النيل نجاشي
الحوار المتمدن-العدد: 4375 - 2014 / 2 / 24 - 16:16
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
أبوقردان . اقترب من الحمار المربوط في الحقل . وهو يلتهم بعض أعواد البرسيم
فبادره الحمار بالتحية : صباح الخير يا أبا قردان
أبو قردان : يسعد صباحك يا حمار
الحمار - غاضباً - وأنت أيضاً يا أبا قردان . تناديني بيا حمار!؟ الآدميون أخدمهم واتفاني في خدمتهم . ويسمونني حمار ..!!
أبو قردان : هذا اسمك .. بماذا سينادونك ؟
الحمار : ان كلمة حمار ينطقونها بسخرية . وجعلوها مسبة . واتهام بالغباء . مما كرّه الحمير كلها في هذا الاسم
أبو قردان : بسيطة . انا سوف أختبرك ذكاءك , اختباراً بسيطاً . ونعرف ان كنت غبياً وحماراً . أم أن البشر يظلمونكم .
الحمار : موافق . لكن لا تنحاز للبشر . بحكم انهم يحبونك يا أبا قردان
أبو قردان : لا لن أنحاز للبشر . واحكم أنت بنفسك
الحمار : هات يا أبا قردان ما عندك من الأسئلة
أبو قردان : من الذي تتمناه رئيساً للجمهورية ؟
الحمار :أقول لك رأيي ؟
أبو قردان : قول
الحمار : وهو ليس رأيي وحدي . ولا رأي كل الحمير فقط . بل هو رأي أغلب الآدميين , ويمكن الطيور أيضاً
أبو قردان : ما هو الرأي ؟
الحمار : السيسي رئيساً للجمهورية
أبو قردان ( يضحك ) : هل عرفت .. !؟
الحمار : تقصد أنني حمار بالفعل ؟ أم أنني صرت مثل البشر , أتفق معهم في الرأي ؟ أم تقصد ان الآدميين قد صاروا مثلي . يشبهونني في الفهم والحمورية ؟ لم أفهم قصدك . فماذا تقصد يا أبا قردان !؟
أبو قردان : تريد السيسي رئيساً للجمهولاية ! فماذا يكون السيسي الآن !؟ أوليس هو رئيس الجمهورية !؟
الحمار : لا بل يوجد رئيس ..
أبو قردان : والسيسي هو الذي عين هذا الرئيس . وهو الذي عين رئيس الوزراء . ولا أحد منهما يجرؤ علي امضاء ورقة الا بمشورة السيسي .. فمن يكون الرئيس !؟
الحمار : هذا رئيس مؤقت . وكذلك رئيس الوزراء . ولكن الانتخابات سوف تأتي برئيس منتخب . وهو الذي سيعين رئيساً للوزراء
أبو قردان : كلا .. بل سيكون السيسي أيضاً هو الرئيس الفعلي والحقيقي
الحمار : كيف !؟
أبو قردان : لأن الوضع الذي احتفظت به قيادة الجيش . للمؤسسة العسكرية . في الدستور الجديد . يجعل من قائد الجيش هو الرئيس الحقيقي للبلاد - بدون نص صريح - والرئيس المنتخب لا يجرؤ علي عمل شيء بدون موافقته كقائد للجيش . وأي شيء قد يقدم علي عمله الرئيس المنتخب أو رئيس الوزراء . بدون رضاء قائد الجيش . بمجرد أن يقولوا له وزير الدفاع : " كش" .. . فانه يكش . في التو والحال . ويتراجع خائفاً . مرعوباً . فمن هو الرئيس الحقيقي ؟ أوليس وزير الدفاع ؟
الحمار : صحيح .. ولكن أوليس هناك فرق . بين الرئيس الرسمي - أو الصوري - وبين رئيس من خلف الكواليس ؟
أبو قردان : نعم . الرئيس الرسمي الصوري . هو الذي يتحمل المسؤولية . رسمياً . ويكون وزير الدفاع - السيسي - بعيداً عن شبهة الانقلاب العسكري . الذي يرفضه المجتمع الدولي .
. وفي نفس الوقت هو الحاكم الفعلي , والرئيس الحقيقي .
الحمار : لهذا السبب لا يريد السيسي ترشيح نفسه .. ولكن ألا تشعر بأن الملايين التي تتغني باسمه . قد تنقلب عليه ؟
أبوقردان : لماذا ؟
الحمار : بسبب ضحايا القتل والتفجيرات يوميا . ضحايا من أفراد الجيش ومن الشرطة ومن رجال الأمن . ومن الشعب . وتدمير وحرق المنشآت العامة . علي يد الارهابيين . والسيسي لا يفعل شيئاً . بل يجلس في مكتبه يبتسم طوال الوقت . وفي بيته يتفرج ويسمع وهو ساكت , والسكوت علامة الرضا , كأنه ليس الحاكم المسؤول ..!. ! ألا تتوقع أن يخرج ال 35 مليوناً . الذين فوضوه . ليلعنوه . ويسبونه بالأب والأم والجد . ويطالبونه باعدام قيادات الارهاب المحبوسين . والاسراع في المحاكمات . أو يستقيل ويذهب للجحيم . ويستعد لمحاكمته علي هذا التقصير . الذي يرقي لدرجة التواطؤ والخيانة للشعب وللجيش أيضاً . الذي فقد الكثيرين من أبنائه علي يد الارهاب . دون أن يتم اعدام ولا إرهابي واحد ممن ألقي القبض عليهم !
أبو قردان ( منبهراً ) ما هذا الفهم والوعي .. !؟ جعلتني أنتبه وأعترف بأنني أحياناً أكون أنا الحمار , ولست أنت .. كلامك صحيح يا .. دعني أقول لك يا حصان . لن اناديك بيا حمار , بعد اليوم . لكن : ألا تلاحظ أن ملايين الشعب الذين خرجوا من قبل . هيهات أن يعاودوا الخروج .. لأن شباب الثوار الذين كانوا يقودون هؤلاء الملايين . قد امتلاًت بطونهم بأموال قطر . وانغلقت أفواههم , واستحت عيونهم أو انكسرت . لذا فلا تنتظر خروج الملايين التي فوضت السيسي . لتدينه بالخيانة وتطالب بمحاكمته
الحمار (غاضباً ) : كيف تقول ذلك . يا أبا قردان !؟ أهكذا يتكلم حكيم حصيف مثلك !؟ هل تظن البلد الذي أنجب هؤلاء الشباب . لم ينجب سواهم !؟
أبو قردان : معك حق , ولكن ألا تلاحظ انه كلما زادت العمليات الارهابية . واشاعت القتل والدمار والرعب في البلد . كلما زادت المطالبة بالسيسي رئيساً . و ازداد الثناء والمديح والتغني بشخصه !؟
الحمار ( يغمغم بأسف وباحساس بخيبة الأمل ) : لا أعرف بأية صفة أصف هؤلاء ....
أبو قردان : فلماذا توافقهم في دعوتهم ليكون السيسي رئيساً ! ؟
الحمار : لو عارضتهم . سيقولون عني " حمار " ..
أبو قردان : هل تصدق انهم يحبون السيسي حقاً .
الحمار : هؤلاء لا يعرفون مصلحة بلدهم ولا يعرفون مصلحتهم . اي لا يحبون أنفسهم , فكيف يحبون السيسي بحق ؟
أبو قردان : ولكنهم الملايين !!
الحمار : ملايين , ولكنهم أحفاد الملايين الضالة . الذين خرجوا يهتفون لعبد الناصر - بعد النكسة التي جلبها عليهم . بدلاً من مطالبتهم له بالاستقالة واخضاعه للمحاكمة واعدامه في ميدان التحرير . هؤلاء أحفاد وأبناء أولئك المغيبين الضالين - فلا تثق فيهم . لو كان اجدادهم وآباؤهم . قد حاكموا عبد الناصر وجماعته . عقب النكسة . وعلقوهم في المشانق . لما كان حالهم وحال بلادهم . الحاصل اليوم
أبوقردان ( محتجاً بشدة ) : لا لا . لا أحب العنف .. انا ضد المشانق والاعدامات . أنا معروف عني , طائر مسالم . وحاصل علي جائزة نوبل للطيور في السلام . ولازم احافظ علي مكانتي الدولية بين الطيور . واحافظ علي سمعتي السلمية .
الحمار : ماذا تقول يا ابا قردان ! هل من العدل ان نتركهم يعملون القتل في الشعب , والتدمار في الوطن . دون مجازاتهم بالاعدام شنقاً .. هل هذا هو السلام الذي تعرفه يا أبا قردان !؟
أبو قردان : لا .. بل أنا ضد ما يفعلونه من قتل وحرق وافساد في الأرض . ولكن هم لهم علينا حقوق . وهم بشر علينا بمراعاة حقوقهم
الحمار : وما هي تلك الحقوق . يا أبا قردان . التي لهم علينا ؟!
أبو قردان : من حقهم أن نطبق عليهم الشريعة . التي يطالبون ويحبون تطبيقها . هذا حقهم
الحمار : حسنا . هذا عدل . وهو حقهم فعلاً أن نطبق عليهم الشريعة . وحكم القاتل والمفسد في الأرض , في الشريعة هو : ضرب الرقبة بالسيف . أو تقطيع الأيدي والارجل من خلاف
أبو قردان : هذا حقهم . فهم ضد أحكم القانون الوضعي الحديث . ولهم الحق في تطبيق احكام الشريعة عليهم - وحدهم - ز اما بضرب الرقبة بالسيف , أوبتقطيع الأيدي والارجل من خلاف . ولكن الاعتدام شنقاص و اورمياص بالرصاص . فذلك مخالف لحقهم الشرعي في اختيار العقوبة الشرعية . لكن مسألة الاعدام شنقاً .. اسمح لي بالاختلاف معك فيها . يا حمار .
الحمار : ( بلهجة عتاب , وشعور بالأسي ) عيب يا " أبا قردان " انك ترجع تاني تقول لي يا حمار .. منذ دقيقة واحدة , احترمتني ورقيتني لرتبة حصان .. وكنت أنوي رد الجميل , وأرقيك لرتبة صقر أو نسر . أنت صديقي يا أبا قردان , ويجب علي الأصدقاء ترقية بعضهم البعض.
أبو قردان : تقصد نفعل مثل السيسي , وعدلي منصور . كل منهما يمنح ترقية للآخر !؟
الحمار : هل تعتقد يا أبا قردان . أن مجاملة السيسي وعدلي منصور لبعضهما البعض , بعد منح رتبة مشير للسيسي ز بالرغم من البلد يحترقمن مختلف أطرافه . والشعب يتعرض للقتل , تحت مسؤولية السيسي في المقام الأول . الا أن الصديق كان محباً لصديقه . ومنحه ترقية كبري " رتبة مشير " بدلاً من محاكمته . أرأيت كيف تكون الصداقة يا أبا قردان ؟ وهل تعتقد في ان تكون تلك هي آخر المجاملات ؟
أبو قردان : قد لا تكون هي المجاملة الأخيرة . فقد يقوم السيسي - بطريق غير مباشر - بتعيين صديقه " عدلي منصور " رئيساً للوزراء , أو وزيراً للعدل . فمنصب رئيس مؤقت . هذا سيفقده " منصور " في الغالب . لصالح رئيس من خلفية عسكرية . قد يكون السيسي نفسه .
الحمار : طيب يا أبا قردان . ها هم البشر يمنحون بعضهم الهدايا والترقيات . مقحمين الخاص في العام . فلماذا لا تبقي علي مجاملتك لي بترقيتي لرتبة : حصان ؟ وأنا سأرد لك الجميل . أيضاً فأناديك يا صقر الصقور , أو يا نسر النسور
أبو قردان ( للحمار ) : وجَبْ , يا سيد الأفيال
الحمار ( فرحاً , متهللاً ) :حلوة سيد الأفيال . لا ترجع عنها بقي .. طيب دايما تنسيني أن اسألك : انت أهلاوي , أم زملكاوي !؟
أبو قردان : انا ضد الهوس الكروي . وانقسام الشعب علي نفسه . بين ناديين لكرة القدم . " أهلي و زمالك " !
سيد الأفيال ( حسب الترقية الجديدة ) الشعب نقل هذا الهوس الرياضي . الي السياسة . بدل أهلي وزمالك . صار : سيسي , واخوان
أبو قردان : انهم لا يتحمسون للفريق القومي لكرة القدم - الذي يمثل كل الوطن , مثلما يتحمسون ويتعصبون , إما للأهلي , وإما للزمالك !!
سيد الأفيال : هل تعتقد ان السيسي مع الجيش , أم مع الاخوان ؟
أبوقردان : لست متاكداً . أعرف أن الشعب مع السيسي . فمع من يكون السيسي . حسب رايك ؟
سيد الأفيال : أري انه يضع رجلاً مع الجيش , والرجل الأخري عند الاخوان . والظاهر ان شعبنا الغلبان متعود انه يتعلق في حبال دايبة . وينفخ في القربة المقطوعة .. فهل تري أن الشعب حقاً مع السيسي ؟
أبو قردان : الأرجح ان الشعب مع الأهلي والزمالك . لكن الظاهر انه بيحب السيسي . اشتباه يعني
سيد الافيال : ليس حباً عقلانياً سياسياً . بل حب من أول نظرة .مثل كلام الليل المدهون بالزبد . يطلع عليه النهار , يسيح .. وشمس الممارسة السياسية شديدة الحرارة , بسرعة تذيب زبد ودهون الحب الطائش . حب المراهقين
أبو قردان : هذا كلام كبير وخطير . يا سيد الأفيال . د سيادة المشير . بصراحة انا شاكك انك مع الأخوان
سيد الافيال : ( يقسم له ) لا والله . بل أنا مع سيادة الفريق . قصدي سيادة المشير السيسي . اي والله . واذا كنت لا تصدق : اسمع يا سيدي :
( يغني : تسلم الأيادي )
أبو قردان : يا سلام .. صوتك جميل يا حمار . قصدي يا " سيد الأفيال " .
سيد الأفيال : شكراً . بس .. أوعي تكون انت بقي حاطط في جيبك شعار " رابعة " ومخبيه !؟
أبو قردان : ( مذعوراً ) ايه ؟! أنا ؟! ! لا والله . حتي اسمع :
( يغني : تسلم الأيادي .. )
سيد الأفيال : ( مشجعاً ) الله يا سلام .. صوتك حلو يا أبا قردان .. ثم يشاركه في الأغنية التي غنوها للسيسي . بعد اطاحته للرئيس الاخواني " مرسي " :
( تسلم الأيادي ..
________
#النيل_نجاشي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟