أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عدي أبو جمال - فراءة في المشروع الحضاري للإخوان المسلمين















المزيد.....

فراءة في المشروع الحضاري للإخوان المسلمين


عدي أبو جمال

الحوار المتمدن-العدد: 1244 - 2005 / 6 / 30 - 07:42
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


منذ أن أصدر الإخوان المسلمون السوريون مشروع ميثاق الشرف الوطني في أيار 2001 دخلوا بقوة في السجال الفكري والسياسي السوري حول الإصلاح السياسي ، ذلك السجال الذي بدأ مع وصول الرئيس الشاب إلى السلطة في تموز 2000 ، وبدأ ظهورهم الإعلامي يزداد ويتكثف معتمدين بذلك على ما يتاح من وسائل الإعلام الفضائية وشبكة الانترنت . وفي كانون الأول 2004 نشرت الجماعة رؤيتها حول واقع ومستقبل سورية من خلال "مختصر المشروع الحضاري لسورية المستقبل" والذي اعتبر من قبل معظم الذين قرؤوه وتفاعلوا معه من سوريين وغير سوريين في داخل وخارج سورية نقلة نوعية في الخطاب السياسي الإسلامي عموما والإخواني خصوصا ، فقد عبر بمعظمه عن إدراك ووعي عميق من قبل الجماعة للتحولات التي طرأت على العالم عموما وعلى منطقتنا العربية خصوصا ، كما وعكس المشروع إدراكا وفهما عميقا للأزمة التي تعيشها سورية على كافة المستويات والتي ترقى إلى مستوى الأزمة الوطنية . وقد تفاعل مع المشروع عدد كبير من المثقفين والكتاب العرب والسوريين سلبا وإيجابا ، تشجيعا ونقدا ، وتوج هذا التفاعل بقراءة كلمة المراقب العام للجماعة علي صدر البيانوني في منتدى جمال الأتاسي في دمشق بتاريخ 7/5/2005 . الأمر الذي عكس حالة إيجابية غير مسبوقة في سورية (وربما العالم العربي) أكدت من خلالها النخبة السياسية والثقافية في سورية قدرتها على تجاوز مرجعياتها الايدولوجية (يسارية ، قومية ، إسلامية) نحو بناء مرجعية وطنية واحدة أساسها الحوار ونبذ العنف وتقر بمبدأ التغيير الديمقراطي بالوسائل السلمية ، وهذا ما أكدت عليه الجماعة في مشـروعها الحضاري موضوع هذه المقالة .

وانطلاقا من أرضية الحوار فإنني أطرح في هذه المقالة الصغيرة مجموعة من الأفكار والمناقشات حول مشروع الجماعة والتي أعتقد أنها تستحق المناقشة وتحتاج إلى مراجعة . وبادئ ذي بدء لا بد من الإقرار أن بأن المشروع الذي طرحته الجماعة يستحق المناقشة بكامله فقد جاء شاملا لا يخلو من عمق طرحت من خلاله تصوراتها لمختلف جوانب الأزمة في سورية ورؤيتها للخروج من هذه الأزمة ، فتناول المشروع أفكار وأطروحات حول الإصلاح السياسي والاقتصادي والتعليمي والقانوني وغيرها . لكنني في المقابل أرى أن المشروع لا يخلو من غموض في بعض جوانبه وتناقض في جوانب أخرى . وقبل البدء في مناقشة هذه الأفكار لا بد من التنويه أن المشروع يدل على أن الجماعة قد بذلت جهدا كبيرا في الإعداد والصياغة نتمنى أن يكون حافزا لجميع القوى السياسية في إعداد وصياغة مشاريعها ورؤاها مما يساعد في تعميق الحوار والمزيد من تقريب وجهات النظر بغية الوصول إلى برنامج موحد وواضح المعالم للتغيير في سورية الحبيبة ، والأفكار الواردة هنا إنما تصب في هذا الإطار .

1. مسالة الحريات

من الملاحظ أنه وفي معرض حديث الجماعة عن الحريات غياب ما يمكن تسميته بالحريات الفردية الأساسية والتي أعتقد أنها الأساس لأي حرية أخرى ، فورد في الباب الأول من المشروع "فإذا كانت حرية الاعتقاد حقا شرعيا فإن الحريات الأخرى ألزم وآكد" وذلك دون أي توضيح لماهية هذه الحريات الأخرى ، كما وورد في الباب الخامس "وإذا كان الإسلام يكفل للناس حرية اختيار عقيدتهم الدينية ، فمن باب أولى أن يكفل لهم حرياتهم السياسية" ، مرة أخرى تغيب الحريات الفردية . ونلاحظ أن غياب ذكر واضح ومباشر للحريات الفردية ترافق في المشروع مع التأكيد على "ضرورة المحافظة على كيان الأسرة وتماسكها". لا يختلف اثنين على ضرورة المحافظة على كيان الأسرة باعتبارها الخلية الأساسية الأولى في تكوين المجتمع واستقراره ، إلا أنني من الذين يعتقدون أن بنية الأسرة السورية (والعربية عموما) والعلاقات التي تحكم أفرادها بحاجة لمراجعة ونقد وإعادة نظر ، حيث تقوم هذه العلاقات على العموم على مبدأ القمع وسيطرة رب الأسرة إجمالا على قرارات الأسرة وسيطرة الأهل وتحكمهم بمصير ومستقبل أولادهم وسيطرة الأخ الأكبر على الأصغر وهكذا دواليك . وغالبا ما تمارس هذه العلاقات بقوة التقاليد التي تستمد مبرراتها من الدين . وهذا النمط من العلاقات لا يساعد على تنمية روح المبادرة الفردية وتشكيل الشخصية المستقلة التي تستطيع التحكم بمصيرها في مواجهة الواقع بوعي ومسؤولية ، فالاستبداد في مجتمعاتنا العربية ليس فقط ناتج عن تسلط الحزب الواحد أو القائد الملهم ، أي أنه ليس ذو طبيعة سياسية صرفة (رغم قناعتي أنه الاستبداد السياسي هو الاستبداد الأكبر والذي يجب إسـقاطه في المقام الأول) كما يبدو في التصور الذي قدمته الجماعة ، بل هو سلسلة من العلاقات القمعية تبدأ في أجواء الأسرة ثم المدرسة والعمل والنشاط السياسي وصولا إلى قمة هرم السلطة .

2. مسألة بناء الدولة الحديثة

يقودنا هذا التصور لإشكالية الاستبداد في مجتمعاتنا إلى مسألة أخرى من أطروحات مشروع الجماعة : بناء الدولة الحديثة . فأقرت الجماعة بالتعددية الثانية والدينية والعرقية والفكرية والسياسية كما أدانت الاستبداد السياسي بوصفه "عدوانا على كرامة الناس وحقوقهم" وتم التأكيد على بناء الدولة الحديثة كضرورة لتجاوز الأزمة الراهنة التي تمر بها سـورية ووضعت في هذا الإطار تصوراتها عن المرتكزات التي تقوم عليها الدولة الحديثة وهي أنها : 1- دولة ذات مرجعية "تعتمد الإسلام في أصوله العامة ، أساسا وطنيا عاما ، فهو عقيدة للمسلم الملتزم ، كما هو هوية حضارية عامة لغيره" ، 2- التعاقدية ، 3- دولة مواطنة "يتساوى فيها جميع المواطنون أمام القانون ، 4- التمثيلية ، 5-التعددية ، 6- التداولية ، 7- المؤسساتية ، 8-القانونية .

أعتقد أن غالبية الشعب السوري (الجميع باستثناء السلطة ومن حولها) يتفقون على أنه لا بد من هذه المرتكزات لتأسيسي الدولة الحديثة ، إلا أنني أعتقد أن " اعتماد الإسلام بأصوله العامة أساسا وطنيا" لا يمثل مرتكزا من مرتكزات الدولة الحديثة ، ومن المفيد التنويه في هذا السياق أن أي دولة أكانت حديثة أم غير حديثة لا بد لها من مرجعية ما تبرر من خلالها وجودها وسياساتها ، وأما عن الأساس المرجعي للدولة الحديثة فهو الشعب ولا يمكن أن يكون دينا أو فكرا سياسيا بعينه ، فالشعب (أي شعب) بكيانه الاجتماعي في حالة تغير دائم سياسي واقتصادي وفكري ولا بد لأنظمة وقوانين الدولة أن تعكس حالات التغير هذه وإلا أصبحت الدولة في جهة والشعب في جهة أخرى (كما هو حال سورية اليوم حيث تستمد فيها "الدولة" مشروعيتها نظريا على الأقل من فكر حزب البعث الحاكم) ، وبالنتيجة تصبح الدولة غير معبرة عن الكل الاجتماعي أي دولة فاقدة لمشروعيتها . إضافة لما تم ذكره أضيف أن اعتبار الإسلام مرجعية للدولة وجعلها أول مرتكزات بناء الدولة الحديثة (كما هو وارد في مشروع الجماعة) قد يفرغ باقي المرتكزات من مضمونها الحداثي-المدني إذا لم يتم توضيح المقصود بالأصول العامة للإسلام المراد لها أن تكون أساسا وطنيا عاما ، فعلى مر التاريخ الإسلامي تصارع في الساحة السياسية والفكرية عدد كبير من المذاهب والملل وكل له فهمه الخاص لمبادئ وأصول الإسلام ومازال هذا الصراع مستمرا حتى يومنا هذا ، ففي الماضي كان هناك إيلام سني وشيعي وخوارجي وأشعري ومعتزلي وغيرها ، والآن فهناك إسلام سني وسطي وسني سلفي وشيعي محافظ وشيعي إصلاحي وتيارات تمارس العنف باسم الإسلام وغيرها يدينه باسم الإسلام أيضا ، وخلاصة القول أنه لا يوجد اتفاق عام حول الأصول العامة للإسلام . وإذا كانت الجماعة تقصد أن الأصول العامة للإسلام هما القرآن الكريم والسنة النبوية - وهي تميز بينهما من جهة وبين اجتهادات الفقهاء على أساس أن الأولى قطعية والثانية خاضعة للمراجعة والنقد لكنها تغفل أن تعدد التيارات الإسلامية يعكس أول ما يعكس تعدد في وجهات النظر في فهم هذه النصوص القطعية – فهي أي القرآن الكريم والسنة النبوية لا يمكن أن يشكلا كنصوص قطعية هوية حضارية لغير "المسلم الملتزم" أي لغير المسلمين وللعلمانيين ، فما يمكن أن يشكل هوية حضارية للمسلمين ولغير المسلمين ، متدينين وعلمانيين هي الحضارة الإسلامية بكل تنوعها وبكل ما تحويه من نصوص مقدسة وغير مقدسة ويدخل في ذلك كل مساهمات الفقهاء والفلاسفة المسلمين على اختلاف آرائهم وتضاربها وليس في ذلك مثلا أولوية لأبو حامد الغزالي على أبو بكر الرازي أو ابن رشد على الرغم من الاختلاف الذي يصل درجة التناقض بين أفكار الثلاثة .

من هذه النقطة أبدء بمناقشة السياسات الدستورية المقترحة من قبل الجماعة والتي يؤكد بندها الأول على "الهوية العربية الإسلامية للمجتمع السوري" ويقر بندها الثاني أن "دين الدولة الإسلام وهو المصدر الأساس والمرجعية العليا للتشريع" وتأتي الفقرة الأخيرة من هذا البند لتؤكد أن "الشعب هو مصدر السلطات" . نلاحظ أنه الحديث في البند الأول قد اقتصر على الهوية وليس على المرجعية ولا يختلف على ذلك اثنان ، لكن البند الثاني يقترح دينا للدولة وهو الإسلام ، وهذا برأيي يضرب الأساس الذي تقوم عليه الدولة الحديثة ، والتي أساسها تعاقد بين مواطنين أحرار على اختلاف انتماءاتهم المذهبية والعرقية ومشاربهم الفكرية والسياسية ، متساوين في جميع الحقوق من حق الترشح لرئاسة الجمهورية إلى أبسط الحقوق الفردية ، فإقرار دين للدولة لا ينسجم مع الدولة الحديثة في أي مكان أردنا بناء هذه الدولة . وإذا أخذت في الاعتبار خصوصية المجتمع السوري بتعدده الديني والمذهبي يمكننا القول أن "فرض" دين للدولة سيستبعد لا يقل عن 10% من المواطنين السوريين من مجرد الحق في الترشح لرئاسة الجمهورية وهذا لوحده كفيل بضرب أساس تساوي جميع المواطنين في الحقوق الذي تقر به الجماعة في أكثر من موقع في مشروعها ، إلا إذا كانت الجماعة تعتقد بجواز أن يرأس مسيحي مثلا دولة إسلامية! وبالتالي فهل تقبل الجماعة بتخفيض مواطنية المسيحيين الذين تعتبرهم شركاء للمسلمين في الوطن والمصير ، بينما تقر دولة العدو الصهيوني بهذا الحق لكل من يحمل الجنسية الإسرائيلية حتى وإن لم يكن يهوديا؟! وليس غائبا عن أحد كيف استخدم المثقف العربي عزمي بشارة هذا الحق لإيصال رسالة سياسية حيث رشح نفسه لرئاسة الحكومة الإسرائيلية ثم انسحب قبل يوم من الانتخابات .

3. مسألة التربية والهوية الحضارية

من الواضح تماما أن الجماعة قد فصلت إلى درجة كبيرة بين سياساتها التربوية وسياساتها التعليمية ، ويبدو أن هذا الفصل (وإن جاز إجرائيا) قد نتج عن خلل في النظرة إلى العملية التربوية (وهذا الخلل غالبا ما ينتج عن نظرة ايديولوجية إلى الواقع والعالم ككل وهو جلي في سياسات الحكومات العربية عموما) .

إن التربية والتعليم هما كلمتان متداخلتان في مدلولهما الواقعي فنمط التربية هو المحدد الأول لأسلوب التعليم عموما وأساليب نقل المعلومات خصوصا ، كما أن التعليم يلعب دورا هاما في إعادة صياغة العملية التربوية . ويبدو أن هذا الفصل بين سياسات تعليمية وتربوية يقوم لدى الجماعة على اعتبار أن التعليم هو مسألة ذات علاقة بما يسمى العلوم التطبيقية من طب وهندسة وما يتبعها من مستلزمات كالأدوات والمخابر ، أما التربية فهي مسألة متعلقة ببناء الهوية وهذا ما تؤكده السياسات التربوية التي اقترحتها الجماعة والتي تسعى إلى "ترسيخ الهوية العربية الإسلامية" وإعداد الطالب الذي يحمل المنظور الإسلامي للمعرفة" و"المحافظة على الهوية العربية الإسلامية" وما إلى ذلك . ولا يعكس هذا في الواضح أي تقدم في فكر الجماعة على أطروحات مفكرين عصر النهضة الإسلاميين كالشيخ جمال الأفغاني والشيخ محمد عبده ، فهو ما يزال ينظر إلى الآخر (الغرب مثلا) وكل ما ينتجه من معارف وعلوم وأفكار نظرة فصامية تقوم على شطر نتاجه إلى نصفين : الأول وهو العلوم التطبيقية كالطب والهندسة وهو مقبول باعتباره "حياديا" تجاه مسائل الهوية والعقيدة الدينية ، أما الثاني فهو النصف المتعلق ببناء الذات والهوية الحضارية أي ما يمكن تسميته بالعلوم المعيارية كعلم النفس والاجتماع عدل عن الفلسفة والأخلاق أي كل ما يتعلق بقضية التربية كما هي مطروحة من قبل الجماعة ، وهذا الجزء غير مقبول باعتباره "كافرا" أو غير منسجم مع هويتنا الثقافية أو الدينية والتي تظهر وكأنها بطن مغلق لا يقبل التغير والتغيير ، وهذا ما عبر عنه بـ "المنظور الإسلامي للمعرفة" كما ورد في مشروع الجماعة . فالجماعة بهذه السياسات التربوية لا تحل المشكلة بل تستبدلها بأخرى حيث تنقلنا من منظور للمعرفة ايدولوجي قومي عربي إلى آخر إسلامي ، وبين هذا وذاك تضيع الحقيقة باعتبارها نتاج العلم المجرد عن أي هيمنة ايدولوجية . فالمنظور القومي العربي للمعرفة يريد مثلا "إعادة كتابة التاريخ بما ينسجم مع مصالح الأمة العربية* " وطبعا فمصلحة الأمة العربية لا بد أن تكون مصلحة الحزب ولن تعكس إلا رؤية قومية آيدولوجية للتاريخ . مثلما أن "المنظور الإسلامي للمعرفة" في حال أسقط على التاريخ الإسلامي مثلا فلن ينتج إلا قراءة آيديولوجية إسلاموية تشطب كل ما يخالف الأحكام المسبقة لهذه الايدولوجية ، وبذلك فلن نتقدم خطوة واحدة على طريق إعادة كتابة تاريخنا بناء على فهم موضوعي محايد للتراث .

وما يدل على صحة ما تقدم من تحليل هو ما تقترحه الجماعة من "الحرص على تعريب وأسلمة العلوم والمعرفة مع عدم التفريط بتعليم اللغات الأجنبية" ، وإذا كان هناك إجماع واسع على ضرورة تعريب العلوم والمعارف لما لذلك من أهمية في تطوير لغتنا العربية لترتقي لمستوى التحديات التي يفرضها التقدم الهائل والسريع في كافة جوانب العلم والمعرفة وهذا لا بد أنه يتطلب "عدم التفريط بتعلم اللغات الأجنبية" ، إلا أن أسلمة العلوم شيء مختلف . فالتعريب قضية تتعلق بالدرجة الأولى باللغة واللغة هي وعاء الفكر ووسيلة أساسية لاكتساب العلم والمعرفة وهي حيادية إلى درجة كبيرة ، أما الأسلمة فتتضمن إيمان بوجود علاقة تربط العلم بالدين بل بدين بعينه وهو الإسلام ، وهذه قضية مضللة وأكبر دليل على ضلالها أن المسلمين هم من أقل من ينتج العلوم والمعارف .
والواقع أن هذه المسألة تحمل في طياتها شعارا آيدولوجيا يقر بأن الإسلام هو الحل ليس فقط للحكم السياسي الصالح فحسب بل وأيضا لإنتاج العلوم والمعارف "الصالحة" أيضا . إلا أن الشيء الوحيد الذي يمكن أن تؤدي إليه عملية أسلمة العلوم والمعارف في الواقع هو تزييف الوعي العلمي وتقييد حرية البحث لدواعي دينية بحتة . ومثال ذلك ما يتردد عن الطريقة التي يعرف بهما المستقيمان المتوازيان في كتب الرياضيات في إحدى الدول العربية وهو أنهما "مستقيمان لا يلتقيان بإذن الله وإن التقيا فلا حول ولا قوة إلا بالله!" . كما تمدنا الطرقة التي تعامل بها بعض فقهاء المسلمين مع قضية الاستنساخ بمثال آخر حيث حرم الاستنساخ ليس لدواع أخلاقية مثلا ، بل لوجود شك في أن العملية قد تثبت أن الإنسان أيضا وليس الله فقط قادر على خلق الحي من الميت!

ختاما ربما من المفيد التنويه بأن المقالة قد خرجت قليلا أو كثيرا عن المناقشة المباشرة السياسية لنص المشروع ، إلا أنني أعتقد أن ذلك كان ضروريا لتعميق الحوار والكشف عن الرؤى والدفع بها إلى نهاياتها ، الأمر الذي يعمق الفهم المتبادل بين مختلف اتجاهات الطيف السياسي الذي يطمح لبناء تصور موحد وتحديد آليات مشتركة للخروج بالبلاد والعباد من المأزق الذي تعيشه والذي نتمنى أن يتم بسلم وبأقل الخسائر الممكنة خاصة وأن السلطة لا تبدو متجاوبة مع أبسط المطالب الإصلاحية الأمر الذي يعقد الصورة ويزيد المصاعب أمام القوى الإصلاحية التي من واجبها التصدي لبؤس هذا الواقع وتغييره بما يتوافق مع مصلحة الكل الاجتماعي وليس مصلحة فئة أو شريحة أو طائفة .


* كان هذا عنوان ندوة عقدت في قسم التاريخ بجامعة دمشق عام 2001 .



#عدي_أبو_جمال (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال ...
- آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عدي أبو جمال - فراءة في المشروع الحضاري للإخوان المسلمين