زعيم الفقراء

ابراهيم عودة النمر

الحوار المتمدن-العدد: 4378 - 2014 / 2 / 27 - 20:21
المحور: العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
    

قبل ثلاثة اسابيع من الان ..
السنه .. 1963 .
الشهر .. شباط .
اليوم .. الجمعه 8 اشباط .
الساعه .. التاسعه صباحأ ............................

صوت مذيع من خلال مذياع اذاعة بغداد .. يعلن قيام ثورة 14 رمضان .. ويعلن مقتل رئيس وزراء العراق .( عبد الكريم قاسم )
خرجت الجموع غاضبه .. وفي معظم مدن العراق ..
تهتف بحياة الزعيم وتندد بالانقلاب .
وتوالت البيانات .. ومنع عام للتجوال من قبل الحاكم العسكري العام ( رشيد مصلح ) لغرض منع الجماهير من التظاهرات .. وعند المساء اعلن بيان رقم 13 ..
السيئ الصيت في ابادة الشيوعيين .. ومنذ غسق ذاك اليوم وحتى فجر اليوم التالي .. امتلأت السجون في كل مدن العراق ..
واصبح معتقل خلف السده .. مكانأ امنا واكثر هدوءأ من بقية السجون المركزيه للمحافظات..
نرجع لذاكرة الزمن باكثر من نصف قرن من السنين ..
لنتكلم عن ( زعيم الفقراء ) ونفتح شيئا من صفحته للاجيال التي تعاقبت منذ ذاك الزمن .
التاريخ عادة مايمثل حقائق احداث عبر الزمن الماضي .. والاديب او الكاتب وبضمير الحياد عليه ان يحرك وجدانه ويوثق عبر كتاباته ..
الحقيقه ناصعه لايعلوها اي غبار .. وبالتالي ينقلها للاجيال بامانه وهو بذالك يعبر عن خلجات نفس ضمأى للحياة .. للحب .. للحقيقه .. ذالك هو التاريخ ..
كثيرون هم الذين ارادوا ان يشوهوا التاريخ وبالتالي فهم يحاولون ان يشوهوا الحقيقه ..
بالامس القريب كان شبح الخوف يخيم علينا.. يثقل صدورنا .. يحبس انفاسنا وكان القلق يعترينا متزامنأ مع الهواجس ! .
ثمة حقيقه كنا قد اخفيناها حتى عن انفسنا .. ذالك لان هاجس الخوف طال مساحة كل الوطن .. وتسرب الى نفوس معظم الرجال الشرفاء .
ثمة متطفلون لم يفهموأ التاريخ .. ولم يفهموأ الحياة .. ارادوا ان يحجبوا نور الشمس عن الحقيقه بغرابيل مهلهله .. الا ان التاريخ كسر قيد الاعتقال ليتسنى للحقيقه ان تسطع كضوء شمس فاضح لكل منعطفات الحياة المعتمه .. وبالتالي يملأ نورها كل حقول السنابل وينابيع الحياة المتدفقه ابدأ ..
هي حقائق عاشت في وجدان الناس وبخاصة الفقراء منهم .. هي وثائق تاريخيه محفوره في ذاكرة الزمن .. لكنها مع الاسف عاشت سنوات حصار ظالمة ..
هي في الحقيقه سيرة ذاتيه واخلاقيات زعيم حكم العراق .. عاش ومات من اجل شعب ووطن .. عاش في ضمير الطبقات المسحوقه من هذا الشعب .. رسم الحلم والخبز والتطلع نحو حياة افضل .. فاصبح الانفصال بينهما مستحيلأ ..
أثر مصلحه الفقراء على نفسه .. حرم نفسه من كل ملذات الحياة .. طلق بهرجتها .. حتى انه لم يكن يملك بيتأ .. لكنه عاش في قلوب جماهيره بصدق ..
منح مئات الالاف من الفلاحين والعمال وسكنة الصرائف والاكواخ..
قطع اراض وتناسى ان يمنح نفسه عدة اشبار لتواري جثمانه عند موته ..
ويموت زعيم الفقراء .. يقتل .. لا بل يعدم برصاص الخيانه وقبل اكثر من خمسين عامأ ويصر قاتليه على ان لا يكون له قبرأ .. يحمّل بالاثقال ويرمى في النهر .. لكنه .. عاش .. لم يمت .. لم يزل حيأ يعيش في قلوب ممن عاصروه وتناقلت ماثره الاجيال وشهد له الاعداء قبل الاصدقاء .. لانه حقيقة لا تقبل المغالطه او المفارقه .. كتبوا عنه وهي كتابات موثقه .. وصفوه على انه مزيج من جندي وراهب .. وهو رجل عزم وكتمان .
عاطفي سريع التاثر . كثير الرأفه والحنان . نزيه مخلص لاتغره الاموال ولا تستهويه . شجاع وحليم وامين ..
ويقول عنه ( ناجي طالب ) . احد قادة انقلاب شباط .. ..
( كان عبد الكريم قاسم وطنيأ غيورأ مخلصا لخدمة شعبه )
ويتحدث عنه ( طالب مشتاق ) . ( كان عبد الكريم قاسم عفيفأ لا يطمع في . مال . قنوعأ لايحب العيش في القصور بين الرياش الثمينه عيشة الملوك العظماء الاثرياء مع انه كان في متناول يده ومتى شاء ).
وفي احدى خطبه وتحديدأ في كانون 62 حيث قال..
( انني ابن الفقراء .. انني فقير .. عشت في حي الفقراء وقاسيت زمنأ طويلأ مرارة العيش .. لكننا نملك غنى النفس وغنى الاباء )..
وعلى كل من يقرأ هذا المقال عليه ان يتصور مدى التواضع .. لواء ركن في الجيش وفي عام 1962.. رئيس وزراء العراق ووزير الدفاع وقائد عام للقوات المسلحه العراقيه يقول ...انني فقير ... وفعلأ كان فقيرأ ....
وكان لايتقاضى عن هذه المناصب الكثيره سوى راتبأ واحدأ عن رتبته العسكريه في الجيش .. ..
هي حقيقة اثبتها التاريخ .. ونحن نثبتها للاجيال هي ليست حكايه من حكايات الف ليله وليله ولا هي اسطورة .. هي سيرة وصفة لزعيم حرر العراق من تبعية الاستعمار البريطاني وحطم بثورته العملاقه الشامخه مع الدهر حلف بغداد المشبوه ...
ورسم طريق الحياة والحريه للفقراء..
كان يحلم كأي مصلح اجتماعي .. او كأي ثائر سياسي رغم انه لم ينتم لأي تنظيم سوى تنظيم الفقراء من الشعب ... حتى اصبح الفقراء شغله الشاغل .. يخرج في ساعات متاخرة من الليل يزور احياءهم .. يحلم باسعادهم .. راسمأ لهم طريق الامل .. والحياة ..
واخيرأ وقبل اشهر من الان تكرمت الحكومه في العراق على احتساب راتبأ تقاعديأ للخالد ( عبد الكريم قاسم ) . بعد ان خدم العراق والعراقيين عشرات السنين .. وهذه واحده من مفارقات الزمن .. !!!!

#ابراهيم_عودة_النمر (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات