|
مداخل مدن أم مفارغ زبالة ؟؟
حميد طولست
الحوار المتمدن-العدد: 4377 - 2014 / 2 / 26 - 13:48
المحور:
الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر
ينتابني أحيانا الشعور بأننا نعيش في مفرغ أزبال لا تنسد له آفاق ، وتشمل شساعة أطرافه كل أحياء مدننا ، وتملأ كل شوارعها ، وتسد كل مداخلها ، ما يجعل ، وبلا شك أو ريبة ، بل وحتما ، كل وافد إليها على متن قطارات المكتب الوطني للسكك الحديدية ONCF ، عبر أي بوابة من مداخلها الشرقية أو الشمالية أو الجنوبية ، يتفق معي على أنه كلما أشرف إي قطار ، على محطة مدينة ما ، مهما كانت وجته والتجاهه نحو الشرق أو الغرب أو الجنوب ، إلا وطالعته مشاهد مقرفة لأكوام النفايات المهولة الأحجام والأنواع ، واستقبلته مداخل المدن بركام أطنان الأكياس البلاستيكية المتراقصة أمام أعين الركاب المغاربة و السائحين ، الذين يجدونها فرصة سانحة لالتقاط صور تلك المشاهد الرائقة الممتدة بين منافذ كل مدننا وقرانا ، والتي تفضح لامبالاة منتخبينا ، وتواطؤ مسؤولينا ، ومساهمة مواطنينا الفاضحة ، في تسويد وجه وسمعة هذا البلد الذي يقال عنه "جميل" بما يلقونه صباح مساء من أكوام النفايات والسموم ، وكأنها لا تضر بصحة الإنسان والحيوان ، ولا تشكل عنصر تهديد حقيقي للهواء والماء والطبيعة المغربية ، التي كانت خلابة في زمن ما ، وعلى مدى طويل من تاريخ المدينة المغربية التي تخلت - مجبرة - عن أصالة معمارها ورونقها ونضارة بيئتها ، أمام غياب برامج التخطيط الواعي للسيطرة على التشابه والنمطية والاستنساخ والتفاهة والبشاعة ، وانتشار مدن الصفيح وتوسعها السرطاني المدمر لأمجاد المدينة المغربية ، والذي يكتفي منظرونا وأكاديميونا بالتغني به "ونعيه" الدائم .. مناظر منفرّة ومؤدية ، لا يمكن ، بل من المستحيل أن ترى بأي مدينة أو قرية من مدن وقرى البلدان الغربية التي تحترم نفسها ومواطنيها ، حيث تستقبل كل مدنها وقراها المسافر على متن قطاراتها المريحة كلما أشرف واحد منها على محطة مدينة من المدن المدنية ، بمداخل متحضرة مبهرة بمشاهدها المتميزة بخصوصية المنطقة أو المدينة أو القرية ، من قبيل ، رموز وبناية مثيرة ، قصر تاريخي جميل ، مجسمات أو كتابات حائطية من فن "الغرافيتي" لبعض زعماء تلك الأمة ، إلى جانب المساحات الخضراء البهيجة ، التي تدخل الفرحة والسكينة والاطمئنان على أفئدة الأهل والزائرين.....الخ ، ليس من الضروري أن تكون مقارنة التجارب الغربية الناجحة مع مدنها وتثمينها ، تقليلا من قيمة وأصالة مدننا ، كما يمكن أن يتبادر لبعض العقول المتخلفة التي تعتبر المقارنة بكل ما هو غربي ، كفرا بواحا ، وتنظر بالشك والتوجس لكل ما له صلة بالغرب ، ولو كان مفيدا ، على أنه غزو ، يستهدف الدين والثقافة والأصالة والعراقة ، حتى ولو كانت المقارنة لتحفيز الهمم على الاحتداء بما هو مفيد من تجارب الأمم ، عملا بالمثل المغربي "عاند لا تحسد" و "الخدمة مع ليهود والنصارى ، ولا القعاد خسارة" ، خاصة وكما هو معروف أننا نحن شعب خلقنا لكي نقتبس لأننا لا نملك الوقت الكافي للتفكير والتخطيط ، طالما هناك من يفكر ويعمل ويختزل علينا الوقت والجهد" .. فمدننا وقرانا ، غنية بمقوماتها التراثية والتاريخية ومساحاتها الخضراء ، وكل ما تفتقر إليه ، هو مجتمع متحضر ، مشبع بالوعي المدني ، متخلق بالسلوك البيئي المتقدم ، غيور على نظافتها وجماليتها ، وسلامة بيئتها ، يقدر أن إهمالها أو التقصير في الحفاظ عليها ، أو تلويثها ، هو سلوك حيواني مضر بصحة ساكنتها ، مشوه لصورتها ، مسيء لسمعة مجتمعها ، ويعطي الفرصة لأعداء البلاد لاحتقار ثقافة الأمة التي تنتمي إليها ، والاستهزاء بدين ساكنتها الذي يحث على تغيير سلوكياتهم الشائنة التي لا تتماشى مع تعاليمه التي تدعوا للتشبع بثقافتها واحترامها ، وتطبيقها على أرض الواقع .. وتطالب بإحداث ثورة فكرية في مجال النظافة والجمال للترقي بالمدينة وإخراجها من ظلمات البداوة إلى نور التحضر والتمدن ، وتخليصها من عفن ما تعيشه عتباتها ومداخلها من مخاطر داهمة ، تحتاج مواجهتها إلى وقفة جادة وإحساس بالمسؤولية ، والقيام بحملات تنقية وتنظيف حقيقية لمداخلها عبر السكك الحديدية .. حتى تتناسب وما تعرفه محطات قطارات المكتب الوطني للسكك الحديدية ONCF خلال السنوات الأخيرة من تطور جدري وملموسا ، والتي لم تعد محطات خاصة بنقل المسافرين فقط ، حيث مرت من محطات للعبور مهجورة المحيط ، إلى محطات تضم فضاءات تجارية وخدمات تكميلية للسفر . وتليق بما يعيشه المكتب الوطني للسكك الحديدية من احتفالات الذكرى الخمسين لتأسيسه والتي تتزامن مع مئوية السكك الحديدية بالمغرب. إن الوقت لا يرحم ، وإذا لم تتحرك الحكومة والمكتب الوطني للسكك الحديدية ONCF والمواطن من خلال جمعياته المدنية ، وبكل السرعة والدقة اللازمتين ، فإن الأمر لاشك سيتحول إلى " كارثة إنسانية رهيبة "تصعب السيطرة عليها .. فحياة المواطن وصحته يجب أن تكون فوق كل اعتبار. حميد طولست [email protected]
#حميد_طولست (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
التعيين العائلي في الوظائف العمومية !
-
خائن من يعتصب ورود مدينتي !
-
لكل جهنمه 3
-
المجتمعات الاستعراضية ، رياء ونفاق !
-
لكل جهنمه !!!(2)
-
فضائح أئمة المسلمين الجنسية !
-
الحكامة في المشهد السياسي !
-
لكل جهنمه !!!
-
حوار ودي مع نقابي متميز على هامش يوم دراسي .
-
معاناة المعالم التراثية العمرانية الحضارية والتاريخية للمدن
...
-
لماذا رثاء المهندس خالد الغازي؟
-
رثاء المهندس خالد الغازي
-
وداعا المهندس خالد غازي .
-
كفى فتنة ، فقد بلغ السيل الزبى!
-
الحملات العنصرية الخاسرة للإسلاميين ضد الأمازيغ .
-
كل عام و -رجال العام - ، بكل خير !
-
الويسكي والشمبانيا في ميزانية 2014 للحكومة الإسلامية !
-
كل عام وانتم بالف خير ...
-
تشييع جماعة الإخوان إلى مثواها الأخير !
-
بياض الثلج يزين حمرة لافتات المشاركة في استفتاء الدستور..
المزيد.....
-
هزتها انفجارات قوية.. شاهد اللحظات الأولى بعد قصف الضاحية ال
...
-
مسؤول أمني لبناني يرد لـCNN على سؤال حول مصير حسن نصرالله
-
الجزائر تفرض على المغاربة تأشيرات لدخول أراضيها.. فبماذا اته
...
-
فيديو ومقاطع صوتية لتحرش -أطباء- في مصر والشرطة تحقق
-
إسرائيل تستهدف نصر الله في الضاحية الجنوبية لبيروت بطائرات ا
...
-
دارفور: عشرات القتلى والجرحى بهجوم لقوات الدعم السريع على سو
...
-
ضربة إسرائيلية على قيادات لحزب الله وغموض حول مصير نصر الله
...
-
إسرائيليون يفرون إلى الملاجئ في حيفا تزامنا مع اعتراض صواريخ
...
-
مسؤولون إسرائيليون يؤكدون تواجد قيادات من -حزب الله- في المق
...
-
إسرائيل تعلن حالة التأهب استعدادا لرد من حزب الله وإيران على
...
المزيد.....
-
-;-وقود الهيدروجين: لا تساعدك مجموعة تعزيز وقود الهيدر
...
/ هيثم الفقى
-
la cigogne blanche de la ville des marguerites
/ جدو جبريل
-
قبل فوات الأوان - النداء الأخير قبل دخول الكارثة البيئية الك
...
/ مصعب قاسم عزاوي
-
نحن والطاقة النووية - 1
/ محمد منير مجاهد
-
ظاهرةالاحتباس الحراري و-الحق في الماء
/ حسن العمراوي
-
التغيرات المناخية العالمية وتأثيراتها على السكان في مصر
/ خالد السيد حسن
-
انذار بالكارثة ما العمل في مواجهة التدمير الارادي لوحدة الان
...
/ عبد السلام أديب
-
الجغرافية العامة لمصر
/ محمد عادل زكى
-
تقييم عقود التراخيص ومدى تأثيرها على المجتمعات المحلية
/ حمزة الجواهري
-
الملامح المميزة لمشاكل البيئة في عالمنا المعاصر مع نظرة على
...
/ هاشم نعمة
المزيد.....
|