أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحة والسلامة الجسدية والنفسية - حميد طولست - لكل جهنمه !!(4)














المزيد.....

لكل جهنمه !!(4)


حميد طولست

الحوار المتمدن-العدد: 4382 - 2014 / 3 / 3 - 23:50
المحور: الصحة والسلامة الجسدية والنفسية
    


جهنم قوم عند قومٍ .. جنّةُ
"الجهنم" الرابعة التي سأتطرق إليها في هذه المقالة ليست هي ذاك المكان الذي أعده الله لتعذيب من عصاه من الكافرين ، وليست تلك التي قال عنها عمر بن العاص: لو يعلم احدكم حقيقة جهنم لصرخ منها حتى ينقطع صوته ولصلى حتى ينكسر صلبه : عمر بن العاص ، وليست تلك التي أسهب في موضوعها المفكرون والفلاسفة وعلماء الكلام ورجال الدين والدجاجلة وعامة الناس منذ القدم .. كما أنها ليست هي تلك "الجهنم" التي خرج علينا البابا مع مطلع السنة الميلادية الجديد 2014 ، بتصريح خطير زعزع الثوابت الدينية المتعلقة باعتقاد الناس بـ"الجهنمات" ، وخلق رجة ونقاشا لدى كل من اطلع عليها أو سمع به ، مدعيا فيه : "بأن الكنيسة لم تعد تعتقد في الجهنم/الجحيم حيث يعاني الناس" ..
بل إنها واحدة من تلك " الجهنمات " الموجودة على الأرض وليس في السماء ، والتي حفرت في ذاكرة الكثيرين تجاعيد وأخاديد عميقة ، وخلفت في النفوس عقدا معقدة ومتنوعة ، ينبغي تجميعها ووضعها في قالبها الذي ربما لم يلق عليه ضوء كاف أو لم يلق عليه أي ضوء على الإطلاق ، لصعوبة موضوعها الذي لا يمكن يفهم بنجرد خوض غماره بسهولة ويسر بطرحه في مقالة أو حديث مقتظب ، ويحتاج إلى نقاشات موسعة وندوات مطولة وكتب أو أطروحات ، ومع ذلك فإنه لا مانع من التطرق إليها ، قدر الامكان ، ولو بعجالة من باب الفائدة والإطلاع ، ومحاولة تجنيب ويلاتها على أخلاق أولادنا خاصة في مراحل الصبى .
إنها الـ"جهنم " التي قال عنها الفيلسوف الفرنسي "سارتر" مقولته الشهيرة "الجحيم هم الآخرون " ، العبارة التي فيها الكثير من الصدق ، بل هي الصدق كله ، لمطابقتها مع ايقاع ما نحياه في هذا العصر وطبيعته المادية ، التي جعلت من التعامل مع الكثير ممن حولنا "الآخرون" حيثما وُجدوا - في السوق ، في الشارع ، وحتى في المسجد ، مع الأسف الشديد - جحيما لا يطاق من طقوس الكطب والادعاء والتزييف والشك والتوجس والغش والخديعة والنفاق والخيانة ، وغيرها من الأوصاف الشائنة ، والخصال الشرسة المتأصلة بشدة في طباع الغالبية العظمى تقريبا ، والمحفورة في وجدانهم ومشاعرهم التي تشكل مصدر كل تصرفاتهم وأقوالهم وأفعالهم وخصالهم المنكرة والقبيحة ..
فما صدمني في من حولي من الناس وآلمني أشد الألم ، وجعلني – وأنا على يقين أننى لست وحدي ولن أكون الوحيد في هذا الوضع – أقف مشغولا مرتبكا وحائرا لحد الضيق والإختناق ، وأنا طفل صغير أحيا طفولتي الأولى مغموسة بفطرية وعفوية بسيطة بينهم , لا أعرف الكذب مطلقاً , ولا أمارس طقوس الغش والخديعة , ولم تكن لي أسرار ، ظاهري لا يختلف عن باطني ، وجوهري كمظهري ، هو تحول الكثير ممن يعيشون بين ظهرانينا إلى صور من تلك الـ"جهنمات" التي حفرت ذكرياتها المرة على جدران وجداني النقي , وعلى سقف مشاعري السجية , وعلى أرض أحاسيسي الصادقة , بتصريفهم ما امتلأت به قلوبهم من الكذب والنفاق والخديعة ، وتشبعت به نفوسهم من الزيف والغش والخيانة والاستئثار والأنانية ، وشاغلت عقولهم ، وأعمت أبصارهم وبصائرهم ، وجعلت منهم مخلوقات منحدرة اجتماعيا ، لا تبالي بما يرى عقلها ، وتخالف ضميرها ، ولا تتوانى عن الاستحمام في وحل الخطيئة ، والغوص في مستنقعات الرذيلة ، مقابل إشباع أهوائها ومطامعها وتحقيق حاجاتها اولا وأخيرا ، متكيّفة مع كل الاوضاع مهما كانت حدة تقلباتها ، متقافزة من وضع الى وضع ، ببراعة البهلوان الحاذق المتمرس ..
ورغم تعاظم مساحة تلك "الجهنم " ، وانتشارها في المجتمعات المنافق والمخادع بعض أهلها ، والتي إينما نظرت حولك ، إلا ووجدتها (جهنم) ماثلة أمامك في انفصامية الناس النكدة بين التحضر كمظاهر والتحضر كذوق وسلوك , ورأيتها قابعة قدامك في ازدواجيتهم المقيتة المتجلية في تظاهر الكثير منهم بالتخلق وإدعائهم التحضر والتمدن ، وإظهار غالبيتهم غير ما يبطنون , ويخالف ما يتخيلون ويضمرون ..
فإني أحمد الله ، على أن فطرتي العصية على الإستيلاب والتدجين والمراوغة وسوء الظن , حمتني من ويلات الحربائية المتفشية ، وجعلتني أمقت السلوكيات الشاذة ، وأنفر من قيم التخلف الكامنة في النفوس المريضة ، وعززت إصراري وتمسكي بمنهجي في تحمل مسؤولياتي الأخلاقية والعقلية , تجاه من أحب وأحترم , ومن أختلف معه , أو من تضاد أفكاري ورؤاي وتصوراتي مع أفكاره ورؤاه وتصوراته .
لعمري إن الأمر لشاق جدا ، أن يشعر المرء بأنه أصبح وحيدا غريبا في وطنه ، بل وأنه أصبح عنصراً شاذاً وسط جيش من ناس متشابهي الأفكار والتصرفات ، يشعر أن لا أحد يفهمه ، وكأنه من كوكب آخر ، يتحدث بلغة غريبة ، تصرخ بأعلى صوته ، فلا أحد يسمعه ، وكأن صوته أخرس ، أو كأنه بلا صوت بالمرة! .
أليست هذه جهنم نكابد عذاباتها يوميا ولكنها تهون رغم قساوتها أمام هدف العيش بسلام مع النفس ومع من نحب ونصادق من الأهل والأحباب والأقرباء والمعارف ..
حميد طولست [email protected]



#حميد_طولست (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مداخل مدن أم مفارغ زبالة ؟؟
- التعيين العائلي في الوظائف العمومية !
- خائن من يعتصب ورود مدينتي !
- لكل جهنمه 3
- المجتمعات الاستعراضية ، رياء ونفاق !
- لكل جهنمه !!!(2)
- فضائح أئمة المسلمين الجنسية !
- الحكامة في المشهد السياسي !
- لكل جهنمه !!!
- حوار ودي مع نقابي متميز على هامش يوم دراسي .
- معاناة المعالم التراثية العمرانية الحضارية والتاريخية للمدن ...
- لماذا رثاء المهندس خالد الغازي؟
- رثاء المهندس خالد الغازي
- وداعا المهندس خالد غازي .
- كفى فتنة ، فقد بلغ السيل الزبى!
- الحملات العنصرية الخاسرة للإسلاميين ضد الأمازيغ .
- كل عام و -رجال العام - ، بكل خير !
- الويسكي والشمبانيا في ميزانية 2014 للحكومة الإسلامية !
- كل عام وانتم بالف خير ...
- تشييع جماعة الإخوان إلى مثواها الأخير !


المزيد.....




- رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن ...
- وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني ...
- الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
- وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله- ...
- كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ ...
- فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
- نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
- طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
- أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق


المزيد.....

- الجِنْس خَارج الزَّواج (2/2) / عبد الرحمان النوضة
- الجِنْس خَارج الزَّواج (1/2) / عبد الرحمان النوضة
- دفتر النشاط الخاص بمتلازمة داون / محمد عبد الكريم يوسف
- الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (مقدمة) مقدمة الكتاب / محمد عبد الكريم يوسف
- الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (3) ، الطريق المتواضع و إخراج ... / محمد عبد الكريم يوسف
- ثمانون عاما بلا دواءٍ أو علاج / توفيق أبو شومر
- كأس من عصير الأيام ، الجزء الثالث / محمد عبد الكريم يوسف
- كأس من عصير الأيام الجزء الثاني / محمد عبد الكريم يوسف
- ثلاث مقاربات حول الرأسمالية والصحة النفسية / سعيد العليمى
- الشجرة الارجوانيّة / بتول الفارس


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحة والسلامة الجسدية والنفسية - حميد طولست - لكل جهنمه !!(4)