أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - لطيفة حليم - المرأة والإبداع والتاريخ















المزيد.....

المرأة والإبداع والتاريخ


لطيفة حليم

الحوار المتمدن-العدد: 1246 - 2005 / 7 / 2 - 11:08
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


بداية النقد النسائي الحديث بأمريكا , عفيفة كرم نموذجا
لا يمكن أن نؤرخ بداية للنقد النسائي العربي الحديث في أمريكا , ولكن يمكن النبش في القراءات الأولى لبعض الكتب النسائية التي صدرت في بعض المجلات العربية وهي شبيهة بالتعليق او ما يطلق عليه في بعض القراءات النقد الأدبي بمفهومه المعاصر. ولا نريد أن نكون مشاغبين كالأطفال وإن كنا في بعض الأحيان نحب شغبهم . لكن أنا هنا سأقدم هنا قراءة لكتابة عربية تنتمي إلى نهاية القرن التسع عشر وبداية القرن العشرين *عفيفة كرم* وهو قراءتها لكتاب مي زيادة بعنوان * باحثة البادية * .
سحبت هذه القراءة لعفيفة كرم في خمس صفحات , وهي تعليق أكثر منها نقد ا كتبت هذا التعليق بإيعاز من مدير مجلة الأخلاق التي صدرت بأمريكا في بداية القرن العشرين , وأشار إلى أن مي زيادة أهدت كتابها الذي يحمل عنوان :* باحثة البادية * لمجلة الأخلاق وهذا يدل على أن مي زيادة كانت على إطلاع كبير على الأدب بالمهجر , . تستهل الكاتبة عفيفة كرم هذا المقال بقولها : * وبحق تلك الحافظة المشتركة بين جنسينا كله اجعل كلامي الحالي عن كاتبة الشرق الميتة وكاتبته الحية صلة التعاون بين الشرق والغرب * .
تعليق عفيفة كرم على كتاب * باحثة البادية * من تأليف مي زيادة مثال على نمو مبكر للوعي النسوي والنقد الأنثوي في بداية القرن العشرين بالمشرق العربي , فزيادة على التعابير الدالة على تشوق عفيفة كرم للكتابات المدافعة عن قضية المرأة من نوع كتاب مي يلاحظ أن بعض العبارات الواردة في ذلك التعليق تستحق وقفة تأمل أطول من غيرها . تجعل عفيفة كرم تعليقها على الكتاب بمثابة صلة *التعارف بين الشرق والغرب * . كيف ؟ الشرق تمثله ملك حفني ناصف الملقبة بالاسم الذي هو عنوان الكتاب , لكن ما هو الغرب في عبارتها ؟ هل تقصد به مي زيادة بحكم مسيحيتها ؟ لكن المسيحية مذهب شرقي انتقل إلى الغرب ؟ . غالب الأمر أنها تقصد بتلك الصلة أن تكون هي أي عفيفة كرم وسيلة لنشر أفكار الكتاب الأتي من قلم شرقي هو قلم مي زيادة في أمريكا التي هي الغرب ز هذا الجنب الإنساني في فكر عفيفة كرم لا يتناقض مع إلحاحها على إسلامية ملك حفني ناصف باحثة البادية . تقول عنها : * لها فضل التقدم في إصلاح بنات وطنها من المسلمات * إن المقصود هو الجنس النسوي المعين ببنات وطنها فالاعتناء به هو الجامع بين مي زيادة وعفيفة كرم المسيحيتين وبين ملك حفني ناصف المسلمة . الأمر أمر جامعة نسوية تجاوز الأديان والطوائف وترنو إلى تمليك المرأة حقوقها الضائعة . تلك الحقوق التي تشير إليها عفيفة كرم حين قالت عن ملك حفني ناصف * إذا كانت الأولى التي شعرت بالظلم وجاهرت بالتألم منه . ورأت الاستبداد فثارت نفسها تطلب الانفلات من قيوده فهي أول شرارة من نار الحرية النسائية التي أضرمتها يد الله في الديار المصرية بعصرنا هذا * , ولنلاحظ ونحن ننظر إلى هذا النص كلمات الإضرام والنار والشرارة التي هي ألفاظ تنتمي على المعجم الثوري العنيف بامتياز ز وفي مكان آخر من تعليقها تنسب هذا الظلم والاستبداد إلى الرجل * ... تعبر المرأة المسيحية إلى المرأة المسلمة فتأخذ بيدها للنهوض من خمول الجهل ومن تحت أعباء استبداد الرجل وظلمه * . لا تبين عفيفة كرم كيفية تأصيل هذا الظلم والاستبداد في شخص الرجل , ولكنها في مكان آخر تفصل الأمر إذ تنسب التخلف العام الفكري وخصوصا ما يتعلق منه باستغلال النصوص الدينية وتوجيهها لتخليد التخلف في المستوى النسوي , تشتكي عفيفة كرم في هذا الخصوص من خلط الدين بالدنيا والإعراض عن الفصل بينهما , وترى أن المسألة النسوية دنيوية , ولكن المغرضين يأبون إلا أن يجعلوا لها خصوصية دينية * وقد أصبح لكل أمر شرقي مساس بالدين بعد أن اختلطن الأرضيات بالسماويات عندنا حتى إذا لمسنا موضوعا دنيويا من إحدى جهاته نلمس الدين من كل جهاته * الموضوع الدنيوي المشار إليه هنا هو موضوع المرأة . ومن البين أن عفيفة كرم تنتقد هنا إخضاع حياة المرأة لأحكام دينية وترى أن حياة المرأة من باب الأمور الدنيوية , وان الدين لا يجوز أن يجاوز مجاله الأمور الأخروية , ولا يخفى في هذا الموقف من تأثر بالمسيحية التي لم يشرع فقهاؤها للمرأة قوانين تلتزم بها و وذلك بخلاف حال المرأة المسلمة المقيدة بآراء الفقهاء الذين يستنبطون للمرأة قوانين من الكتاب والسنة تمثل الواجب في نظرهم , لا تخفي عفيفة كرم موقفها من هذا الطغيان الفقهي على حياة المرأة المسلمة , ولا تتردد في وصف آثاره على ملك حفني ( باحثة البادية ) إنها تؤكد أن ملك لم تستطع * الانفلات الباب من قيود الظلم ... ولأنها كانت مصرية قبل كل شيء ومسلمة حتى النفس الأخير * . إذن فالمصرية والإسلام هما اللذان منعا باحثة البادية في نظر عفيفة كرم من الانفلات البات من قيود الظلم . وما المصرية إلا عادات المصريين وتقاليدهم , وأما الإسلام فالمقصود به في لغة عفيفة كرم المشهور عن الإسلام في عقائد عامة الناس لا الإسلام الصافي الحقيقي و دليل ذلك أنها وصفت الإسلام والمسيحية قبل ذلك مثنية عليهما إذ قالت * أو ليس عجبا أن يكون الشرق مثبت الدينين الإسلامي والمسيحي اللذين حطما قيود العبودية البشرية واتباعهما الآن يقيدون فئة ضعيفة منهما بهذه القيود * , ويلاحظ أن عفيفة كرم جمعت في الانتقاد هنا اتباع الدينين لا أتباع الإسلام وحدهم .
لا تنسى عفيفة كرم في هذا السياق أن تقارن بين باحثة البادية التي لم تتخلص كليا من قيود العادة والتقليد وبين مي زيادة التي * كتبت غير مقيدة ولا مترددة وجرت على خطة كاتبات الغرب فلم ترسم لنقدها حدودا تسير عليها * وذلك مالا ينطبق على باحثة البادية التي ليس لها كل حرية مي * بحكم المألوف من العادات والتقاليد التي يرزح تحت أعبائها في الوسط الشرقي أكبر النفوس وأطلقها * , وفي هذه المفاضلة يكون الفوز لمي صاحبة الكتاب فهي المرأة الشرقية العصرية الواقفة على حدود مدنيتي الشرق والغرب * تأبى الرجوع القهقرى بعد أن تملصت من القيود الثقيلة التي تكبل العقل * . أما باحثة البادية فهي * المرأة الشرقية التي استقت ملء علومها من ينابيع مدارس الشرق * , هناك فرق إذن بين المرأتين , لكن الغريب في الأمر أن المرأة الأشد تقدما وثورة هي مؤلفة الكتاب عن المرأة الأخرى الموصوفة عند عفيفة كرم بالاعتدال في الثورة على التقاليد .
إن ما أشرت غليه سابقا في خصوص الجامعة النسوية التي تلغي الفروق الدينية والقومية والعنصرية بين النساء يتأكد في عبارات جميلة حين تنتبه إليه الكاتبة عفيفة كرم في كتاب مي عن باحثة البادية * وفي اعتقادي القاصر أن اجمل ما تحلى به جيد الكتاب النفيس هو عاطفة المرأة تجاه المرأة , تلك العاطفة النسائية السامية التي تستعير من ضعف المرأة قوة * و وفي مكان آخر تقول عن المرأة التي تدعو إلى تحرير المرأة باسم الجامعة النسوية * إنهن من فوق المنابر ... يذعن فضل أخواتهن تعزيزا لشأن الجنس * , بل إنها تصرح بانتمائها إلى هذه الجامعة وبالإيمان بها حين تقول : * وإن يكن لنا سوى عاطفة الإخلاص الجنسي هذه فهي حسبنا * والجنس يقصد به عنا الإخلاص لجنس النساء . لا شك أن مثل هذه القطع المبتورة من المؤلفات – على قصرها – تؤكد بداية النقد الأنثوي وكذلك الوعي النسوي والثورة النسوية على الأوضاع التي يرزح تحتها الرجال والمرأة في أول القرن المنصرم ولقد سعت الكاتبة عفيفة كرم أن تقرأ لنا كتاب : باحثة البادية : لمي زيادة قراءة أنثوية مبكرة على شاكلة ما عرف عند الكاتبة فرجينيا ولف ( 1882 – 1941 ) وسابقة لزمان لا يعرف النظرية الأنثوية ولا غيرها من النظريات التي يزخر بها النقد الأنثوي وما بعد الحداثة .
* القيت المحاضرة في الندوة النسوية العالمية الاولى في معهد الآداب والعلوم الإنسانية بني ملال-التابع لجامعة القاضي عياض بمراكش المغرب
* باحثة أكاديمية بكلية الآداب جامعة محمد الخامس الرباط



#لطيفة_حليم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- روبرت كينيدي في تصريحات سابقة: ترامب يشبه هتلر لكن بدون خطة. ...
- مجلس محافظي وكالة الطاقة الذرية يصدر قرارا ضد إيران
- مشروع قرار في مجلس الشيوخ الأمريكي لتعليق مبيعات الأسلحة للإ ...
- من معرض للأسلحة.. زعيم كوريا الشمالية يوجه انتقادات لأمريكا ...
- ترامب يعلن بام بوندي مرشحة جديدة لمنصب وزيرة العدل بعد انسحا ...
- قرار واشنطن بإرسال ألغام إلى أوكرانيا يمثل -تطورا صادما ومدم ...
- مسؤول لبناني: 47 قتيلا و22 جريحا جراء الغارات إلإسرائيلية عل ...
- وزيرة خارجية النمسا السابقة تؤكد عجز الولايات المتحدة والغرب ...
- واشنطن تهدد بفرض عقوبات على المؤسسات المالية الأجنبية المرتب ...
- مصدر دفاعي كبير يؤيد قرار نتنياهو مهاجمة إسرائيل البرنامج ال ...


المزيد.....

- -فجر الفلسفة اليونانية قبل سقراط- استعراض نقدي للمقدمة-2 / نايف سلوم
- فلسفة البراكسيس عند أنطونيو غرامشي في مواجهة الاختزالية والا ... / زهير الخويلدي
- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - لطيفة حليم - المرأة والإبداع والتاريخ