|
الأسرى وإطار كيري
سامي الاخرس
الحوار المتمدن-العدد: 4371 - 2014 / 2 / 20 - 16:28
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الأسرى وإطار كيري تستمر حفلة الصامتين، حيث يدخل المُعلم فيجد أمامه تلاميذ نجباء مؤدبين، أيديهم متشابكة، أفواههم مغلقة، يبدأ الدرس المتكرر في كل جولة، ثم يبدأ بطرح الأسئلة، مع الأخذ بعين الاعتبار أن جميع الإجابات من خيارين فقط( موافق، متردد) على الطريقة والنظام الأمريكية/ مع ملاحظة أسفل ورقة الامتحان ممنوع وضع علامة أمام خيار ( متردد)، بل إجابة باتجاه واحد( موافق)، هذه هي الحالة التصورية التي أتخيلها بين كيري وزير الخارجية الأمريكي والوفد الفلسطيني المفاوض، حيث أن هذا الوفد تشير كل الدلائل حتى راهن اللحظة، أنه وفد صامت، لا يتحدث كثيرًا سوى خارج أبواب جولات المفاوضات في معمعان الضجيج الإعلاميين " خذوهم بالصوت تغلبوهم" هنا " خذوهم بالصوت تتوهوهم"، وإلَّا فما كان يجب أن نعالج الخطأ بخطيئةِ، فسلوكنا التفاوضي في أوسلو 1993، ارتكب إثم وخطيئة بأنه فاوض، ووقع، ونفذ، دون أن يحسم أهم القضايا الرئيسية والمصيرية، ألَّا وهي قضية الإنسان الأهم من الأرض والأمن، والأهم من أي سيادة على الأرض، لأن لا سيادة إلَّا للإنسان. وهنا أعني بالإنسان " الأسير" الفلسطيني، الذي أمضى عمرًا بين جدران الزنازين، مصفد الحرية، ويخضع للمزاج الصهيوني في وضع وتحديد معايير الإفراج عنهم، وتعامل مع قضيتهم بإسفاف وعنجهية منحته إياها لغة الصمت للوفد المفاوض الفلسطيني، الذي لا زال يتعامل مع ملف الأسرى وفق معايير الكيان وإرادته، وكأن قضيتهم لا تعتبر ضمن أولوية الأولويات. يجب أن تكون على رأس سلم الأولويات، ودون أي اشتراطات أو معايير إسرائيلية، كعرف أي اتفاقيات دولية وإقليمية بأن أي عملية " سلام" يكون الأسرى أول بنودها، ودون التسليم للابتزاز الصهيوني، الذي قسم أسرانا لأسرى عاديين (الأرض المحتلة 1967)، بين أسرى عاديين وأسرى أيديهم ملطخة بالدماء وفق التصنيف الصهيوني، كما أخضع بقية الأسرة لعناوين معنونة، أسرة الداخل الفلسطيني 1948 والتعامل معهم كأسرى غير فلسطينيين لأنهم يحملوا الهوية الإسرائيلية، وبذلك أخرجهم من حلقة الضغط والمطالبة، وتفرد بهم، ولم يكتف بذلك بل تعامل بتقسيم جديد جغرافيًا، وسلبهم مواطنتهم وهويتهم الفلسطينية التي ناضلوا وقاتلوا واسروا من أجلها، كذلك سلب حق الثورة بالمطالبة بأسرى العرب الذين عبروا الحدود، وخاضوا المعركة لارتباطهم بفلسطين قوميًا ودينيًا، ووطنيًا، وحملوا فلسطين همًا وشجنًا معهم، حتى في أسرهم وبين جداران زنازينهم، وعلى وجه التحديد الأسرى الأردنيين. هذا الانفصام في الواقعية التفاوضية، والتجاوز في قضية الأسرى سمح للكيان أن يدخل معايير أخرى مثل أسير ما قبل عام 1994، وأسير ما بعد عام 1994، والمُستغرب هنا أن الوفد المفاوض يُسلم بهذه المعايير، ويتعامل معها كمسلمات وفرض عين، يجب التسليم بها، والتساوق معها، والتجاوب لها، وكأنهم تحولوا لرخويات غير قادرة على الفعل النشط والمؤثر والضغط في قضية الأسرى، وخضعنا للمزاجية الصهيونية وهداياها كمبادرات حسن نوايا في هذه المسألة الأساسية، وما ساهم في ازدياد حدة هذه الحالة وفاعليتها هو الصمت الشعبي والجماهيري نحو موضوع وقضية الأسرى، بل تحولت قضيتهم لمنابر إعلامية يتم استغلالها من محبي الشووإعلامي، للسفر والسياحة، والتطهر الإعلامي، والتمكيج باسمائهم وبقضيتهم، والقفز على ظهر البعير للعبور من صحراء ضلالتهم. فتحولت هذه القضية لمادة نضالية إعلامية، الهدف منها ابتذال قدسية وحرمة الإنسان الظامئ لنيل حريته والارتواء من دفء الشمس، والتكحل من عبق الأرض. إن خطة الإطار التي تتبعثر بعض التسريبات عنها هنا وهناك، إن لم تبدأ وقبل التنفيذ في أي جانب من جوانبها من الاهتمام بالإنسان (الأسير) وتبييض السجون الصهيونية من جميع الأسرى وبكل فئاتهم، وانتماءاتهم، وجنسياتهم ...إلخ، فإن شعبنا الفلسطيني مطالب بمحاسبة ومعاقبة من وقع أو سيوقع هذا الإطار، بل على شعبنا الفلسطيني أن ينهض من سباته العميق حاليًا ويناضل شعبيًا وجماهيريًا وبكل الوسائل المتاحة وغير المتاحة لأجل أسراه الذين أفنوا ولا زالوا يفنوا عمرًا لأجل الوطن، ولا زالوا يعانقون القيد تحت وطأة العنجهية الصهيونية، ما دون تبني شعار " تحرير كل أسرانا" والعمل الحازم على ذلك، لن يكون أي تحرير مكتمل دون تحرير أسرانا، فهي أولوية الحرية وبدون عمل مقاوم منظم يستهدف تحرير الأسرى لن يتمخض رحم كيري أكثر من جنين لديه عاهة ذهنية وجسدية، نمضي عشرون عامًا أخرى نعالج أمراضه، ونحن على يقين أنه لا أمل من الشفاء. بل الشفاء الوحيد والأوحد هو تحرير أسرانا من خلال الإصرار، وإعادة بعث الروح في بندقية العمل المقاوم التي تستهدف تحرير الأسرى كأولوية أولى على سلّم أولويات العمل الوطني الفلسطيني. د. سامي محمد الأخرس [email protected]
#سامي_الاخرس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عبد الفتاح السيسي إما للرئاسة أو الاستقالة
-
حماس بين الأخونة والفلسطنة
-
نحتاج كرنفال انطلاقة الثورة أم اعادة صياغة الثورة؟
-
أليكسا الفلسطيني أشد بردًا
-
مستقبل الوطنية الفلسطينية
-
المرأة السودانية وقهر الإعلام
-
انقسامنا بشهادة سودانية
-
المرأة الفلسطينية ودورها في مجابهة الانقسام الفلسطيني - الفل
...
-
أوسلو بين الانقسام والانكسار
-
أوباما توضأ من دمنا
-
المفاوضات استراتيجية ام هواية
-
حدوتة فتنة
-
الأقصى ليس فلسطينيًا
-
بكفي انقسام وابتذال
-
تركيا والدولة الكردية
-
حكاية معبر رفح
-
سوريا أخر معارك الكرامة
-
المشروع الوطني في الهوية الثقافية
-
موظفو غزة: رواتب مقطوعة ومحسوبية في الكشوفات
-
سلطة النقد الفلسطينية عينان مفتوحتان وقلب أعمى
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|