مريم نجمه
الحوار المتمدن-العدد: 1246 - 2005 / 7 / 2 - 11:14
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
إن الثورات الناجحة في العالم هي التي استطاعت التمييز أولا - بين التناقض الرئيسي مع العدو -
والتناقضات الثانوية .. بين صفوف الشعب , وأوجدت الحلول الصحيحة لحلها .
فالتناقض مع العدو لا يحلّ إلا بالكفاح المسلّح , أو الطرق الأخرى للنضال ضدّه . والتناقضات داخل صفوف الشعب يمكن حلها بالحوار الديمقراطي والنقد والنقد الذاتي .
وهذا ما طبقه الحزب الشيوعي الصيني عبر مراحل الثورة كلها . فأثناء الثورة وبعد إنتصارها وبناء دولة جمهورية الصين الشعبية .. , برز هناك تيارين أو أكثر , تيار برجوازي تحريفي يمثله في فترة ما - تينغ سياو بينغ - والتيار الثوري الديمقراطي بقيادة ماوتسيتونغ ورفاقه - .
لقد استمر هذا الصراع بينهما طويلا , ولكن ماو وخطّه لم يلجأوا إلى تصفية خصمهم كما اعتادت الأنظمة الديكتاتورية لإختلاف الرأي داخل الحزب والدولة , رغم أن خط ماو كان في موقع القيادة والتحكم في الحزب والجيش والمؤسسات والسلطة , وقد كان قادرا على تصفية الخط الاّخر بالقوّة , ولكنّه لم يفعل هذا , بل بالعكس تماما .. ترك الأفكار تأخذ مجراها الطبيعية بين الشعب والحزب والدولة والجماهير العريضة .
فقد ترك ماو كل تيار يعرض ويعمل بحرية ضمن نقد ونقد ذاتي , ويردّ على اّراء التيار الاّخر ويدحضها بالحجّة في جميع وسائل الإعلام بما فيها الصحف الجدارية , لأنه لو استعمل السجن أو التصفيات في شأنهم كيف سيتعلّم الناس على التمييز والتقييم بين هذا الخط والاّخر ....؟
فالتثقيف والحوار وطرح الأفكار بحرية للشعب هي التي تقوم بتربية وتوعية الأجيال على حق النقد دون خوف , ولكي تميّز بين الخطأ والصواب فترك الحزب والجماهير وحدها هي التي تقرّر وتختار -
وهذا الصراع دائم ومستمر داخل النظام الإشتراكي - والجماهير هي التي تقرّر حسمها . تلك هي الديمقراطية الإشتراكية - ومن قال إن الإشتراكية هي ضد الديمقراطية الحقيقية وليست ديمقراطية الرأسمال .. ؟
وفيما يلي مقتطفات من أقوال ماو تسيتونغ حول هذا الموضوع :
المعالجات الصحيحة للتناقضات بين صفوف الشعب :
*
إننا نواجه نوعين من التناقضات الإجتماعية هما التناقضات بيننا وبين أعدائنا , والتناقضات بين صفوف الشعب . وهذان النوعان من التناقضات يختلفان اختلافا تاما من حيث طابعهما . ( حول المعالجة الصحيحة للتناقضات بين صفوف الشعب - 27 فبراير شباط - 1957 ) .
*
لكي ندرك إدراكا صحيحا هذين النوعين المختلفين من التناقضات , أعني التناقضات بيننا وبين أعدائنا والتناقضات بين صفوف الشعب , ينبغي لنا قبل كل شئ أن نوضح من هو "" الشعب "" ومن هم "" الأعداء " . .... وفي المرحلة الحاضرة , مرحلة بناء الإشتراكية , فإن جميع الطبقات والفئات والكتل الإجتماعية التي تستحسن وتؤيد قضية البناء الإشتراكي وتسهم فيها , تنتمي إلى الشعب , بينما جميع القوى والكتل الإجتماعية التي تقاوم الثورة الإشتراكية وتعادي البناء الإشتراكي وتعمل على تقويضه , تعد كلها أعداء للشعب . " نفس المصدر السابق "" .
*
في ظروف الصين الراهنة , تشتمل التناقضات بين صفوف الشعب على التناقضات داخل الطبقة العاملة , والتناقضات داخل طبقة الفلاحين , والتناقضات بين المثقفين , والتناقضات بين الطبقة العاملة وطبقة الفلاحين , والتناقضات بين العمال والفلاحين من جهة والمثقفين من جهة أخرى , والتناقضات بين الطبقة العاملة وسائر الكادحين من جهة والبرجوازية الوطنية من جهة أخرى , والتناقضات في داخل صفوف البرجوازية الوطنية , الخ ... إن حكومتنا الشعبية هي حكومة تخدم الشعب , إلا أنه توجد بينها وبين الجماهير الشعبية أيضا تناقضات معيّنة , وهي تتضمن التناقضات بين مصالح الدولة والمصالح الجماعية وبين المصالح الشخصية , والتناقضات بين الديمقراطية والمركزية , والتناقضات بين القادة وبين من هم تحت قيادتهم ,
والتناقضات بين أسلوب العمل البيروقراطي الذي يتبعه بعض موظفي دوائر الدولة وبين الجماهير . وهذا النوع من التناقضات يعد أيضا من التناقضات بين صفوف الشعب .
إن التناقضات بين صفوف الشعب هي , بوجه عام , تناقضات قائمة على أساس كون مصالح الشعب واحدة بصورة أساسيّة . "" من نفس المصدر السابق ""
*
التناقضات بيننا وبين أعدائنا هي تناقضات ذات صفة عدائية . أما في صفوف الشعب , فإن التناقضات بين الكادحين إنما هي تناقضات صفتها غير عدائية .
في حين أن التناقضات بين الطبقات المستغلة ( بفتح الغين ) والطبقات المستغلة ( بكسر الغين ) تحوي إلى جانب صفتها العدائية صفة أخرى غير عدائية . "" من نفس المصر السابق "" .
*
كيف يمكننا في مجرى حياة شعبنا السياسية التمييز بين الخطأ والصواب في أقوالنا وأفعالنا ؟؟ إننا نرى أنه , بالإستناد إلى مبادئ دستور بلادنا وإرادة الأكثرية الساحقة من شعبنا وبالإستناد إلى المواقف السياسية المشتركة التي أعلنتها جميع الأحزاب والجماعات السياسية في بلادنا في مناسبات مختلفة , يمكننا أن نضع لذلك , على وجه عام , المقاييس الاّتية :
أولا : أن تساعد أقوالنا وأفعالنا على توحيد الشعب من مختلف القوميات في بلادنا , لا أن تعمل على تفريقه .
ثانيا : - أن تساعد على التحويل الإشتراكي والبناء الإشتراكي , لا أن تضر بهما .
ثالثا : - أن تساعد على توطيد سلطة العمال الديمقراطية الشعبية , لا أن تقوضها أو تضعفها .
رابعا : - أن تساعد على توطيد المركزية الديمقراطية , لا أن تهدمها أو تضعفها .
خامسا : - أ، تساعد على تعزيز قيادة الحزب الشيوعي , لا أن تحاول التخلص منها أو تضعفها .
سادسا : - أن تساعد على التضامن الأممي الإشتراكي , والتضامن الأممي بين جميع الشعوب المحبة للسلام في العالم , لا أن تلحق بهما ضررا أو أذى .
وأهم هذه المقاييس الستة هو مقياس الطريق الإشتراكي ومقياس قيادة الحزب . "" من نفس المصدر السابق "" .
*
إن مسألة إستئصال العناصر المعادية للثورة هي مسألة نضال يدخل في نطاق التناقضات بيننا وبين أعدائنا . إننا نجد بين أبناء الشعب أناسا لهم اّراء مختلفة حول هذه المسألة . فهناك فئتان من الناس تختلف اّراؤهم عن اّرائنا . فالذين يحملون الأفكار الإنحرافية اليمينية لا يميزون بيننا وبين أعدائنا , فيعتبرون الأعداء جزءا من الشعب , وبهذا يضعون في عداد أصدقائهم من تعتبرهم الجماهير الغفيرة أعداء لها .
أما الذين يحملون الأفكار الإنحرافية "" اليسارية "" فإنهم يوسعون دائرة التناقضات بيننا وبين أعدائنا إلى حد أنهم ينظرون إلى بعض التناقضات القائمة بين صفوف الشعب كأنها تناقضات بيننا وبين أعدائنا , ويعتبرون بعض الناس عناصر معادية للثورة في حين أنهم في الواقع ليسوا كذلك .
إن كلاهذين الرأيين خاطئ لا يمكن الإعتماد عليه في معالجة مسألة استئصال العناصر المعادية للثورة معالجة سليمة , ولا في تقدير نتائج عملنا في حقل استئصال العناصرالمعادية للثورة تقديرا صحيحا . "" من نفس المصدر السابق "" .
*
إن التناقضات المختلفة من حيث النوع لا يمكن أن تحل إلا بطرق مختلفة نوعيا . مثال ذلك .. أن التناقض بين الطبقة العاملة ( البروليتاريا ) والبرجوازية يحل بطريقة الثورة الإشتراكية , والتناقض بين جماهير الشعب الغفيرة والنظام الإقطاعي يحل بطريقة الثورة الديمقراطية .
والتناقض بين المستعمرات والإمبريالية يحل بطريقة الحرب الوطنية الثورية , والتناقض بين الطبقة العاملة وطبقة الفلاحين في المجتمع الإشتراكي يحل بطريقة جعل الزراعة جماعية واّلية , .
والتناقض داخل الحزب الشيوعي يحل بطريقة النقد والنقد الذاتي , والتناقض بين المجتمع والطبيعة يحل بطريقة تطوير القوى المنتجة ..... إن استخدام الطرق المختلفة هو مبدأ يجب على الماركسيين اللينينيين أن يراعوه مراعاة دقيقة . "" في التناقض "" ( أغسطس - اّب - 1937 - المؤلفات المختارة , المجلد الأول ) .
*
بما أن التناقضات بيننا وبين أعدائنا والتناقضات بين صفوف الشعب هما نوعان مختلفان من التناقضات من حيث طبيعتهما , فإن طرق حلهما كذلك مختلفة .
وموجز القول إن النوع الأول من التناقضات يتعلق بمسألة رسم خط فاصل بيننا وبين أعدائنا , أما النوع الثاني منها فهو يتعلق بمسألة التمييز بين الحق والباطل .
وطبيعي أن مسألة رسم خط فاصل بيننا وبين أعدائنا هي في نفس الوقت مسألة تمييز بين الحق والباطل . ومثال ذلك أن مسألة من هو على حق , نحن أم الرجعيون المحليون والأجانب الإمبرياليون والأقطاعيون والرأسماليون البيروقراطيون , هي أيضا مسألة تمييز بين الحق والباطل , إلا أنها مسألة تختلف من حيث طبيعتها عن مسألة التمييز بين الحق والباطل داخل صفوف الشعب . . ( حول المعالجة الصحيحة للتناقضات بين صفوف الشعب - 27 - فبراير - شباط -1957 ) .
*
إن السبيل الوحيد لحل جميع المسائل ذات الصفة الفكرية , وجميع المسائل المختلف عليها داخل صفوف الشعب , هو ... استخدام الأساليب الديمقراطية - أساليب المناقشة , والنقد , والإقناع , والتثقيف , .. لا أساليب الإكراه والضغط . ( من نفس المصدر السابق ) .
يتبع -
#مريم_نجمه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟