أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - سمر يزبك - الاعلام العربي: قلق الهوية وحوار الثقافات















المزيد.....

الاعلام العربي: قلق الهوية وحوار الثقافات


سمر يزبك

الحوار المتمدن-العدد: 1247 - 2005 / 7 / 3 - 12:07
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


الأسئلة التي تصدرت الأدبيات الفكرية حول مصير الذاتيات الثقافية في النصف الثاني من القرن العشرين، لاشك كانت تدعو الى قلق جديد من نوعه، لم يعهده التاريخ من قبل، ليس انتقاصا من أهمية الثورات التي سبقت ثورة الاتصالات والمعلومات، والتي كان لها التأثير الجوهري في حركة التاريخ(الثورة الصناعية) لكن لأن كمية التحولات المعرفية والثقافية والانسانية التي أدت اليها النقلة النوعية في تاريخ الاتصال بين البشر أدت الى نشوب أزمة وجودية في علاقة الفرد مع ذاته، وعلاقة الشعوب وحضاراتها، خاصة في زمن الاحتكارات والعولمة التي خلقت هذه الاسئلة وطورت مفاهيم لم تكن موجودة قبلا "الغزو الثقافي، التدفق الاعلامي، حوار الثقافات" هذه الأزمة التي عبر عنها هربرت ريد بقوله :الثورة التكنولوجية تفتقر الى الأساس الأخلاقي والمعرفي.
ضمن هذا الأسئلة تحاول تهامة الجندي في كتابها الصادر مؤخرا في دمشق ( الاعلام العربي :قلق الهوية وحوار الثقافات) السؤال عن مصير الذاتيات الثقافية بعد أن تبوأت الصناعة الاعلامية قمة الهرم الاقتصادي، وارتبطت الهيمنة الدولية بقدرة هذه الدول على انتاجها واحتكارها، وتحول مجتمع الآلة والمصنع الى مجتمع العقول الذكية.
ورغم التحفظ على هذا المفهوم الذي تطرحه في بحثها "حوار الثقافات" والذي (برأيي على الأٌقل) يزور حقيقة تطمس زيف ما يحدث على أرض الواقع، فلا حوار لثقافات في ظل هيمنة شبكة معلومات اتصالية تتحكم بها جهة واحدة في العالم، وتفرض من خلالها سيطرتها الثقافية، والاقتصادية والعسكرية، إلا أن البحث الذي تقدمه لايخلو من جدية وعمق ومسؤولية واضحة في ايجاد خلاصة ملموسة لأزمة معرفية واتصالية يعاني منها الاعلام العربي، المكتوب منه والمرئي، حيث تخوض في بحث مفهوم الثقافة الواسع والمعقد واختلاطه بمفهوم الحضارة، واختلافهما بين الفكر الفرنسي والفكر الالماني في القرن الثامن عشر، وانتهاء بتفريق واضح صارت الثقافة تخص فيه المعنى الروحي والفكري والعلمي، وتخص الحضارة المعنى التقني والمادي ،وبالتالي تكون الثقافة تبعاً لهذا التعريف جزءا من الحضارة وكان الفيلسوف كنت ( 1798-1857) الذي طور مفهوم الثقافة عن المفهوم الذي استخدمه صموئيل فون بومندروف في عصر النهضة، عندما عرفها بأنها( مجموعة الغايات التي يمكن للإنسان تحقيقها بصورة حرة وتلقائية انطلاقا من طبيعته العقلانية) أول من طور هذا المفهوم وتلاحقت بعده التعريفات لنصل الى التعريفات الحديثة التي تحمل الثقافة مفهومها االواسع والذي تحدث الانتروبولوجيون عنه، حيث تضم برأيهم جملة أنماط السلوك المشترك السائدة في المجتمع سواء أكانت مادية ام معنوية، بالاضافة الى أنماط العيش والمأكل والمشرب، وتضم الثقافة -التعريف للانتروبولوجيين- نواح حضارية أكثر عمقا تتصل باللغة والفكر والشريعة والعقيدة والقانون والأدب والعلوم. هذا السلوك الذي يضم جماعة تفاعلت فيما بينها تاريخيا ضمن بيئة جغرافية واحدة، واعية تتشكل ضمن هذه الجماعات في بيئتها المحلية ما يعرف بثقافاتها الخاصة، أو ما يسمى بالهوية الثقافية أو الذاتية، التي لاتعبر عن تراث جامد بل هي هي دينامية داخلية تعمل على تطور المجتمع وامداده بمتغيرات تتلاءم مع تراثه، وضمن هذه الرؤية تطرح الجندي ما يقف أمامه الاعلام العربي من مشكلات تنحو نحو التعقيد، أكثر فاكثر، وتعمل على طمس الهوية الثقافية أكثر من عملها على تنوعها وتطورها ، وكان الاعلام المكتوب في بداية القرن الماضي، قد ساهم بشكل ملموس وفعلي في التأصيل للهوية الثقافية العربية، عبر عدد من من الدوريات المهمة لأن الصحف العربية مارست دوراً رائداً وفكرياً في نشر فكر النهضة العربية وفكر حركات(التحرر الوطني مثل" صحيفة الشهباء " التي أسسها عبد الرحمن الكواكبي 1845-1902)وكانت أول صجيفة تصدر في حلب ، وكان يدعو فيها منذ بدايات القرن الماضي الى فصل الدين عن الدولة، كما أقر طه حسين بدور الصحف العربية بنشر الأداب الحديثة وبروز النقد الحديث في أكثر من مناسبة.
لم يتوقف الأمر عند الدوريات فقد ساهمت الإذاعات العربية إلى حد كبير في عهود الاستقلال الأولى في نشر الفكر والشعور القومي التحرري، وتنمية ذائقة فنية راقية لدى الجمهور، لكن الأمر توقف عندما احتكرت السلطات العربية وسائل الاعلام المكتوبة منها والمرئية، وتحول الاعلام من مكّون أساسي للثقافة، الى تنظيم آحادي الجهة واللون، ومنذ سبعينات القرن الماضي تشوه الإعلام أمام الجمهور وفقد مصداقيته، وأدائه المهني واللغوي، وكانت التطورات الأخيرة، من انترنت وفضائيات على الرغم من اايجابيتها لأنها ساهمت في خلق أطياف أخرى وفرصة مهمة لمعر فة الحقائق عن قرب، إلا أن التشوه لم يلبث أن تطور باتجاهات أخرى، ودخل الاعلام العربي، في مرحلة مختلفة، ليست أقل ضررا من سابقتها، وإن كانت تتجه بسهمها البياني نحو أخطار من نوع آخرهي بالتحديد ما يسمى بالاستلاب الثقافي، وطمس الهوية، فالفضائيات التي تحولت الى سوق احتكاري لدى أصحاب الأموال، لم تكن تعنى بأي شكل من أشكال العلاقة المعرفية والمتعوية الجمالية التي يجب أن تتصل بالجمهور، ومبدأ الربح الذي يحكمها تحول الى هوس بابتكار وتقليد كل ما هو حسي مباشر دون إعماله العقلي أو الروحي، بل لعبت على قضية القمع الجنسي لدى المتفرج العربي،، أو عواطفه الدينية الآخذة بالاستشراء واالاستحوااذ على المجتمعات العربية، على الرغم من نشوء تحدي من نوع جديد فرضته أحداث 11 آيلول والمتعلقة بصورة العرب لدى الغرب، التي بدأت منذ عصر التنوير عندما عمم فلاسفة ذاك العصر رجعية الاسلام، مرورا بالحروب الصليبية والأدبيات الاستشراقية والحركة الصهيونية، ومقولة هنتنغتون حول الصدام الحتمي بينى الحضارات، إلا أن أيا من المحطات الفضائية العربية الكثيرة، لم تعن بهذا الجانب، ولم توله اي جانب من الاهتمام، بعدان تحولت الى وسائل كسب سريع لمنتجات الغرب ولمباربات شركات الاتصالات ( الموبايل).
بالنهاية يبدو المشهد قاتما، والهوية التي تحدثت عنها الباحثة في البداية، ضبابية وغائمة وغير موجودة على أرض الواقع الحالي، وتبدو مقولة حوار الثقافات التي تصدرت البحث، بنفس الغموض، والسذاجة، لأن الحوار يتطلب بالدرجة الأولى التكافؤ والحرية، فأين نحن من ذلك؟ والهوية التي تدخل فيها المنطقة العربية هي هوية ممزقة وخطاب مهلهل تلفيقي، يعكس صورة شديدة التشوه والشذوذ، حيث تعاني البلدان العربية داخليا من انحسار الديمقراطيات والفساد الاقتصادي وبروز الصراعات الاثنية والطائفية وانحسار الطبقة الوسطى وتحولها نحو الفقر، والمعاناة الخارجية تكمن في واقع معولم ، مفروض على العرب قبلوا فيه أم لم يقبلوا، بالاضافة الى هيمنة أمريكية ترسم ومن جديد خارطة المنطقة العربية كما رسمتها من قبلها وفي بدايات القرن الماضي بريطانيا وفرنسا.
والسؤال الذي يلح أمام زحمة الأبحاث والكتب التي تشرح آزمات العالم العربي. هل نستطيع الحديث عن البلاد العربية بوصفها بلاداً ذات وحدة حال ؟ أليس في ذلك مغالطة للحقيقة؟ ومفهوم الوطن العربي، الذي تتم غالبية الأبحاث عنه، أليس مصطلحا معمماً، ينتمي لفترة الخمسينات والستينات أكثر من انتمائه لأرض الواقع الحالي؟ هل نستطيع القول مثلا:الاعلام في لبنان يعاني من مشكلات الاعلام في السودان؟ وحتى لانذهب بعيدا ضمن التقسيم الجغرافي االمسمى بلاد الشام، هل نبحث في مشكلات الاعلام السوري بصفتها جزءا من الاعلام اللبناني؟ تبدو المفارقة واضحة، لأن مفهوم الوطن العربي، صار بحاجة لاعادة نظر، ليس لأن فكرة القومية العربية قد أثبتت فشلها، ولكن لاعتبارات علمية بحتة، يقتضيها واقح الحال و نزاهة الأبحاث وأخلاقية المعرفة.



#سمر_يزبك (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نحن السوريون:مالذي سنكتبه
- دمشق تدعوك
- المثقف بين الإتباع والإبداع
- سينما... يا بلدي
- الصورة التلفزيونية وفصام الواقع
- الطوفان في بلاد البعث
- سيناريو كاميرا:انطون مقدسي وخديعة الغياب


المزيد.....




- الوكالة الدولية للطاقة الذرية تعتمد قرارا ينتقد إيران لتقليص ...
- ZTE تعلن عن أفضل هواتفها الذكية
- مشاهد لاستسلام جماعي للقوات الأوكرانية في مقاطعة كورسك
- إيران متهمة بنشاط نووي سري
- ماذا عن الإعلان الصاخب -ترامب سيزوّد أوكرانيا بأسلحة نووية-؟ ...
- هل ترامب مستعد لهز سوق النفط العالمية؟
- عاجل | مراسل الجزيرة: 17 شهيدا في قصف إسرائيلي متواصل على قط ...
- روبرت كينيدي في تصريحات سابقة: ترامب يشبه هتلر لكن بدون خطة. ...
- مجلس محافظي وكالة الطاقة الذرية يصدر قرارا ضد إيران
- مشروع قرار في مجلس الشيوخ الأمريكي لتعليق مبيعات الأسلحة للإ ...


المزيد.....

- -فجر الفلسفة اليونانية قبل سقراط- استعراض نقدي للمقدمة-2 / نايف سلوم
- فلسفة البراكسيس عند أنطونيو غرامشي في مواجهة الاختزالية والا ... / زهير الخويلدي
- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - سمر يزبك - الاعلام العربي: قلق الهوية وحوار الثقافات