|
المواطن العراقي والقومية العربية / علاقة من نوع خاص
عماد البابلي
الحوار المتمدن-العدد: 1247 - 2005 / 7 / 3 - 12:35
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
ما هي القومية ؟؟ هذا السؤال بالنسبة للمواطن العراقي هي من أكثر الأشياء التي يفهمها وفي نفس الوقت لا يفهمها ، كيف ؟؟ المواطن العراقي خلال ثلاثين عاما من حكم صدام ( القائد والفاتح العربي الشهير !!!) يتناول مفهوم القومية العربية خمس مرات في اليوم بعدد الصلوات الخمس وصار شعار ( أمة عربيه واحدة ..) دعاءاً للرزق والبركة ولكل شيء .. في نيسان من عام 2002 سقطت مدينة بغداد بسهوله لا تصدق والمواطن العراقي حائر ما بين مقاومة المحتل أو الوقوف معه ضد طاغية كان لولا الرئيس الأميركي وإصراره الغريب لحكمت ذرية صدام إلى قيام الساعة ، وبعد مرحلة الحيرة والتأمل التي قضاها المواطن العراقي في بيته بينما يتنزه الجيش الأميركي في طريقه للعاصمة خرج المواطن العراقي من سباته طوال سبعة عشر يوما لسرقة ممتلكات الوطن بشكل معلن وأمام كاميرات القنوات الفضائية معبرا عن فرحته لزوال الطاغية ، بعد حوالي شهر تقريبا وبعد تجريد كل دوائر الدولة من أبوابها وشبابيكها بدأت حركة أعمار العراق من جديد ومن مرحلة الصفر ؟!! بدأ المواطن العراقي يصرخ أمام كل دول العالم بأنه ضحية تستحق الرثاء للنظام السابق وكأن كوادر حزب البعث والأمن وغيره قد قدمت من كوكب المريخ وهم أنفسهم العراقيين الذين صفقوا لصدام يوم أمس واليوم لا يعرفونه ؟؟! والبعض الأخر راح يتسابق على كسب رضا الضباط الأمير كان الذين حكموا المدن العراقية في الأشهر الأولى للفوز في مناقصة هنا أوهناك أو الفوز بمنحة مالية بأسم يتامى العراق ومتضررين الحروب ، وطبعا الكل يعرف كيف كان يجري العمل في تلك المقاولات أو بتلك المنح المزعومة ، وأخيرا وفي هذه الأيام تم التنازل عن مفهوم القومية العربية ( الوطن الكبير ) واستبدالها بمفاهيم طائفية وعرقية مستوردة من دول الجوار ماحياً أخر قطرة شرف من جبينه ، وكأن العراق منفى تم فرضه على الشعب العراقي بالقوة .. المواطن العراقي في واد والوطن في واد أخر ، لماذا وصل الشعب العراقي إلى هذه المرحلة من الضياع والانسلاخ ؟؟ قد تكون برامج صدام التربوية القومية هي السبب طوال ثلاثين عاماً .. هذا بالنسبة للمواطن العراقي الكريم وعلاقته مع القومية العربية وكيف كانت تحفز مآثر قديمة فيه كما سنرى ، وأما المواطن العربي فقد كانت مشاعره القومية الرائعة تدفعه لدعم كل فتنة طائفية أو أي مصدر يزعزع الأمن في أرض العراق بحجة الجهاد ، ويدعو العلي القدير على نيل الشهادة في قتال الجيوش الصليبية عند كل صلاة وتحرير أرض العراق هذا من جهة ولكن عند اختزال الواقع الاجتماعي للمواطن العربي من جهة أخرى نراه يعيش تحت خط الفقر وحتى القطط التي تعيش في الغرب دخلها الشهري أكثر من أي عائلة عربية على الرغم من أن معظم الدول العربية هي من أغنى دول العالم في الثروات الطبيعية ؟؟!!هذا هو المواطن العربي وعلاقته مع القومية ، بعد كل هذا سنحاول أن نعرف ماهي القومية العربية وخصوصا أن العراق كان أخر بوق ناشد بكذبة كبيرة أسمها القومية العربية .. القومية هي مصطلح غربي وليس عربي أساساً جاء من كلمة إنكليزية هي ( Nation ) وتعني في العربية بالتحديد أمة تربطها شرط أساسي هو الأرض الواحدة على الرغم من الاختلافات الأخرى في الدين أو اللغة أو غيره فمثلا نقول الأمة الألمانية والأمة الهندية والأمة الفرنسية ولا يصح قولنا على الفرنسيين هم جزء من الأمة الأوربية ، كان أكبر افتعال حقيقي للتعصب القومي ظهر على لسان هتلر في الثلاثينات في مقولته الشهيرة ( حيثما تكون لغة ألمانية هناك ألمانيا )على أساس تقديس الجنس الآري المتفوق ، وهل يصح الآن القول بوجود القومية العربية لا يربط شعوبها شيء سوى عامل اللغة الواحدة في الوقت لحاضر دون وجود روابط ثقافية واجتماعية ملموسة فالمواطن في دول المغرب العربي يندمج مع تراثه البربري من أقصى جنوب البلاد ولا يندمج مع أصوله المزعومة من الجزيرة العربية ومن جانب أخر لا يوجد تشابه حقيقي بين المواطن العربي في دولة موريتانيا وبين المواطن العربي في سوريا سوى تقاليد إسلامية بسيطة والكل يعرف كيف أنتشر الإسلام في بقاع الدول المجاورة للجزيرة العربية وماهي الوسائل التي استخدمت في ذلك .. القومية العربية هي أفكار من برنامج غسل دماغ أعدته الأقلام المأجورة لحكومة البعث وبعض الأحزاب الأخرى على أساس عرقي أحمق ينص على فكرة الوطن العربي الكبير بدلا من التقسيمات الإدارية التي وضعها الاستعمار ، والعرب هم شعب الله المختار عبر سرد أدلة تاريخية سطحية متناسين حقيقة علمية بدأت تتبلور للساحة الفكرية العربية بعد حزيران الأسود مفادها أن جذور العرب هم قبائل بدوية لامهنة لديها سوى والقتل السلب والنهب كانت مصدر تهديد لكل الشعوب المحيطة بالجزيرة العربية طوال حقب تاريخية قديمة وحديثة ، أنحدر القوميين العرب من حيث أصولهم الاجتماعية من عائلات أرستقراطية إقطاعية تلقوا تعليمهم في جامعات أوربا وأميركا وبدلا من أن يساهموا في حركة التنوير العربية التي قام بها الليبراليين العرب شكلوا تحالفا فكريا مع التيارات الإسلامية العربية في تكوين كتلة اليمين المحافظ العربي على الرغم من كل التناقضات التي تفصل بين القومية والأصولية الإسلامية ، أتفق الجميع وتحت مظلة أحياء الحضارة الإسلامية ونسيان الحاضر ومشكلاته والسفر بالزمن لما قبل أربعة عشر قرن على أحياء أمجاد تلك الإمبراطورية القديمة .. كان الهدف من برنامج القومية العربية الذي صرف له ملايين الدولارات من بيت مال المسلمين حسب رأي الشخصي هو جرعة طويلة الأمد من مخدر لنسيان البؤس الذي يعاني منه الواقع العربي والعيش في أحلام أمجاد السندباد وعنترة العبسي و التراث الشعري الذي يعدل حجمه حجم كوكب المشتري فيما لو جمعنا كل ما كتب العرب من أشعار طوال تاريخهم ، لا شيء تبقى سوى الكلام والأساطير التي تحكيها العجائز من إمبراطورية حكمت الشرق والغرب لقرون طويلة .. المواطن العربي وخصوصا العراقي صنف متميز من البشر وهو الوريث الشرعي لتركة ثقيلة من العقد النفسية التي خلفها الأجداد للأبناء طوال مئات السنين ، وأكبر مرض خطير فكك كيانه هو أعادة بعث القومية العربية ( النازية العربية ) من جديد ، بالإضافة للمشاكل الأخرى ولكن ما هو المطلوب من مفكرينا الذي يعاني معظمهم من فصام عقلي وفكري وحالة من العزلة عن كل مشاكل الواقع .. الواقع البائس . برأي الشخصي هو التأكيد على الهوية العراقية الوطنية الجديدة والتي يذوب فيها كل القوميات الأخرى أو العرقيات الأخرى تحت شعار ( العراق بيتنا الكبير ) .. وفي النهاية شكرا لكم ..
السيد حارث 3062005
#عماد_البابلي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لحظة لقاء أطول وأقصر سيدتين في العالم لأول مرة.. شاهد الفرق
...
-
بوتين يحذر من استهداف الدول التي تُستخدم أسلحتها ضد روسيا وي
...
-
الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل جندي في معارك شمال قطاع غزة
-
هيّا نحتفل مع العالم بيوم التلفزيون، كيف تطوّرت -أم الشاشات-
...
-
نجاح غير مسبوق في التحول الرقمي.. بومي تُكرّم 5 شركاء مبدعين
...
-
أبرز ردود الفعل الدولية على مذكرتي التوقيف بحق نتنياهو وغالا
...
-
الفصل الخامس والسبعون - أمين
-
السفير الروسي في لندن: روسيا ستقيم رئاسة ترامب من خلال أفعال
...
-
رصد صواريخ -حزب الله- تحلق في أجواء نهاريا
-
مصر تعلن تمويل سد في الكونغو الديمقراطية وتتفق معها على مبدأ
...
المزيد.....
-
الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات
/ صباح كنجي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت
...
/ ثامر عباس
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|