أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - سعاد جبر - سيكولوجية الحرب في مجموعة عطش الماء















المزيد.....

سيكولوجية الحرب في مجموعة عطش الماء


سعاد جبر

الحوار المتمدن-العدد: 1246 - 2005 / 7 / 2 - 08:14
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


سيكولوجية الحرب في مجموعة عطش الماء للكاتب سمير الشريف

ترصد مجموعة عطش الماء أبعاد الحرب ولغاتها المتنوعة في بعد الأنا والمجتمع ، عبر نصوص متنوعة فيها ، سواء في لغة النخر الاجتماعي ومفرزاتها السلبية في لغة العرض وفقدان الأباء، كما وردت في نص" محاكمة " ، من خلال تجسيدها عبر متتاليات زمن ـ يمر على طفل في الخامسة من عمره ـ تؤول إلى استفهام حائر حول الرجال الذين يزورون أمه كل ليلة ، لتنتهي الحكاية عبر متتاليات عمره إلى مفأجاة صارخة مفادها :
" صرخ في وجه المرأة التي كانت أمه ، قبل أن يضع حافة السكين على عنقها ويسأل: من أبى ؟؟ " ( 1 )
فهنا تؤول البيوت إلى مهب الريح ، وتعصف أعاصير انحرافات الذات عليها ، في ظل مفرزات استلاب الأنا ، التي تحيلها إلى الارتماء في أحضان المتضادات ، هروباً من الواقع وازماته والتصاقاً بالذات ونزواتها المستعرة المعتكفة بلا نهايات على جدران الإهتراء الاجتماعي .
ويشير نص" تحد " إلى حالة إرهاب الذات عبر الأسلحة ووحشية الرعب الذي يكسر جدران الأمن، في حالات الهيمنة العسكرية وانقضاضها على حرية الذات وكسرها حواجز الأمن والاستقرار، وانعكاساتها على الذات الضحية في انسحابها من كل معطيات الحرب وادواتها ، وإعلانها حالة استلابها في لغة سيكولوجية الحرب ؛ وأنها لا تحمل إلا حالة الوعي المغيبة التي تسكن الأعماق الرافضة ؛ بحاثة عن الحرية واستقرار الذات في الجسد والوجود ، إذ ينطق السارد بقوة الرفض :
" لا احمل سلاحا غير هذا الرأس " ( 2 )
ويعكس نص " وداع " أتون حرب ترتحل منها شريعة القانون الشكلية تحت مسميات " هيئة الأمم " هروباً من أجواء المعركة وتركها الضحية تحت انتثارات السلاح عليها ، ويسلط النص الأضواء على تلك اللحظة المقتنصة في لغة سيكولوجيا الحرب؛ من حيث وداع القبور وماتحمله من رسالة تدمير للضحية في تلذذ تعذيبها وحرمانها الأمن ، ومرأى الطفولة المغيبة في النص :
"وكومة من بقايا لعب أطفال تنادي على أصحابها " ( 3 )
واسقاطات تتماهي لتبلغ قطة تذرف الدموع حتى أورقت شجرة الصبار ، وهنا تتشكل تصاعدات اسقاطات الأنا على موجودات الطبيعة ؛ بكل معاني الحزن والقهر والعذابات التي تخلفها الحرب على الأنا في الجسد والوطن في الذاكرة .
وتنفتح استار نص مصير لتركز اضاءاته في لحظة هادئة بعد توقف القصف وما تحمل من لغة التأملات ونسمات راحة تسدل غيمات بردها على الصدر ، لاتنفك أن تتحول إلى لحظة حمراء تتدفق فيها المشاعر مع تدفقات الدم عبر حراك العساكر وصفارات الأنذار وتدافعات الأجساد وتعاليات صوت الذات في لحظة الوداع ، ليؤول في نهايات المطاف إلى جثة هامدة تشكل نواتج الدمار ووحشية القصف ولغة الرصاص التي تتتشر مساحاتها في لغة اسقاطات الذات على النص
" لم يسمع صوت الرصاصة التي ردته للداخل مضرجا بدمه " ( 4 )
ويقدم نص دائرة الصمت اخطر مترتبات الحروب في بعد السيكولوجيا المتأزمة ، والتي تحيل الأفراد إلى ساحة الجنون المطلقة ، من اثر بطش الاستبداد في تعذيب الضحية ، التي تغادر فيها البتة حدود العقل إلى هستريا الجنون :
" تركناك وحيدا ..تحرس أماني القرية ومعطفك الرث ... اقتربت دبابة وقف ثابتا ...مددت ذراعيك ...فرشتهما غير أبه
عبرت بعد أن هرستك
..أدركنا أن جنونك لم يكن إلا نتيجة التعذيب " ( 5 )
وهنا تتماهي هذه الحقيقة في ظل مفارقة بين الواقع والمتخيل ، فيرنو السارد في ظل تلك المفردة المهمة في سيكولوجيه الحرب إلى امتطاءها عبر مواكب الأخيلة التي تأخذه في لحظة اصطدام نظراته بعيني المدرس :
" وبدأت عيناي تبحثان بارتباك أين يقرأ التلاميذ .." ( 6 )
ويسرد نص " بلا عنوان " منظومة استفهامات في لغة الأنا وتناثراتها في الحيرة عبر مترتبات الحرب ومعطياتها السلبية ، وتتماهى لتدور حول ذاتية السادي الذي يتلذذ بلغة التعذيب والدمار
" ـ هل يدلوني على الفرق بين الهزيمة والتدمير ؟
ـ لماذا لاتستعيدين مقولة المسيح (( ماذا تربح إذا كسبت العالم وخسرت نفسك ؟ )) " ( 7 )
وفي النص أيضا تتعالى لغة الرفض لماهية ثقافة الصمت التي تخيم على العالم ، في برود عن مرأى مشهد تعذيب الضحية ودمار المكان والزمان ، فيصف السارد هذا العالم بأنه
" محض عاهرة تتفرج على آلامنا وتتباكى من بعيد "
وتنتظم التساؤلات في تصاعدات ينبعث منها الألم والانكسار
" ـ أي مهزلة ذبحونا بسكين وابتاعونا بفلوسنا ويقدمون لنا الدواء
ويسدل النص ستاره على لحظة متضادة تتشكل فيها ظلال فرح بأن الحرب انتهت ، تواكبها متتاليات حيرة في لغة السارد تتشكل في تماهيات ألفاظ متقطعة مبهمة هائمة على وجهها ؛ تعبر عن وجه الواقع المتخم باللاوعي ولغة الصدمة في كل أطيافها المتخيلة من الألم وهدوء العاصفة
" أين ..ماذا ..لماذا ." ( 8 )
وتعتري النص في نهاياته انعكاسات الحرب في انكسارات الذات وهستريا آلامها في الذات
" دوي يملأ الأصداغ ، موجات ألم تجتاحني ..صدمات كهرباء ...يهتز لها وجداني " ( 9 )
ويقدم نص" غضب " استطرادات وصفية بشأن واقع الحرب وانعكاساتها السيكولوجية ، في رسم أزيزها في الأنا والجسد ، ومترتباتها من لغة الرعب وامتناع الأمن ، وضياع الحقيقة حيث لا يولد من رحم الواقع إلا المرارة والعذابات
" ـ حلقت طائرات ..دخلت آليات ..جمع جنود رجال البلدة ..أركبوهم شاحنات عادوا بعد أسبوعين ولم يعد أبوك
ذاب جليد الحقيقة ..أين ..كيف ؟ " ( 10 )
وتنضج حالة تماهيات المتخيل في نص" اختيار " لتشكل رسالة اللاشعور في أعماق السارد ، ومعها ثورة الأعماق في الرفض التي تتعالى على أتون صرخات الحرمان وانكسارات الوجدان أمام مرارة المعاناة وعذابات الاستلاب ، لتحيل السارد إلى فيوضات الحيرة وتماهيات الحقيقة في اللاحقيقة من الأشياء ، في ظل عالم سادي عابث واستلاب ضحية في الأنا ، الزمان ، المكان ، وتماهيات اللغة في الأستفهامات
" انبلجت في خيالك بندقية مكسورة الكعب تمنيت لو أنها بين يديك ..صرخة طفل أعادتك إلى واقعك تساءلت بمرارة لاتستطيع ابتلاعها : أي السبل تسلك وأي الأزقة تسير". ( 11 )

وتناولت مجموعة عطش الماء السردية موضوعات عدة في آفاق هموم اجتماعية ولغة التشرد ومساحات رومانسية دافئة وابعاد الحرب على الأنا والمكان والزمان ، وهي التي سلطت الدراسة إضاءاتها حولها في ظل قراءة سيكولوجية لها في مجموعة عطش الماء .
ولايسعني في نهاية مطاف هذه القراءة السيكولوجية لمجموعة " عطش الماء " إلا أن أزجي تحايا التقدير الياسمينة لمبدعنا الألق : سمير الشريف ، وكل لحظة وأنت مبدع وكل إبداع وقلمك إبداع حر منساب .
........
( 1 ) سمير الشريف ( 2005 ) ، عطش الماء ، ص 13 ، أزمنة للنشر والتوزيع . عمان
( 2 ) المصدر السابق ، ص 14
( 3 ) المصدر السابق ، ص 16
( 4 ) المصدر السابق ، ص24
( 5 ) المصدر السابق ، ص 36
( 6 ) المصدر السابق ، ص 37
( 7 ) المصدر السابق ، ص 43

( 8 ) عطش الماء ، ص 44
( 9 ) المصدر السابق ، ص 45
( 10 ) المصدر السابق ، ص 54
( 11 ) المصدر السابق ، ص 75



#سعاد_جبر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رؤية نقدية للواقع من منظور نيتشه وجاسبرز
- رؤية نقدية لواقع الإعلام العربي في ظل معادلة الإبداع
- رؤية نقدية في المشهد الثقافي السياسي في عالمنا العربي
- فنيات القص في ادب رابلية / اضاءات على روائع الأدب الفرنسي
- المرأة والأبداعية الأدبية
- تماهيات الأدب في لغة السياسة


المزيد.....




- تفجير جسم مشبوه بالقرب من السفارة الأمريكية في لندن.. ماذا ي ...
- الرئيس الصيني يزور المغرب: خطوة جديدة لتعميق العلاقات الثنائ ...
- بين الالتزام والرفض والتردد.. كيف تفاعلت أوروبا مع مذكرة توق ...
- مأساة في لاوس: وفاة 6 سياح بعد تناول مشروبات ملوثة بالميثانو ...
- ألمانيا: ندرس قرار -الجنائية الدولية- ولا تغير في موقف تسليم ...
- إعلام إسرائيلي: دوي انفجارات في حيفا ونهاريا وانطلاق صفارات ...
- هل تنهي مذكرة توقيف الجنائية الدولية مسيرة نتنياهو السياسية ...
- مواجهة متصاعدة ومفتوحة بين إسرائيل وحزب الله.. ما مصير مفاوض ...
- ألمانيا ضد إيطاليا وفرنسا تواجه كرواتيا... مواجهات من العيار ...
- العنف ضد المرأة: -ابتزها رقميا فحاولت الانتحار-


المزيد.....

- -فجر الفلسفة اليونانية قبل سقراط- استعراض نقدي للمقدمة-2 / نايف سلوم
- فلسفة البراكسيس عند أنطونيو غرامشي في مواجهة الاختزالية والا ... / زهير الخويلدي
- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - سعاد جبر - سيكولوجية الحرب في مجموعة عطش الماء