أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سعادة عودة أبو عراق - واقع العلمانية في الوطن العربي















المزيد.....


واقع العلمانية في الوطن العربي


سعادة عودة أبو عراق

الحوار المتمدن-العدد: 4386 - 2014 / 3 / 7 - 11:50
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


43- واقع العلمانية في العالم العربي
لا أدري في أي عام استمعت لمحاضرة ألقاها الدكتور فؤاد زكريا في مؤسسة شومان ، حيث قال: إننا نعيش الحالة التي كانت تعيشها أوروبا في القرون الوسطى، إذ كان هناك عجز تام عن إيراد أية فكرة جديد ، متبعين أقوال الأقدمين ، وأورد حكاية لتكون مقاربة ومدخلا لرؤيته الواقع الفكري في العالم العربي،فقال
( كان هناك مجمع للعلماء الأوروبيون يجتمعون داخل خيمة كبيرة ومعهم كتبهم ومراجعهم ، وخلال البحث كان عليهم أن يعرفوا عدد أسنان الحصان ، فطفق كل منهم يبحث في مراجعه عن عدد أسنان الحصان، أو إن كان أرسطو قد ذكر ذلك، ولم يفطن واحد منهم أن له حصانا مربوطا في خارج الخيمة، يمكنه أن يخرج ويعد أسنانه)
وأراد أن يقول من هذه الحكاية التي تعبر عن الجمود الفكري أنها تنطبق على عالمنا العربي ، حيث أن كسلنا الفكري وعدم قدرتنا على الذهاب إلى غابة الأفكار لنلتقط الطازج والجديد يجعلننا نخلد إلى تركة الماضي ولا نفكر إن ما زالت تلك الأفكار صالحة للاستهلاك أم فاسدة مضرة.
واستشهد على ذلك تحري هلال رمضان أو شوال ، فَعِلمُ الفلك الحديث بحساباته الدقيقة يستطيع أن يعرف في أي وقت, وفوق أي خط طولي ينتقل القمر من المحاق إلى الهلال ، ولكننا جريا على الموروث نجد في رؤية مجموعة من الشيوح العجائز أكثر صدقا من الحسابات الفلكية، وهذه الممارسة التي تتمسك بالقديم دون تغيير أشبه بأصحابنا في القرون الوسطى مع عدد أسنان الحصان، ما هو إلا دليل على أننا لم نزل في القرون الوسطى، وأن المؤسسات الدينية لم تزل مصرة على عدم الأخذ بالعلم الحديث وإيقاف التطور والتغير والوقوف عند مستوى تحصيلهم الديني ، لا لسبب إلا أنهم لا يريدون مغامرات اللحاق بركب الحضارة الحديثة ، عجزا منهم، وحرصا على موقعهم المسيطر وحظوتهم عند السلطات.
وهناك ظاهرة سخيفة في مظهرها عظيمة في دلالتها وهي برامج إذاعية وتلفزيونية مخصصة للإجابات البسيطة من الشيوخ ، وكأن المجتمع ما زال أميا غير قادر على القراءة ، وغير قادر أن يدرك بفطنته ما يواجهه من مشاكل ويستعمل عقله ويقرأ في أي كتاب مختص, بدلا من هذه البرامج المتخلفة.
إن الإسلامين يقفون بصراحة وعدائية لا تخفى ضد العلمانية لأسباب لا يعرفون مصدرها، فالأزهريون الذين وجدوا أن انهيار الدولة العثمانية كان بسبب مبادئ القومية والعلمانية التي جلبها لهم كمال أتاتورك، وقضى بذلك على الخلافة الإسلامين ( مع انها لم تكن خلافة) لذلك أصبحوا معادين للقومية والعلمانية, وكل ما هو غربي ، وذلك بسبب غياب نقطة واحدة ذكرناها وهي أن العلمانية ليست تقنية علمية أو منتج صناعي يمكن أن يؤخذ جاهزا، إنما هو مفهوم, كالأداة يكن أن تستعمل بشكل خاطئ أو مفيد، أو كقطعة من قماش , يمكن لأي مجتمع أن يفصلها حسب مقاسه، فالعلمانيات التي في العالم لا تشبه بعضها بعضا، بل تأخذ هوية المجتمع الذي تبنّاها وثقافته، فستالين مثلا طبق علمانيته في سياق الفكر الماركسي, وهي غير العلمانية التي طبقها ماو في ضوء الفكر الشيوعي ، ذلك أن الصين هي غير روسيا ، وأن العلمانية التي طبقها هتلر وموسليني متوافقة مع الفكر النازي والفكر الفاشستي الذي يعلي من العنصر الجرماني والروماني , والعلمانية التي طبقها كمال أتاتورك هي نموذج آخر لفكر أتاتورك وحزبه, للحاق بالركب الأوروبي والانسلاخ عن الماضي الإسلامي، إذن فالعلمانية مفهوم قابل أن يكون إسلاميا أيضا كما يريده الإسلاميون بكافة أحزابهم وتوجهاتهم، كما اوجدوا بنوكا سلامية ومدارس ومستشفيات إسلامية يمكنهم أسلمة العلمانية.
وإذا ما رجعنا إلى موقف الحكومات العربية من العلمانية نجد أنها لا تشجع على إدخال العلمانية ، لأنها ترى في غياب العلمانية، غيابا للوعي الشعبي، وبما أن الدولة مرتاحة على شيوع الفكر الديني، الذي يطلب من الله ما يجب أن يطلبه من الحكومة ، لذلك فإنها قد أرخت العنان لهذا الفكر أن يتغلغل عميقا في الطبقات الاجتماعية وخاصة الدنيا منها خلال الإجراءات التالية
1- الهبوط في التعليم المدرسي والجامعي إلى مستوى إزالة الأمية.
2- عدم الاكتراث في البحوث العلمية والفكرية وتركها للجهود الفردية التي لا تسمن ولا تغني من جوع ، بل تشجع الرجوع للتراث والإبقاء على العادات والتقاليد، كتمسك بالهوية الوطنية.
3- عدم التشجيع على القراءة ودعم الكتّاب والمبدعين والتأليف والترجمة ، بل تعمل على محاصرة المفكرين واعتقالهم كالمجرمين أو المخربين ومنع دخول كتب وكأنها مخدرات، وفي المقابل التسهيل لرجال الدعوة الأميين لنشر أفكار مضللة وغير محققة وتسيء للدين ، من خلال أشرطة ومحاضرات فيها كثير من الخرافة .
4- النص في الدستور على أن دين الدولة هو الإسلام ما عدا لبنان ، وهو نص أدبي وليس علميا ، فالدولة شخصية معنوية ، ليس لها دين . ذلك أن الدين للأفراد ، فمثل هذا النص الذي لا معنى ليس إلا مداهنة تيارات الإسلامية ، ذلك أن قول (الدولة إسلامية) لا يجعل المواطنين مسلمين ولا يزيد من إسلامهم .
5- تعليم الدين في المدارس والجامعات والكليات ،وهذا التعليم رغم كفايته لم يكفّ هجمات رجال الدعوة والسلفيين وغيرهم عن إعادة تعليمنا ديننا، كما لم يستطع أن يحدّ من التطرف الديني.
6- هناك دائما وزارة أوقاف والشؤون الدينية ومجالس إفتاء، وهو تأكيد على أن الدولة أسلامية، رغم أن المهام التي تقوم به هذه الوزارة, يمكن أن تقوم به وزارة الداخلية.
7- البرامج الدينية المتعددة في الإذاعة والتلفزيون والصحافة والاحتفالات الدينية في المناسبات.
8- جميع هذه الظواهر هي ما يؤكد أن الدول العربية هي غير علمانية ، ولكن لو نظرنا إلى بعض المفاهيم السائدة في معظم الدول العربية مثل الوطن والأمة والقومية والدستور والحرية والمواطنة والديمقراطية والعدالة وحقوق الفرد وخاصة للمرأة والطفل والاشتراكية والوحدة والنقابات والانتخابات والمظاهرات وغيرها تدل أن العلمانية متغلغلة في المجتمع رغما عن معاداة الإسلاميين، أو أنهم لا يعلمون أنها من مخرجات العلمانية.
9- ورغم وجود العلمانية الخفي أو التي لم يعترف بها أحد, فإن العلمانيون العرب ساهموا في حركة التحرر والاستقلال العربي ومشروع النهضة العربية , رغم المعيقات التي وضعها الإسلاميون ، ويعود لهم الفضل في كل المكتسبات الحضارية التي تحققت.
10- إن جميع الدول العربية فيها مقادير متفاوتة من العلمانية ولعل أكثر دولتين ينحوان نحو العلمانية هما لبنان وتونس ، وأكثر البلدان ابتعادا عنها هما السعودية واليمن.



#سعادة_عودة_أبو_عراق (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- واقع العلمانية في العالم العربي
- العرب والعلمانية - 2
- العلمانية ونشأتها
- العار
- لماذا لا يحتفل المسلمون بميلاد السيد المسيح
- غيفارا-بن لادن-بلاك ووتر
- قليل من الشك يوقف التهور
- هل لدينا وقت للأحلام ?
- الحركات المستهدفة من الحركات الإسلامية والماركسية
- الخمار
- المرأة ومشكلة الإبداع الشعري
- الاقتصاد الإسلامي واقتصادد الإخوان المسلمين
- هل ورثنا علما في السياسة


المزيد.....




- الشيخ نعيم قاسم: الثورة الاسلامية في ايران هي انموذج للحياة ...
- الشيخ نعيم قاسم: المشروع الامريكي خطر على الدول العربية والا ...
- إيهود باراك يحذر نتنياهو من العودة للحرب في قطاع غزة
- السيسي يناقش -خطة غزة- مع رئيس الكونغرس اليهودي وولي عهد الأ ...
- الرئاسة المصرية تكشف تفاصيل لقاء السيسي ورئيس الكونغرس اليهو ...
- السيسي يؤكد لرئيس الكونغرس اليهودي العالمي على عدم تهجير غزة ...
- السيسي لرئيس الكونغرس اليهودي العالمي: مصر تعد -خطة متكاملة- ...
- الإفتاء الأردني: لا يجوز هجرة الفلسطينيين وإخلاء الأرض المقد ...
- تونس.. معرض -القرآن في عيون الآخرين- يستكشف التبادل الثقافي ...
- باولا وايت -الأم الروحية- لترامب


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سعادة عودة أبو عراق - واقع العلمانية في الوطن العربي