حيدر حسين سويري
الحوار المتمدن-العدد: 4392 - 2014 / 3 / 13 - 00:42
المحور:
التربية والتعليم والبحث العلمي
" المناهج الدراسية والتطور التكنلوجي "
************************
بدء التلميذ يفتقد الى الطريقة التدريسة التي تنمي مواهبة وتطوره ، والتي باستطاعتها ان تاخذ بيده الى الابداع في ما يحبه من اعمال ، حيث يستطيع من خلالها ان يشق طريقه في الحياة العملية ، وانا كمعلم الاحظ والمس من خلال يومياتي كمعلم ، ان التلاميذ بدءت تتذمر على المناهج الكلاسيكية المتمثلة بالمعلم والكتاب وطرائق التدريس القديمة التي تعتمد على الحفظ والتلقين .....
اليوم ، أصبح التلميذ يرى نفسه افهم من المعلم في كثير من الامور ، بل وافهم من الكتاب المنهجي ، الذي صار يراه كتابا تافها ويطلق عليه تسمية (الكتاب الهمجي) ، ويرى بأن هذا الكتاب لا يحتوي على اي شئ من العلوم التي بات يراها كل يوم في تطورٍ مستمرٍ من حوله او من خلال اجهزة الاعلام المرئي او شبكات التواصل الاجتماعي أوالشبكة العنكبوتية (الانترنت) ... وكثيراً ما يقوم التلميذ بطرح اسئلة محرجة لكثير من التدريسيين والذين بدؤا يشعرون بالضيق والاحراج ، فاخذوا يقولون للتلاميذ : نلتزم بالكتاب المنهجي ونبحث عن النجاح افضل ... وهو كلام مرفوض قطعاً .....
اتذكر عندما كنا في الصف السادس الاعدادي ، كان معنا احد الطلبة واسمه (جليل) يتحدث اللغة الانكليزية بطلاقة ، ويقرأها ويكتبها بطلاقة ايضاً ، وقد احرج المدرس في كثير من الاحيان ، لأستخدامه المرادفات لكلمات اللغة الانكليزية ، واعتراضه على قواعد اللغة حيث يقول ان هناك فرق بين الانكليزية الام والانكليزية المتداولة في انكلترا حالياً ، الى ان سمح له المدرس بعدم الحضور الى الدرس !! ..... كذلك عندما ادخلوا مادة حفظ القران وتفسيره ضمن مناهج التدريس ، حينما قام الارعن المنافق (صدام) ، بفرضها كمادة اساسية في حملته الايمانية المزعومة ، جاءوا لنا بكتاب واستاذ مختص (على حد قولهم) !! وكان في ذلك الحين معنا طالب ، اسمه (خالد) ، يدرس الدراسات الدينية بعد دوام المدرسة على يد اساتذة حوزويين في المسجد ، فقام (خالد) بطرح اشكالات كثيرة على المدرس الذي لم يستطع بدوره الرد والاجابة على اسئلة (خالد) ولازلت اتذكر كيف رفع خالد الكتاب (كتاب التفسير) وضرب به المقعد (الرحلة) وقال للمدرس : ان كتابك هذا ليس كتاباً دينياً بل هو يسئ للدين ومفاهيمه ، وكنت وبقية الطلبة ننظر ولانفهم من كلام خالد شيئاً !! ، فكان رد المدرس على خالد كالمدرس السابق ثم كالاسبق ..... وصراحةً انا لا اعلم لماذا لايعاد دمج كتاب الاسلامية (حفظ القران فقط) مع كتاب اللغة العربية كالسابق ؟!! فالجامع والمسجد اولى بتريسهما من المدرسة التي اساءت للمفاهيم الدينية بصورة عامة ؟!! ........
ان الوعي الذي وصل اليه التلاميذ في عمرهم هذا غير الوعي الذي كنا عليه نحن في نفس عمرهم ، كنا نصنع علبة اقلام ، أوأطار صورة أو دمية وغير ذلك من الاعمال البسيطة ، وكانت تدفعنا الى تلك الصناعات الحاجة ، اما الان فقد اصبحت هذه الصناعات متوفرة ورخيصة الثمن والقيمة العلمية ، فأصبح التلميذ اليوم يهتم بالحاسوب وتطورات برمجياته والاهتمام الاكبر متوجه نحو صناعة الربورتات وحركاتها والاعمال التي تقوم بها من خلال عقلها الالكتروني ..... فكيف بالمعلم الذي لايعرف شيئا عن الحاسوب ؟!! وعن هذه التطورات العلمية ، ان يجاري التلميذ في هذا ؟!! ، يقول احد المعلمين : اذن وجب على المعلم ان يطور قدراته لكي يحافظ على مكانته وفرقه عن التلميذ !! ...... وأقول : نعم ، بل يجب على كل انسان ان يطور قدراته في اكتساب العلوم والمعارف وليس المعلم فقط!! ، لكن لنا ان نسأل : لماذا يرى المعلم نفسه دائما بانه افهم واعلم من التلميذ؟!! ... لماذا لايكون العكس ؟!! .... لماذا لا يعترف المعلم بأنه لازال متعلماً ؟!! وانه بحاجة الى اكتساب خبرات وان كانت من التلاميذ انفسهم ؟!! .... لماذا لايكون الصف ورشة عمل بين التلاميذ ولا بأس ان يكون تحت اشراف المعلم والافضل ان يكون المعلم احدهم ؟!! ....
كانت المناهج الدراسية (في السابق) توضع على ضوء سياسة الحكومة ، والاصح سياسة الحزب الحاكم وافكار القائد الضرورة ، وللاسف استمرت هذه المناهج رغم التغيير الذي طرأ على المنطقة العربية والعالمية في السنوات الاخيرة ، لذا وجب اليوم فصل التعليم ومؤسساته عن الاحزاب والسياسات ، واما الطلبة فلهم الحق في ممارسة حقهم كمواطنين لكن خارج المؤسسة التعليمية .....
كذلك وجب تفعيل دور المرشد التربوي ، واعطاءه الحصة الاكبر في اختيار المناهج ، وطريقة اعدادها ، كما يجب ان لاتتوحد جميع مدن الدولة بنفس المناهج ، فلا باس بانفراد مدينة او مجموعة مدن بمناهج خاصة ، وفقاً لمجتمع كل مدينة وخصوصياته .....
أنعقد في بغداد المؤتمر التعليمي الاول تحت عنوان (أجيالنا مستقبلنا) ، الذي عقده تيار شهيد المحراب برعاية سماحة السيد عمار الحكيم ، بتاريخ السبت المصادف 16/2/2014 ، الذي حضره اعضاء اللجنة التربوية في البرلمان العراقي ، ووكيل وزارة التربية ، وممثل عن نقابة المعلمين ، وممثل عن منظمة اليونسكو ، وممثل عن الامم المتحدة ، واساتذة مختصين من وزارتي التربية والتعليم العالي ، وشخصيات برلمانية وسياسية وادارية كثيرة ، حيث القى سماحة السيد الحكيم كلمته بالمناسبة ، والتي تضمنت مقترحات نالت اعجاب الحاضرين ولا سيما ممثل اليونسكو ، والذي بدوره القى كلمة ايضا بالمناسبة اثنى فيها على مبادرة السيد الحكيم ومقترحاته ، وقدمت بحوث كبيرة في مجال النهوض بالمستوى التعليمي وخرج المؤتمر بتوصيات رائعة تضع وتوضح خطط النهوض بالعملية التربوية والتعليمية ..... لقد كان للمؤتمر الاثر الكبير في الواقع التربوي والتعليمي ، ونحن بدورنا نطالب بان تأخذ الجهات التنفيذية هذه البحوث والتوصيات على محمل الجد ، وان تدخل هذه البحوث حيز التنفيذ من قبل الجهات التنفيذية المختصة .....
يعتبر هذا المؤتمر البذرة الاولى في الأتجاه الصحيح نحو بناء عملية تربوية ناجحة ، والذي نتمنى له ان يثمر الشعار الذي رفعه ..... ولكن ، اين دور الدولة والحكومة في مثل هذه المؤتمرات ؟!! ، لماذا لاتقيم الحكومة مثل هذه المؤتمرات ؟!! أو على اقل تقدير تدعم هذه المحاولات ؟!! ، وهل نأمل من الحكومة تنفيذ توصيات المؤتمر وما جاء في البحوث التي طرحها الاساتذة الافاضل وقدموه من عصارة خبرتهم في هذا المجال ؟!! ، كثيرة هي التساؤلات ولكن لا أجابة ننتظر منهم ، كما لا تنفيذ !!!!! .......
[email protected]
#حيدر_حسين_سويري (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟