|
النزعة السايكوباثية للقانون الجعفري
قصي الصافي
الحوار المتمدن-العدد: 4389 - 2014 / 3 / 10 - 08:38
المحور:
ملف - المرأة بين النص الديني والقانون المدني الحديث، قانون الأحوال الشخصية للمسلمين ولغير المسلمين،بمناسبة 8 مارت -آذار عيد المرأة العالمي 2014
حزمة الأفكار والمفاهيم التي إستند إليها القانون الجعفري، والتي تكرس الهيمنة الذكورية وتحط من مكانة النساء في المجتمع ، إنما تمثل منظومة قيمية متكاملة ومتجانسة سادت في جميع المجتمعات البشرية لقرون طويلة قبل وبعد الأديان السماوية، إلا أن الأديان - وثنيةً كانت أو سماوية - قد منحتها صفة المقدس لتسهم في ديمومتها ورسوخها بالعقل الجمعي. كانت المرأة في الهند القديمة تتمتع بحق الملكية الفردية وإدارة الأراضي الزراعية حتى انبثقت الديانة الهندوسية(500 ق.م) والتي جردتها من كل حقوقها بل فرضت تعاليم لا تسمح للمرأة بالسير إلا على مسافة خلف الرجل، الأمر الذي ما زال يمارسه قرويونا والمنغلقون اجتماعياً حتى الآن. وقد ظلت المرأة مصدراً للشر وسبباً للكوارث في المخيلة الجمعية لقرون،ففي الميثولوجية الأغريقية تقوم أول إمرأة (باندورا) خلقت على الأرض - بعد غوايتها - بفتح جرة على أمل حيازة هدية فيخرج منها الطاعون والأمراض متسببة بالكوارث لبني البشر.(المعادل الأسطوري لحواء في الأديان السماوية ) ،وقد كانت مدينة أثينا الديمقراطية لا تمنح النساء حق المواطنة وتضع ألمرأة في منزلة أرفع بقليل من طبقة العبيد، كما أن أرسطو كان يرى في المرأة مخلوقاً ضعيفاً لا يتمتع بقدرات الرجل العقلية مما يجعلها أدنى منه وأعلى من منزلة العبد ولم تخلق إلا لخدمته وتأمين راحته. هيمنت النظرة الارسطوطاليسية على الفكر الإجتماعي والديني لقرون، تبناها الرومان في أعرافهم وتقاليدهم واستندوا إليها في تشريعاتهم ثم منحت الكنيسة بعداً دينياً لتلك الرؤية مما جعلها تقاوم أي صوت يطالب برد الإعتبار للمرأة ومنحها دوراً أكبر في المجتمع ، فمن ذا الذي يعارض سان جيروم الأب الروحي للكنيسة اللاتينية في القرن الرابع الميلادي في فتواه وهو يقول ( المرأة بوابة الشيطان وطريقه إلى الرذيلة ). يجمع الباحثون في فكر النهضة الأوروبية أن النهضة كانت للرجال فقط، بل أن مفكريها قد زادوا من رسوخ الصورة المشوهة للمرأة في العقل الجمعي انذاك، فها هو توم الأكويني الذي حاول في القرن الرابع عشر تنقية الفكر الديني عبر عقلنته وفق منطق أرسطو، يقول أن المرأة قد خلقت أدنى من الرجل عقلاً وجسداً، وإن دونية المرأة جزء من جمالية الطبيعة وروعة الخلق. استمرت تلك الأفكار وما يتفرع عنها من أعراف وتقاليد وتشريعات قانونية وكان الدين بمثابة غرفة إنعاش لما يحتضر منها. بدأ عصر الأنوار في القرن الثامن عشر ليكون بوابة للدخول إلى عصر الحداثة، إلا أن المرأة بقيت رهينة النظرة التقليدية للمجتمع حتى بعيون الفلاسفة والمفكرين ، ففي كتابه أميل يؤكد جان جاك روسو أن البيت هو المكان الطبيعي للمرأة على أن تكتسب التعليم الذي يؤهلها لتربية الأولاد والتدبير المنزلي وتأمين متطلبات زوجها ، ولم يكن مونتسكيو مختلفاً في موقفه بتأكيده عدم أهلية المرأة عقلياً وجسدياً للقيام بأعمال الرجل ، علماً أن للنساء دور كبير في فكر التنوير خاصة في فتح وإدارة الصالونات الثقافية ليحاضر فيها فلاسفة التنوير أنفسهم ، ومن تلك النساء ماري ولستونكرافت التي انتقدت بشدة الصورة الدونية التي وصفت بها المرأة في الانسكلوبيديا التي كان يشتغل عليها ديدرو وباقي المفكرين لتكون دليلاً ثقافياً لنشر مفاهيم عصر التنوير. أردت من تلك الرحلة السريعة بالتأريخ التوجه إلى أولئك الذين يجدون صعوبة في نبذ المفاهيم التعسفية ضد المرأة بحجة أنها تتساوق مع تعاليم الدين المقدسة، أي قدسية لأعراف وتقاليد انبثقت مع الأديان الوثنية والمجتمعات البدائية ؟ لمن يتمتع بقدرة عالية على التحمل بحيث يكمل قراءة القانون الجعفري كاملاً دون أن يصيبه ألشعور بالغثيان ، لن يجد صعوبة في الكشف عن النزعة السايكوباثية والميول السادية للمشرع ضد المرأة و الطفولة، وكأنه يضمر رغبةً دفينة للإنتقام من المرأة إذ يقذفها طفلةً لم تبلغ التاسعة بين أذرع الشهوانية الذكورية، ويعمد للحط من مكانتها حتى يختزلها إلى دمية للإستمتاع الجنسي، بل يختزل مؤسسة إجتماعية هامة كالزواج إلى تعاقد للتمتع الشهواني. على أمل الحصول على موافقة الكتل الشيعية وتحييد غير الشيعية ، آثر وزير العدل العراقي أن يكون قانونه خاصاً بالطائفة الشيعية فقط، وقد أوضح القاضي رحيم العقيلي أن خدعةً قانونية تضمنها القانون تجعله نافذاً على كل العراقيين، فهو يترك للمدعي حق إختيار القانون الجعفري مهما كان دينه أو طائفته إذا كان لصالحه في خلافٍ مع زوجته مثلاً . جوبه القانون باعتراضات من بعض الكتل والمراجع الشيعية أهمها إعتراض السيستاني الذي أعلن عن وجود الكثير من الثغرات الفقهية، وإنه جاء في غير الوقت المناسب، إذ يعاني النسيج العراقي من التمزق والتناحر الطائفي. وقد استبشر أصحاب التوجه المدني بموقف السيستاني و صار يتردد على ألسنة المحتجين وتستشهد به كتاباتهم. رغم أهمية موقف السيستاني إلا أنه كرجل دين - وكما هو واضح من صيغة اعتراضه - يطمح إلى تشريع قانون بدون ثغرات فقهية وفي الوقت المناسب. ولذا أرى أن يتحلى العلمانيون بالثقة بالنفس والشجاعة لئلا يتواضع هدفنا فننزلق في زاوية ضيقة نحاجج فيها بالأصول الفقهية والمخالفات الشرعية الدينية. ماذا لو اتفقت القوى الدينية على تعديل القانون بما يتوافق وجميع الطوائف فباركته المرجعية، عندئذٍ ألا نكون قد وقعنا بالفخ وساهمنا بصنع الكارثة ؟
لمن يتمتع بقدرة عالية على التحمل بحيث يكمل قراءة القانون الجعفري كاملاً دون أن يصيبه ألشعور بالغثيان ، لن يجد صعوبة في الكشف عن النزعة السايكوباثية والميول السادية للمشرع ضد المرأة و الطفولة، وكأنه يضمر رغبةً دفينة للإنتقام من المرأة إذ يقذفها طفلةً لم تبلغ التاسعة بين أذرع الشهوانية الذكورية، ويعمد للحط من مكانتها حتى يختزلها إلى دمية للإستمتاع الجنسي، بل يختزل مؤسسة إجتماعية هامة كالزواج إلى تعاقد للتمتع الشهواني. على أمل الحصول على موافقة الكتل الشيعية وتحييد غير الشيعية ، آثر وزير العدل العراقي أن يكون قانونه خاصاً بالطائفة الشيعية فقط، وقد أوضح القاضي رحيم العقيلي أن خدعةً قانونية تضمنها القانون تجعله نافذاً على كل العراقيين، فهو يترك للمدعي حق إختيار القانون الجعفري مهما كان دينه أو طائفته إذا كان لصالحه في خلافٍ مع زوجته مثلاً . جوبه القانون باعتراضات من بعض الكتل والمراجع الشيعية أهمها إعتراض السيستاني الذي أعلن عن وجود الكثير من الثغرات الفقهية، وإنه جاء في غير الوقت المناسب، إذ يعاني النسيج العراقي من التمزق والتناحر الطائفي. وقد استبشر أصحاب التوجه المدني بموقف السيستاني و صار يتردد على ألسنة المحتجين وتستشهد به كتاباتهم. رغم أهمية موقف السيستاني إلا أنه كرجل دين - وكما هو واضح من صيغة اعتراضه - يطمح إلى تشريع قانون بدون ثغرات فقهية وفي الوقت المناسب. ولذا أرى أن يتحلى العلمانيون بالثقة بالنفس والشجاعة لئلا يتواضع هدفنا فننزلق في زاوية ضيقة نحاجج فيها بالأصول الفقهية والمخالفات الشرعية الدينية. ماذا لو اتفقت القوى الدينية على تعديل القانون بما يتوافق وجميع الطوائف فباركته المرجعية، عندئذٍ ألا نكون قد وقعنا بالفخ وساهمنا بصنع الكارثة ؟
#قصي_الصافي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حق المرأة بالتصويت... الصراع المرير
-
الثورة التي أدهشت العالم -الحلقة الثانية
-
الثورة التي أدهشت العالم-الحلقة الأولى
-
المثقف النخبوي بين إختراع الطباعة والإنترنت
-
الإنتفاضات العربية ونظرية المؤامرة
-
الإنتفاضات العربية ونرجسية المثقف
-
المقدس بين الدين والعلمانية
-
-الثائر- آكل لحوم البشر
-
الحرية والإنسان بين دستوفسكي وايريك فروم
-
دستويوفسكي مفكراً
-
العولمة والبطالة وانعكاساتها على العالم العربي
-
كاميراتنا ....كاميراتهم ..والصراع المعرفي
-
اليوتوبيا بين الفكر والارهاب
المزيد.....
-
استعانوا بطائرات هليكوبتر.. كاميرا تُظهر إنقاذ مئات المتزلجي
...
-
عبدالملك الحوثي: لن نتوقف عن مهاجمة إسرائيل مهما كانت الضغوط
...
-
ضابط شرطة يطلق النار على كلب عائلة ويقتله.. وخلل فني في كامي
...
-
تحطمت فور ارتطامها بالأرض واشتعلت.. كيف نجا بعض ركاب الطائرة
...
-
إعلام حوثي: إسرائيل قصفت مواقع في صنعاء والحديدة.. ولا تعليق
...
-
رويترز عن مصادر: نظام الدفاع الجوي الروسي هو الذي أسقط الطائ
...
-
إعلام عبري يكشف تفاصيل جديدة عن تفجيرات إسرائيل لـ-بيجرات- ح
...
-
نائب أوكراني: زيلينسكي فقد ثقة الشعب والقوات في بلاده
-
مقتل العشرات ونجاة آخرين إثر تحطم طائرة ركاب في كازاخستان
-
قوات -أحمد- الروسية: الجيش الأوكراني يتحصن عند أطراف مقاطعة
...
المزيد.....
-
دراسة نقدية لمسألة العنف القائم على النوع الاجتماعي بالمغرب
...
/ أحمد الخراز
المزيد.....
|