أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - وليد يوسف عطو - اسطورة الانسان التقدمي















المزيد.....

اسطورة الانسان التقدمي


وليد يوسف عطو

الحوار المتمدن-العدد: 4384 - 2014 / 3 / 5 - 12:20
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


( 1 ) :
(انه لمن السذاجة ان يدافع احدنا عن مقولة التقدم ,فيما العنف يزداد عما قبل .وازدياد العنف يعني في المقام الاول تراجع العقل .اذ العقل هو ادارة الصراعات بين المختلفين من البشر باقل قدر من النبذ والاستبداد والعنف ).
المفكر علي حرب
( 2 ) :
يؤكد المفكر علي حرب في كتابه (اوهام النخبة او نقد المثقف ) –ط5 – 2012 – الناشر : المركز الثقافي العربي – الدار البيضاء – المغرب , بيروت – لبنان ) .
انه لاوجود لمفهوم التقدم في الفكر القديم , لا في الفلسفة اليونانية , ولا في ثقافة العرب . انه من ابتكارات الفكر الحديث . وهو بالتحديد ثمرة لعصر التنوير الاوربي, تماما كما هو مفهوم (الانسان) نفسه .ذلك ان التنوير , هو ايمان الانسان بنفسه وعقله .
انه فلسفة لتحرر البشر و لتقدمهم المستمر . وبحسب فلسفة التقدم يسير التاريخ الانساني قدما الى الامام ولا يتراجع .لقد تحول الكلام على تقدم المجتمعات في الفكر الماركسي الى الكلام على الانسان التقدمي والفكر التقدمي والمجتمع التقدمي والقوى التقدمية . هنا يصبح التقدم ( تقدمية ) , اي يتحول من فلسفة الى عقيدة وديانة .
من هنا كان الماركسيون يتراجعون فكريا الى الوراء فيما هم يريدون التقدم الى الامام .لاشك ان مقولة التقدم قد فقدت مصداقيتها منذ زمن , خصوصا بعد تفكك المنظومة الاشتراكية وانهيار الاتحاد السوفييتي . نحن هنا ازاء مقولة فقدت طاقتها على الشرح والتفسير , بعدما تكشف التقدم عن كل هذا التقهقر والتاخر .تكمن مشكلة المثقفين ( بحسب علي حرب) في افكارهم ومن جملتها فكرة التقدم . وليس المقصود بالتقدم التراكم في العلوم والمعارف , او التطور في التقنيات , وانما المقصود التقدم على صعيد القيم والحقوق ,وكل مايتصل بعلاقة الانسان بالعقل والحرية والانفتاح والحوار والتعاضد . ان مايحصل يسير باتجاه مخالف للعقل , كما يتمثل ذلك في استشراء العنف والارهاب , وتراجع قدرة الانسان على التحكم والسيطرة او على البر مجة والتخطيط , قياسا على ماكان يتحقق من قبل . يشهد على هذا التراجع تصرف الساسة الذين يبدون اليوم , اعجز من اسلافهم في معالجة المشكلات وتدبير الامور .
لقد ازدادت سيطرة البشر على الطبيعة مقابل تلويث البيئة . وتضاعف الانتاج مقابل اتساع الهوة بين الاغنياء والفقراء . وتضاعف الاستهلاك , ولكن تصريف النفايات بات اعظم مشكلة .
هناك اسئلة الطبيعة بدءا بالذرة :
فهل نحن حقا افضل من الطبيعة الجامدة لاننا نملك ذاتا وهي لاتملكها ؟ومن يؤكد لنا ذلك ؟فهاهي الذرة عندما نحاول تفكيك بنيتها تتفجر في وجهنا بصورة مدمرة وماحقة . اما الخلية الحية فانها كما يقول لنا علم الحياة تقرا اليوم من خلال مفردات الشيفرة والرسالة والاعلام , فهي اذن ترسل الرسائل وتستعلم فيما هي تفعل فعلها وتبني ابنيتها . فهل نحن اعقل منها ؟وللحيوان الذي نحن اعقل منه على مانزعم له اسئلته :
هل نحن افضل وارقى من الحيوانات لاننا اقوى منها سلاحا بما يتيح لنا ذبحها وسلخها من اجل اكلها ؟. ان مرض ( جنون البقر ) يحملنا على ان نعيد النظر في مجمل صلاتنا بالحيوان الذي قمنا بعزله : عن الارض والطبيعة في معسكرات لتربيته وجعله مثلنا من آكلة لحوم البشر , لكي يعطي اقصى مردود كمادة غذائية . وهكذا فالوباء والتلوث وسواهما من المخاطر , هي حصيلة عقلانيتنا المجنونة وغير المسؤولة في التعامل مع الحيوان والطبيعة .لقد ادعى اصحاب الفكر التقدمي انهم يمتلكون النظرية العلمية للتغيير الاجتماعي والتقدم التاريخي .وما كان عليهم سوى ان ينقلوا الوعي الى البروليتاريا التي عليها ان تجسد النظرية في فعل تقدمي يكتب نهاية التاريخ , بعد كتابة نهاية الفكر , باقامة المجتمع الشيوعي الذي تزول فيه الصراعات . وقد افضى ذلك الى تكوين مجتمعات شمولية حيث الكل هم نسخة عن الواحد الاحد.
ان العمل على تطبيق الافكار على نحو حرفي , يؤول الى مصادرة حرية التفكير , كما يؤول الى انتاج علاقات شمولية بين العاملين على تطبيق هذه الفكرة .
ان القول بالفكر التقدمي يصدر عن جهل بالفكر , لانه لاتقدم على مستوى الافكار , اي لاتجاوز ولا انقطاع . فالافكار الخصبة والخلاقة , لايجري تجاوزها لانها تجتاز عصور المعرفة وحواجز اللغة والثقافة . بهذا المعنى لايتقدم ماركس على هيغل ولا هيغل على ديكارت , ولا هذ ا الاخير على ابن سينا او على ارسطو . كل هؤلاء وامثالهم من ذوي الافكار الهامة والمفاهيم الخارقة يتجاورون ويتعايشون في المجال الواحد الذي هو مجال الفلسفة . وهكذا فكل اثر فكري هام يشكل ذروة لايمكن تجاوزها او القفز فوقها . من هنا ليست المسالة على صعيد الافكار مسالة تقدم بقدر ماهي مسالة اختلاف ومغايرة . وهكذا نحن لانعود الى هيغل او ماركس او ابن خلدون او ابن عربي , لكي نفكر على طريقتهم , وانما نعود اليهم لكي نقراهم قراءات منتجة وخلاقة تمنحهم راهنيتهم , بقدر ماتتيح لنا ان نقيم مع حاضرنا وواقعنا علاقات راهنة وفعالة . كذلك فالقول بالمجتمع التقدمي يصدر عن جهل بالمجتمع . ذلك ان المجتمع لاينهض على المساواة ولا يخلو من الصراعات . المجتمع هو مجموعة عوالم وقطاعات وفئات ومستويات مختلفة , متفاضلة , متنازعة . منها مايتقدم ومنها ما يتاخر . منها المركز ومنها الاطراف . منها مايتطور بسرعة قصوى ومنها مايسير ببطيء شديد . منها مايجسد منتهى المعقولية ومنها مايجسد منتهى السحر والتدين . وهكذا ففي كل حقبة تاريخية او تشسكيلة اجتماعية يمكن ان يتعايش المعقول والخرافي , او المدني والبربري , او الديمقر اطي والفاشي . لقد كان ارسطو يؤيد الحكومة الديمقراطية , لكنه تعامل مع غير اليونان بوصفهم برابرة بعد ثلاثة قرون من خطاب التقدم , كل شيء يحمل على التشكيك بحقيقة التقدم البشري . هناك نكوص وتراجع دائما في قضايا الحقوق والحريات .
يؤكد المفكر علي حرب ان هناك تعايش وتداخل بين الازمنة والاطوار . ففي تطور الثورة الرقمية الهائل سوف لاينتهي الفكر السحري والعقل الخرافي والقداسة والدين . هذه كلها اشكال وعلاقات لاتنفك تحضر وتمارس داخل العقل الواحد , الى جانب المنجزات العلمية والانساق المنطقية والتقنيات الحسابية . وهي لاتغيب الا لكي تعود على نحو اقوى وارهب . بهذا المعنى ربما يتعايش السحر مع الحاسوب.. بل ان المرء قد يقيم علاقات سحرية مع اشيائه بما فيها الحاسوب نفسه .يقول علي حرب انه لااحد يستطيع الانفصال عن تراثه او الانسلاخ عن هويته , او فصم العلاقة بينه وبين ذاكرته . فالممكن هو الاشتغال على الهوية والذاكرة والذات من اجل تحويل ذلك الى عمل منتج او الى ممارسة ابداعية تتجسد في نسج علاقة مع العالم راهنة وفاعلة .
المسالة تختص بعلاقات يجري تفكيكها وتحويلها على نحو تتغير معه علاقة المرء بذاته وبالعالم .. انها مسالة تجارب وجودية تنخرط فيها كل القطاعات المنتجة والقوى الحية والفاعلة في المجتمع حيث يجري الاشتغال على الصيغ والافكار المطروحة لتعديلها واعادة انتاجها باستمرار . بهذا المعنى لاينهض ولا يتقدم من لاتفضي به تجاربه الى تغيير مناهجه عن النهوض والتقدم , تماما كما انه لااحد يمارس عقلانيته وفاعليته التنويرية بمجرد ان يعرض افكارا عن العقل والتنوير , بل بانخراطه في ممارسة فكرية نقدية تتيح له اغناء مفاهيمه وتوسيعها , او تمكنه من نسج علاقات جديدة مع العقل والتنوير , بالكشف عن المناطق المعتمة او اللامعقول في التجارب العقلانية والخطابات التنويرية .
وهكذا فالعالم ليس نسخىة عن مناهجنا ولا هو يتغير طبقا لطروحاتنا او بتطبيق افكارنا .ومن يعتقد بان التقدم يجري وفقا لصيغة جاهزة او قالب ثابت لايحسن سوى التاخر .



#وليد_يوسف_عطو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحديث عن التسامح في الوسط الاسلامي
- المثقف والمفكر وما بينهما من فوارق
- تفكيك بنية سلطة المثقف
- في نقد اوهام المثقف
- تفكيك الظاهرة القرانية
- ازمة الفكر العربي والاسلامي المعاصر
- الظاهرة القرانية من الصوت الى النص
- التشابه بين الشعبوية الاسلاموية والشعبوية الماركسوية
- لاوجود للفرقة الناجية في الماركسية والشيوعية
- اليسار الجديد واشكالية الخطاب
- اليسار الالكتروني الجديد : قلق الحاضر وآفاق المستقبل
- الطريق نحو علمنة الاسلام
- في نقد العقل الاسلامي
- قراءة مغايرة في مفهوم الفرقة الناجية
- الحشاشون وزعيمهم حسن الصباح - ج 5
- الحشاشون وزعيمهم حسن الصباح - ج4
- الحشاشون وزعيمهم حسن الصباح - ج3
- الحشاشون وزعيمهم حسن الصباح - ج 2
- الحشاشون وزعيمهم حسن الصباح - ج 1
- العلويون :اصولهم وفلسفتهم وشعائرهم - ج4


المزيد.....




- الوزير يفتتح «المونوريل» بدماء «عمال المطرية»
- متضامنون مع هدى عبد المنعم.. لا للتدوير
- نيابة المنصورة تحبس «طفل» و5 من أهالي المطرية
- اليوم الـ 50 من إضراب ليلى سويف.. و«القومي للمرأة» مغلق بأوا ...
- الحبس للوزير مش لأهالي الضحايا
- اشتباكات في جزيرة الوراق.. «لا للتهجير»
- مؤتمر«أسر الصحفيين المحبوسين» الحبس الاحتياطي عقوبة.. أشرف ع ...
- رسالة ليلى سويف إلى «أسر الصحفيين المحبوسين» في يومها الـ 51 ...
- العمال يترقبون نتائج جلسة “المفاوضة الجماعية” في وزارة العمل ...
- أعضاء يساريون في مجلس الشيوخ الأمريكي يفشلون في وقف صفقة بيع ...


المزيد.....

- الثورة الماوية فى الهند و الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي ) / شادي الشماوي
- هل كان الاتحاد السوفييتي "رأسمالية دولة" و"إمبريالية اشتراكي ... / ثاناسيس سبانيديس
- حركة المثليين: التحرر والثورة / أليسيو ماركوني
- إستراتيجيا - العوالم الثلاثة - : إعتذار للإستسلام الفصل الخا ... / شادي الشماوي
- كراسات شيوعية(أفغانستان وباكستان: منطقة بأكملها زعزعت الإمبر ... / عبدالرؤوف بطيخ
- رسالة مفتوحة من الحزب الشيوعي الثوري الشيلي إلى الحزب الشيوع ... / شادي الشماوي
- كراسات شيوعية (الشيوعيين الثوريين والانتخابات) دائرة ليون تر ... / عبدالرؤوف بطيخ
- كرّاس - الديمقراطيّة شكل آخر من الدكتاتوريّة - سلسلة مقالات ... / شادي الشماوي
- المعركة الكبرى الأخيرة لماو تسى تونغ الفصل الثالث من كتاب - ... / شادي الشماوي
- ماركس الثورة واليسار / محمد الهلالي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - وليد يوسف عطو - اسطورة الانسان التقدمي