناهج تعليمية أو تباشير دينية وماسواه من لغو لا يخجل من ترديد الغير مفيد : لن يفيد ! . لأن هذه المكتسبات تجذرت عبر لعبة التاريخ في نفسية الأفراد والجماعة. فكما قلنا فالأطفال يتلقنون الكراهية من هذا النوع و"لا يقتنونها من رحم الأم"، وبالتالي فإنهم يجدونها خلال سنوات النضج تخدم معالجة المشاكل النفسية عبر إسقاط الصراعات الذاتية على هذه المواضيع : كتعزيز لرفض الآخر وكُرهِه لأن شبحه يؤثر على المعني نفسياً، ويسبب له فشلا اقتصاديا أو عاطفيا. يتم استدعاء المختلف كسبب وتفسير للشر الوجودي ! .

العنصرية والطائفية بما فيها كره واضطهاد المخالفين دينيا أو مذهبيا : حيلة نفسية يعتمدها الدونيون كقيمة لإعلاء الأنا، وتخفيض الآخر عبر التهويل من الاختلافات البسيطة وتكبيرها لتغطية الأمور المشتركة، تبريرا للعنف والإقصاء وإيجاد منفذ للسيطرة على الآخر : "المختلف" مايعني أنه من غير المتوقع ما يمكن أن يسبب من أضرار ـ لأنه لا يشبهنا، ومن لا يشبهنا فهو ضدنا ـ ومنه فإن زرع النزعات المذكورة هنا : ليس حفاظا على التقاليد والإرث الثقافي الحامي لهوية الأطفال، بل مساهمة في صناعة الاضطراب الجماعي ـ تأسيس بؤس اجتماعي عبر تحويل الأطفال من كائنات ذكية إلى مرضى نفسيين : قابلين للتوجيه والخدمة العدوانية.



#حمودة_إسماعيلي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التشريع الذكوري للحكم ب-إخصاء- المرأة سياسيا
- تقرير خاص عن حالتك النفسية
- السلطة الوراثية للرجل على المرأة
- ما يقوله الناس
- شخص قد تعرفه
- أدلجة الأطفال عبر الرسوم المتحركة
- الأمراض الفيسبوكية : 3 حالات
- الإسلام ليس مُسلماً
- ضياع الشهيد السوري بين النظام والمعارضة
- إهانة الأقزام في السينما والتلفزيون
- بلاد الشر أوطاني
- الرودِيو العربي : تعليق كارل ماركس على الثورات العربية
- خرافة الفيلسوف
- عطرٌ رخيص
- تصريحات فابيوس والقصة الغير مكتملة للوضع السوري
- تعامل الرجل الشرقي مع الأنثى الأجنبية - تحليل الأنماط
- الدين والكبت والتحرش الجنسي
- ضد استغلال الأطفال في التسوّل وحظر تشغيلهم
- انكسار الإنسان : أو حينما يصبح الشخص قاسياً
- المرأة العربية أنواع والرجل نوع واحد


المزيد.....




- السعودية تعدم مواطنا ويمنيين بسبب جرائم إرهابية
- الكرملين: استخدام ستورم شادو تصعيد خطر
- معلمة تعنف طفلة وتثير جدلا في مصر
- طرائف وأسئلة محرجة وغناء في تعداد العراق السكاني
- أوكرانيا تستخدم صواريخ غربية لضرب عمق روسيا، كيف سيغير ذلك ا ...
- في مذكرات ميركل ـ ترامب -مفتون- بالقادة السلطويين
- طائرة روسية خاصة تجلي مواطني روسيا وبيلاروس من بيروت إلى موس ...
- السفير الروسي في لندن: بريطانيا أصبحت متورطة بشكل مباشر في ا ...
- قصف على تدمر.. إسرائيل توسع بنك أهدافها
- لتنشيط قطاع السياحة.. الجزائر تقيم النسخة السادسة من المهرجا ...


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حمودة إسماعيلي - تحويل الأطفال من كائنات ذكية إلى مرضى نفسيين