|
المرأة والرجل جناحي الحياة
راندا شوقى الحمامصى
الحوار المتمدن-العدد: 4387 - 2014 / 3 / 8 - 13:07
المحور:
ملف - المرأة بين النص الديني والقانون المدني الحديث، قانون الأحوال الشخصية للمسلمين ولغير المسلمين،بمناسبة 8 مارت -آذار عيد المرأة العالمي 2014
بينما تذهب العديد من التقاليد والأعراف الدينية والفلسفية إلى الاعتقاد بأن المرأة يجب أن تكون خاضعة للرجل في نواح معينة من الحياة الاجتماعية وحتى ان المرأة في درجة أدنى من الرجل ، فان الدين البهائي يدعو إلى تساوي حقوق المرأة بالرجل . فقد أكد حضرة بهاء الله وحضرة عبد البهاء بأن المرأة لديها القدرات العقلية المساوية للرجل وفي المستقبل تستطيع المرأة إظهار طاقاتها لكي تحقق انتصارات في المجالات الذهنية والعلمية في جميع أوجه الشئون الإنسانية . إن السبب الوحيد الذي عرقل المرأة من أجل الوصول إلى هذا الهدف هو حرمانها من الفرص التعليمية والاجتماعية اللازمة . بالإضافة إلى ذلك فإن الرجال نظرا لقوتهم الجسمية فقد سيطروا على المرأة خلال عقود من الزمن وبذلك منعوا المرأة من تطوير قواها الحقيقية . وفي هذا الصدد يقول حضرة عبد البهاء : " كان العالم في العهود السالفة أسير سطوة الرجال تحكمه قسوتهم وتسلّطهم على النساء بصلابة أجسامهم وقوة عقولهم وسيطرة شدتهم . أما اليوم فقد اضطربت تلك الموازين وتغيرت واتجه العنف جهة الاضمحلال ، لان الذكاء والمهارة الفطرية والصفات الروحانية من المحبة والخدمة التي تتجلى في النساء تجلياَ عظيما صارت تزداد سموا يومَا فيومَا . ولهذا في هذا القرن البديع جعل شؤؤن الرجال تمتزج امتزاجا كاملا بفضائل النساء وكمالاتهن . وإذا أردنا التعبير تعبيراَ صحيحاَ قلنا ان هذا القرن سيكون قرناَ يتعادل فيه هذان العنصران : الرجل والمرأة تعادلا اكثر ، ويحصل بينهما توافق أشد". فعندما تحدث حضرة عبد البهاء أثناء أسفاره في أوروپا وأمريكا وكندا من عام ١-;---;--٩-;---;--١-;---;--٠-;---;-- إلى ١-;---;--٩-;---;--١-;---;--٣-;---;--عن المشاكل والتحديات التي يجب على البشرية حلّها قبل أن تأمل في تحقيق الاستقرار والسلام في العالم، ذكر حضرته مشكلة المساواة بين الرجال والنساء التي تسبب في كثير من المجتمعات أزمات تبلغ حدتها درجة تنذر بتصدع الأسرة وبالتالي تهدد بانهيار كيانها الاجتماعي. لقد مضى على هذا التحذير قرن من الزمن ومازال الخلاف يُبعد طرفي الخصومة ويحول دون التوصل إلى وفاق حول مبدأ المساواة في الحقوق بين الرجال والنساء، والإشكال ليس قصراً على مجتمعات بعينها فالتمييز ضد النساء والسياسات الداعمة له تقليد موجود في مختلف أنحاء العالم، مع تنوع في مظاهره واختلاف في الحجج الداعمة له من مجتمع إلى آخر، ولكن لا شك في وجود التمييز نفسه في مواجهة تحدّ متزايد من جانب المنظمات النسائية وإصرارها على تحقيق المساواة.
وضع المرأة في المجتمع ومركزها القانوني عنصر هام من مكونات النظام الاجتماعي، الذي يصعب تغيير أفكاره التقليدية الراسخة في قاعدته، خاصة عندما يرتبط الأمر أيضاً بالمعتقدات الدينية والتقاليد الموروثة. ويزداد الوضع تعقيداً إذا كان النظام الاجتماعي يشمل أكثر من مفهوم أيديولوجي وأكثر من اتجاه ديني ينظم العلاقات بين عناصر المجتمع، هذا بينما السلم الاجتماعي يحتم وجود نمط موحد للسلوك الاجتماعي كحد أدنى يتوافق عليه الشركاء في المجتمع، ويعتبرونه، من هذه الوجهة، دستوراً غير مكتوب يحكم الروابط فيما بينهم.
لقد مرت المجتمعات البشرية عموماً في تطورها بمراحل متشابهة قامت في الأصل على نظام الأسرة التي تكونت منها القبيلة والمدينة ثم الدولة الحديثة. ومع أننا لا نعرف الكثير عن المجتمعات المتقدمة في التاريخ لأنها لم تترك وصفاً موثقاً يفصّل نمط الحياة فيها خاصة فيما يتعلق بأوضاع المرأة، ولكننا نعرف أن في المراحل المتقدمة من التاريخ كان الغزو بين القبائل منتشراً وصورة من العلاقة المعتادة بينها، وكان سبي النساء أحد الدوافع من وراء هذه الغزوات في حياة البراري والبيداء علاوة على الخطف والغصب، أما في الحضر فقد أخذ اقتنائهن صوراً وأسماء متعددة يجمعها عموماً مفهوم البيع والشراء، وفي هذا المستوى الهمجي يُعتبر قانون حمورابي (حوالي ١-;---;--٧-;---;--٩-;---;--٠-;---;-- قبل الميلاد) الذي أقرّ شيئاً من الحماية للنساء من دون المساس بسيادة الذكور، تقدماً كبيراً نحو علاقة متحضرة بين الرجال والنساء.
وفي أعقاب العهد البابلي ظهر دين إبراهيم وتسلسلت الرسالات السماوية في ذريته مع اتجاه ملحوظ في كل منها لتحسين تدريجي لوضع المرأة الاجتماعي وحماية حقوقها، ولكن لم يخلّ أي منها بمبدأ السيادة الذكورية، وفقد حرص الدين على التدرج في تحسين أوضاع النساء بالتزام القدر الذي كانت تسمح به ظروف المعيشة ولا يخلّ بالاستقرار والتوازن الجماعي.
ولعل مراجعة سريعة لبعض ما نصت عليه تلك الأديان يعين في فهم التطور الذي مرت به العلاقة بين المرأة والرجل عبر التاريخ:
يذكر سفر التكوين قصة عصيان آدم وحواء ويحمّل حواء مسئولية مخالفة أوامر الربّ تحت تأثير غواية الحيّة، لذلك عوقبت بآلام الولادة والخضوع لسيادة رجلها: ”وقال للمرأة تكثيراً أكثر أتعاب حبلك. بالوجع تلدين أولاداً. وإلى رجلك يكون اشتياقك وهو يسود عليك.“*1* كما أن من بين تعاليم بني إسرائيل: ”لا تشته بيت قريبك. لا تشته امرأة قريبك ولا عبده ولا أمته ولا ثوره ولا حماره ولا شيئاً مما لقريبك.“*2* وأيضاً إعفاء النساء من بعض الشعائر: ”ثلاث مرات في السنة يظهر جميع ذكورك أمام السيد الرّبّ“*3*
وفي العهد الجديد تفصح رسائل الرسل عن مكانة مختلفة للمرأة: ”فإن الرجل لا ينبغي أن يغطي رأسه لكونه صورة الله ومجده. أما المرأة فهي مجد الرجل. لأن الرجل ليس من المرأة بل المرأة من الرجل. “*4*
ولكن سُمح للنساء بالاشتراك في كل الصلوات، ومُنحت النساء حماية من تعدد الزوجات ومن الطلاق المفاجئ من دون مبرر، ولكن بقي خضوعهن لسلطة الرجال: ”أيها النساء اخضعن لرجالكن كما للرب. لأن الرجل هو رأس المرأة كما أن المسيح أيضاً رأس الكنيسة. وهو مخلص الجسد. ولكن كما تخضع الكنيسة للمسيح كذلك النساء لرجالهن في كل شيء.“*5*
وكذلك قوله: ”لتتعلم المرأة بسكوت في كل خضوع. ولكن لستُ آذن للمرأة أن تُعلّم ولا تتسلّط على الرجل بل تكون في سكوت. لأن آدم جُبل أولاً ثم حواء. وآدم لم يغو لكن المرأة أغويت فحصلت في التّعدّي.“*6*
وعلق الإسلام تعدد الزوجات ومعاملة المرأة عموماً بشرط العدل، وأعطى للنساء نصيباً من الإرث ملكاً خالصاً، وفرض نفقة لها عند الطلاق لمدد محددة، ولكن بقيت الولاية والإمارة: ”الرجال قوامون على النساء بما فضّل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا إن الله كان عليا كبيرا.“*7* كما قال تعالى في السياق نفسه:”وللرجال عليهن درجة.“*8*
ومن الواضح أن هذه القيود والامتيازات لا تقاس بما كانت عليه نظائرها في المجتمعات الوثنية والأزمنة الظلامية. فالدراسات التاريخية التي استطلعت حال القبائل والمدن الإغريقية القديمة تظهر أن التمييز ضد المرأة والقسوة في معاملتها كانا أسوأ مما كانت عليه حالة نساء العرب البدو في أيام الجاهلية.
والعبرة التي يمكن أن نستخلصها من ذلك الاستعراض التاريخي السريع أن الأوضاع النسائية والمراكز القانونية المتعلقة بالنساء كانت متغيّرة واختلفت الأحكام الشرعية التي تنظم أوضاعهن وفقاً لنمو الوعي الاجتماعي، وتغيير ظروف الحياة، وتقدم المرأة بالتدريج وفقاً لنسبة التعليم التي سمحت تلك المجتمعات للمرأة بالحصول عليها، مع الأخذ في الاعتبار التقدم الذي أحرزه تعليم النساء حيثما توفرت الكتب والمجلات للأفراد العاديين، وتوفر تشجيعهم على القراءة.
ودام ذلك الحال إلى أن انتابت العالم نقلة كبيرة مفاجئة مع حلول القرن التاسع عشر بدّلت من مكوناته وخلقت حقيقة جديدة لمجتمعاته وروابطه الاجتماعية والاقتصادية، وأدخلت تعديلاً كبيراً على دور المرأة في جوانب عديدة من الحياة، وخاصة قدرتها على المساهمة في الحياة العامة بدرجة متناسبة مع قدرتها على الكسب والاستقلال اقتصادياً، فنالت دوراً يقارب دور الرجل في أهلية المشاركة في الحياة العامة مع تفاوت في ذلك بين المجتمعات الغربية ونظيراتها في الشرق.
ومع كل ذلك بقي حق النساء في المساواة مع الرجال حلماً يداعب خيالهن إلى أن ترامت إلى أسماعهن كلمات عبد البهاء أثناء أسفاره في أورپا وأمريكا: ”تواجه البشرية في الوقت الحاضر مسائل في غاية الأهمية، مسائل خاصة بهذا القرن النوراني لم يكن لها ذكر في القرون السابقة، وبما أن هذا القرن قرن الأنوار، وقرن الإنسانية، وقرن الفيوضات الإلهية فهذه المسائل معروضة على الرأي العام في كل قطر من أقطار العالم للمناقشة بحثاً عن حلول لها.
وإحدى هذه المسائل تتعلق بحقوق المرأة ومساواتها بالرجل. فقد كان الاعتقاد في العصور الماضية أن المرأة والرجل غير متساويين، بمعنى أن المرأة كانت معتبرة أقل قدراً من الرجل حتى من حيث تكوينها وخَلْقِها، وكانت معتبرة بصفة خاصة أقل ذكاء وسادت هذه الفكرة لدرجة أنها لم يكن مسموحاً لها لتتقدم إلى مسرح الشئون الهامة. وفي بعض البلاد ذهب الرجل إلى حدّ الاعتقاد بأن المرأة تنتمي إلى فصيل أقل من البشر. ولكن في هذا القرن قرن الأنوار وكشف الأسرار يثبت الله لنفع البشر أن كل ذلك كان وليد الجهل ونتيجة فهم خاطئ، حيث أنه ثبت بوجه قاطع أن الرجال والنساء بوصفهم من مكونات البشرية فهم متساوون ولا يجوز التمييز بينهم في القدر لأنهم جميعاً بشر. إن أوضاع المرأة في القرون الماضية كانت نتيجة لعدم وجود فرص متاحة لها فقد كانت محرومة من حق التعليم ومميزاته وتركت في حالة تخلف. في الحقيقة أن الله خلق كل البشر وفي نظره لا وجود لأي فرق بين رجل وأمرأة.“*9* [ترجمة تقريبية عن الانجليزية]
أدرك قادة الفكر والسياسة أهمية المبادئ المعنوية والتعاليم الروحانية في إنماء الوعي الاجتماعي والتقدم الفكري لدى الناس وتأثيرها في الحد من العنف ومقاومة الاندفاع إلى الحروب. فتوجه الاهتمام العالمي إلى تطعيم القانون الدولي بأحكام تحمي حقوق الإنسان بصفة عامة وحقوق المرأة بصفة خاصة. ولكن بعد أن عانى العالم ويلات حربين عالميتين تخللتهما معارك وحشية هلك فيها الملايين من الشباب وشمل الخراب المدن والقرى الأوروپية.
فاعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ ١-;---;--٨-;---;-- ديسمبر/كانون الأول ١-;---;--٩-;---;--٧-;---;--٩-;---;-- اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة ودخلت حيز التنفيذ في ٣-;---;-- سبتمبر/أيلول ١-;---;--٩-;---;--٨-;---;--١-;---;--، وجاء في مادتها الثانية: “تستنكر الدول الأعضاء التمييز ضد النساء بكل أشكاله وتتفق على تبنى سياسة للقضاء على التمييز ضد النساء ولهذا الغرض تقوم بكل الوسائل المناسبة، ومن دون تأخيرعلى:
◦-;---;-- النص على مساواة الرجال والنساء في دساتيرها أو تشريعاتها المناسبة الأخرى؛
◦-;---;-- وتضمن بواسطة قوانينها وغيرها من الوسائل المناسبة التطبيق العملي لهذا المبدأ؛
◦-;---;-- إصدار التشريعات المناسبة واتخاذ الوسائل الأخرى الكفيلة بمنع التمييز ضد النساء بما في ذلك فرض العقوبات.
وقد أوضحت اتفاقية القضاء على التمييز ضد النساء بأن هذا التمييز يشمل أي عمل يترتب عليه أو يكون الغرض منه حرمان النساء من التمتع بحقوق الإنسان بشكل مساو للرجال، سواء كان ذلك في المجال السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي أو الثقافي أو أي مجال آخر.
فزاد زخم الحركات النسائية بهذا التقدم في الدفاع عن حقوقهن، وبعد انتزاعهن الحقوق السياسية وعلى رأسها حق الترشيح وحق الانتخاب وما تبعهما وبعد انتشار التعليم بين الإناث وإثبات قدرتهن على الاستقلال فكرياً ومادياً، إلى جانب تفرقة كثير منهن بين أوضاعهن الاجتماعية وبين معتقداتهن الدينية.
وعلى الرغم من سريان نصوص هذه الاتفاقية ومثيلاتها في بلاد الشرق، مازالت تظهر من حين إلى آخر بعض الأراء المتشددة في تحفظها متجاهلة مبدأ المساواة بين الرجال والنساء الذي انبثق من الوفاق الدولي سالف الذكر والذي أصبح جزءاً من قواعد القانون الدولي. ولا نعدم بعض المتشددين الذين يبدون تصوّرهم لمكانة المرأة ودورها الاجتماعي بصورة تحكي عن تفاوت صارخ في الحقوق بين الرجال والنساء، فيعلنون قوامة الرجال على النساء كمبدأ شرعي، وبناء على ذلك يصرّون على حصر دور النساء في خدمة الأسرة ورعاية الأطفال، ويعتبرون المرأة العاملة خارج المنزل إمرأة تخلّت عن أنوثتها وهجرت دورها الطبيعي بتقديم طموحاتها الفردية على أسرتها، وتحقق ذاتها بالصراع مع الرجل لا بمنطق التكامل الإنساني معه.
وتثير هذه الآراء ردود فعل قوية من منظمات حقوق الإنسان وحقوق المرأة فتعتبرها فكراً شديد الرجعية ومحاولة لفرض وصاية ذكورية على النساء تجسد مفاهيم التمييز وعدم المساواة، بل تسعى إلى تشويه صورة المرأة المساهمة بعملها خارج المنزل في مساندة أسرتها مادياً والقيام بواجبها في بناء المجتمع الحديث.
ولكن في مواجهة هذه الآراء ترتفع أصوات قادة الرأي في هذه المجتمعات نفسها، تختلف عما ذهب إليه المتشددون، حيث يقولون بأن الدين أعلن المساواة كمبدأ عام بين الناس جميعاً وفقاً لخلقهم الأول من دون تمييز بين رجل وامرأة. وهذه محاولة لإظهار صورة مختلفة للمكانة التي ينبغي أن تحظى بها المرأة إلاّ أنها لا تبدو كافية لإفحام المتشددين، ولا تنال رضا أنصار القضاء على التمييز ضد المرأة، لأن أساس هذا الرأي هو قصة خلق آدم وحواء التي روتها الأديان الإبراهيمية. وأقل ما يؤخذ على هذه القصة أنها تصطدم مع النظريات العلمية التي توصل إليها الإنسان في العصر الحديث بخصوص خلق الإنسان.
ولهذا يذهب الحريصون على أن تكون الحقائق الدينية متوافقة مع القوانين الكلية المسيرة لشئون الكون ومقبولة للعقل إلى القول بأن لقصة خلق آدم وحواء معان رمزية، ولذا يكون من السذاجة تأويلها حرفياً بناء معانيها على الألفاظ التي وصفت أحداثها على نحو لا يتفق مع العلم ولا يكاد يقبلها العقل.
كما أن منطق هذه القصة يصطدم بكثير من أحكام الدين، فمنطق الحجة التي تبني المساواة بين الجنسين على أساس مساواتهما في الخلق الأول يؤدي إلى بتطبيق الأديان مبدأ هذه المساواة في أحكامها التفصيلية، ولكن على عكس ذلك لم تساو سلسلة الأديان السماوية التي وصلتنا مثل اليهودية والمسيحية والإسلام بين الجنسين في الحقوق ولا في المكانة الاجتماعية، بل نجدها صريحة في فرض سيادة الرجل، وتأمر النساء بالخضوع لأزواجهن وبطاعة شبه عمياء.
ولعل ثقافة العنف التي تجيزها تلك الأحكام لإرغام المرأة على الطاعة في داخل الأسرة إلى حدّ ضربها لم تعد تناسب حاضرنا. فالأسرة هي الخلية الأساسية في بناء المجتمع الحديث، وينبغي أن يكون أساس الروابط فيها التعاطف والتآزر بعيداً عن العنف أو إهدار الكرامة الإنسانية، والاعتماد في حلّ خلافاتها على الحب المتبادل ورغبة المشاركة في مواجهة متطلبات الحياة بالتضامن القائم على المصلحة المشتركة. إن عهد الحكم الفردي قد انقضى إلى غير رجعة، داخل الأسرة وخارجها، ليفسح المكان لنظام قائم على التشاور بوعي نام للتوصل إلى وفاق مشترك يأخذ في اعتباره تحقيق الوئام والسعادة لأفراد الأسرة بأكملها.
هذه هي نوعية التغيير الفكري التي جدت على مجتمعاتنا، ولو أن التغيير الذي بدأ في هذه المجتمعات لم يصل أثره إلى أبعد من السطح، إلاّ أن من العبث محاولة إنكار وجود وعي جديد فيها، ولا شك أن قوى التغيير ستواصل توغلها في أعماق المجتمع إلى أن تجد طريقها إلى نهج التفكير، وأساليب السلوك حتى تصل إلى نبذ الأوهام المتوارثة، وعندئذ يكون التغيير قد مسّ سويداء قلب هذه البقاع من العالم.
وبالرغم من وجود روح التغيير ومن جهود منظمات المجتمع المدني والهئيات الدولية وقادة الفكر المتحرر طوال أكثر من ستين سنة من أجل القضاء على التمييز ضد المرأة، فإن هذه الجهود لم تعط النتائج المرجوة منها، وليس فيها ما يسمح بالتفاؤل في تغلبها على التقاليد المتوارثة.
وهذا يبيّن الحدود التي تقف عندها قدرة الإنسان وحده على تغيير الأفكار الراسخة في المجتمع عن مكانة المرأة ودورها في المجتمع، وحاجة الإنسان إلى مبادئ معنوية تؤازر جهوده في التغيير واستبدال النظم التي أرست تبعية المرأة للرجل حتى لا تديم قوامته عليها.
وقد أكد حضرة عبد البهاء في خطابه في معبد المعمدانيين بفيلادلفيا في ٨-;---;-- يونيه/ حزيران ١-;---;--٩-;---;--١-;---;--٢-;---;-- أن الرجال والنساء متساوون أمام الله وكلهم من سلالة آدم ثم تناول الموضوع نفسه وأضاف إلى ذلك في حديثه بكنيسة المسيح بمومنتريال في أول سبتمبر/أيلول ١-;---;--٩-;---;--١-;---;--٢-;---;--: ”إن الرجل والمرأة كليهما إنسان وكل منهما عبد لإله واحد، وليس لدى الله ذكور وإناث بل كل من كان قلبه أطهر وعمله أحسن كان مقرباً أكثر لدى الله سواء أكان رجلاً أم امرأة. وهذا التفاوت المشهود الآن بين الرجل والمرأة ناتج من تفاوت التربية لأن النساء لا يربين [بمثل التربية التي ينالها] الرجال، فإن نال النساء والرجال التربية نفسها على حدّ سواء فإنهم يتساوون في جميع المراتب لأنهم كلهم بشر ومشتركون في جميع المراتب ولم يجعل سبحانه وتعالى تفاوتاً بينهم.”-;---;--*10*
وذلك يعني في فهمي أن مبدأ المساواة بين الرجال والنساء ليس وليد التطور الذي طرأ على الإنسانية، بل هو حق طبيعي نابع من تساويهما في الخصائص الإنسانية وتساوي عناصر خلقهما، أما النقص في حقوق النساء الذي وقع في الماضي فهو من صنع الإنسان وليس من وحي الأديان. فالتفرقة بين الذكور والأناث في التربية والتعليم، والتفرقة في معاملة منذ مراحل الطفولة، والصورة التي يعكسها المجتمع عن مكانة كل من الذكور والإناث، هي من الأسباب المباشرة المؤدية إلى تفاوت قدر كل منهما. أما الأديان السماوية فعلى العكس سعت في التخفيف من هذا العوج بالتدريج المتناسب مع نمو الوعي الإنساني وتقدم مدارك كل من الرجال والنساء معاً وبقدر ما سمحت به ظروف الحياة.
فالتحدي الذي يواجه الشعوب في أثناء مرحلة الانتقال التي تخوضها في الوقت الحاضر، بما يشوبها من عدم الثقة والقلق، هو التركيز على تحديد المبادئ الكفيلة بإرشاد مجتمعاتها إلى التغيير الفكري الضروري، وباستبدال قواعد السلوك القديمة حتى يمكنها أن تعيد تنظيم حياتها في عهدها الحديث، بعد أن تبَدّلَ واقع الحياة في العالم أجمع وأصبح عالماً جديداً مختلفاً بكل المقاييس. وتجاهل هذه الحقائق المستجدة لا يحقق مصالح أي مجتمع يريد نهضة حقيقية ويحرص على استمرار نموها، ولن يفيده إنكار ضرورة التجاوب والتجانس مع مقوماتها، فمسايرة التغيير ومطالبه شرط لكي يستفيد أي مجمتمع من مميزات هذا العالم الجديد. ولعل نقطة البدء هي التجاوز عن كل المسائل التي تعداها الفكر المعاصر وفقدت تأثيرها السابق في هذا العالم الجديد. فمعنى التغيير هو بناء نظام جديد مستند إلى مبادئ قادرة على خلق مستقبل متكافئ مع مستوى الوعي الذي نما إليه الإنسان وفهمه الصحيح للكرامة الإنسانية وهيبتها.
إن قضية مساواة الرجال والنساء لم تعد مجرد شعار مثالي يمكن غض النظر عنها، بل أصبحت أساساً لتحقيق العدل، والتعايش السلمي، وخلق ثقافة مسايرة لروح العصر ومتطلبات العالم الجديد. وهي، لكل ذلك، جديرة بأن تكون بداية لتغيير النظام الاجتماعي في سبيل تحقيق العدل وتكافؤ الفرص والتطلع إلى المستقبل من منظور جديد. فلا ينبغي أن تبقى قضايا المرأة محلاً لخصومة فكرية بين القديم والجديد، فتتصلب حيالها مواقف الذين يتوهمون خلود القيم الاجتماعية والسياسية، عوضاً عن البحث عن حلول عادلة للأوضاع المتجددة.
إن أحداً لا ينكر المكانة الهامة للمرأة في داخل الأسرة ومسئولياتها متعددة الجوانب: شريك مؤازر في بيت الزوجية، ومدبر للشئون المنزلية، وراع لدوام الروابط العائلية، راع ومربي للأطفال، بالإضافة إلى العمل خارج البيت، وعموماً مساهم لا غنى عنه لنجاح جميع مشاريع الأسرة. ومع ذلك لم يزد تقدير مكانتها في عن منزلة هامشية تبعدها عن المناصب المؤثّرة، ومراكز القرار، والقيادات الثقافية، التي اختص بجملتها الرجال، حتى اصطبغت السياسات العامة بهمومهم وانطبعت بها قواعد النظام الاجتماعي، وهذا موقف يحرم النساء من المساهمة في حلّ مشاكل المجتمع الذي يعشن فيه ويتحملن نتائج أزماته وكبواته.
وأياً كانت مبررات الدور الثانوي الذي خصصته لها المجتمعات في الماضي فقد آن الوقت أن يدرك الوعي الجماعي أن الماضي بكل مآثره قد انقضى، وأن العالم بأسره يستقبل عهداً جديداً لم يعد فيه اليوم موضع للمبررات القديمة. والمعوقات التي تؤخر التغيير الآن تعود في أساسها إلى الرواسب المتبقية في أذهان الناس من تراث الماضي، وكان من اليسير التعامل معها لو لم تزدها تعقيداً محاولات ربطها بالدين.
ولعل مثل هذه الاعتبارات هي التي دفعت بالمجتمعات في مناطق أخرى من العالم إلى فصل روابطها الاجتماعية والإنسانية عن الشأن الديني. ولستُ ممن ينادون بطرق هذا السبيل، فلا ضرر من التمسك بأحكام الدين إذا فُهمت وطُبّقت بميزان العدل الذي أمرت به الأديان كلها، واناطت به صحة تطبيق أحكامها.
من الأهمية بمكان أن ندرك أن الدور الثانوي الذي خصصته المجتمعات التقليدية القديمة للمرأة لم يكن أساسه نقص في كفاءتها الطبيعية بل كان أحد معالم الثقافة الموروثة عن البداءة والعادات القبلية الغابرة، وأياً كان الأمر فلم يعد في المجتمعات الحاضرة مبرراً لبقاء النمط التقليدي للنظم الاجتماعية القديمة لعدم ملاءمته للأوضاع الاجتماعية الحالية، والوعي الثقافي الحديث ومفهوم العدل الاجتماعي في الوقت الحاضر.
ونظراً لأن المبادئ التي أشرقت على العالم ويقوم عليها عهده الجديد فقد بذل حضرة عبد البهاء في أسفاره إلى أوروپا وأمريكا جهداً عظيماً في إنارة الرأي العام الغربي وزعمائه الروحانيين والسياسيين إلى ما يتطلبه انتقال مجتمعاتهم إلى المستويات الجديدة، وتطرق في مناسبات عديدة إلى الحديث عن ضرورة تحقيق المساواة بين الرجال والنساء، على الرغم من التقدم الذي أحرزته النساء في تلك المجتمعات، مما يوحي بأن المساواة التي تظن المجتمعات الغربية أنها تحققت، مازالت هي الأخرى بعيدة عن جوهر الحقيقة.
إن حقيقة المساواة بين الجنسين، كغيرها من المبادئ الأساسية، لا يفي بها المظهر الخارجي ولابد لكي تصبح حقيقة واقعة أن تستقرّ في ضمير الإنسان وأن يدرك وعيه أبعادها الصحيحة إلى أن تصير عنصراً من مكونات هويته وركناً من أركان إيمانه.
ومن البديهيات التي ساقها حضرة عبد البهاء لتسهّل لمستمعيه فهم هذه الحقائق أنّ وجود الإزدواج في الكائنات ليس قاصراً على النوع البشري وحده، فهناك ذكور وإناث في كل من عالم النبات وعالم الحيوان من دون أن يكون ذلك سبباً لتمايز أحدهما على الآخر. وبناء على ذلك فإن الاختلاف في الحقوق بين الرجال والنساء لا يعود إلى نظام الطبيعة الموازي لحقيقة الدين، فالإرادة التي أوجدتهما وحدة. والأمر لا يقتصر على تغيير مناهج التربية وحدها لأن الصورة التي تعكسها كل من الأسرة ودور التعليم وما يعكسه المجتمع إلى جانب الثقافة السائدة هي من المؤثرات التي تدخل في تكوين مكانة كل من الجنسين، ولذا لا مفر من أن يصل التغيير إلى النظام الاجتماعي نفسه.
وأهمية تحقيق المساواة كمبدأ حاكم على كل ما يدور في الحياة لا تقتصر على تحقيق العدل بينهما، مع أهميته، وإنما كما أبان حضرة عبد البهاء بتأكيد قاطع: ”لا يمكن أن تكتمل سعادة العالم الإنساني إلاّ بمساواة النساء بالرجال مساواة تامة.“-;---;--*1*
ولا يجوز أن نغفل عن الحقيقة الهامة التي نبّه إليها حضرة عبد البهاء في هذا الصدد، بقوله أن في هذا الدّور البديع: “قد أُعلنت المساواة بين الرّجال والنساء من كافة الوجوه، إلاّ في مواقع جزئية”-;---;--*2*.
وعاد حضرته ليؤكد هذه الحقائق في إحدى مكاتيبه: ”ثم اعلمي يا أمة الله أن النساء عند البهاء حكمهن حكم الرجال فالكل خلق لله خلقهم الله على صورته ومثاله، أي مظاهر أسمائه وصفاته، فلا فرق بينهم وبينهن من حيث الروحانيات، الأقرب فهو الأقرب سواء كان رجالاً أو نساء، وكم من أمرأة منجذبة فاقت الرجال في ظلّ البهاء وسبقت مشاهير الآفاق…”-;---;--*3*
حقيقة أن كثيراً من أحكام الكتاب الأقدس قد جاءت في صيغة المذكر، ”ولكن الواضح من بيان حضرة وليّ أمر الله في هذا المورد أن الحكم الذي يسري على الرجل في علاقته بأمرأة ينطبق أيضاً – مع ما يقتضيه الحال من تغيير – على المرأة في علاقتها بالرجل، إلاّ إذا تبيّن استحالة ذلك. فمثلاً: حرّم الكتاب الأقدس على الابن الزواج من امرأة أبيه، وبيّن حضرة ولي أمر الله أنّه – بالقياس – لا يحلّ للبنت الاقتران بزوج أمها. يؤدي هذا الفهم لمضمون الأحكام إلى آثار بالغة الأهمية إذا أخذنا في الاعتبار أن المساواة بين النساء والرجال من المبادئ الأساسية في الدين البهائي، الأمر الذي لا ينبغي أن يغيب عن الأذهان عند دراسة أحكام الكتاب الأقدس”*4*.
وفي رسالة بتاريخ ٢-;---;--٤-;---;-- يوليه ١-;---;--٩-;---;--٧-;---;--٥-;---;--تفضل بيت العدل الأعظم رداً على استفسار أحد البهائيين بقوله: ”فيما يخص سؤالك عن المساواة بين الرجال والنساء، فهذا، كما أبان حضرة عبد البهاء مراراً، مبدأ أساسي من مبادئ الدين البهائي، وبناء على ذلك يجب دراسة أحكام الكتاب الأقدس على ضوء هذا المبدأ. والمساواة بين الرجال والنساء لا تعني، بكل تأكيد لعلة اختلاف التكوين الجسماني، تماثل الوظائف. فهناك أمور يفوق فيها آداء النساء قدرة الرجال، بينما هناك أمور أخرى يكون الرجال أنسب لها من النساء، ولكن في أمور كثيرة أخرى لا تأثير للاختلاف الجنسي في أدائها. والفرق في الأداء أظهر ما يكون في حياة الأسرة، وقد رتبت أحكام الشريعة البهائية نتائج بعيدة المدى على دور الأمومة، فعلى سبيل المثال، عندما يتعذّر تعليم كل أطفال الأسرة تُعطى الأفضلية في ذلك للبنات على الصبيان، لأن الأمهات هن المربيات الأوليات للجيل اللاحق، وكذلك أعفيت النساء دون الرجال من بعض أحكام الصوم بسبب وجود هذه الفروق الجسمانية.“*5* [ترجمة تقريبية عن الانجليزية]
لقد أتاحت فرص تعليم الإناث المجال ليبدين من الذكاء والكفاءة والقدرة ما يوازي مثيلاتها عند الذكور، وبذلك أزلن أحد الأوهام الرئيسة من الذهن الجماعي. وخلق نهضة نسائية حديثة يحتاج إلى تركيز الانتباه على التوسع في تعليمهن من أجل الانتقال بالبشرية إلى مرحلة أسمى من أطوار تقدمها.
لا أحد يجادل في أن للمرأة نهجاً مختلفاً في تفكيرها تمليه مروءة طبيعتها، وسلوكاً مطبوعاً بطبيعة رضيّة ورحمة وتحظى بلين يبعدها عن مواطن العنف والاقتتال. وهذه صفات تعوز الحياة العامة، وتجلب التوازن إلى القرارات الأساسية ورسم السياسة العامة إذا شاركت النساء في تصميمها وصوغها بما أوتين من رحمة وحنان، ومن شأن مجموع الخصال الأنثوية تدعيم العدالة الاجتماعية وتخفيف التوتر في الحياة العامة، ولعلها أيضاً سبيل يخلصنا من نكبات الحروب، لأنها كأم ومربية للنشء وحارس لسلامة الأسرة، لن تستهون الإسراع إلى ميادين القتال، ولن تستسهل ما تعانيه الأسرة من ويلاتها.
إن بيوت المال والصناعة والتجارة ومعاهد العلم والمصالح الخاصة عموماً قد تعرفت قبل غيرها على مزايا إشراك المرأة في أنشطتها ومشاوراتها واتخاذ قراراتها، وأثبتت تجربتها أن ما من مناقشة اشتركت فيها العناصر النسائية إلاّ أثرتها بما اختصّت به من صفات فطرية وسجايا تعينها على الكشف عن جوانب لا يهتم بها الذكور وتلقي الضوء على زوايا لا يتطرق إليها انتباه الرجال، والنتيجة هي تكامل الأفكار وإحاطتها بكل جوانب الموضوع المطروح للبحث، فما ضير الرجال في إشراكها سواء بسواء في الحياة العامة؟
ولذا يجمل بنا أن نسائل أنفسنا: أليس من العدل أن تشعر كل فتاة منذ طفولتها – في البيت وفي خارجه – أنها متساوية في القدر والكفاءة والمنزلة والفرص المتاحة مع إخوانها الذكور؟ أليس من العدل أن يمتد دور المرأة في الحياة العامة بموازاة لأهمية الدور الذي تقوم به في حياتنا الخاصة بعد أن نالت التعليم المؤهل لذلك؟ إن من الظلم أن ننتقص من حق المرأة أو نُشْعِرها بالنقص – أياً كانت صورته – لمجرد أن الله قد خلقها أنثى.
وفي ختام هذا البحث المقتضب في موضوع تتزايد بمرور الوقت أهميته، ننتهي إلى أن الخصومة الحادة التي يستميت فيها المقاومون لمساواة الرجال والنساء هي ميراث من متخلفات العصور العتيقة التي انطبعت بتقسيم العمل بين الذكور والإناث متخذة من حدود المسكن فاصلاً واضحاً لهذا التقسيم، فكل ما يدور داخل المنزل تعود مسئوليته إلى الإناث وكل الأعمال خارجه من اختصاص الرجال، وهو تقسيم كان يناسب المجتمع في أطواره البسيطة وفي أزمنة كانت مصالح الجماعة في مركز الاهتمام دون ذكر لحقوق الفئات الداخلة في تكوينها.
ولكن الانتباه الذي تحظى به هذه الخصومة في هذه الأيام هو دليل على بداية تغيير جدي في التفكير الجماعي بالمقارنة إلى ما كان عليه في العصور السابقة. أما وقد تجاوزت المجتمعات الشرقية تلك المرحلة البدائية ودخلت الآن في مرحلة الاعتداد بالكرامة الإنسانية، فلم تعد التزامات الأفراد نحو الجماعة هي محور الوجود المجتمعي بل حلّت حقوق الأفراد وحرياتهم في مركز الاهتمام وأضحى ضمان التمتع بهذه الحقوق علة العيش في مجتمع، وفي ذلك مدعاة لإعادة النظر في الحقوق والحريات النسائية بموازين جديدة تهدف إلى المساواة.
فهنالك قوى ثلاثية داعية إلى إعادة النظر في دور المرأة في المجتمع المعاصر ومساواتها وهي وعي جماعي جديد، ومنظور ديني متجدد، وجدارة المرأة نفسها وكفاءتها. ولو أن تأثير هذه القوى مازال في بدايته ويحتاج إلى مثابرة وتعاون المقتنعين بها حتى تصبح واقعاً ملموساً في المجتمع، وحقيقة لا مراء فيها سواء في ضمائرنا أو في سلوكياتنا ومعاملاتنا.
وهذا دليل على نموّ الوعي الجماعي ونضج العاطفة الإنسانية المتمثلة في إحساس الفرد أن سعادته ليست في السيطرة والتحكم، وإنما تتحقق السعادة بالشراكة الصادقة والحبّ العميم الشامل لكل عناصر المجتمع فهو الأسرة الكبيرة التي تمنح الأفراد الأمل والاطمئنان. ولا يختلف الدين عن المسار الذي نتحدث عنه فهدفه هو تحقيق سعادة البشر، وكل الالتزامات الدينية مقررة لنفع الإنسان نفسه ولصلاح مجتمعه ولدعم الوحدة الإنسانية.
http://www.farstretchingriver.com/2012/%D9%85%D8%B3%D8%A7%D9%88%D8%A7%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%AC%D8%A7%D9%84-%D9%88%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%B3%D8%A7%D8%A1/
المصادر
*1*تكوين: ٣-;---;--: ١-;---;--٦-;---;-- *2*خروج: ٢-;---;--٠-;---;--: ١-;---;--٧-;---;-- *3*خروج: ٢-;---;--٣-;---;--: ١-;---;--٧-;---;-- *4*رسالة كورنثوس الأولى: ١-;---;--١-;---;--: ٧-;---;---٩-;---;-- *5*أفسس: ٥-;---;--: ٢-;---;--٢-;---;---٢-;---;--٤-;---;-- *6*تيموثاوس أولى: ٢-;---;--: ١-;---;--١-;---;---١-;---;--٤-;---;-- *7*النساء: ٣-;---;--٤-;---;-- *8*البقرة: ٢-;---;--٢-;---;--٨-;---;-- *9* The Promulgation of Universal Peace, Talks Delivered during the Visit of ‘Abdu’l-Bahá-;---;-- to the United States and Canada in 1912 (Wilmette: Bahá-;---;--’í-;---;-- Publishing Trust, 2ed. edition, 1982) p.133. *10* خطب عبد البهاء في أورپا وأمريكا، (أديس أبابا، المحفل الروحاني المركزي للبهائيين بشمال شرق أفريقيا) ص ٣-;---;--١-;---;--٩-;---;-- *11* المرجع السابق ص ٣-;---;--١-;---;--٨-;---;-- *12* تقديم الكتاب الأقدس، س *13*من مكاتيب عبد البهاء (دي چانبرو، دار النشر البهائية، ١-;---;--٩-;---;--٨-;---;--٢-;---;--) ص١-;---;--٣-;---;--٠-;---;-- *14* تقديم الكتاب الأقدس، س *15*The Compilation of Compilations, Vol. II, Prepared by a Committee of The Universal House of Justice (Australia: Bahá-;---;--‘í-;---;-- Publishing Trust, 1991), p. 370.
#راندا_شوقى_الحمامصى (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
-وسلام هى حتى مطلع الفجر- 5 جمادى الأول سنة 1260 هجرية الموا
...
-
دلالة حديث ( العجب كل العجب ما بين جمادى ورجب)
-
سبحان اللّه! لكلّ شيء رزقه، فحيثما كان الشّجر نزل إليه المطر
...
-
من منظوري البهائي
-
المسيح الدجّال
-
الحسد
-
قصة أهل الكهف
-
تعميد حضرة السيد المسيح
-
الحوار والعيش الواحد
-
هل الإنسان مخيّر أم مسيّر؟
-
ليه يا ابن الوجود بتتصارع وتتقاتل مع ابن الوجود والوحدة هى أ
...
-
نقطة ومن أول السطر!
-
تعليم المراهقين والشباب من خلال خدمة المجتمع
-
المضي قدمًا معًا للقضاء على الفقر
-
دستور أخلاقي عالمي
-
الهدف الأسمى هو وحدة العالم الإنساني
-
الروحانية نهج للحياة
-
الخطبة المباركة(لحضرة عبد البهاء) باللّغة العربيّة في تونون
...
-
نقطة تحول في مسيرة الحضارة الإنسانية
-
شمس الحقيقة
المزيد.....
-
إسرائيل: اعتراض صاروخ أطلق من اليمن قبل اختراق المجال الجوي
...
-
الدوري الإنكليزي: ليفربول يتفوق بثلاثية على ليستر سيتي ومانش
...
-
تونس: هجوم بسكين على عنصر أمن نفذه شقيق مشتبه به في قضايا إر
...
-
مقتل عنصري أمن في اشتباكات بحمص بين إدارة العمليات العسكرية
...
-
نتنياهو يضع عقبة جديدة أمام التوصل لصفقة تبادل للأسرى
-
زلزال عنيف يضرب جزيرة هونشو اليابانية
-
موزمبيق.. هروب آلاف السجناء وسط أعمال عنف
-
الحوثيون يصدرون بيانا عن الغارات الإسرائيلية: -لن تمر دون عق
...
-
البيت الأبيض يتألق باحتفالات عيد الميلاد لعام 2024
-
مصرع 6 أشخاص من عائلة مصرية في حريق شب بمنزلهم في الجيزة
المزيد.....
-
دراسة نقدية لمسألة العنف القائم على النوع الاجتماعي بالمغرب
...
/ أحمد الخراز
المزيد.....
|