أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - مهتدي رضا الموسوي - أبناء المثقفين: كيف ينشئوّن ؟















المزيد.....

أبناء المثقفين: كيف ينشئوّن ؟


مهتدي رضا الموسوي

الحوار المتمدن-العدد: 4392 - 2014 / 3 / 13 - 00:44
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


أبناء المثقفين: كيف ينشئوّن ؟
مفهوم المثقف :
تبرز مادة المثقف في معاجم اللغة على مضمونين : الاول حسي , والاخر ذهني – تجريدي . اما الحسي فيعني . الاشياء الجامدة . كالسيف والرمح , فقد استخدم العرب عبارة ثقف الرمح . بمعنى قوم اعوجاجة , كذلك ان المثقف تعني الدلالة على المهارة في القتال , واما المضمون الذهني لمادة المثقف . فيفيد الفطنة والذكاء , وسرعة التعلم(1 ) .
أثار تعريف المثقف جدلاً كثيراً بين الباحثين فمنذ ان صدرت جريدة " الاورور " الفرنسية بعنوان " اعلان المثقفين " في اواخر القرن التاسع عشر . برزت ردود فعل كثيرة ازاء التعريف الذي قصر صفة مثقف على النخبة المميزة من الكتاب والعلماء واساتذة جامعات (2 ) .
وترجع صعوبة تعريف المثقف الى ان المثقفين لا يشكلون طبقة مستقلة قائمة بذاتها , بل تغلغلون في الطبقات المكونة للمجتمع , ويتحركون بحرية على سلم المجتمع صعودا او هبوطا , وعلى الرغم من تعدد تعريفات المثقف يمكن ارجاع هذا التعدد الى معيارين استند اليهما الباحثون في تعريف المثقف , وهما معيار الثقافة , ومعيار الوظيفة او الدور(3 ) .
المثقف العربي .
اجمع الباحثون على ان بدايات ظهور المثقف العربي الحديث ترجع الى فترة التي حدث فيه اتصال الشرق بالغرب وذلك لما احدثته الثقافة الاوربية من تأثير عميق في بنية المجتمع العربي الذي ظهرت فيه افكار جديدة لم تكن موجودة من قبل (4 ) .
ومهما يكن الامر فأن لأتصال المثقفين العرب بالغرب نتائج سلبيه , واخرى ايجابية , ويمكن رد النتائج السلبية على الرغم من كثرتها الى شعور المثقف غير الغربي بالاغتراب الاجتماعي والثقافي . والانفصال عن قضايا المجتمع , ومعاناته من دراما روحية قاسيه لشعوره بأنه موزع بين ثقافتين في آنً واحد (5 ) .
وهذا الشعور بالاغتراب ناتج عن المجتمع الذي يعيش فيه , لأن المثقف العربي الذي يمتلك ثقافة جديدة تتنافى مع الثقافة العامة للمجتمع العربي , وهذا الشعور يصيبه ويصيب عائلته ايضاً , لأن حتما سوف يختلطون مع المجتمع . وقد لاحظ الباحث بعد تغيير النظام السياسي في العراق عام 2003 اصبح هنالك اتصال بين المجتمعات الغربية وغير الغربية وهذا الاتصال ادى الى فتح ادراك الافراد على اشياء جديده لم يشهدوها من قبل .
التنشئة الاجتماعية لعائلة المثقف .
فتحاول نخبة الانتلجنسيا (المثقفة) العراقية إن تضع أسُساً جديدة في بناء هيكل العائلة عن طريق التنشئة الاجتماعية ، فينشئوا أطفالهم بالتنشئة الحداثوية بعكس التنشئة التقليدية التي تنشئوا عليها. فيحالوا إن يستبدلوا تلك التنشئة بأخرى جديدة لأبنائهم ، وكما نعلم إن الطفل في السنوات الأولى من عمره يعيش في الأجواء العائلية تماماً، وان تلك السنوات هي اللبنة الحقيقية في تشكيل شخصيته ، فتغرس فيها العادات والأعراف والدين والنظم الأخلاقية وما شابه ذلك . وبعد ما ينضج وتطمئن عليه العائلة , فتزج به إلى المدرسة وتزداد دائرة معارفه من أصدقاء وزملاء ويتلقى تنشئه من المجتمع مكملة الى تنشئة العائلة .
في المجتمع العراقي ينشأ الطفل في عائلة الانتلجنسيا بطريقه حديثة من نوعها على المجتمع إلى حدا ما , فيتعلم الطفل في حياته الأولى على اشياء تختلف الى حداً ما عن المجتمع , وهذا بسبب اتصال الوالدين بثقافات اخرى تختلف عن ثقافة المجتمع . فيربون اطفالهم على طريقة ماتسمى بالديمقراطية الاجتماعية ويتكيف مع الأجواء لأن هنالك ما يجده متناسبا مع حياته وهذا شيء ايجابي بطبيعة الحال . لأن يجب بهذه الطريقة إن تكون تربية الأطفال حتى ننهض بواقع مثقف ومتقدم وواعي , وهذا عكس الأسر والواقع الاجتماعي التقليدي في ذلك المجتمع . في هذا الصدد يقول الدكتور علي الوردي (( تحاول بعض العائلات " المحافظة " منع اطفالها من اللعب في الازقه بدافع الحفاظ على اخلاقهم . فهي تريد ان تربيهم تربيه صالحة على زعمها . ولا تدري انها بذلك تفصلهم عن واقعهم الاجتماعي . وتجعلهم يعيشون في عالم خاص بهم . فاذا كبر هؤلاء الاطفال صاروا كأنهم غرباء بين الناس . وقد يتصفون بالكبرياء والتزمت وتغلب على تفكيرهم النزعة الطوبائية . انهم قد تخلصوا من اخلاق الازقه فتورطوا في اخلاق اخرى قد تكون اشد ضرراً منها . فهم لا يفهمون المجتمع الذي يعيشون فيه , وكذلك لا يفهمهم المجتمع )) ( 6) .
فهنا تكمن مشكلة صراعية اصطداميه , وهي بعد انتهاء السنوات الأولى من حياة الطفل في أحضان عائلته التي علمته طرق جديدة على التنشئة تختلف عن الواقع الاجتماعي التقليدي . فعند دخول الطفل الى الواقع الاجتماعي ومنها المدرسة محملاً بأفكار عائلته فيصطدم بغياب الأجواء المناسبة لذلك ، فيشعر إن أفكاره ليس لها قبول وعدم الأخذ بما يقول . لأن المجتمع له ثقافته التقليدية والتاريخية ويتعصب لها , وربما يفقد الطفل الثقة بالجميع . فهل ان ما تعلمه من عائلته صحيح أم ما يتعلمه من المجتمع هو الصحيح ؟ فهنا يكون الطفل ابن العائلة المثقفة مزدوج بين تنشئتين إما حداثوية أو تقليدية وهما نقيضتان والنقيضتان لا يجتمعان ، فبذلك يصاب الطفل بأزمة نفسية فتصبح العوائل المثقفة مرهقة ومتعبة بما يعانون من اختلاف في تنشئتهم والتنشئة الاجتماعية المختلفة عنهم , وهذا يؤدي الى ثنائية ثقافية للجيل الجديد .
وهذا لا يعني إن تلغي العائلة المثقفة ألطريقه الحداثوية في التنشئة فعن طريقهم ينهض المجتمع بمستقبل زاهر لأطفال جدد واعين ومدركين ومجتمع مثقف وواعي أيضا . ولكن يجب على مؤسسات المجتمع كافة إن تراعي ذلك وان تجعل أسس حداثوية وجديدة ملائمة لهؤلاء العوائل حتى تهيء جواً متمم لما بدأته العائلة من تربية , وبذلك تطمئن العائلة على أبنائهم عندما تزج بهم إلى المدارس والمجتمع , ويجب إن تكون المدرسة مكمله لعقل وإدراك الطفل لا يجب إن تكون مدمرة لشخصيته . يقول الوردي (( كانت العائلات المحافظة في العهد العثماني تجد صعوبة كبيرة في منع اطفالها من اللعب في الازقه . اذ لم تكن حينذاك مدارس او رياض خاصه بالأطفال . فكانت تلك العائلات مضطرة ان تحجر اطفالها في البيوت وتوفر لهم اسباب اللهو واللعب فيها , اما الآن فتغير الوضع قليلاً او كثيراً , واصبح في مقدور الكثير من الناس تجنيب اطفالهم عن حياة الازقة . ومنهم من استطاع ان يرسل اطفاله الى خارج العراق ))( 7) , وهذا يدل على أن مشكلة تربية أطفال النخبة المثقفة قديمة منذ العهد العثماني كما يخبرنا الوردي واليوم تزداد هذه المشكلة في المجتمع العراقي والله حفيظٌ بالعباد . واليوم نلاحظ هذا الحالة في العراق الحديث كثير من العوائل تحاول ان تمنع اطفالها من الاحتكاك بالمجتمع خوفاً عليهم فتضطر الى شراء لهم العاب يلهو بها في بيوتهم . ذات يوم حدثني استاذ جامعي وهو يشكوا : قال لي نحن نعلم اطفالنا على المرونة في التعامل وعندما ندخلهم الى المدرسة يروا في المدرسة غير ذلك , وهذا امر خطير على شخصية الاطفال في المستقبل .
المصادر
1- ابن منظور , لسان العرب , تحقيق علي مشاري , ط1 , دار احياء التراث العربي , بيروت , 1988
2- جمال علي زهران , تأثير الاوساط المجتمعية على دور المثقف العربي, مجلة الوحدة العدد 40 , 1988 , ص 34
3- محمد رياض وتار , شخصية المثقف , منشورات اتاحد الكتاب العرب , 1999 , ص11
4- محمد رياض وتار , شخصية المثقف . مصدر سبق ذكرة . ص 16
5 - محمد احمد اسماعيل علي , المثقف العربي بين التغريب والاصالة , مجلة الوحدة . العدد 40 , عام 1988 , ص 6
6 - د. علي الوردي , دراسة في طبيعة المجتمع العراقي , دار ومكتبة دجلة والفرات , بيروت . لبنان , ط2 , 2010 .ص323.
7 - نفس المصدر .



#مهتدي_رضا_الموسوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مخادعات حب
- الجهل المركب في الثقافة الاجتماعية


المزيد.....




- شاهد لحظة قصف مقاتلات إسرائيلية ضاحية بيروت.. وحزب الله يضرب ...
- خامنئي: يجب تعزيز قدرات قوات التعبئة و-الباسيج-
- وساطة مهدّدة ومعركة ملتهبة..هوكستين يُلوّح بالانسحاب ومصير ا ...
- جامعة قازان الروسية تفتتح فرعا لها في الإمارات العربية
- زالوجني يقضي على حلم زيلينسكي
- كيف ستكون سياسة ترامب شرق الأوسطية في ولايته الثانية؟
- مراسلتنا: تواصل الاشتباكات في جنوب لبنان
- ابتكار عدسة فريدة لأكثر أنواع الصرع انتشارا
- مقتل مرتزق فنلندي سادس في صفوف قوات كييف (صورة)
- جنرال أمريكي: -الصينيون هنا. الحرب العالمية الثالثة بدأت-!


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - مهتدي رضا الموسوي - أبناء المثقفين: كيف ينشئوّن ؟