محمد علي عبد الجليل
الحوار المتمدن-العدد: 4376 - 2014 / 2 / 25 - 22:47
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
يدَّعي المسلمونَ - هداهم العقلُ – أنَّ دِينهم دينُ العقل. وقد صرعَ مَنْ يُسمُّونَ أنفُسَهم بــ"عُلماءِ [!!!] الإسلامِ" رؤوسَنا بترديد قول أبي الدرداء ترديداً دِعائياً ببغائياً: "تَــفَــكُّرُ ساعةٍ خيرٌ مِن قيام ليلة". لا بل زادَ عليه بعضُ المتصوِّفة القولَ المنسوبَ لمحمَّد: "فِــكْرَةُ [تفَكُّرُ] ساعةٍ خَــيْـــرٌ مِنْ عِبادَةِ سِتِّينَ سَنَةً". ويسردونَ الآياتِ التي ذُكِرَتْ فيها كلماتٌ مشتقَّةٌ من الجذرَينِ (ف ك ر) وَ(ع ق ل).
لن أدخلَ معهم في سجالات فكرية لا جدوى منها حول المعاني القصودة للــ"ـــتفكُّر" و"العقل"، حيث إنَّ "التفكُّر" لا يُــعَــدُّ في نظرهم تفكُّراً إلَّا إذا أدَّى إلى مَدح الإسلام. بل سأكتفي بالقول لهم: لنفترض أنَّ "الله" موجود وأنه هو "الخالق" الأفضل، أيْ هو "أحسن الخالقين"، بحسب تعبير القرآن ("لسنا الوحيدين ولكننا الأفضل"، دعاية!)، فإنَّني قد استخدمتُ عقلي الذي "خَـــلَـــقَـــ"ــــهُ لي ذلك "اللهُ" (لا تنسوا أنه "أحسن الخالقين") وأمرني باستعمالِه فتبيَّنَ لي أنَّ دِين الإسلام، كما يقدِّمُه المنقولُ الإسلاميُّ، هو دِين يتناقضُ مع العقل أولاً ومع القلب ثانياً.
فالإسلام مبنيٌّ أساساً على النقل والوحي لا على العقل والتفكير.
أليس مجرَّد وجود حد الردة في التراث الإسلامي هو وضع حد للعقل؟ وإنْ لم يكنْ حدُّ الرِّدَّة مذكوراً صراحةً في القرآن، أليست الآيةُ التاليةُ (ومَنْ يَـــبْـــتَغِ غَيْــرَ الإسلامِ دِيناً فلنْ يُـــقْــبَلَ منهُ وهو في الآخِرةِ مِنَ الخاسِرِين) (آل عمران، 85) تنشر فكراً عنصرياً وإقصائياً وتتعارض مع مبدأ التعددية الطبيعي الكوني؟
ألا تتعارض صراحةً مع العقل قِصصٌ خيالية أو خُرافاتٌ مثلُ شَقِّ صَدْرِ محمَّدٍ وهو طفلٌ والإسراءِ والمعراجِ وحوتِ يونسَ وسجودِ الشمس تحتَ العرشِ وغروبِ الشمس في عينٍ حَمِئةٍ وعذابِ القبر وإيمانِ نَــفَــرٍ من الجن بالقرآن، إلخ.؟ لا تقُــلْ هذه معجزات لأنك لا تعرِف ما هي المعجزة. فإنْ قلْتَ إنَّ المعجزة هي حدثٌ مخالف لقوانين الطبيعة فأنك تقول كلاماً فارغاً من المعنى، كما تشير الفيلسوفةُ سيمون فـــايل (في كتابها "التجذُّر")، لأنكَ لا تعرِف أساساً ما هي قوانين الطبيعة. وإنْ قلْتَ إنَّ المعجزة هي فِعلُ إرادةِ اللهِ فإنَّ قولك هذا لا يقلُّ عبثيةً عن قولك الأول، لأنك لا تعرِف أيَّ الأفعال ينبثقُ فعلاً عن إرادة الله. وهل من فعلٍ لا ينبثق عن إرادة الله؟! وهل من ظاهرةٍ ليست معجزةً؟!! إنَّ مِن العمى ألَّا يرى الإنسانُ معجزةً في تفتُّحِ وردةٍ ونمو شجرةٍ وزقزقة عصفور بينما يرى معجزاتٍ في أساطيرِ دِينه وخرافاتِه.
لكي يَـــقْــــبَــــلَ العقلُ خُرافاتِ الإسلام لا بد له من تأويلها تأويلاً رمزياً كما نفعل مع حكايات كليلة ودِمنة وحكايات لافونتين. وهذا التأويل الرمزي يرفضه المسلمون رفضاً قاطعاً متمسِّكين بالتفسير الحَرْفي، مما يدلُّ على خِفَّة عقولهم. إنَّ وعيَهم الفكري والنفسي والديني وعيٌ بدائي لا يختلف كثيراً عن وعي الإنسان البدائي (كــ"الهومو إريكتوس" [الإنسان المنتصب]) الذي كان لا يعرِف سوى الصيد والتقاط الثمار وربما كان يعبد بعضَ مظاهر الطبيعة خوفاً منها وتجنُّباً لشرِّها. ولكنَّ الإنسان البدائي الذي عاش على الأرض منذ مئات الآلاف من السنين لا يلام على عقائده الخرافية. من يلام هو المسلم المعاصر المسكين الذي يدَّعي أنَّ دينه دين العقل ويستخدم آخر مبتكرات التكنولوجيا ويتواصل على الإنترنت ثم تراه يؤمن بحَرْفية هذه الخُرافات. غريب أمرُ المسلم المعاصر يعيش في عصر أنوار العلم وهو غارق في ظلمات الجهل. ويسمِّي جهلَه دِيناً ويطالبنا أنْ نحترمَ جهلَه!
عزيزي وأخي المسلم، لا تَــلُــمْنا إنْ ضحِكْنا على معتقداتك لأنَّ معتقداتِكَ مضحكة بالأساس ونحن لا نتمالك أنفسَنا من الضحك. كيف لا نضحك ونحن نقرأُ في البخاري حديثَ محمَّد الذي يقول: "ذاك رجل بالَ الشيطانُ في أُذُنَيه (أو قال في أُذُنِه) وقولَ محمَّد أيضاً: "إنَّ عِفْريتاً مِنَ الجِنِّ تَــفَــلَّتَ عَلَيَّ البَارِحَةَ لِيَقْطَعَ عَلَيَّ الصَّلاةَ ، فَأَمْكَنَنِي اللهُ مِنْهُ وأَرَدْتُ أنْ أرْبِطَهُ إلى سارِيَةٍ مِنْ سَواري المَسْجِدِ حَتَّى تُصْبِحوا وتَنْظُرُوا إلَيْهِ كُلُّكُمْ"؟
إذا كنتَ أنتَ أخي المسلمُ لا تريد أنْ تستعملَ عقلَكَ فهذا شأنُـكَ، ولكنْ حبَّذا لو تتوقَّف عن الادِّعاء بأنَّ دينكَ دين العقل وحبَّذا لو تتوقَّف عن نشر خُرافاتك وغسيلك الوسخ حتى لا تُضحِكَ العقلاءَ عليك فتضطرَّ بعد ذلك لأنْ تُضيعَ وقتَكَ الثمينَ وطاقاتكَ البَــنَّــاءة في الردِّ على الشبهات وفي ترقيع أغشيةِ دينك الممزَّقة. وحبَّذا لو تتوقَّف عن الاستهزاء بخرافات الأديان الأخرى التي لا تختلف عن خرافات دينك. حبَّذا لو تقرأ خرافاتِ دِينكَ كما لو أنها خرافات دِين آخر.
على سبيل المثال، قارنْ أخي المسلم بين الخرافتين التاليتين وقل لنفسكَ ما الفرق بينهما:
1- خُرافة بوذية: لقد دلَّ على ولادة بوذا نجمٌ ظهَـــرَ في السماء (نجم بوذا). فلَــمَّا وُلِدَ بوذا فرِحَت جنودُ السماء ورتَّــلَتْ الملائكةُ أناشيدَ المحبة للمولود المبارك. وهذه الخُرافة نفسُها موجودة في المسيحية.
2- خُرافة إسلامية: كان النبي محمد يخطب على جذع، فلمَّا صُنِع له منبراً ترك الجذعَ وصعد المنبرَ وراح يخطب، فإذا بالجذع يئن أنيناً يسمعه أهل المسجد جميعاً [!!!]، فنزل من على خطبته وقطعها وضمّ الجذع إلى صدره وقال: "هدأ جذع، هدأ جذع، إنْ أردتَ أنْ أغرسك فتعودَ أخضراً يؤكل منك إلى يوم القيامة أو أدفنك فتكون رفيقي في الآخرة." فقال الجذع [!!!]: "بل ادفُــــنِّي وأكون معك في الآخرة."
لا أقول لك: تَــخَــلَّ عن خُرافاتِكَ وأساطيرَكَ، بل أقول لك: ارتقِ بمستوى قراءتكَ لها من المستوى الحَــرْفي الطفولي إلى المستوى الرمزي العقلاني.
ألا تتعارض تعارضاً صارخاً مع القلب والروح وأبسط مبادئ الإنسانية أفكارٌ مثل قِتال الذين لا يؤمنون بالإسلام ودفع الجزية عن يد وهم صاغرون والسبي وقتل المرتد؟
إنَّ الدِين الذي يحتوي على أفكار ضد العقل وضد الروح، مهما كانت قليلة، هو دِين ضد العقل وضد الروح، أي ضد الإنسان. وإنَّ أيَّ دِين أو تنظيم يوافق سرَّاً أو علناً على أفكار ضد العقل والنفس والروح هو تنظيم أقربُ إلى المافيا الإجرامية منه إلى دِين روحاني. هذه هي رؤيتي التي لا أحيد عنها والتي توصَّلْتُ إليها بعد أنِ استخدمْتُ أدواتٍ وهبني "اللهُ" إياها، وهي عيناي وعقلي وقلبي.
#محمد_علي_عبد_الجليل (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟