|
فراس و الكلاب
زين اليوسف
مُدوِّنة عربية
(Zeina Al-omar)
الحوار المتمدن-العدد: 4386 - 2014 / 3 / 7 - 10:36
المحور:
حقوق الانسان
شابٌ يمني..لا أعرفه..و لن أدعي أني كنت أعرفه -كما يفعل البعض- ليصبح لما أكتبه عنه قيمةٌ ما..و لكني أطلعت على صفحاته في مواقع التواصل الاجتماعي و أطلعت على موقعه الشخصي المهتم بالثقافة و الأدب و بالتنويه عن الأحداث الثقافية و الفعاليات الاجتماعية التي تحدث في اليمن..شابٌ أسمر هو و أعتقد إن لم أكن مخطئة أنه ينتمي إلى الجنوب..كل هذه تهمٌ لا يمكن مغفرتها لدى مجتمعنا المتدين بطبعه الشديد التسامح مع الاختلاف المحب للآخر الناصر له وقت تعرضه للظلم بغض النظر عن لونه دينه و نسبه.
الجميع تجاهل فراس..ناشطة الكلاب و التي اهتمت كثيراً بالمذبحة التي حدثت لكلاب أمانة العاصمة و أفردت لها العديد من الوقت لم تهتم لأمر فراس..لماذا؟؟..لأنه لا مكسب من وراءه خارجياً على الأقل..ففي حالة ملالا يوسف كان الغرب يترقب و يرصد لهذا سارع الجميع للإدانة و تقبيل أحذية الولاء و كانت هي من أوائل المُقبلين..و في حالة كلاب أمانة العاصمة يبدو أن صورة بيرجيت باردو كانت تداعب مخيلتها كثيراً و لكنها اختارت حينها الحيوان الخطأ..فلم يكترث الغرب لأمرها كثيراً.
الناشطة الرفيقة لم يكن لديها هي الأخرى الوقت للاهتمام بفراس..لماذا؟؟..لأن هذا الشاب الأسمر لا ينادي الآخرين بكلمة "يا رفيق" فلا قيمة له حتى ينطقها أو حتى يعلن أن "غيغارا رسول الله"..لن تهتم حتى يكون له انتماءٌ اشتراكيٌ واضح..فإن لم يكن فأنت لا تخدم قضيتهم يا رفيقي العزيز..و "رفيقي" الأخيرة تلك هي مني و ليست منهم..فلا تحلم أن تسمعها تخرج من أفواههم بلا ثمنٍ تدفعه لهم مُسبقاً.
ناشط الأصابع لم يكترث أيضاً لفراس..رغم أنه أهلك الرب قسماً ليُأكد لنا بأننا جميعاً لدى حزبه قبل الرب سواسية..و لكن يبدو أن فراس لم ينحني ساجداً للإصلاح و لرموزه لهذا سقطت أصبعه من بين تلك الأصابع..بُتر أصبع فراس الذي يبدو أنه وُلد في شهره الخامس..فناشط الأصابع لا يؤمن بإنسانية إلا من قضى في رحم أمه تسعة أشهر..و لكني لا ألومهما كثيراً فهما يملكان من الوقت ما يكفي بالكاد للمارسة "الردح" الكتابي تجاه بعضهما البعض و لكنهما لا يملكان من الوقت ما يكفي لنصرة فتىً يمني كل ذنبه أنه كان متواجداً في الزمان الخطأ في بلدٍ يخضع للحكم الخطأ.
أكثر ناشطتين يمنيتين مهووستين بوسائل التواصل الاجتماعي أيضاً لم تملكا الوقت لدعم فراس و لو نفسياً..فالأولى منشغلةٌ بممارسة الملاسنة بطريقةٍ شعبية الألفاظ تجاه كل من يخالفها أو حتى لا يروقها..و الأخرى تلاحق القضية الوحيدة التي تشغلها و تتكسب من ورائها و هي زواج القاصرات..و لو كانتا مارستا تلك الطريقة الهجومية التي تحترفانها -و التي لا تروقني كثيراً من حيث المحتوى اللفظي- تجاه قضية فراس لكنت أحترمتهما و لو قليلاً..و لعلي كنت أخيراً سأخلع قبعتي قليلاً لهما و لكن يبدو أن قدري أن تظل قبعتي فوق رأسي.
حكومتنا الغير موقرة هي الأخرى منشغلةٌ كذلك..فبين مظاهرةٍ و أخرى و محاولةٍ لإسقاط و آخر و هروبٍ مسرحي هزلي لأفرادٍ من تنظيم القاعدة من البوابة الرئيسية لسجنهم و من قتلٍ يمارسه القتلة بعد الدخول من البوابات الرئيسية لأي مرفقٍ حكومي كان و مهما بلغت درجة تحصينه ضاع فراس..و لعلها تتمنى سراً موته لكي تنتهي تلك المظاهر الخجولة المطالبة لها باتخاذ موقفٍ و لو شكلي تجاه الحكومة المصرية لإطلاق سراحه.
السفارة اليمنية في القاهرة؟؟..أيضاً للأسف مُنشغلةٌ بقضايا أهم..فشحنة القات اليومية -و التي تصل إلى هناك من المصنع إلى المستهلك بلا تأخير- يُعتبر أمر انتظارها مقدساً كقُدسية موعدك الغرامي الأول..بينما نجد أن السفارة اليمنية لم ترسل موفدها إلى فراس لمتابعة قضيته إلا بعد الحبس الاحتياطي الأول!!..القات يصل إليهم عن طريق طائرةٍ سريعة و هم يصلون إلى مواطنينا الذين يحتاجون إليهم على ظهور الجمال!!.
فراس ذنبك أنك لم تكن فتاة "سعودية"..ذنبك أنك لم تكن بقاصر..ذنبك أنك لست بأبيض البشرة..ذنبك أنك بلا انتماءٍ سياسيٍ واضح..ذنبك أنك لم تقف خلف الراقصين و الراقصات لتحرك قلمك ليتشكل على شكل "طبلةٍ" تُطرب خصورهم و هم يتلوون طرباً و نشوةً على أنغام تمجيدها لهم..ذنبك أنك من الجنوب أي كالمهمشين و أحقر..و ذنبك الأكبر أنك مثقف أو تحاول أن تكون..فما أكثر ذنوبك يا فراس و لعلك في زنزانتك الآن تستغفر عنها و تتوب..و لعل الله يقبل توبتك و يغفر.
فراس لا تنتظر منَّا مظاهراتٍ مليونية بل انتظر مظاهراتٍ يُعد من فيها بأصابع يديك..أو فلتنتظر و لكن لتقرأ في خلوتك القسرية رواية اللص و الكلاب..و أنا على ثقةٍ من أنها ستروقك..ليس لأن نجيب محفوظ كاتبٌ عبقري و ليس لأنك تشبه اللص سعيد مهران في تلك الرواية و لكن لأنك ستستمتع أثناء قراءتك لها كثيراً بعد الكلاب التي حولنا..و ما أكثر الكلاب من حولنا.
#زين_اليوسف (هاشتاغ)
Zeina_Al-omar#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
انفصال
-
ملحد..شيعي..مِثلي بنكهة يمنية - 3
-
ملحد..شيعي..مِثلي بنكهة يمنية - 2
-
ملحد..شيعي..مِثلي بنكهة يمنية - 1
-
طفلة زنا للبيع
-
يمن جديد!!
-
رغبةٌ و اشتهاء و بينهما نحن
-
الأرباب الصِغار
-
طفل البسكويت و طفل العامود
-
إغتصاب هدى
-
صور
-
مَدِّد يا هادي و لا تُبالي
-
شجرة بمنزلة نبيَّ
-
رداد يمتهن النساء*
-
الجمهور عايز كده
-
و جُعلتَ لي مسجداً
-
النوم على صدر الحُسين
-
فتاة لليلة واحدة
-
لهو رباني -قصة-
-
الشهر الذي اُنزل فيه النفاق
المزيد.....
-
ماذا سيحدث الآن بعد إصدار مذكرات اعتقال بحق نتنياهو وغالانت
...
-
ماذا قال الأعداء والأصدقاء و-الحياديون- في مذكرات اعتقال نتن
...
-
بايدن يدين بشدة مذكرات اعتقال نتنياهو وجالانت
-
رئيس وزراء ايرلندا: اوامر الجنائية الدولية باعتقال مسؤولين ا
...
-
بوليتيكو: -حقا صادم-.. جماعات حقوق الإنسان تنتقد قرار بايدن
...
-
منظمة حقوقية تشيد بمذكرات التوقيف الصادرة عن المحكمة الجنائي
...
-
بايدن يعلق على إصدار الجنائية الدولية مذكرات اعتقال بحق نتني
...
-
وزير الدفاع الإيطالي: سيتعين علينا اعتقال نتنياهو وجالانت لأ
...
-
كندا تؤكد التزامها بقرار الجنائية الدولية بخصوص اعتقال نتنيا
...
-
بايدن يصدر بيانا بشأن مذكرات اعتقال نتانياهو وغالانت
المزيد.....
-
مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي
/ عبد الحسين شعبان
-
حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة
/ زهير الخويلدي
-
المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا
...
/ يسار محمد سلمان حسن
-
الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نطاق الشامل لحقوق الانسان
/ أشرف المجدول
-
تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية
/ نزيهة التركى
-
الكمائن الرمادية
/ مركز اريج لحقوق الانسان
-
على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
المزيد.....
|