|
انتخاب دون انتخابات
طه معروف
الحوار المتمدن-العدد: 1247 - 2005 / 7 / 3 - 12:36
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
جاءت نتيجة الانتخابات الرئاسية للنظام الحاكم فى ايران يوم 25حزيران2005 بمثابة نهاية "نهج الاصلاح" او (بروسترويكا الخاتمى) الذى اختاره رموز النظام فى ظروف سابقة للحفاظ على النظام الاسلامى بعد فشل النهج الخمينى و عجزه عن لجم الاحتجاجات الجماهيرية ضد النظام الاسلامى وبانتخاب احمد نجاد عاد النهج المذكور الى الواجهه بعد فشله سابقا امام النهج الخاتمى بوصفه بديلا مناسبا للتصدي لموجات الاحتجاجات الجماهيرية وبعكس "الانتخابات" السابقة شهدت الراهنة وحملاتها الانتخابية غياب تقديس او ذكر( الايديولوجياالاسلامية ) و رموزها الدينية بل اقتصرت و تمحورت حول سبل "حل" الازمة الاقتصادية الخانقة التي يتوقف عليها مصير الحكم الاسلامى فى ايران خرج تيار رفسنجانى مهزوما لإنه أراد أن يبدأ من حيث فشل التيار الخاتمى اى الوعود ب"الاصلاحات" والانفتاح على الغرب وفتح باب للعلاقات مع امريكا و دفع النمو الاقتصادي ....الخ ونجح احمد نجاد فى "الانتخابات" بوصفه رأسا للنظام الاسلامى الفاشى فى اطار الشعارات الملفقة و الكاذبة حول معالجة وتحسين الاوضاع المعيشية للعمال والكادحين وفئات اجتماعية اخرى "المستضعفين" بلغة النهج الخمينى، تدخل هذاالتيارلوقف الزحف الجماهيري على النظام وفرض نفسه وتم اختياره من قبل النظام الاسلامى للتقليل من خطورة سقوط النظام الدينى ولسد الطريق امام الاعتراضات الجماهيرية لقلب النظام الاسلامى ومؤسساته الدينية الرجعية بهذا المعنى فانه يمثل حكم الاسلام السياسى فى حالة (الهلاك). فور الاعلان رسميا عن نتيجة "الانتخابات" ظهر حجم الانشقاق الداخلى الذى احدثته النتيجة سواء على مستوى رموز الأجنحة الحاكمة او على مستوى الحركات الجماهيرية التى تحمل فى احشائها تناقضات حادة تحدد مصير كل النظام الاسلامي فى المستقبل وفى الحقيقة فأن هذه الانتخابات هزت قلعة الاسلام السياسى فى ايران وغيرت النظام الاسلامى من حيث اساليبه السياسية والايديولوجية واحدثت ارباكا قويا فى صفوف هيئته الحاكمة حيث تصدع الانسجام السياسى فى هيكل النظام بشكل لم يسبق له مثيل وحلت لغة التهديد والتنديد بين اقطاب النظام محل لغة الحوار و"الاخوة الاسلامية " واثناء الحملة"الانتخابية" و بعدها اتهم كل طرف مقابله بكونه سببا لتعرض النظام لخطر السقوط وهذا النموذج كما يعرف لدى المتشددين ب "نموذج الطهارة" الذى يمثله احمد نجاد هو سلاح قديم اثبت فشله فى الماضى وعجز عن سد الطريق امام الاعتراضات الجماهيرية صوب قلب النظام رغم ارتكابه ابشع الجرائم بحق الجماهير الا ان النتيجة كانت حتى الان عجز الجرائم الخمينية واعداماته الوحشية عن الصمود امام الحركة الجماهيرية بل بالعكس فأن تصميمها و اصرارها على مطالباتها لنيل الحرية من خلال ازاحة الحكم الدينى وضع هذا التيار خارج خدمة النظام الاسلامى فى المرحلة السابقة ، ولذلك ليس سهلا على هذاالتيار الفاشى الذى يقف فوق جبل من الجرائم بحق الجماهير والذي قام بمصادرة ابسط الحريات أن يواجه الجماهير ويسلك نفس سلوكه السابق، ذلك ان الجماهير مصممة على المضي قدما الى الامام، خاصة بعد الحاقها الهزيمة وفرضها التراجع عليه فى المواجهات السابقة، يضاف الى ذلك افتقار هذا التيار الفاشى الى السلاح الثقافي والايديولوجي (الفعال) لمواجهة الاحتجاجاتات الداخلية في الوقت الراهن. ان كل ما في جعبته ليس سوى اللجؤ الى الخداع والوعود الكاذبة كما فعل خاتمى واتباعه او ممارسة القمع ولكن هذه الاساليب لن تدوم طويلا لكون هذا التيار لا يتمتع بالموقع الذي يسمح لها ممارسة قمع الجماهير بصورة منظمة ومستمرة كما فى السنوات الاولى من حكمه خاصة فى ظل تزايد وتطور عناصر عدم الاستقرار فى جسم و هيكل النظام وبكون مصيره وبقاءه فى دفة الحكم يرتبط بمدى فاعلية نشاط الحركة الثورية للجماهير و دور قوى اليسار لقيادة هذه الحركات لدك النظام الاسلامى اذ لا يمكن للمرء ان يفكر بزوال نظام معين من زواية ازماته فقط دون حساب استعداد و حظور الطرف الاخر اى الجماهير التواقة للتحرر و قواها الثورية . اما على صعيد الانعكاسات وردود فعل هذا التغير على الساحة السياسية العراقية وخصوصا الحركات الموالية لها فى العراق فان من الواضح للجميع بان النظام الايراني بدا منذ سقوط بغداد قبل اكثر من عامين ,تدخلا سافرا وفظا فى العراق واغتنم فرصة غياب الدولة و انفراط الأمن وتمكن من خلال امتداداته الداخلية فى العراق من تكثيف نشاطاته السياسية والاستخباراتية ضمن مخططه الكبير فى العراق لإيجاد حكومة اسلامية فى العراق على غرارها و اتخذ من دوره فى العراق ليكون ورقة رابحة لتخفيف ازمته الداخلية الخانقة ولإحياء القوانين وانشطته الاسلامية الفاسدة و(الميتة) فى ايران بوجه النضال الجماهيرى و وقف وراء سلسلة من الجرائم فى العراق وساهم فى تشكيل الميليشيات الشيعية المسلحة لقمع الجماهير و هو واثق بأن نظامه الاسلامى المتأزم ليس قابلا للاستمرار من دون جماعات واطراف اسلامية اخرى خارج ايران وان فشل النظام الاسلامى فى ايران لخلق الانسجام السياسى فى صفوف الهيئة الحاكمة والتحديات المصيرية التي تواجهه فى الوقت الراهن على الصعيد الداخلى تدفعه نحو تكثيف محاولاته لتقوية مشاريعه الرجعية فى العراق ولكن هذه المحاولات تواجه صعوبة جدية وفشلا تاما لإ ن هذه المرحلة ليست مرحلة ارتقاء الخمينى و الخمينية لتصدير المد الاسلامى وانما هى مرحلة الدفاع عن بقاء النظام ووجوده و لذلك فأن المشاريع المذكورة فى العراق لن تخفف من حجم التحديات التي تواجه النظام الاسلامى و كذلك فان مسيرة الحركة الجماهيرية( المعادية للاسلام) فى ايران ستترك تأثيرا مباشرا على الجماهير فى العراق وموقفها من البديل الاسلامي يضاف الى ذلك تحرك الاحتجاجات و الاعتراضات فى العراق خاصة في مناطق تسلط الاسلام الشيعى ضد وجود هذه الحركات الرجعية والحكومة الممثلة لها . ان الايام القادمة ستثبت للحركات الاسلامية الموالية لايران بأنها ليس سهلا عليهم سوق الجماهير نحو الموافقة على النموذج السياسى الذى اثبتت التجارب الماضية فشله فى ايران و بانه انما يقف على فوهة بركان من الغضب الجماهيرى، وعلى صعيد المشاريع الايرانية الهادفة لفتح جبهة عريضة ضد الوجود الامريكى فى العراق والمنطقة فانها ردت بشدة حتى من قبل اقرب الموالين العراقيين لايران فقد صرح اعلى مسؤول وممثل للحركات الاسلامية الشيعية الرجعية فى الحكومة العراقية المصطنعة، ابراهيم الجعفرى ، بأن العلاقات تبقى وتستمر كماهى الان مع امريكا، حتى لو اقدم الأخيرعلى شن عمل عسكرى ضد ايران و هذه اشارة واضحة على فقدان الثقة بالنظام الاسلامى الايرانى . بعكس ادعائات وسائل الاعلام العالمية والاقليمية ، فان النظام الايراني لن يدخل فى صراعات جديدة مع امريكا فى ظل الحكومة الجديدة وانما ستتراجع عن خلافاتها الراهنة و ستلتقيان فى نقطة مهمة ومصيرية لكلا الطرفين الا وهي الوقوف بوجه تدخل الجماهير الثوري لتغير النظام ولذا ستقتصر الخلافات على بعض الارشادات والنصائح الامريكية لقلعة الاسلام الرجعية فى ايران لكي تسلك نفس المسالك التى مشت عليها دول مثل السعودية اوباكستان و افغانستان لتوفير الامن و الاستقرار لإستثمار رؤوس الاموال الغربية والعالمية وهذا هو جوهر الخلاف ما بين امريكا وايران وان حملات الدعائية حول الحريات وحقوق الانسان ليس سوى دعاية امريكية كاذبة ذلك مبعث تلك المارسات والجرائم هي امريكا بالذات . ان البديل الاسلامى هونموذج امريكى لمواجهة الحركات الجماهيرية الثورية قبل كونه بديلا للحركات الرجعية الاسلامية.
#طه_معروف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هوامش على دعوة الحوار المتمدن للتحالف قوى اليسار
-
ازمةجديدة للحركة القومية فى كردستان العراق
المزيد.....
-
صدق أو لا تصدق.. العثور على زعيم -كارتيل- مكسيكي وكيف يعيش ب
...
-
لفهم خطورة الأمر.. إليكم عدد الرؤوس النووية الروسية الممكن ح
...
-
الشرطة تنفذ تفجيراً متحكما به خارج السفارة الأمريكية في لندن
...
-
المليارديريان إيلون ماسك وجيف بيزوس يتنازعان علنًا بشأن ترام
...
-
كرملين روستوف.. تحفة معمارية روسية من قصص الخيال! (صور)
-
إيران تنوي تشغيل أجهزة طرد مركزي جديدة رداً على انتقادات لوك
...
-
العراق.. توجيه عاجل بإخلاء بناية حكومية في البصرة بعد العثور
...
-
الجيش الإسرائيلي يصدر تحذيرا استعدادا لضرب منطقة جديدة في ضا
...
-
-أحسن رد من بوتين على تعنّت الغرب-.. صدى صاروخ -أوريشنيك- يص
...
-
درونات -تشيرنيكا-2- الروسية تثبت جدارتها في المعارك
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|