|
أشباح الفكر وجهابذة الفتن
دروست عزت
الحوار المتمدن-العدد: 4377 - 2014 / 2 / 26 - 15:01
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
من مئات السنين والناس تدعوا آلهتها لتغفر لها وتلبي ما ترغب فيه عند حاجتها .. لا أحد يعرف هل غفرت الألهة ذنوبها أم أستجابت لحاجتها أم لا ... فعند أية ضايقة أو عجز أو مصيبة تلتجأ الناس إلى الدعاء والرجاء والتوسل لدرجة إلغاء ذاتها مقابل ما تطلب من إلهها .... هذا هو ما تعلمه الناس منذ ولادتهم وهي ترى نفسها ضعيفة خائفة قلقة أمام سر الكون ومفهوم الإله ... حتى ظهر لها من ترشدها وتخفف عنها ما كانت تقلقها وتحيرها في فهم هذا السر ... فالتجارب والحاجة والقلق والظروف والصراعات من قتل ٍ وغزوات ٍ بين الأقوام هي التي أفرزت المرشدون الذين أرسلوا أنبياءً إلى أقوامهم الذين أحسوا بخطأ وخطر ما يجري من الهتك والفتك لبعضها ... كانوا هؤلاء المرشدون أما هم كبير قوم ٍ أوأعقلهم وأكثرهم وعيا ً وأتزانا ً وأخلصهم وأشجعهم في مواجهة الواقع الذي كانوا يعيشونه وكل منهم حسب واقعه ومكانته وقوته وذكائه ... فمنهم فشلوا في تحقيق ما ادعوه لأسباب ٍ عديدة ... منها كانت الناس لا تصغي إلى معتقداتهم ومنها واجهوا خصمهم ٍ كان أقوى منهم ... ومنهم من كانوا يموتون قبل أن يشكلوا أية قوة تحمي أفكارهم ومعتقداتهم من قبل مريديهم وتلاميذهم لما كانوا يطرحونه من وصاياهم ورسائلهم ... فتنوع الأنبياء من هذه الشاكلة وأزدادت أعدادهم وأرشدوا الناس على الخير والمحبة والتعاون ... وفسروا ما كانوا قد أقتنعوا به بمقدار فهمهم لواقعهم للناس كي تعتق من مفاهيمها التي فرضت عليها من الطبيعة نتيجة جهلها بأمورالطبيعة والخوف والقلق منها وغموض التفسيرات لديها وعدم فهما لما كانت تراه من الشمس والقمر والفيضانات والعواصف والنار والأمراض والموت والولادة ... فكل هذه التفسيرات والتعقيدات خفت عنها من مرشديها وكل منهم حسب وجهة نظره للحياة وفهمه للواقع أوحاجته للأستقرار ... وهكذا أستمرت الحياة وبقي لكل من هؤلاء الذين استطاعوا أن يخطوا مرحلتهم بسلام ٍ والحفاظ على ما كانوا يطرحونه من الوصاية تاثيرا ً على محيطه الذي سرعان ما كان يتأثر بهم نتيجة الظلم والجهل والواقع المؤلم الذي كانوا يعيشونه وقتها ...ورويداً رويداً بدأ من جاؤا من بعدهم من مريديهم أو تلاميذهم أستغلوا وصاياهم وافكارهم ليضعونها تحت مخالب مصالحهم وغاياتهم وبنوا بأسم هذه الوصايا بيوتا ً للعبادة وللتقوة وجعلوها غرفة عمليات ٍ للأبتزاز والإستغلال الضعفاء والجهلة حتى وصلت معهم بأن يبيعون أراضي الجنة للناس وتتدخلوا في كل صغيرة ٍ وكبيرة ٍ في أمور الناس ... وبدأوا يتشعبون في غاياتهم النفعية من زواج ٍ إلى طلاق ٍ ومن لادة طفل ٍ وحتى موت شيخ ٍ ومن بناء بيت ٍ أو زراعة أرضا ًوكل هذه المواضيع كانت تحتاج إلى بركاتهم ومن البركة كانت تقوى شوكتهم ضد المجتمع ... حتى أصبحوا اليد العليا لبعض القياصرة والأمبراطوريات والملوك ... لدرجة أن وصلوا حتى السيطرة على بعض من هؤلاء ... وكان الأمر المطلق بيد رجال الدين في كل شاردة وواردة ومنها رسوم بركاتهم وضرائبها .... وأستمرت سنوات ومن ثم أنقسمت عن بعضها البعض مذاهبا ً وطوائفاً ً ومللاً وتصارعت وتأكلت من جسمها بأضراسها هي حتى بقيت النفعية هي الغاية والإله هو الوسيلة ... فحاربت الأديانَ الأديانْ التي كان ربهم واحد .. وتصارعت المذاهبْ المذاهبَ في دين ٍ واحد .. وأنقسمت المذاهب على نفسها إلى الطرق والصوفية وكل منها تغني مواويل الكروش والقروش والعروش وبقيت الشعوب المسكينة تحت نير ظلام أفكار هؤلاء الأشباح وجهابذة الفتن والخداع والنفاق حتى بدأ الشراين الغضب والفقر تنبض في قلوب الجياع والمظلومين المهمشين ضد كل هؤلاء وضد أديانهم التي ما بقيت إلا لمنفعة ٍ وبروزة ٍ ووجاهة ٍعلى حساب مجتمعات ٍ من الأغنياء والفقراء ... وكان كلا الطبقتين تتأكل من أكتافها عند هؤلاء الجهابذة وبالأخص الطبقة الفقير المزدوجة التأكل من قبل هؤلاء والأغنياء ... وبدأ المواجهة صريحة ضد هؤلاء وضد كل ما كان يطرحونه بسبب أفعالهم القذرة ومعاملتهم وطبائعهم ونفاقهم وخداعهم ... فانهزموا في أماكن ٍ وتغير في أماكن س أخرى من أساليبهم وتعاملهم حتى وصلت معهم القبول بفصل الدين عن الدولة ... الدين الذي كان هو الدولة وبديل للإله في الأرض ... قبل أخيراً بأن يكون للإرشاد والتبشير وخدمة العامة من خير ٍ ومساعدة ٍ وسند ٍ للمعوزين ... برغم إن هؤلاء غير راضون بذلك ولكنهم قبلوا بما كان وأصبح أمر الواقع عليهم ... وعرف هؤلاء بأن رفضهم للواقع هو موتهم لذلك رضخوا للقبول وليس قناعة بذلك ... وسيحاولون بقدر الإمكان الرجوع إلى ماضيهم إذأ أطحت لهم الفرصة ... لأن الغاية عندهم هي النفعية والعيش المريش على حساب الله والمجتمع وليس الهدف هو الله كما يدعون .... ولكن برغم كل التغيرات لصالح المجتمع مازالت الناس تمارس نفس القناعات القديمة التي رسخت فيهما نتيجة الخوف والترهيب المؤدلج لدى هؤلاء الكهنة والشيوخ وطيورهم المريشة المزخرفة بالأيات والوصايا .... ومازالت تدعي على طريقتهم عند الحاجة والضعف ومازالت تلتجىء إليهم برغم كشف حقيقتهم وهياكلهم المعبئة بالفساد والفتن والإستغلال دون شفقة منهم وخوف ٍ من الله ... وبرغم إننا ندرك بأن المرء إذا مُرِضَ وأزداد مرضه ... لا يشفيه إلا أيادي بشرية مثلنا أما بماله أو بمساعدة من غيره وقد يشفى نتيجة ظرف ٍ ما أو لحالة نفسية ... وإن لم يستطيع شفاءه يبقى عليلاً مريضاً هزيلاً معاقاً... حينها ما نفع الدعاء والإتكال والأستسلام حتى الإذلال ومسخ روح المرء ... والرزقُ إن لم تجّد أنتَ وتعمل من أجله لا تحصل عليه بالسهولة ولا يأتي من الباب بدون التعب والسعي َ... وبمقدار ما تقدم من جهود ٍ تحصل على ما يناسب تلك الجهود ... وقد يعيق الإنسان ظرف ٍ ما أو عوامل أخرى برغم الجهود التي يبذلها وربما تكون التقديرات لا تتناسب مع الجهود او المرحلة أو المكان أوالمنافسة ... ودوما ً ومنذ ولادة الكون بقي الصراع بين المُستَغِلين والمُسَتَغَلين وبين من يملك ومن لا يملك وما كانت النتيجة الأخيرة إلا وهي أما الأتفاق بين المُستَغِل والمُستَغَل بشروط العيش المشترك وتلبية الخدمات اللازمة للعيش اللائق للمُستَغَل وأما إلغاء طرف على حساب طرف ٍ آخر... ويبقى الصراع مستمراً ويكون الأقوى هو المتسلط على الرقاب من كلا الطرفين ... وإن فقد العدل في حكم من يتسلط على المجتمع ...فلا يأكل الرزق غير الفاسدين والمتكبرين والأنانيين والأنتهازيين وصيادي الفرص في الحكم ... من الذين لا يحترمون إنسانية الإنسان ... فالناس تقاس بفعلها لا بما تطرحه قولاً ولا النظريات ... فالسيء هو سيء من أي قوم ٍ كان وأينما يكون وفي أي مقام ٍ كان ... وكذلك الجيد هو جيد ٌ من أي قوم كان ... وهنا وفي هذه الحالة لا دور للآلهة لا في الفعل ولا في القول ... وما إستخدام كلمة الإله إلا إستغلالاً من قبل بعض الفئات التي مع الزمن أصبحت شريحة ومن ثم طبقة بحد ذاتها في كل الأمم تدافع عن مكانتها ومصالحها وليست عن عقيدتها التي هي أصلاً هوية للمبتذل الذي يستخدم الإله باسم العقيدة كسلاح ٍ يصطاد به أرزاقها... وهذه الطبقة تعيق التطور والفكر وتشل طاقات من البشرفي الخزعبلات والأوهام والهوس التي هي بنفسها لا تؤمن بها بل تصنعها كي تبقى من يحيط بها راضخة خنوعة مشلولة تلبي طلباتها لأنها تعمل من أجل البقاء على ما فيه من النِعَمِ ... وهي لا تريد ولا لها رغبة بأن تقدم الجديد للمجتمع إلا إذا فرض عليها شروط الحياة وضاق عليها الدائرة ... من ثم تتأقلم مع الجديد بحجها المصطنعة للحفاظ على مصالحها وبقائها ... فإن أستطاعت أن تهدم ما تبنى جديداً ًعلى بساطها لفعلت ... لأن الجديد يطيح بها وبأفكارها التي لم تعد تفيد إلا لها وللموهمين والمهوسين تحت الترغيب والترهيب ... فلذلك هي أذكى من مريديها ففورا ً تقبل وتتصنع وتتأقلم مع الجديد المفروض عليها نتيجة التطور المجتمع وحاجته للتغير والتبديل بسبب الوعي والفهم في أسرارالكون التي تتوضح يوما ً بعد اليوم للإنسان وتكشف عيوب هذه الطبقة المتكلة المبتذلة المستغلة شعوبها ... والتي تدعي الضمير من خلال الله وهي خالية من الضمير والإيمان ولاتخاف الإله ولا محاسبته لها كما تدعي ليلا ً ونهارا ً... فلو خشيت هذه الطبقة من الله وكانت مؤمنة بما تدعي لما فعلت ما تفعل في المجتمع من كبح الدماغ وغسله بالترهيب والترغيب ولما حافظت على قديمها التي هي وحدها تستفيد منها ولا تفيد المجتمع .... ولا ننسى بإنها هي إحدى الأسباب الرئيسية في تقسيم المجتمع ووسع الفجوات وزيادة الحقد والكراهية بين الناس بأسم الإله وكتبه ... فتخلق الفتن والكراهية بين فئة و فئة وبين مذهب ٍ ومذهب وبين طائفة ٍ وطائفة وتشتت المجتمع وتضعفه لصالحها وأحياناً لصالح بعض جهات ٍ كي تسيطر على القوى الأجتماعية التي تدخل أولا ً وأخيراً ً ضمن مصلحتها ومكانتها .... وهذا يظهر بوضوح في أدعية التابعين لها من الخنوعين المسيرين الحاقدين المنافقين والجهلة البسطة المخلصين الذين لا يفقهون أبعاد ما يدعون بل يرون فيها وكلاء عن الله في الأرض ... فالدعاء الذي تدعونه لآلهتكم ( إلهكم ) كي يساعدكم ويَقبلُ منكم رجائكم ويلبي لكم ما تطلبونه منه .... من الأفضل أن يشمل جميع البشر دون فئة عن غيرها ... وإذا شمل الكل افضل من أن يشمل قسم منه وحتى إن لم ينتمون إليكم وبالتأكيد أنتم لستم أفضل المخلوقات على الأرض ولستم أفضل من غيركم ... لأن الكل خلقَ الله على الأرض وليس من المعقول أن يميز الله قوم ٍ أو فيئة على الأخر .... فإن فعل ذلك فيشك في أمره بالتأكيد وفي آلوهيته ....
دروست عزت - سويد
24/2/2014
#دروست_عزت (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
رسالة من ضميرالعربي الموجوع إلى أخيه الكوردي الصابر
-
التغير والتطوير سنة الحياة
-
سموم القلم
-
الإسلام ووجهه الكوردي
-
إسرائيل والنظام الأب وإبنه بشار ودورهم في تفتيت الشعب السوري
...
-
المسييرون المخنوعون
-
قرارك أنت صاحبه وموقفك أنت مالكه فلماذا الرسن إذاً ؟؟
...
-
أسئلة برسم الضمير والوطنية
-
النشطاء الحقوقيون
-
رجولتك في موقفك وموقفك هو تحررك من ذاتك ومن الآخرين
-
على من يقع الذنب
-
القلم الشريف شامخاً لن يركع ولن يخضع ولن يخدع
-
إلى أصحاب الضمائر و الحلول
المزيد.....
-
مستوطنون يقتحمون مقبرة إسلامية في الضفة الغربية
-
سفير إسرائيل ببرلين: اليهود لا يشعرون بالأمان في ألمانيا
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف مستوطنة -أفيفيم- بصلية صا
...
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف مستوطنة -ديشون- بصلية صار
...
-
سفير إسرائيل ببرلين: اليهود لا يشعرون بالأمان في ألمانيا
-
أسعد أولادك…. تردد قناة طيور الجنة التحديث الجديد 2025 على ج
...
-
استقبلها الان.. تردد قناة طيور الجنة أطفال الجديد 2024
-
“فرح أطفالك طول اليوم” استقبل حالا تردد قناة طيور الجنة بيبي
...
-
كاتدرائية نوتردام في باريس.. الأجراس ستقرع من جديد
-
“التحديث الاخير”.. تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah T
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|