أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - سمير ابراهيم حسن - التجربة الذاتية في الاطار الاجتماعي















المزيد.....



التجربة الذاتية في الاطار الاجتماعي


سمير ابراهيم حسن

الحوار المتمدن-العدد: 4376 - 2014 / 2 / 25 - 23:46
المحور: سيرة ذاتية
    




إذا استطعت أن تحدد ماذا تعلمت؟ فانه اكتشافك المهم.

مقدمة
يفيض عالمنا الراهن بالتغيرات السريعة في جميع الميادين التكنولوجية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية، و يشهد نمواً سريعاً في درجة الترابط والاعتماد المتبادل - وإن لم يكن هذا بشكل متكافئ. ويشهد العالم الراهن تشابكات وتداخلات بين القرارات السياسية والاقتصادية والثقافية العابرة للقوميات والأوطان. ومع زخم هذه التغيرات يتخلق نوع من الأطر المرجعية العالمية، او النماذج الإرشادية (Paradigm) الجديدة في الثقافة وفي رؤية العالم؛ نماذج ورؤى لا تمس الأطر الاجتماعية والمؤسسية فحسب، بل هي في تعمقها وإلحاحها تمس التجربة الذاتية الداخلية للفرد نفسه. من هذه النقطة الأخيرة
في الحديث عن التجربة الشخصية في الحياة، وماذا علمتك الحياة وأنت في الربع أو الثلث الأخير من العمر، وما زال أمامك فسحة ممكنة من الحياة، تحضر أشياء وخبرات ماضية كثيرة معا، ولكنها تتشابك وتختلط مع أحلام وآمال وتطلعات مازال ممكنا تحقيقها، وغالبا ما تكون متحيزا إلى تأكيد ما تريد أن يكون، أو ما يؤيد نظرتك إلى الحياة والايديولوجيا التي تنتمي إليها، أو ما تعتقد أنه الأفضل لإظهار مواهبك وتميزك. رغم كل ذلك، ورغم اعترافك به، فان ما ستقدمه هو رؤية ما للعالم ولعلاقات المجتمع الذي تعيش فيه.
وللخبرة الفردية والجماعية في عيش التاريخ ورؤية العالم أبعاد عديدة اجتماعية واقتصادية وسياسية ونفسية وعائلية.....الخ لا يمكن استحضارها دفعة واحدة وفي حيز محدود. لذلك، فاني أؤثر الحديث عن مجال أدعي معرفته والاهتمام به، هو مجال الفكر والثقافة الذي لطالما اعتبر في إشكالية وأزمة، وكان مجال طرح جميع القضايا الاجتماعية الاقتصادية والسياسية المحلية والقومية والعالمية.
لا أفضل الحديث عن خبرة شخصية، بل عن تجربة جيل أنتمي إليه وتندرج تجربتي ورؤيتي للحياة في إطار تجربته العامة، جيل أشبهه ويشبهني، وظروفه العامة القومية والوطنية والسياسية والثقافية واحدة إلى درجة كبيرة. اختلفنا في انتماءاتنا السياسية، ولكننا لم نختلف كثيرا في أحلامنا وهمومنا الوطنية والحضارية والإنسانية. جيل عاش وخبر مرحلتين مختلفتين من القضايا الفكرية والسياسية المطروحة في المستوى الثقافي والسياسي. نموذج إرشادي ((Paradigm مختلف في تفكير المثقفين في كل مرحلة.
أنا من جيل مثقفين تلقى تعليمه ما قبل الجامعي في الستينيات وتفتح على أفكار وقيم وأيديولوجيا أواسط الستينيات وحتى منتصف السبعينيات، كانت فترة يفاعنا وحماسنا وشبابنا الأول بين عواقب هزيمة حزيران ونتائج حرب تشرين. فترة تعج بالمراجعات النقدية للفكر والسياسة والدين والتراث والنداءات الفكرية السياسية لعقولنا.
تلمس جيلنا سبل تفكيره وانتماءاته الفكرية والأيديولوجية ونضجه الفكري في الربع الأخير من القرن العشرين، حيث سكنتنا هموم الوطن والصراع العربي الصهيوني وتحرير الأرض والسلام والحداثة والتنمية والتقدم والديمقراطية والعولمة والتفكك والانقسام العربي، وفي كل مفردة من هذه المفردات اختلاف ومشكلة واغتراب وانكسار وإحباط وشقاء.
كان الشعور الوطني متأججا في وجداننا، يزكيه أساتذتنا في الجامعة مختلفو الاتجاهات والفلسفات والرؤى، وكل يعتقد أن فكره، أو مدرسته الفكرية، أو المشروع السياسي الذي ينتمي إليه، هو الذي سينقذ الأمة، والسائد هو استبعاد الآخر وافتقاد الحوار، حيث كانت الليبرالية مذمة وخداع رأسمالي لدى الماركسي، والماركسية دوغما وقوالب جامدة لدى الليبرالي، والقومي يرى الغابة ولا يعير الانتباه إلى تنوع أشجارها بنظر غيره، والإسلامي يخطّئ الجميع، ولكل قاموسه الغني بعبارات الاتهام والتخوين و"الشتائم" للمخالفين بالرأي والايديولوجيا.
في إطار ذلك، ورغم الاختلاف إلى حد رفض بعضنا بعضا، كان مصدر قلق الجميع واحدا في جوهره: هو حالة التخلف والتبعية والفقر والعجز الاقتصادي والسياسي والعسكري، وحالة الانهزام والانكسار أمام الدولة الصهيونية، وهدر الامكانات، والشعور بالقهر الاجتماعي والحضاري العام والوعي الشقي تجاه الغرب بمعناه الحضاري والإمبريالي في منطقة وأمة تمتلك كل الامكانات البشرية والمادية والروحية للتقدم، ولكنها، مع ذلك، تتدهور.
كان أكثر ما يلح علينا جميعا، على تفكيرنا وحواراتنا وأحلامنا، فيما بيننا ومع أساتذتنا، يدور حول مستقبل أمتنا ووطننا وشعبنا من حيث النظام الاجتماعي والسياسي الأمثل، وسبل تحقيق العدالة الاجتماعية والتنمية والمشاركة السياسية والتحرر والتقدم. كل ذلك شكل النموذج الإرشادي للفكر وللمفكرين والمثقفين في تلك المرحلة. نموذج وجه الحوارات والاهتمامات إلى الدين والتراث والهوية والخصوصية والصراع الطبقي والثورة والاشتراكية والقطاع العام والتنمية والمرأة.
كان الاعتقاد السائد بيننا أن رؤى المثقفين يمكن أن تقهر الواقع غير المستحب وتبدله، وأن أفكارهم ومقالاتهم يمكن أن توجه وتسير السياسة والساسة والحكومة والأحداث، بل إن مستقبل الوطن والأمة يكمن في مشاريعنا وأحلامنا الرائعة والواضحة، من القراءات الإسلامية السلفية والأصولية المتنوعة إلى الرؤى الاجتهادية والإصلاحية والعقلانية والتنويرية إلى التوجهات العلمانية والحداثية القومية والإقليمية والماركسية المختلفة.
وتأتي التسعينيات من القرن الماضي بخيبات أمل عميقة على المستوى العام وعلى المستوى المثقف، وبانقلابات على الجميع:
انهيار كبير لمرجعية تاريخية هائلة في النظام السياسي والعقائدي والاقتصادي والثقافي والعسكري، ونظام عالمي جديد، و "جنوح إلى السلام" وعولمة وأمركة و"صراع حضارات" و"نهاية تاريخ" وعالم "ما بعد الحادي عشر"...الخ. وابل من التغيرات كونت مسارا وتوجها جديدا في الفكر العربي.
انكسرت الأحلام الطبقية الثورية والاشتراكية ، أصبحت لغة قديمة ومن مخلفات "العهد البائد". تكوّن نموذج إرشادي جديد في الفكر: انتهى الحديث عن الاشتراكية واتحاد عمال العالم (يا عمال العالم اتحدوا) والثورة والثورية والجذرية وتحرير كامل فلسطين والوحدة العربية الشاملة.
طفقنا نتجادل في الديمقراطية والمجتمع المدني وحقوق الإنسان وقبول الآخر والشفافية والليبرالية واقتصاد السوق والتكيف مع العولمة، التي أصبحت المفردات الفكرية والسياسية والثقافية للأزمنة الجديدة.
أخذ سؤال ملح يطرق عقولنا: ما الصورة التي ستكون عليها التنمية والثقافة والتنظيم السياسي، والصلة بتراثنا الثقافي والسياسي اليساري والإسلامي والقومي، وما الذي سيؤول إليه الأمر بعد فشل مرجعياتنا الفكرية والعقائدية العتيدة؟
خف بين المثقفين بريق وسحر الفكر القومي والماركسي. ماركسيون اهتدوا، ارتدوا عن ماركسيتهم وأعلنوا توبتهم وإسلامهم، وآخرون منهم، ممن لم يستطيعوا التخلي عن ثروتهم الرمزية، أخذوا يدعون إلى إعادة قراءة ماركس! قوميون علمانيون تأسلموا وآخرون قلصوا مطالبهم القومية إلى حدود القطرية أو الإقليمية. قسم مالوا إلى " الإسلام حلا"، وقسم اندفعوا إلى إعادة اتصالهم بالجماعات التقليدية في المجتمع "مكتشفين" تفوقها في الحماية والقيمة الاجتماعية على الاتصال بأي مؤسسة مدنية حديثة.
زادت الضغوط الاقتصادية والحاجات اليومية على المثقفين وزحف التكنوقراط إلى الحكومة والسلطة، فزاد ضعف تأثير المثقفين وهامشيتهم، وانتهى وهم المثقف بجمهورية الفلاسفة وسلطة المثقفين، وخفت لديه "نخوة الزعامة الفكرية" وانخفض مستوى شعور الكثيرين إلى مستوى متواضع من الوعي البائس بالانتماء إلى بيئة وشعب وبنية اجتماعية اقتصادية وسياسية لا يقوى على تغيير الأوضاع فيها ولا ينتظر منه أن يبدي رأيا في تسيير الأمور.
عمرنا وتنشئتنا الثقافية والسياسية وتحزبنا وتعليمنا الجامعي وأفكارنا وأعمالنا جبلت وامتزجت بهذا الإطار التاريخي العام، وكونت نماذج مختلفة من الشخصيات بيننا، وبعيدا عن كل اختلافاتنا الفكرية والإيديولوجية، فان الخبرة التي تكشفت لبعض جيلنا، أو لي على الأقل كأحد مثقفي هذا الجيل، هي:
1- إن التاريخ أقوى من اليوتوبيا، وأغنى من أن يجبر على الانضباط في قوالبنا الإيديولوجية.
2- إن التحدي الأساسي الذي يواجه مجتمعاتنا ليس ثقافيا مجردا بل هو اقتصادي وسياسي وتكنولوجي بالدرجة الأولى، أو قل إن الصراع الثقافي هو في جوهره، انعكاس لصراع اقتصادي سياسي وعلمي وتكنولوجي تنتشر فيه ثقافة الأقوى اقتصاديا وسياسيا وليس الأعرق ثقافيا وحضاريا. ولذلك فإن الميدان الحقيقي للتغيير والتأثير هو الميدان الاقتصادي والسياسي والعلمي والتكنولوجي.
ولإزالة أي التباس ممكن في فهم ما ادعيته آنفا من نتائج الخبرة في المجال الثقافي، فاني سأنصرف فيما يلي إلى التوضيح.
إن ثقافتنا العربية، ثقافة تاريخية عريقة دون شك، ويمكن أن نستنبط ونولف منها منظومة معيارية ذات مضامين إنسانية رائعة، وقد تمتلك ثقافتنا بذاتها فعلا كل مقومات العالمية من حيث انطوائها على قيم التسامح والتنوع والتعدد والسلام وقيمة الحياة والسمو الأخلاقي. ولكن المشكلة ليست في أن الثقافة العربية تاريخية وعريقة وذات مضامين إنسانية سامية، بل في أن العرب الراهنين الذين تعنيهم الثقافة العربية هم اليوم أضعف بجميع المعايير الاقتصادية والسياسية والعلمية والتكنولوجية والإعلامية، وبالتالي فهم عاجزون كما نرى في الواقع عن تقديم ثقافتهم، سواء بعراقتها أو بما آلت إليه، إلى العالم، حيث تظل ثقافتهم متروكة للغير، ينتقي منها ما هو غالبا غرائبي وشاذ ومجتزأ ومثير لسوء فهمها وتشويهها. إن القوة التكنولوجية والإنتاجية المادية ومصاحباتها السياسية والإعلامية هي التي تحدد اليوم قوة الثقافة والأفكار وقدرتهما على الانتشار والحوار والتطور، والمجتمع الفقير والمتخلف لا يستطيع أن يجعل الآخرين ينصتون إليه ويحترمون رأيه، أما البلد المزدهر اقتصاديا وعلميا وتكنولوجيا فانه يمتلك القوة المادية والرمزية لجعل الآخرين يصغون إليه باهتمام. إن للمجال الاقتصادي قوته الثقافية المصاحبة والمنبثقة عنه، ولذلك، وبسبب الضعف والتأخر العربي الراهن، نجد الشكوى الدائمة من أزمة الثقافة والتحديات التي تواجهها.
ولعل من النافل أن "التهديد الثقافي" لا يقتصر على الأمة العربية، بل هو يمس معظم شعوب العالم اليوم بفعل العولمة وثورة وسائل الاتصال والمعلومات. فمعظم شعوب العالم اليوم تنظر بكثير من الشك والتخوف إلى الامكانات الضخمة التي تتمتع بها المجتمعات الغربية وبخاصة المجتمع الأمريكي والتي بها تفرض هيمنتها الثقافية على بقية شعوب العالم.
إن التوسع الكوني لمبيعات السلع والخدمات الاستهلاكية الغربية، والتدفق الإعلامي المصاحب والمعزز له، يحدثان تغيرات أساسية في المحيط الثقافي، إذ ينقلان ويخلقان مواقف وحاجات وقيم ومفاهيم وسلوكات تتوافق مع متطلبات الإنتاج السلعي للشركات متعددة الجنسيات، وتيسير تسويق هذا الإنتاج. بحيث لا يمكن إلا أن نلحظ هذا الاتجاه إلى التغريب المستمر لمختلف مجالات حياتنا، من الزي والطعام والسلوك اليومي إلى التربية والتعليم والقانون والفن وتنظيم الدولة والإدارة والجيش إلى أحدث النظريات الفلسفية والفكرية في العالم.
صحيح أن الانفتاح الراهن للعالم يتضمن امكانات رائعة للتقريب بين ثقافات الشعوب والحوار والتفاهم بينها مما يساعد على نشر السلام في العالم، ولكن هيمنة مجتمعات محددة في هذه السيرورة ينطوي على مخاطر كبيرة وملموسة اليوم في تهميش المقومات الثقافية المميزة للشعوب. ومن حيث المبدأ فان العولمة تعني انفتاح الحدود وحرية انتقال شتى أصناف البضائع، بما فيها الثقافية والفكرية، ولكن واقع الحال أن الأمر يتعلق بقدرة البضائع على العبور، بمعنى قدرة بلد ما أن يعبر الحدود ببضائعه.
إن القضايا الثقافية تصبح أكثر فأكثر مجالا للنقاش في إطار المنظمة العالمية للتجارة و ليس ضمن منظمة اليونسكو التي كانت تتعهد ذلك في السابق من أواخر القرن الماضي، والنمط الأمريكي من الثقافة الغربية هو الذي يهيمن وينفي ويهمش الثقافات الأخرى محولا الشعوب والأمم إلى مستهلكين للثقافة الغربية الأمريكية، والثقافة باعتبارها منتجا اجتماعيا أصبحت جزءا من العملية الاقتصادية التجارية الجديدة أسوة بغيرها من السلع والمنتوجات المادية، إذ تحررت من القيود الجمركية في نطاق السوق العالمية بلا حدود، وهي تخضع لنفس الإجراءات والأحكام المفروضة على سواها من السلع المادية، غير أن مجال المنافسة في تسويق هذه السلعة أصبح محدودا للغاية و غير متاح إلا للقوى الرئيسية المسيطرة على تكنولوجيا الاتصال.
ولقد بات من الواضح، ومما هو ليس بحاجة إلى استفاضة في الشرح وتقديم البراهين، أن المنتج والمهيمن على المعلومات والصور وتسويقها يفرض رؤيته وتصوره على المتلقي، وبامكانه بصورة متزايدة فرض تصورات خاصة تغير في الهوية والخصوصية وفي زاوية النظر إلى التراث الثقافي.
ولعل من الواضح تماما اليوم أن التبادل الثقافي هو تبادل غير متكافئ، والمعادلة بسيطة، هي بين ثقافات متسلحة بالتكنولوجيا المتقدمة وأخرى مجردة من الحماية التكنولوجية، والنتيجة واضحة، وهي الهيمنة الثقافية الغربية، وخاصة الأمريكية، على مختلف الثقافات الأخرى.
في هذا الواقع الملموس يصبح الحديث الطيب والحر عن الثقافة والقيم الإنسانية النبيلة والخيرة ، والخبرات العزيزة في الذاكرة التاريخية العربية، والتهويم المثالي فوق حركة التاريخ، قليل الجدوى، لأن توجهات الواقع وما يضطرم فيه من صراعات، تسير في اتجاه آخر لا ريب فيه، اتجاه لا يعبأ بما يحصل من شروخات ومن تحطيم في قيمنا التقليدية "العزيزة"، وما يشار إليه بثورة وسائل الاتصال والمعلومات منذ عقدين من الزمان على الأقل يغير بارادتنا أو بدونها معظم ما هو عزيز باعتباره أصيلا في ثقافتنا.
فالتضافر والاندماج بين تكنولوجيا المعلومات والوسائط الإعلامية والاتصالية يهب المعرفة والمعلومات والقيم والمفاهيم والإيحاءات السلوكية والأخلاقية التي تبثها قدرات وإمكانات غير محدودة على اختراق الحدود والزمن. وكل ذلك غيّر شئناً أم أبينا، وسيغير، بسرعة غير مسبوقة، اقتصادنا وسياستنا وتربيتنا وقيمنا وأخلاقنا وإيديولوجياتنا على نحو من الأنحاء. وحتى أكثر النساك زهداً في الحياة الدنيا سيجد نفسه معرضاً لوسوسة شيطان المعارف والتكنولوجيا الجديدة والسلع الاستهلاكية المبهرة والمغرية بما تحمله من شحنات قيمية وثقافية مغايرة.
وحين يكون لابد لنا إلا أن نستخدم ونستهلك ونتلقى منتجات هذه الثورة، فنحن معرضون ومكشوفون بالضرورة لعواقبها الأخلاقية والثقافية والسياسية السلبية منها والإيجابية. فهي وسائط وقنوات تصب في حياتنا اليومية وتلح على عقولنا وتتحدانا كي نعيد النظر في تربيتنا وفي سلوكنا وفي منظوماتنا السياسية والاقتصادية والثقافية في كلا المستويين الفردي والاجتماعي.
لقد غيرت هذه الوسائط، بما يتدفق منها، البيئة التي يعيش فيها أولادنا اليوم عن تلك التي عشنا فيها نحن الآباء. وإذا كانت هذه الوسائل قد غيرت أسلوب حياتنا وعملنا وانتقالنا ووقت فراغنا وطرق تعاملنا وعلاقاتنا مع الأسرة والأصدقاء والوقت نحن الآباء، فكيف بالنسبة للأجيال الجديدة التي ستعيش حتماً في بيئة من الوسائل والوسائط المعلوماتية الأكثر تطوراً بما لا يقاس بحاضرنا ؟ وماذا سيحدث للخصوصيات والهويات المميزة بالصيغة التي نفكر فيها اليوم؟
الناس اليوم يسمعون ويشاهدون المزيد من الجريمة والعنف والجنس، كما يشاهدون الصلوات والحجيج والطقوس الدينية والثقافية المغايرة. ويعرفون مختلف أشكال الفساد الاقتصادي والإداري والسياسي لحكوماتهم ولغيرها، ويتعرفون على أشكال من الديكتاتورية والقمع والقهر الدموي والرمزي في حيثياتها وبالصوت والصورة والكلمة المكتوبة، ويعرفون معناها والبدائل الممكنة عنها، كما يتعرفون على أشكال من الحرية والديمقراطية والتنظيم الاجتماعي والمؤسسات والرخاء والتسامح. ويشاهدون أحدث التجارب العلمية والفيزيائية والطبية والفضائية في تفاصيلها، كما يعرفون أحدث نظريات التربية والسياسة والأخلاق والدولة والأمن. ويصبح المثقفون خاصة أقدر على التحليل والنقد من خلال الوصول إلى حجم أكبر بكثير دائما من المعرفة المتاحة والأسرار.
من جهة أخرى، فإن كل مؤشرات تطور تكنولوجيا المعلومات والاتصال تشير إلى انعدام أو وشوك انعدام قدرة أي جهة أو سلطة على المنع أو على التحكم بسيل المعلومات المتدفق، بدءاً من الحكومة وأجهزة المخابرات، وانتهاء برجل الدين ورب الأسرة. إن ذلك يعني أننا على وشك أن نعيش حتماً، أو أننا نعيش بالفعل، في عالم شفاف في مختلف أبعاده الاقتصادية والسياسية والثقافية والدينية.
لا أعتقد أن عاقلا يمكن أن يتصور أن كل ذلك، حتى مع مقاومته ومواجهته، يمكن أن يمر دون أن يحدث خلخلة وتغييراً في كل ما هو سائد، مهما كان عزيزا، شئنا أم أبينا، من سلطة الدولة إلى التقاليد الاجتماعية والسياسية والدينية إلى الأسرة وعموم الثقافة والقيم وعواقب ذلك على الهوية والاختلاف والخصوصية. فقط أولئك الذين يجهلون التاريخ جهلاً تاماً يمكن أن يعتقدوا أن القيم التي يحملونها عصية على التغيير، أو أن بإمكانهم قهر التكنولوجيا بهذه القيم. ذلك أن التكنولوجيا ليست مجرد آلات خرساء من المعدن والبلاستيك بل هي قبل كل شيء مجال ثقافي وأخلاقي يمتلك قدرة غير محدودة اليوم على الانتشار. فالثقافة "تتعولم" اليوم ليس بفعل وسائل الاتصال والإعلام فحسب، أو بفعل ثقافي مجرد، بل بفعل البضاعة المعولمة أيضا، والتي هي قيد الاستهلاك العالمي، والتي تحمل شحنات ثقافية أكيدة ومنمطة من تصورات وسلوكات التمدن والعصرنة والحداثة التي أخذت منذ مدة تحفر مجراها في حياة وتقاليد وخصوصيات الثقافات المختلفة، والمستقبل المنظور ينطوي على تغيرات إضافية كبيرة وسريعة في العادات والقيم الاقتصادية والسياسية والثقافية.
إن القصور ليس في ثقافتنا العربية بذاتها فقد تشكل في مثلها وقيمها ومفاهيمها أنموذجا إنسانيا رائعاً. ولكن القصور في الأساس الاجتماعي الاقتصادي والسياسي المتغير والذي يعزز بتغيراته وتحولاته المتخلفة والتابعة الانفصال الدائم حيال هذه الثقافة والتأثير المرتد عليها والصعوبات المتزايدة لدمجها كما هي في سيرورة المجتمع المعاصر، والقصور في الأنظمة السياسية والنخب السياسية المجزأة والمتصارعة في الوطن العربي والعاجزة عن تحقيق التقدم والنهضة، وتمثٌل مشروع ثقافي موحد مطابق ومعزِز للتقدم والنهضة.
لابد أن نمتلك الشجاعة لمعرفة ذلك. وللاستعداد لتطوير قيمنا ومناهج تفكيرنا وتحليلنا، وأن نتجنب الثقة المطلقة والإيمان المجاني بمنظوماتنا القيمية والثقافية العزيزة دون تعزيزها بالقوة الاقتصادية والسياسية، وأن نحاول فهم عناصر القوة في الثقافات الأخرى، فلا يجوز مثلاً التهوين من شأن المشروع الثقافي الصهيوني من اعتبار أنه خليط غريب عجيب من كل ما هو شاذ في الثقافة الغربية وأن وجود شخصية ثقافية إسرائيلية ما هو إلا مجرد ادعاء، بينما الأمة العربية ذات شخصية وثقافة عريقة قائمة منذ آلاف السنين، فالاطمئنان البليد إلى ذلك ستكون له نتائج ضارة على الثقافة العربية وعلى الأمة العربية، إن خطورة المشروع الثقافي الصهيوني الإسرائيلي لا تكمن في عراقته حتماً بل في أن وراءه إجماع قوة سياسية موحدة ومندمجة بينما تفتقد الثقافة العربية رغم عراقتها وتجذرها التاريخي مثل هذه القوة اليوم.
كذلك فإن الثقافة الأمريكية كنمط حياة تنتشر، ليس لقوة روحية مجردة فيها، وإنما كنتاج لقوة اقتصادية وتكنولوجية وسياسية وعسكرية ليست الثقافة إلا معادلاً لها. لذلك فهي تهيمن ليس لأنها حسنة رغم ما تتزين به من مفاهيم الديمقراطية والسلام وحقوق الإنسان والحريات المدنية ومقاومة الدكتاتوريات، ورغم وجود ما هو حسن فيها دون شك، بل إنها تنتشر لأنها مؤسسة على قوة اقتصادية وسياسية وعسكرية وإعلامية جبارة تنسف اليوم كل تنوع العالم الثقافي. ولا تجدي كل البكائيات الشعرية ولا الغيرة الدينية، ولا يجدي كل الأسف العربي أو غير العربي المعلن على ذلك.
المشكلة في تحليلاتنا الثقافية هي تلك النزعة الإرادوية والتربوية النظرية والمتعالية على الواقع وأننا نادراً ما نأخذ بعين الاعتبار تلك القوة الثقافية المهمة للمستوى الاقتصادي والسياسي واتجاه تغيره، أو قل، ومنطق تغيره، حيث يجري الحديث عن الثقافة والقيم العربية وكان بإمكانها أن تقهر القوة الاقتصادية والسياسية والثقافية والإعلامية للآخر وتحاصرها وتهزمها، وذلك ليس سوى وهم، وهو في أحسن الأحوال تعويض عن العجز السياسي وعن تردي القوة الاقتصادية والسياسية، فيصبح التشبث بالثقافة والقيم العربية تعبير عن نزعة حمائية مفرطة تتعلق بالخصوصية والهوية المميزة التي تستمد نماذجها من الماضي، بينما هي تفقد تدريجياً شروطها المادية بفعل الاختراق الغربي لبنياتنا الاقتصادية والسياسية عبر الأسواق المفتوحة والنخب السياسية والثقافية المنقسمة في معظم الأقطار العربية.
وعلى ذلك، فإن وجودنا العربي الذي نالت وتنال منه إرادة الهيمنة والقوة الغربية والأمريكية، اقتصادياً وسياسياً وثقافياً، ومسوقيها، هذا الوجود الذي أضنته الهيمنة الوحشية القاسية، كما يقول أحد المثقفين العرب، "لا يمكن أن يجد مخرجه وشفاءه عن طريق إعلان حق الاختلاف والمغايرة". والاكتفاء بترديد هذا المطلب، دون العمل والنضال في الميدان الفعال، ميدان التقدم العلمي والتكنولوجي والاقتصادي والسياسي. والثابت تاريخياً أن ذلك فحسب، هو ما قد يسمح بإنتاج وتكوين بنى سياسية وثقافية "ذاتية" وأصيلة قادرة موضوعياً على المحافظة على الهوية والأمن الثقافي وعلى الاختيار والحوار.
ان ثورة الاتصال وتفجر المعلومات التي تسم الحالة الكونية الراهنة وتعززها، تغير الإحساس بالهوية، وبالآخر، وتحرر من التقوقع والتمركز على الذات بما قد تتيحه من تعرف واتصال بثقافة الآخر والتعامل معها، فهي تقلب الأفكار والمفاهيم والنظرة إلى العالم.
بهذا التطور أخذ الفرد العادي يعرف أن وطنه ليس أعظم الأوطان، وأن حكومته ليست أقوى ولا أعدل الحكومات، وأن قادة بلاده ليسوا هم الذين يوجهون سياسات العالم، وأن ثقافته وقيمه ليست أفضل الثقافات.. الخ. وكل ذلك يمارس اليوم تأثيراً نفاذاً في تصورات الناس، وفي سياسات البلدان والحكومات، التي تصبح أكثر فأكثر تواضعاً في تقديم نفسها وفي صياغة أقدار شعوبها.
تلك هي الإمكانات القائمة في الحالة الكونية الجديدة، ولا شك أن العواقب الثقافية الضارة للكونية لا تكمن فيها بذاتها، وإنما في عجز مجتمعات محددة عن الإبداع والتنافس والعرض في سوق ثقافة ومعلومات مفتوح.
ان المستقبل القريب ينطوي على تغيرات إضافية كبيرة وسريعة في المفاهيم والقيم وفي توجهات الفكر والاقتصاد والسياسة والأدب والفلسفة، يمتزج ويتجاور فيها الغث والثمين. وسيتم ذلك وإلى درجة كبيرة بفعل تفجر المعلومات ووسائل نقلها، ومن لا يرى في ذلك سوى الأخطار المحدقة، والخوف على ما هو سائد، فان هذه الموجة الجديدة من التطور ستخلفه وراءها. ولابد هنا من إدراك أن الحلول والإجراءات التي يمكن تصورها لمواجهة تحديات التغيير اليوم، ربما تفقد قيمتها وجدواها تماماً في الغد قبل أن توضع موضع التنفيذ.
وأكثر النظم كفاءة هي تلك التي تستجيب بسرعة لمقتضيات التغيير. والتغيير في الحالة الكونية الجديدة لا ينتظر قرارنا به، لأنه قائم بالفعل وعلى نحو متواصل، والعالم يتحرك بسرعة لا تترك مجالاً لالتقاط الأنفاس. فإذا أردت أن تملأ جيبك المثقوب بالماء فما عليك إلا إلقاءه في التيار (مثل إنكليزي).
أمر آخر مهم يمكن تأكيده في هذا الخصوص وهو أن القدرة على الإبداع هي التي تحدد القدرة على الاستفادة من التغيير(2). والتركيز على التغيير والاستفادة من الفرص التي يتيحها، يشكل رافعة للإبداع والتقدم ومواكبة العصر.

في كل عصر كان المثقفون ضمير مجتمعاتهم والفئة التي يفترض أن ترتقي بوعيها الى ادراك العلاقة بين الثقافة والتقدم الاجتماعي والتي يفترض أن ترتقي فوق مجرد عكس الواقع الاجتماعي أو الثقافي الاستهلاكي التعيس والتصدي لإعادة الدور الخلاق للثقافة في التغيير التقدمي للمجتمع واعادة الاعتبار باستمرار لقيم الانتاج والابداع

العقل هو أرقى ما في الإنسان، والتفكير هو أرقى ما لديه من نشاط، وبالتفكير يعي الإنسان تجربته التاريخية ويصوغها في منظومة القيم التي توجهه في سلوكه وحياته وهذا الوعي هو الذي يشكل ثقافته التي بها يغير ويعدل ظروف حياته المادية والاجتماعية وتلك هي الوظيفة الاجتماعية للثقافة عموما، هي وظيفة توجيه المجتمع والحياة، فالثقافة تقدم نظاما للقيم يرشد ويوجه كل فرد من أفراد المجتمع ويعطي الأفضلية للقيم التي تعبر عن الاحتياجات الأساسية للفرد أو الجماعة والطرق السلمية اجتماعيا لإشباعها، فالثقافة إذا تعكس هذه الحاجات وتتغير باتجاه القيم التي تلبيها، وهنا تكمن المشكلة في طبيعة هذه الحاجات ونوعها وإلحاحها فالحاجات الاستهلاكية المتزايدة التي ترسخها وتنشرها قنوات التسويق المتعدية الجنسيات تولد ثقافة وقيم الاستهلاك وخلق المواطنين المتغذين، وتراجع ثقافة العمل، والعداء لثقافة الإنتاج والإبداع، وهو ما تعج أوساطنا الثقافية بالشكوى منه. ان مجتمع الاستهلاك ليس بحاجة الى الثقافة بالمعنى الرفيع المعروف بل هو يتوافق ويحتاج الى ثقافة الاستهلاك وله قيمه المادية والروحية التي ينشرها بين الناس بوسائل الاعلام والدعاية التي تمول ذاتيا وتحقق الارباح عن طريق نشرها وترويجها.
ان أنماط حياتنا ومنذ فترة لا بأس بها قد دخلت بما يسمى اللامعيارية وهي حالة من افتقاد منظومة قيم ثابتة وراسخة يمكن للأفراد أن يسترشدوا بها في حياتهم بثقة. فمنظومة القيم التي تنتمي إلى المجتمع التقليدي السابق مجتمع الكفاية والتكافل والتضامن الاجتماعي الأهلي وقيم الود والصدق والاستمرارية والجار الطيب والتماسك العائلي تتفكك دون أن تنجز أو تستقر المنظومة الحديثة البديلة في ضمان حياة الفرد أو الجماعة فلا اكتمال معايير المؤسسة البيروقراطية الحديثة ولا معايير الوقت والعمل والإنجاز والضمان الاجتماعي والحكومي والمدني وضمان القانون الوضعي الحديث بدرجة كافية من التكون الموضوعي ولا صلتها بالوعي الاجتماعي والحس العام بدرجة كافية من الايمان والوضوح والثقة. فيخضع الفرد في مجتمعاتنا لنداءات متنافرة ومتناقضة بين المؤسسات المدنية غير المكتملة وغير مضمونة الفعل لديه، والمؤسسات والقيم التقليدية التي ينتمى اليها والتي لم تعد تجدي في عالم الاستهلاك والمنفعة المادية الراهن، وفي اعتقادي أن ذلك هو جوهر أزمة الثقافة والقيم والمؤسسات في مجتمعاتنا المتطلعة الى التطوير والتحديث.



#سمير_ابراهيم_حسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل من جديد في المقدمة؟
- العلم وعواقبه
- عواقب التفكير العلمي


المزيد.....




- صدق أو لا تصدق.. العثور على زعيم -كارتيل- مكسيكي وكيف يعيش ب ...
- لفهم خطورة الأمر.. إليكم عدد الرؤوس النووية الروسية الممكن ح ...
- الشرطة تنفذ تفجيراً متحكما به خارج السفارة الأمريكية في لندن ...
- المليارديريان إيلون ماسك وجيف بيزوس يتنازعان علنًا بشأن ترام ...
- كرملين روستوف.. تحفة معمارية روسية من قصص الخيال! (صور)
- إيران تنوي تشغيل أجهزة طرد مركزي جديدة رداً على انتقادات لوك ...
- العراق.. توجيه عاجل بإخلاء بناية حكومية في البصرة بعد العثور ...
- الجيش الإسرائيلي يصدر تحذيرا استعدادا لضرب منطقة جديدة في ضا ...
- -أحسن رد من بوتين على تعنّت الغرب-.. صدى صاروخ -أوريشنيك- يص ...
- درونات -تشيرنيكا-2- الروسية تثبت جدارتها في المعارك


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - سمير ابراهيم حسن - التجربة الذاتية في الاطار الاجتماعي