أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سجاد الوزان - قانون السببية وخلق العالم














المزيد.....

قانون السببية وخلق العالم


سجاد الوزان

الحوار المتمدن-العدد: 4375 - 2014 / 2 / 24 - 18:03
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


وإن كنا لا نريد مناقشة مبدأ السببية (causality) تحت هذا العنوان، والذي سنتطرق له في أبحاث أخرى، إلا إنه مبدأ مهم في حياتنا اليومية، فمثلاً قولنا ((إن لكل شيءٍ سبب))، أو قولنا
((الحرارة سبب في تمدد الحديد))، ((وجود الصورة يحتاج إلى مصور))، ((التأليف يحتاج إلى مؤلف))، ((والوجود يحتاج إلى موجد)) وغير ذلك .

وهذه جميعها قوانين متلازمة لا تظهر إلا بتوفر ما يلازمها لتكون لازمة الوجود والظهور بما هيه .
فلماذا عندما نقول إن الكون يحتاج إلى مبدع، ينتفي ذلك القانون وتلك الملازمة، مع إن الشرط هو نفسه، والملازمة هي نفسها، وطريقة الاستنتاج هي نفسها .
طبعاً وبصريح العبارة نقولها إن مبدأ السببية يعالج الموجودات النسبية وينطبق عليها تمام الانطباق، وهي تسير بهذا المبدأ وهي لا تستطيع نفيه بأي حالٍ من الأحوال، فمثلاً ((تصويب فوهة المسدس على رأس شخصٍ ما مع إمكانية ضغط الزناد وخروج الرصاصة متجه لرأسه هو سبب كافي لحدوث عملية الموت لذلك الشخص))، لذا نستنتج إن أطلاق الرصاصة هو سبب كافي لتحقق نتيجة الموت، وتوفر الظلام هو سبب كافي لنتيجة انعدام النور وغيابه، ووجود المصور هو سبب كافي في إيجاد الصورة، وتحرك الساكن هو سبب كافي في قبول نتيجة واحدة وهي حصول الحركة له، ووجود المتكلم هو سبب كافي في إنتاج عملية الكلام وهكذا، فمع توفر السبب الكافي تتوفر نتيجته .
ولكن كما قلنا إن مبدأ السببية يعالج الموجودات بما هي موجودات نسبية الوجود، وبتعبير آخر هي ممكنه في الوجود وليست واجبة، فيحتمل وجودها ويحتمل عدمها، وإذا توفر إحتمالين لموجود معين وهو وجوده بما هو موجود عيناً وبذاته وظاهر ظهوراً تاماً، وعدمه من حيث أنه لم يكن بعدُ شيئاً من الأشياء الموجودة، فذلك التوفر يمنعه من أن يكون سبباً أصيلاً في الوجود، وعلتاً تامتاً للموجودات، وأصلاً أولاً وأصيلاً لها وعلتاً أولى لظهورها، وذلك لعدة أسباب :
a) لو كان موجوداً ما متوفراً على الوجود، وأمتنع وجود غيره من الموجودات، فمن الذي سيكون أصلاً في إيجاد الآخر .
b) ولو أنعدم ذلك المتوفر لحالٍ من الأحوال مع ملاحظتنا له، وتحقق وجود ذلك الممتنع، فأيهما سبباً في إعدام الآخر، وأيهما سبباً في إيجاد الآخر .
c) التمايز بين الوجود والمعدوم، من حيث تصيير أحدهما موجوداً لظرفٍ يعتليه، وتصيير الموجود معدوماً، يفرض علينا باليقين والقطع إخراج أصليتهما وأوليتهما في إظهار وجودٍ ما، وإعدام ظهور ما، لأن من تعده أولاً من حيث واحدية الأولية، لا يمكن له أن يكون ثانياً بذاته ليتمايز، لأننا نعلم إن نقيض الواحد واحد، أي إن الشيء الواحد بذاته لا يمكن أن يكون له نقيضان، فأولية العلل هي مصدرها ولا يمكن لها إلا أن تكون واحدة وبلا تمايز ولا تتوفر على احتمال الوجود واحتمال العدم .
d) لا بد من وجود علة أولية تكون سبباً في صدور هذه العلل الممكنة المتوفرة على الاحتمالين، وخارجهما، وهي مصدرهما، ولتكن هي العلة الأولى، ولتكن هي المصدرية الأولى، ولتكن هي المشيئة الأولى .

ويمكن أن نضيف برهان آخر وهو :
إن قانون السببية يعالج أمر الممكنات الموجودة والتي تكون نسبية في وجودها، وهذا القانون يبطل عند الوصول إلى إثبات الصانع الأول، وهذا أمرٌ حقيقي، لكون العلة الأولى أو العلة الواجدة للوجود والأولية من حيث المصدرية تكون مطلقة، ومن المعروف أن جميع الموجودات النسبية تختزل وتضمحل في مصدرها الأولي المطلق، ألا وهو الموجود المطلق والذي تنتهي عنده جميع الموجودات النسبية، وكونها نسبية لأنها تتكامل بنسبة الأشياء إليها وليس كونها كاملة، فسقوطها واضمحلالها ينتهي عند المطلق الذي لا تغيره الزيادة ولا تصيره عملية النقصان، وبالتالي سيكون صدورها من المطلق الأولي، وتشييئها نسبية، وبالتالي يبطل القول بوجود صانعٍ قبله وبعده، لأن كونه هو المطلق يمتنع عدمه في أي حالٍ من الأحوال، ويمتنع تصييره وتشييئه واستحالته، فهو ملازمٌ للوجود في كل الأحوال، وكونه مصدر الموجودات النسبية والمنتسبة إليه في أصل وجودها .

لذا فإنه خلق الظلام أولاً ثم جعله ليلاً (وهذا الجعل أولي بعد الخلق)، ثم جعل الليل سكناً وراحتاً واستقرارا للموجودات، وكعلة تكوينية في أصل وجودها، لأنه لو جعل الليل أولاً وقبل سبقه بوجود الظلام لكان هناك خللاً في منظومة الخلق، وليس في الوجود، وبالتالي سيكون كلُ موجود هو واجدٌ لنفسه بنفسه وذلك ممتنع ومحال .
كما وإنه خلق النور ثم جعله نهاراً، ثم جعل النهار مرتبطٌ بعملية الأبصار والرؤية، كما وإن وجود الشمس هو جعلٌ لظهور الضياء، فلو لم يكن النور مخلوقاً مسبقاً وقبل عملية الأبصار والإنسان مخلوقاً بعد توفر النور، لما أمكن لأي موجود من أن يبصر النهار وضيائه، لأن الخلق لا بد له من أن يكون سبباً في تحقق الجعل البعدي للخلق، وإلا من أين للإنسان أن يعرف إن هذا النور هو نور وضياء، ما لم تسبقه عملية نور ليتحقق له الأبصار .
لذا فإحسان وإتقان التدبير في صنعة هذا العالم وفي تصويره بأفضل صورة، وإحصاء موجوداته بأفضل حكمة وتسخير بعضها لبعض، وسلطان بعضها على بعض، وعامل الزمن وربطه بالمكان والموجودات، والحساب بالأوقات، جميعها مقدمات لقوة عظيمة فعلت هذا العالم وأحالته إلى الفعل والحركة والعمل بقدرة وقوة هائلة لا تمتلكها إلا تلك العظمة المطلقة والمتناهية في الكمال والوجود، وهي منتهى وغاية الموجودات، وكونها هي مصدريتها .



#سجاد_الوزان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الوجود والعدم ( Being and Nothingness ) ج3
- قراءة في التعددية الفكرية وشرعية الاختلاف
- قراءة في كتاب بداية التفكير الديني والبعد الكوني لسجاد الوزا ...
- الوجود والعدم ( Being and Nothingness ) ج2
- الوجود والعدم ( Being and Nothingness ) ج1
- الثقافة البصرية بين التغييب والترهيب والاستعادة
- القدرة الكونية ( كتصور مفهوم وأزلية المادة ) The capacity of ...
- الهروب إلى الجحيم الإنساني ( الباطن يحترق )
- القدرة الكونية ( الصدفة وعلاقة المادة بالطاقة) The capacity ...
- القدرة الكونية ( مرجعها بين وجود المطلق ونسبية الموجود ) The ...
- موت الثقافة وانهزام المثقف ( العراق أنموذجاً )
- العقل العربي وتفكيك بنيته الفكرية (Arab mind and the dissoci ...
- العقل العربي وتفكيك بنيته الفكرية (Arab mind and the dissoci ...
- العقل العربي وتفكيك بنيته الفكرية (Arab mind and the dissoci ...
- نطالبكم بالنظر لما يجري في العراق والعالم العربي دمٌ ينزف، و ...
- العرب هوية جنسية : (Arabs sexual identity ) الأتهام وقبح الق ...
- الجريمة والعنف الاجتماعي (Crime and Social violence )
- الروح بين العالم العقلي ... العالم النفساني (Mental world… P ...
- الكون بين أزلية التفكير وإشكالية الوجود (niverse Between the ...
- الشباب بين مشكلة العقل وخطأ التفكير ( Young people between t ...


المزيد.....




- فوضى في كوريا الجنوبية بعد فرض الأحكام العرفية.. ومراسل CNN ...
- فرض الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية.. من هو يون سوك يول صا ...
- لقطات مثيرة لاطلاق صاروخ -أونيكس- من ساحل البحر الأبيض المتو ...
- المينا الهندي: الطائر الرومنسي الشرير، يهدد الجزائر ولبنان و ...
- الشرطة تشتبك مع المحتجين عقب الإعلان عن فرض الأحكام العرفية ...
- أمريكا تدعم بحثا يكشف عن ترحيل روسيا للأطفال الأوكرانيين قسر ...
- -هي الدنيا سايبة-؟.. مسلسل تلفزيوني يتناول قصة نيرة أشرف الت ...
- رئيس كوريا الجنوبية يفرض الأحكام العرفية: -سأقضي على القوى ا ...
- يوتيوبر عربي ينهي حياته -شنقا- في الأردن 
- نائب أمين عام الجامعة العربية يلتقي بمسؤولين رفيعي المستوى ف ...


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سجاد الوزان - قانون السببية وخلق العالم