|
وقت تحرك إعلاميي التليفزيون ومصريي الخارج
هويدا طه
الحوار المتمدن-العدد: 1244 - 2005 / 6 / 30 - 14:25
المحور:
الصحافة والاعلام
هذا الشهر أطلق حزب الغد إذاعة من موقعه على الإنترنت.. وسماها أيضا إذاعة الغد، بالطبع من الظلم للقائمين عليها مطالبتهم بتوفير (خدمة إذاعية) حقيقية.. تنافس محطات الإذاعة الأخرى دولية أو حتى محلية.. من إذاعة بي بي سي إلى إذاعة كفر هريدي، فمحطة إذاعة الغد هي إذاعة محدودة الإمكانيات.. هي حتى ليست محطة بالمعني المفهوم لهذه الكلمة، فهي اجتهاد شخصي.. وفرت له إمكانيات الإنترنت فرصة توصيل صوت ما، لكنها خطوة جيدة ورخيصة التكاليف من أجل تواصل أكثر قربا وجرأة مع المواطنين.. إن تبنت بالفعل قضايا المواطنين.. وإن كانت تشترط بالطبع أن يكونوا إلى جوار أجهزة الكمبيوتر.. أي أن مشهد الفلاح في الحقول والغيطان وهو يدير مؤشر الراديو كي يستمع إلى بيانات من نوع ما.. هو مشهد لن تحققه إذاعة الغد، فالمستمعون إليها سيكونون في غالبيتهم من الطلاب والقابعين أمام شاشات الكمبيوتر. لكن بضعة أيام من متابعة هذه الإذاعة الإنترنتية.. تجعلك تشعر أنك أمام إذاعة (ملاكي) هدفها خدمة شخص واحد هو أيمن نور.. صاحب الإذاعة والحزب والموقع، رسائل تبث طوال الوقت (تظلما) ضد ملابسات قضيته هو.. تختلط فيها الأمور لتصبح (قضية أيمن نور) عنوانا لقضايا.. هي في حقيقتها أكبر من اختزالها فيما يراه هو ظلما له، بالطبع يتعاطف الكثيرون معه فيما حدث له على أيدي (قوات الحكومة).. رغم الاختلاف معه ومع توجهاته وحتى مع رؤيته للتغيير، لكن الاختلاف في الرؤى لا يمنع التعاطف مع حقوق الإنسان في التعبير عن نفسه وعن طموحاته، ولا يمنع حتى التحالف مع المختلفين.. ضد ظلم أكبر يطال الجميع.. ورغم هذا التحفظ على (شخصنة) إذاعة الغد.. فإن انطلاقها يفتح الباب لحلم أكبر في هذا المجال.. طالما أننا نعيش أيام الأحلام الكبرى في مصر هذه الأيام، حلم أن (يصحو) إعلاميو الإذاعة والتليفزيون المصرييّن.. ليتمردوا على طريقة عملهم في هاتين المؤسستين الإعلاميتين الضخمتين العريقتين.. ليتمردوا على أسلوب سوقهم سوقا ً إلى ميكروفونات الإذاعة وشاشات قنوات التليفزيون.. لينطقوا بلسان نظام فاشل جائر ضد المصريين وقضاياهم الحقيقية.. فطالما فكت عقدة المصريين.. منذ انطلاق الصرخة الأولى.. التي أطلقها شباب حركة كفاية في الثاني عشر من ديسمبر الماضي.. حتى بات لهم الفضل الذي لن ينكره التاريخ في خروج فئات مختلفة من الشعب المصري.. منذ ذلك الحين.. أطباء من أجل التغيير.. محامون من أجل التغيير.. صحفيون من أجل التغيير.. شباب من أجل التغيير.. نساء من أجل التغيير.. صبيان وبنات من أجل التغيير.. إلى آخره من مختلف فئات الشعب المصري.. فلماذا لا يصحو موظفو وإعلاميو ومذيعو ومذيعات الإذاعة والتليفزيون المصرييّن.. والمخرجون والفنيون وكل من يعمل في هاتين المؤسستين.. ليتمردوا ويعلنوا أنهم هم أيضا.. إعلاميون من أجل التغيير.. وليعملوا على تكسير عصا الحكومة التي تضلل بها المواطنين.. وتحذرهم وتخيفهم وتكذب بها عليهم.. وليصبحوا جزء هاما من حركة التغيير الشاملة.. بل ليصبحوا لسان حال الشعب المصري وليس لسان مبارك وعصابته.. ليكن هناك إضراب عن العمل إن لم يبعد النظام قبضته عن الإذاعة والتليفزيون.. ليصبح عصيانا للنظام وانضماما للناس.. خاصة أننا مقبلون على صيف ساخن بل ملتهب.. يريد فيه مبارك وعصابته الاستمرار في سرقة المصريين ثروة وعقولا.. لماذا لا تكون هناك حركة إعلامية للتغيير داخل التليفزيون والإذاعة المصرييّن.. تفرض على النظام المتهالك فرضا.. أن يبتعد عن الوسيلة الأكثر نجوعا في الوصول إلى كل الناس.. في كل المدن والقرى والنجوع.. نتمنى ألا يقتصر حلم الوصول إلى الناس على إذاعة إنترنتية محدودة همها الدفاع عن صاحبها.. وهذا حقه على كل حال.. نتمنى أن تأتي الانتخابات المقبلة.. وإعلاميو الإذاعة والتليفزيون المصرييّن.. أحرارا من قبضة هذا النظام المتداعي.. حتى يتمكن المواطن المصري بالفعل.. من مشاهدة التحول الحقيقي على شاشات قنواته المصرية العديدة.. رغم أنف مبارك وصبيانه.. وحتى يستطيع الفلاح المصري في الغيطان.. أن يستمع بالفعل.. عبر إذاعته العريقة.. إلى بياناتٍ.. من نوع ٍ آخر..
** والمصريون في الخارج أيضا: تحركت إذن فئات مختلفة من الشعب المصري.. لتعلن فعليا وحركيا.. وليس بالأماني المسجونة في الصدور.. الرغبة في التغيير الشامل.. في بلد لم يكن ليستحق أن تصل أوضاعه إلى هذه الدرجة من العفن على يد هؤلاء القابضين عليه.. لكن هناك فئة خاصة من الشعب المصري مازالت مترددة في الانضمام إلى الحركة الأم الشاملة.. المصريون في الخارج.. الذين يبحثون عن مصر في كل نشرة أخبار وكل قناة فضائية وكل جريدة.. والذين يقدر عددهم بنحو ستة ملايين مواطن مصري هج من البلاد.. بحثا عن الرزق أو هربا من القمع.. لكنه وهو في الخارج.. سواء كان حاله مترفا أو مستعبدا.. سواء كان مبعدا أو بعيدا.. سواء كان راغبا في العودة أو زاهدا.. سواء كان ممنوعا من العودة أو يائسا.. فإنه على اختلاف حاله من فرد إلى آخر.. مواطن مصري.. تشده مصر شدا.. يتلهف على أخبارها.. يتمنى لها أن تعود.. مصر التي في خاطره وفي دمه.. هؤلاء المصريون في الخارج ربما يتيح لهم بعدهم عن قبضة البوليس أن يقدموا شيئا.. وربما يتيح يسر الحال لبعضهم أن يساعدوا في شيء.. وخاصة بعض العاملين في منطقة الخليج.. صحيح أن حال العاملين في الخليج ليس دائما (ميسورا) بالصورة التي كرستها أفلام السينما طوال العقود الثلاثة الماضية.. لكنهم يستطيعون تقديم شيء ما.. إن لم يكن ماليا.. رغم أن هذا فرض عين وطني.. فإنهم بالطبع يستطيعون (المساهمة في هدم) هذا النظام المتكلس.. إعلاميا وتنظيميا وغير ذلك، لهذا قد تبدأ في الأسابيع المقبلة.. وهذا ما نأمله.. حركة في منطقة الخليج.. باسم (مصريون في الخارج من أجل التغيير) أو ربما (مهاجرون من أجل التغيير) على رأس مطالبها.. عدم تجاهل أصوات المصريين في الخارج في الانتخابات المقبلة.. فهذا حق دستوري.. سكت عنه المصريون أيام (الموات) السياسي في مصر خلال العقود الماضية.. لكن مصر الآن تغلي.. وهؤلاء وإن كانوا بعيدين عنها مسافة.. فهم ليسوا بعيدين عنها انتماء وعاطفة وأملا في المستقبل.. وحق التصويت هو حق يستحق الدفاع عنه.. لكن (حق التصويت) ليس هو مطلبهم الوحيد.. وإنما أيضا يزمع هؤلاء تأسيس صندوق بمساهمات مصرية خالصة.. يهدف إلى (دعم ضحايا العنف الحكومي في الوطن الأم.. مصر)، هذه المساهمات ليست بالضرورة كبيرة.. فهي لا تهدف إلى تأسيس دولة وليست أسهما في شركة أو ما شابه.. وإنما تهدف إلى التعبير عن (تكافل) وتضامن.. مع هؤلاء الذين تتعرى صدورهم وأرزاقهم أمام هراوات (قوات الحكومة) في معركة غير عادلة.. يتعرض فيها الشباب والنساء للضرب والاغتصاب والتهديد بقطع الأرزاق.. الضئيلة أصلا.. هذه معركة شعب كامل مع الفساد واللصوص والإذلال والإفقار.. والمصريون في الخارج هم جزء من هذا الشعب.. ليسوا كلهم أغنياء.. وليسوا كلهم مترفين.. وغالبيتهم مهمومة بالوطن وما يجرى فيه.. و(دور الفرجة) عيب عليهم.. يرفضوه، لكن معظمهم لا يعرف (كيف) ينضم إلى حركة تنظم مطالبهم وتفعلها.. وهذه الحركة المأمولة- إن تأسست بالفعل- لا علاقة لها بالدول التي يقيمون فيها ولا بسياساتها ولا بعلاقاتها الرسمية مع النظام المصري.. هي حركة (تواصل) بين فئات شعب.. شاءت ظروف تمزيقه في العقود الماضية أن تكون فئة مصريي الخارج بعيدة عن الوطن الأم.. مسافة وليس روحا وقلبا وعاطفة ومصالح.. المصريون في الخارج إذن.. مطالبون ببدء التحرك لدعم الحركة الأم في الداخل.. وربما يكون العائق الوحيد أمام هذه الحركة.. ليس تخاذل المصريين في الخارج.. فكثيرون منهم بات الآن رافضا لأن تكون علاقته بما يجري في مصر قاصرة على متابعة الفضائيات.. ويريد أن يفعل شيئا.. وإنما موقف الدول المضيفة لهم.. قد تكون هي العائق الأكبر.. وخاصة دول الخليج.. التي (تؤثر) عدم وضع نفسها في موضع الخصومة مع النظام المصري، وقد يخشى المصريون العاملون فيها على أرزاقهم.. إن هم (مارسوا) نشاطا سياسيا تتحسس منه الدول المضيفة لهم.. لكن حتى هذه الدول.. أو بعضها على الأقل.. استطاع أن (يستشرف) الوضع في مصر.. واستطاع أن (يقدر) أن عصرا في مصر ينتهي ليحل محله آخر.. وأن حركة منظمة للمصريين العاملين فيها.. لا تستهدفهم وهم الدول التي استضافتهم وقت طردتهم أو طاردتهم بلدهم الأم مصر.. لذلك لن تخشى هذه الدول- أو هكذا نأمل- من (تبعة سياسية) لمثل هكذا حركة مصرية تنشأ (الآن) في مثل هذه الظروف.. أما المصريون العاملون أو المقيمون في دول أوروبية.. فإن التحرك السياسي والتنظيمي لهم قد يكون أقل صعوبة من المصريين في دول عربية.. بسبب الطبيعة الديمقراطية الحقيقية لهذه البلدان وسيادة القانون فيها.. لكن المهم في هذا الأمل.. ألا تكون هناك (حركات) للمصريين في الخارج، (فحركة) واحدة قوية وفاعلة هي أفضل من حركات متفككة ضعيفة.. يصب ضعفها لصالح نظام.. يصر بغباء على تجاهل حتمية سقوطه.. رغم كل تلك الدلائل على النهاية.. فإذا كان المصريون في الداخل يواجهون بصدورهم قوات البوليس الغاشمة.. واستطاعوا أن يطلقوا شرارة البدء الأولى.. فالمصريون في الخارج الذين تعشش مصر في قلوبهم.. ولن تخرج منهم حتى لو أرادوا، عليهم الاستجابة.. وإلا ماذا يعني كلام المغترب عن عشق الأوطان.. إن لم تكن أكتاف العاشق- في لحظة مواجهة مع قطاع الطرق- قادرة على حمل معشوقته؟!!
#هويدا_طه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مشاريع تنتهي وأخرى تبدأ:مطلب التغيير بين هيكل والظواهري وأم
...
-
كفاية تتعولم
-
بين عدو خبيث وعدو شرس: أم مكلومة في ابنها القاتل وأخرى في اب
...
-
دعوة لتأسيس فضائية مصرية بعيدا عن فضائيات البترول
-
ختان البنات في مصر: دعونا ننقذ غدير
-
لا الفرنسية فضحت قبح نعم المصرية
-
عبد العزيز مخيون مرة أخرى: ليس أول مناضل يدفع ثمن انحيازه لل
...
-
السياسة المصرية: بلطجة من جهات سيادية عليا
-
رحيل المطرب محمد رشدي: خايف؟.. لا واللاه ما انا خايف.. ما ان
...
-
الرد الأمريكي على نظيف: إشكي مش حاسأل عليك.. إبكي مش حارحم ع
...
-
شعب يصبر خمسين سنة ويقول دول فكة: مظاهرات عزل الوالي في التا
...
-
بعد انتفاضة القضاة: هل تنضم الشرطة المصرية إلى معركة التغيير
...
-
تحفظ الفضائيات تجاه الملف المصري: رهان على حصان الحكومات الخ
...
-
حركة كفاية تدشن مرحلة انتقالية في حياة الشعب المصري
-
لحظة التغيير تفرز فنان الشعب وفنان السلطة: في الفرق بين عبد
...
-
حرب المظاهرات المصورة: مظاهرات الحكومة: مش كفاية مش كفاية اح
...
-
شهادة مبارك للتاريخ.. تعليقات الناس أجمل نتائجها
-
التصوف: هيجانات نفسية واجتماعية باسم الدين
-
تأملات حول البابا الجديد: العلمانية تمنح الدين وجها متسامحا
...
-
!الريس يلجأ إلى شعبولا: الشعب اختار مبارك.. من غير نعم ولأ..
...
المزيد.....
-
الأنشطة الموازية للخطة التعليمية.. أي مهارات يكتسبها التلامي
...
-
-من سيناديني ماما الآن؟-.. أم فلسطينية تودّع أطفالها الثلاثة
...
-
اختبار سمع عن بُعد للمقيمين في الأراضي الفلسطينية
-
تجدد الغارات على الضاحية الجنوبية لبيروت، ومقتل إسرائيلي بعد
...
-
صواريخ بعيدة المدى.. تصعيد جديد في الحرب الروسية الأوكرانية
...
-
الدفاع المدني بغزة: 412 من عناصرنا بين قتيل ومصاب ومعتقل وتد
...
-
هجوم إسرائيلي على مصر بسبب الحوثيين
-
الدفاع الصينية: على واشنطن الإسراع في تصحيح أخطائها
-
إدارة بايدن -تشطب- ديونا مستحقة على كييف.. وترسل لها ألغاما
...
-
كيف تعرف ما إذا كنت مراقبًا من خلال كاميرا هاتفك؟
المزيد.....
-
السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي
/ كرم نعمة
-
سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية
/ كرم نعمة
-
مجلة سماء الأمير
/ أسماء محمد مصطفى
-
إنتخابات الكنيست 25
/ محمد السهلي
-
المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع.
/ غادة محمود عبد الحميد
-
داخل الكليبتوقراطية العراقية
/ يونس الخشاب
-
تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية
/ حسني رفعت حسني
-
فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل
...
/ عصام بن الشيخ
-
/ زياد بوزيان
-
الإعلام و الوساطة : أدوار و معايير و فخ تمثيل الجماهير
/ مريم الحسن
المزيد.....
|