|
قرار المرأة .. والفضاء الظلامي الخانق
اسماء محمد مصطفى
كاتبة وصحفية وقاصّة
(Asmaa M Mustafa)
الحوار المتمدن-العدد: 4389 - 2014 / 3 / 10 - 08:42
المحور:
ملف - المرأة بين النص الديني والقانون المدني الحديث، قانون الأحوال الشخصية للمسلمين ولغير المسلمين،بمناسبة 8 مارت -آذار عيد المرأة العالمي 2014
الحياة والحرية والكرامة والخيار والقرار .. حقوق إنسانية مشروعة تستحقها المرأة ، ذلك أنها إنسان قبل أن تكون أنثى ، إلاّ أنها حقوق تجد من يحاربها في العراق واضعاً العوائق والتحديات أمامها حتى ينفذ غاياته المَرَضية ممارساَ العنف النفسي ضد المرأة . ولعل أهم ماتواجهه المرأة اليوم من تحديات ، هو الثقافة الظلامية التي يتبناها البعض تحت مسميات مختلفة ، إذ مازال هناك من ينظر الى المرأة على أنها عورة ، او أنها غير مؤهلة للعمل او القيادة ، وهذه النظرة الذكورية التي إتسعت مؤخرا ، نتيجة تبنيها من قبل قوى سياسية نافذة ، طبعت الشارع بلونها الظلامي وغمطت حق المرأة في الحياة ، وتعمل بكل قوة على جعلها تابعا للرجل وليس مكملا له او كيانا مستقلا بحد ذاته . وإذ يحتفي العالم بعيد المرأة في هذه الأيام ، فإن نساء العراق يعانين التوجهات الناشزة للظلاميين الذين يحاولون عزلها عن إنسانيتها وحقها في أن تحيا بشكل يضمن لها الاحترام والحرية المشروعة ، وهي حقوق يكفلها الدستور والمواثيق الدولية ، فميثاق الأمم المتحدة يؤكد في مادته الأولى على " تعزيز احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية للناس جميعاً والتشجيع على ذلك إطلاقاً بلا تمييز بسبب الجنس او اللغة او الدين ولا تفريق بين الرجال والنساء " ، كما إن إتفاقية سيداو تنادي بالقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة . إن المرأة الآن تعيش صراعا مع قوانين فُرِضَت وقوانين ستفرض عليها للالتفاف على حقوقها وللحد من حريتها وتهميشها على مختلف المستويات ، وهي قوانين تعيدنا الى الوراء او الى عصر الجواري والإماء ، بينما يتطلع العالم ، لاسيما النامي منه ، الى النهوض بواقع المرأة ثقافيا وإنسانيا ، وعلى مختلف المستويات ، ليلحق بالعالم المتقدم الذي أصبحت المرأة فيه صاحبة قرار ، وتبوأت أعلى مواقع المسؤولية . لقد وجدت الأرض للمرأة ، كما للرجل ، ويحق للمرأة أن تختار طريقها ، كما الرجل يختار طريقه . وينبغي للمجتمع أن يتحرر من نظرة الدونية والوصاية على المرأة ، فهي خلقت بأحسن تقويم ، لأنها إنسان كامل ، كما يتوجب على المجتمع أن يكف عن تحميل المرأة أعباء ضرائب أخطاء الرجل ونزواته ورغباته . وإذا لم تتصدَ المرأة بنفسها للنظرة الذكورية التي تتجه الى التطرف والإيغال في محاولة إذلالها لمصلحة رجال مرضى بشهواتهم ، فإن حقوقها في العراق ستبقى مُهدَدة ( بفتح الدال ) ومن ثم سيستلب منها حتى هامش حريتها الصغير ، في ظل فضاء ظلامي يختنق بالمرأة ويخنقها ، ونحن هنا ضد الانفلات والتحرر غير المسؤول ، لكن أن تكون الحرية رهن فهم جهوي معين ، يعني أنها غير موجودة او ينقصها الكثير ، إلا أن الرغبة في امتلاك الحرية وعدم الاستسلام ، يبقى الحافز لانتزاع الحقوق التي كفلها الدستور وغيبتها الاجتهادات المختلفة ، ومع ذلك لم تستسلم المرأة العراقية الواعية ولعلها نجحت ، ولو نسبيا ، في تأكيد حضورها وبعض حريتها أيضا ! وهي لاترضى بالخضوع للقوى المتطرفة التي ليس في أجندتها مايرعبها سوى المرأة !! وإلا لماذا هذه النزعات الغريبة التي يخرجون بها بين حين وآخر وكأنّ المرأة مخلوق يهدد وجودهم . ومن المخزي للمجتمع وهو يعاصر الثورة المعلوماتية والإنجازات العلمية الكبرى المتحققة في العالم ، ويبدي إعجابه وانبهاره بها وتمنيه أن يكون عنصرا فاعلا في إنجازات مثلها ، أن يحاصر في الوقت نفسه المرأة بتوجهات غير إنسانية ولاأخلاقية بل غير علمية او منطقية ، فالمرأة ليست مخلوقا مرعبا يهدد وجود الرجل وأمن الحياة وسلام العالم وينبغي حبسه في قمقم ! وأخيراً على النساء الواعيات والمثقفات أن يتحدن ويكافحن بإصرار من أجل إنسانيتهن ولايتنازلن عن حقهن في الخيار والقرار ، كما إن النساء الذكوريات مُطالبات بإعادة النظر في مفاهيمهن عن أنفسهن ومكانتهن في الحياة ، وهي مفاهيم موروثة بلاوعي ، الأمر الذي يستدعي منهن التحرر من ذكوريتهن المكتسبة ونظرتهن الدونية لذواتهن ، تلك النظرة التي تمثل إحدى إفرازات الموروث الاجتماعي المتخلف ، وعليهن أيضا أن يعرفن كيف يكن قائدات ومنتجات وناجحات ومبدعات ويربين أولادهن الذكور على احترام أخواتهن الإناث مثلما يربينهن على احترامهم ، وكذلك يربين أولادهن على احترام الفتاة بنت الجيران والفتاة الغريبة عنه ، لينشأوا جميعا على قيم سليمة ونظرة صائبة الى المرأة ، وبذلك يتكون لدينا جيل من الرجال لايعاني عقداً يقوم بإسقاطها على النساء ..
#اسماء_محمد_مصطفى (هاشتاغ)
Asmaa_M_Mustafa#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الموعد
-
الموروث الثقافي المادي وغير المادي للعراق وأهمية تعزيزه وحما
...
-
اللوحة الأخيرة
-
وكالة أنباء فيس بوك !!
-
الباحث الموسوعي عبد الحميد العلوجي .. مسيرة عطاء وشهادات بعط
...
-
الحمائم لاتعود أحياناً
-
شخصيات بغدادية بارزة
-
القراءة رياضة ذهنية ، تقي من البلاهة والكسل العقلي
-
اللامرئي
-
أنستاس ماري الكرملي .. رحلة حياة حافلة وذكرى خالدة
-
ثقافة حياة : النظافة العامة احترام للذات وشعور بالمسؤولية تج
...
-
بروفايل بقلم عواطف مدلول
-
قصة قصيرة : الدود
-
تقاعد البرلمانيين ... نفسي ومن ثم الشعب !!
-
من قلبي كلمة .. من عقلي أخرى (7)
-
حوار جريدة ملتقى النهرين مع أسماء محمد مصطفى / حين تتألق الم
...
-
قصة قصيرة : اختفاء
-
الفصل من الوظيفة بسبب النميمة والغيبة !!
-
تيه
-
دموع أم قصة قصيرة
المزيد.....
-
فيديو يظهر لحظة قصف دبابة إسرائيلية المبنى الذي كان يتواجد ف
...
-
أول تعليق من حزب الله والحوثيين على مقتل يحيى السنوار: -حمل
...
-
الرئيس الفرنسي يكرم ضحايا مظاهرات 17 أكتوبر 1961 ويعتبر أنها
...
-
تفاصيل مقتل السنوار في غزة وردود الفعل ومن سيخلفه؟
-
اتهامات أممية لطرفي النزاع في السودان باستخدام -أساليب التجو
...
-
بعد مقتل السنوار... بلينكن يجري عاشر جولة في الشرق الأوسط من
...
-
ترحيب غربي بمقتل السنوار وإيران تشدد على أن -روح المقاومة ست
...
-
غداة مقتل السنوار... ملف غزة على رأس محادثات بايدن وقادة أور
...
-
قمة -كوب16- في كولومبيا... ما هو واقع التنوع البيولوجي في ال
...
-
المجلة: من هو يحيى السنوار.. وهل أخطأ في -الطوفان-؟
المزيد.....
-
دراسة نقدية لمسألة العنف القائم على النوع الاجتماعي بالمغرب
...
/ أحمد الخراز
المزيد.....
|