أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - عبد الغني سلامه - قراءة على جدار فيسبوكي















المزيد.....

قراءة على جدار فيسبوكي


عبد الغني سلامه
كاتب وباحث فلسطيني

(Abdel Ghani Salameh)


الحوار المتمدن-العدد: 4380 - 2014 / 3 / 1 - 21:04
المحور: المجتمع المدني
    


كتب الصديق "مروان بركات" مقالا شيقا عن صفحة الشهيد "معتز وشحة" الذي اغتالته يد الإجرام الصهيونية منذ أيام، قبل أن ينهي عامه الخامس والعشرين، وصفَ فيه بساطة الشهيد وروحه المشتبثة بالحياة، أقتبس منه التالي: "المناضلون الحقيقيون لا يشبهون الصورة النمطية التي يحلو لبعض الكتاب وسمهم بها: وجه متجهم، نظرات زجاجية، قلب متحجر، عزوف عن الجميلات، ترفّع عن متع الحياة؛ المقاتل الحقيقي في هذا الوطن ليس نبتا شيطانيا، إنه إنبثاق إسطوري ملحمي من رحم كل ما هو عادي وبسيط، إنه تجسيد لحالة الإنسان بأوضاعها الطبيعية: تُبكيه قصيدة، يهز قلبه الرهيف مشهد أنثى تتمايل بأزهى فتنتها، تثير شجنه وردة حمراء، تفتح شهيته زهور اللوز في الربيع، يبتهج بدعوة أصدقائه على وجبة سنيكرز، ويهتف بابتهاج: والله لنكيف".
أغواني المقال للتأمل في صفحات عينة عشوائية لشبابنا على الفيسبوك، ومعرفة الاتجاهات التي يسير بها جيل اليوم، بعد أن جعلتني صفحة الشهيد على قناعة بأن ما يكتبه أي شخص، أو ما ينشره من صور لا تعكس بالضرورة جوهر شخصيته، فقد تكون لمجرد التسلية، أو استجابة لانفعال لحظي، أو تعاطف مع حالة معينة.

واحتراما للحرية الشخصية، ولطبيعة الاختلاف بين البشر؛ فإنه من حق كل إنسان أن يعبّر عن نفسه كما يحلو له، وأن يكتب على صفحته ما يشاء، بيْد أن هذا لا يمنع الحق في إبداء الملاحظات، وانتقاد ما نراه شاذا ومستهجنا، مع التأكيد على أن ما هو شاذ أو صحيح مسألة نسبية، وأن حدود الحرية الشخصية تنتهي عندما تمس الآخرين، خاصة وأن ما يكتبه أي شخص سيأخذ من وقت غيره وحيزه الخاص، وربما يثير أعصابه، والأهم من ذلك ربما يسهم في تعميم الثقافة السلبية، أو تضليل الرأي العام، أو الإساءة للآخرين.

صحيح أنه ليس ضروريا أن يتمكن كل إنسان من أصول الكتابة، وأن يجيد مهارات التعبير، لكن على الأقل من غير المقبول أن يكتب أحدهم سطرا واحدا بثلاثة أخطاء مطبعية وإملائية !! وعليه أن يحترم عقول القراء وأن يقدم ما هو مفيد وإيجابي.

على سبيل المثال، تنتشر عادة تصوير مائدة طعام، وعبارة "اتفضلوا" !! كيف؟ نلحس الشاشة مثلا !! "أنا الآن في مطار هيثرو" !! يعني أحمل عنّك الحقائب !! "تعشينا إمبارح ملوخية" !! يا سيدي صحتين. "أنا زهقانة" !! طيب، كيف بقدر أساعدك ؟! "أنا زحمان والحمّام مشغول"، بدك تطول بالك شوية .. وغيرها من العبارات التي لا تعنينا بشيء.

وفي جانب آخر، ينتشر فيض من المعلومات الخاطئة والمضللة: البيبسي ينظف المراحيض أفضل من الهاربيك ! الإندومي يسبب التخلف العقلي ! مقاعد السينما قد تنقل عدوى الإيدز ! الفجل يمنع الإصابة بالسكري ! بول البعير يعالج السرطان ! التمر لا يفيد إلا بتناول عدد فردي منه !! شاحن النوكيا ينفجر بقوة تعادل عبوة ديناميت !

وهناك أيضا الصور الساذجة التي تسخر من وعينا، والتي للأسف تلاقي تجاوبا غير عاديا: أفعى طيبة تنقذ سمكة من الغرق ! ثعبان ضخم يلتهم شابا سكرانا !! ظهور قبيلة من الجن في الجويدة ! بقرة تحلب نسكافيه في الدنمارك ! اختراع سيارة بدون عجلات في اليابان ! وطبعا مثل هذه الأخبار تجد آلاف التعليقات بعبارة سبحان الله !! ما يعني أن هؤلاء سيصدقون أي خبر دون أي تفكير، حتى لو كان الخبر: تصادم قطارين في بحيرة ميتشجن، انفجار منجم للفحم الحجري قرب رام الله، مقتل عشرين شابا وجرح ثمانين آخرين في انقلاب سيارة أجرة على خط سرفيس الأشرفية، وادي النيص يهزم برشلونة 5 – صفر.

ولا ننسى القصص المثيرة التي تفيض بالمعاني العميقة: القبر يرفض استقبال جثمان رجل ميت ويلقيه خارجا بعد دفنه لأنه لم يكن يصلي ! تعفن جثمان سيدة بعد دقائق من وفاتها لأنها كانت تستغيب جارتها ! نجاة طفل وحيد من حادث تحطم طائرة لأن أباه كان يتصدق على الفقراء ! احتراق منزل اشتراه مالكه بقرض ربوي من بنك الإسكان !

أما الاستنتاجات العبقرية والربط المحكم بين الأسباب والنتائج، فحدث ولا حرج: الحرب العالمية الثانية قامت بعد حصول المرأة على حق الانتخاب ! انحباس المطر هذا الموسم بسبب عزوف الناس عن المساجد ! زيادة انحسار نهر النيل بعد انقلاب السيسي ! ارتفاع عدد ضحايا حوادث السير بعد قرار الحكومة برفع أسعار الكهرباء !

وهناك الإشاعات التي تزيد سرعة انتشارها عن سرعة الضوء: وكالة الناسا تتوقع أمطارا غير مسبوقة في الشرق الأوسط (السنة مَحِلْ والحمد لله)، العالم سينتهي سنة 2012 (مر سنتين ولم ينتهي شيء)، الحكومة سترفع سعر كيلو الخبز إلى دينارين هذا الصيف (يا لطيف)، إسرائيل ستجتاح لبنان وغزة في شهر حزيران (معلومات استخبارية مجانية) .. وهكذا.

وكذلك الأساليب الساذجة في الدعوة للدين: لا تخرج قبل أن تسلخ لايك وتقول سبحان الله، استحلفك بالله وبحياة أمك تنشرها، ولك الأجر، إذا لم تنشرها فإن الشيطان قد منعك، مثل هذه العبارات عادة ما ترافق صورة فوتوشوب لصخرة تسجد لله في البحر، أو لناقة تصلي إلى جانب صاحبها، أو لذبابة ترفع يديها ابتهالا لله أن يديم الأوساخ، أو لبطيخة ظهر عليها لفظ الجلالة .. وكأن نشر الدين لا يتم إلا بهذه الصور !! البعض يتفاعل معها بعفوية بريئة وخشية من انتقام الله ! والبعض طمعا في الأجر والثواب، علما بأنه لم يتبين إذا ما كانت الملائكة تحصي عدد اللايكات أم التعليقات! وأيهما أجره أعظم اللايك أم الشير ؟ وماذا سيفعل الشيطان بعد أن تبين له أن الفيسبوك من ألد أعدائه ؟؟

والأخطر عبارات التحريض الطائفي وإثارة الفتن المذهبية: "الشيعة المجوس"، "السُنّة الإرهابيين"، "النصارى الصليبيين" .. وطبعا هناك دوما الأحكام الجاهزة والتوصيفات الكبيرة: العلمانيين أعداء الإسلام، أوروبا الكافرة، الأسرة المتفككة في الغرب، المجتمع الأمريكي عديم الأخلاق ..

أما التحليلات السياسية فهذا موضوع آخر؛ حيث بمقدور صورة لرئيس أخذت بطريقة فجائية، أو تصريح مجتزأ لقائد معين، أو تعليق لمعارض من شأنها أن تغير الرأي العام بأكمله، وبكل خفة وسرعة ..

صحيح أن الفيسبوك وغيره، وُجِد للتواصل الاجتماعي وللترفيه والتسلية وتبادل المعلومات، لكنه من الممكن أن يصبح مفيدا، وأن نغير من خلاله حالنا، وأن نرفع مستوى تفكيرنا، ونرتقي بخطابنا، وعلينا أن نتق الله في كل كلمة نكتبها، أو في أي صورة ننشرها.



#عبد_الغني_سلامه (هاشتاغ)       Abdel_Ghani_Salameh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صورة على جدار ..
- القارئ رقم مليون
- نظرة من البعيد .. إلى كوكب الأرض
- جنون الاستبداد
- هكذا تُصنع الدكتاتوريات
- القتل باسم الشعارات الجميلة
- تنظيم القاعدة، هل هو صناعة أمريكية ؟!
- جدال على تخوم اليرموك .. من يحاصر المخيم ؟
- إنهم يحرقون الكتب
- معايير نظام العولمة
- حل الدولتين .. وحل الدولة الواحدة .. دراسة من جزئين، ج2 : أي ...
- حل الدولتين .. ماذا حلَّ به ؟ وإلى أين وصل ؟ دراسة من جزئين ...
- تأملات في خريف العمر
- كلاشنكوف
- على مشارف الخمسين
- هل خيارات الشعوب دائما صائبة ؟!
- الوجه الآخر لنيلسون مانديلا ..
- البعد الدولي وأثره على إخفاق الثورة الفلسطينية ..
- خواطر ثلجية
- تقلبات الزمن .. وتدافع الأجيال


المزيد.....




- منظمة حقوقية تشيد بمذكرات التوقيف الصادرة عن المحكمة الجنائي ...
- بايدن يعلق على إصدار الجنائية الدولية مذكرات اعتقال بحق نتني ...
- وزير الدفاع الإيطالي: سيتعين علينا اعتقال نتنياهو وجالانت لأ ...
- كندا تؤكد التزامها بقرار الجنائية الدولية بخصوص اعتقال نتنيا ...
- بايدن يصدر بيانا بشأن مذكرات اعتقال نتانياهو وغالانت
- تغطية ميدانية: قوات الاحتلال تواصل قصف المنازل وارتكاب جرائم ...
- الأمم المتحدة تحذر: توقف شبه كامل لتوصيل الغذاء في غزة
- أوامر اعتقال من الجنائية الدولية بحق نتانياهو
- معتقلا ببذلة السجن البرتقالية: كيف صور مستخدمون نتنياهو معد ...
- منظمة التعاون الإسلامي ترحب بإصدار المحكمة الجنائية الدولية ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - عبد الغني سلامه - قراءة على جدار فيسبوكي